أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نافزعلوان - أنا وديك الحبش وعتمة قطاع غزة ..!














المزيد.....

أنا وديك الحبش وعتمة قطاع غزة ..!


نافزعلوان

الحوار المتمدن-العدد: 2480 - 2008 / 11 / 29 - 07:14
المحور: كتابات ساخرة
    


بسم الله الرحمن الرحيم

نحتفل هنا في الولايات المتحدة بعيد الشكر. يتناول الشعب الأمريكي فيه ما يزيد عن المائتين وخمسين مليون طن من لحم طير الحبش ومثلها من فطائر ( القرع الحلو ) ومثلها من الخبز و .. و .. و ..

هذه السنة تضامناً مع قطاع غزة قررت أن لا يكون هناك إحتفال بديك الحبش في بيتنا. وقررت أيضاً أن لا يموت طير الحبش والذي نقوم بذبحه في كل عام حيث نفضله طازجاً ولا نحبه مجمداً.

وبما أن أطفالي لا ذنب لهم في قراراتي التعسفية هذه قمت بإرسالهم إلي بيت جدتهم لأمهم لمشاركة بقية الشعب الأمريكي في هذه المناسبة والوليمة التي تقام في كل بيت هنا في الولايات المتحدة الأمريكية. بقيت أنا وديك الحبش الأبيض الكبير وحدنا في المنزل. أخذت أمشي أنا وديك الحبش في حديقة المنزل أنظر إليه أحياناً وأتجنب نظراته إلي أحياناً أخري حتي ثاقبت أن جلست علي مقعد .. كانت الشمس قد إختفي ضوئها تماماً والمنزل في عتمة كاملة وذلك أيضاً تضامناً مع قطاع غزة إلا من ضوء بسيط كان يتسلل إلي حيث نجلس أنا وديك الحبش في حديقة المنزل وكأنه ضوء شمعة من شموع غزة بالكاد تضيئ شيئاً علي الإطلاق.

وجدت نفسي أقول لديك الحبش .. هل تعلم بأنك مدين لي بحياتك اليوم? كان من الممكن أن تكون الآن محشواً ومحمراً تتوسط مائدة عليها كل ما تتمني العين وتشتهي النفس. هل تعلم أنك مدين بحياتك إلي مدينة غزة? هل تعلم أين مدينة غزة? هل تعلم كم جائع يود أن يطال رقبتك في مدينة غزة? هل تعلم أن هناك مليون ونصف مليون إنسان يعيشون في عتمة كهذه في غزة? وهل تعلم أن هناك أكثر من مائتين مليون عربي لم يرحموا قطاع غزة كما رحمتك ولم يتضامنوا معها كما نتضامن أنا وأنت اليوم مع قطاع غزة?

قلت لديك الحبش .. والمشكلة ليست هنا. المشكلة هي أن الإحساس أصبح معدوماً عند البشر. في الضفة في الرياض في عمان في القاهرة في دمشق في الدوحة .. هنا في واشنطن ، المشكلة هي إنعدام الإحساس عند البشر تجاه ما يعانيه البشر في غزة. وها أنا أشعر بك وأصدر عفواً عام أن لا تموت ، أما هم فلا يشعرون بوجوب إصدار مثل هذا العفو عن مليون ونصف المليون من أطفال ونساء وشيوخ ورجال ونساء في قطاع غزة أن لا يموتوا جوعاً ومرضاً وحصاراً. يبدوا أنك تملك حظاً لا يملكه الشعب المطحون في قطاع غزة. نعم هذه الدنيا حظوظ حظك أقوي من حظ مليون ونصف إنسان في قطاع غزة.

قلت له هل تعلم أن لدينا ملوك وأمراء في دولنا العربية يشبهونك تماماً في الإمتلاء وفي المظهر وحتي في المشية? لدرجة أنك واحد من أمثالنا الشعبية حين يقولون ( يمشي كديك الحبش ) أو عندما يقال ( يزهو بنفسه كديك الحبش ) نعم يا شريك عتمتي الإختيارية هذه .. لدينا ملوك وحكام وأمراء يمشون مشيتك ويزهون زهوك بين شعوبهم المطحونة الهزيلة الجائعة ، أنت علي الأقل يمكن الإستفادة من لحمك أما هؤلاء الملوك والزعماء العرب فلا فائدة من عقولهم ولا لحومهم. أخذت أنظر إلي ريشه الشديد البياض وبنيته التي تدل علي حرص المزرعة التي أتي منها من إعتناء بصحته ورعايته حتي بلغ إلي هذه الدرجة من الصحة والعنفوان ثم قلت له .. هناك الملايين من أبناء بلادي عاشوا حياتهم بأكملها ولم يجدوا ربع العناية الصحية التي تم توفيرها لك منذ خرجت من البيضة وحتي يومنا هذا وهناك منهم من لا بريق لجلده ولم يعرف معني أن يتوفر له مجرد الماء النظيف ليشربه ناهيك عن تنظيف وتلميع ريشه .. عفواً أقصد جلده. وبحسبة صغيرة تجد أن تكاليف العناية بعشرة ديوك حبشية مثلك كافية لإعالة عائلة من خمسة أفراد لعام كامل في قطاع غزة .. عجيبة هذه المفارقات الإنسانية عندما تقارن بين عيشة ديك الحبش هنا في الولايات المتحدة وبين عيشة الإنسان في قطاع غزة.

رفعت رأسي ونظرت إلي ديك الحبش فوجدته وكأنه جاثياً علي الأرض قدميه من تحته وكأنه جالس علي بيضة فحسبته نائماً فإقتربت منه فلم ( يجفل ) لإقترابي منه فلكزته بقدمي فإذا به يسقط علي جنبه. أسرعت وأضأت الأضواء في المنزل المبرمج علي أحدث طراز فإذا بالبيت تشع به أضواء قد تكفي لإضائة ربع قطاع غزة وبظغطة زر أخري كنت أتحدث مع سنترال الطورئ ( الإسعاف ) وفي خلال ثواني كانت معدات الإسعاف تهرع إلي المنزل وكأن هناك في الشارع حدث جلل وتكوم المسعفون حول ديك الحبش ليعودوا إلي بخبر وفاة ديك الحبش الثمين وأسباب وفاته وأخذ أحد المسعفين يحدثني بحرارة وصوته يملأه الحزن والأسي ليخبرني أن هذا النوع من ديك الحبش تقوم الشركة التي تقوم بتربيته ( بعلفه ) بطريقة تضمن إكتمال إمتلائه وذلك لتناوله وهو في أقصي حالات إكتماله .. يؤسفني أن أخبركم أن الديك قد مات من شدة ( الشبع ).



#نافزعلوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طبق أليوم .. إنتخابات متزامنة مع شوربة الدم الفلسطيني!
- التمديد هو إعتراف بعدم شعبية الرئيس محمود عباس!
- من النهر إلي البحر ..!


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نافزعلوان - أنا وديك الحبش وعتمة قطاع غزة ..!