خديجة حديد البريدي
الحوار المتمدن-العدد: 2480 - 2008 / 11 / 29 - 03:35
المحور:
الادب والفن
عائد إلى الوطن,ولكن...
عندما سأحلق في الطائرة مغادرا هذه البلاد ..ستكون رحلة نهائية بلا عودة ...سأبصق خلفي غير آسف على شيء .
قالها بلهجة فيها من المرارة ما يكفي لأن يجعل طعم أي شيء غير محتمل المذاق.
نظرت إليه بإشفاق وقالت له ألا تعتقد انه ما زال في العمر بقية .أما زال في الكأس بقية؟
قال وبنفس المرارة أيضا .,لكني لن اشربه هنا...
إن أصعب ما في الدنيا أن تحبي من لا يحبك..وان تخلصي لمن لا يخلص البك وإنما يرغمك على أن تتوفي عمرك بطريقة لا تستطيعين معها فعل أي شيء ولا قبول أي شيء بل أنت مكرهة على رفض كل شي تقريبا .انه الحكم عليك بانعدام الوزن والفناء مع العلم انك مفعمة بالحياة والحيوية والطموح والإرادة..
قاطعته قائلة:أليس ثمة ما تعيش من اجله إذا..ولا حتى أولادنا؟
توقف نزيف كلماته المحمومة,كأنما انقطعت الكهرباء فجأة عن آلة تسجيل ..وقال بعد صمت قصير:إنهم هم السبب في انتظاري كل هذا الوقت..
كم راودتني فكرة الرحيل ...لكنهم هم دائما بلسمي المهدئ ودوائي المفعم بالأمل..
لقد انتظرت دائما من اجلهم وها أنا ذا ارحل أيضا من اجلهم.
كم وددت لو تستطيع البقاء وإياهم هنا ..لكن أنت تعلمين وهم غدا عندما يكبرون سيعلمون ..لا أمل ..لا يوجد أدنى بارقة أمل بتغير شيء ..أن بقوا هنا فان الماضي سيلحق بهم وسيبقون محكومين به دون أي سبيل أخر..لا مستقبل لهم هنا على الإطلاق
انقضت ثلاث سنوات إلا بضعة أيام...
عاد إلى ارض الوطن ..
للمرة الثانية والأخيرة..
هي عودته الأبدية.
عاد ولكن مع فارق واحد فقط..انه في هذه المرة لن يبصق ا..انه لن يشعر بالمرارة أبدا ..لا لان الحال قد تبدل أو تغير بل لأنه راقد بسلام الآمنين.
#خديجة_حديد_البريدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟