|
سماحة الإمام الأكبر شيخ الأزهر: تقبل الله طاعتكم
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2479 - 2008 / 11 / 28 - 09:44
المحور:
كتابات ساخرة
تقبل الله طاعتنا وطاعتكم، هذه العبارة والدعاء الديني الرحماني التعبدي المجلجل الذي كثيراً ما طربت وسكرت له القلوب والعقول، وشنفت له الآذان، وتفاعلت معه في الأفئدة والألباب عقب كل صلاة، وسمعناه كثيراً من الشيوخ البررة في فضائيات طويلي العمر، وبـُعيد إقامة العبادات والتقرب إلى المولى جل وعلا الله، كما يرطن شيوخ الإسلام ودعاته، وإلى آخر هذه المصفوفة البلاغية "اللي ما ودّت وما جابت شي"، خلال ألف وأربعمائة عام من الدعاء( هل لأنه لا يتقبل طاعتهم ودعاءهم لا سمح الله؟)، بل على العكس من ذلك تماماً، فقد وجد العرب والمسلمون أنفسهم، وبعد أن اصطدموا، وعلى حين غرة بجدران العولمة والانفتاح على تياراتها الثقافية والعلمية والفكرية والمدنية، في ذيل شعوب وأمم الأرض قاطبة وعلى الإطلاق، يتسولون القمح، والدواء والفياغرا وأدوات التعذيب والخدم والتـّبـّع الحشم، من هنا وهناك ويطلبون الدعم والتأييد والحماية من أشقائهم العرب والمسلمين من ديار الكفار المزدهرة التي يحكمها النصارى واليهود الكفار والعياذ بالله، "رغم كل دعائهم عليهم"، ولا أدري ماذا كان سيحل بهم لو أن الله صدّقهم واستجاب لدعاءهم، ولا سمح الله، وحققه لهم وأخذه على محمل الجد، ومحا بضربة عزيز مقتدر هؤلاء الصليبيين والكفار عن الوجود، (إنه فعلاً عليم حكيم بصير خبير بالعباد)، نقول هذه العبارة خطرت على الفور حين تابعنا سماحة شيخ الأزهر وفضيلة الإمام الأكبر محمد سيد الطنطاوي، بتلك الحالة من الخشوع والورع والتقوى، ليس بين يدي الرحمن، كلا وحاشا لله، ولكن بين يدي الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، قدس الله سره وعظم أجره، وهو يرعى حواراً للأديان "السماوية"، في نيويورك مطلع هذا الشهر. ( لمذا وعلى ماذا ستتحاور الأديان إذا كانت من عند الله؟)
مجرم الحرب بيريز هذا، يبدو اليوم كواحد من نجوم الصالونات السياسية في عواصم الأعراب في عصر انهارت فيه كل القيم النبيلة والمبادئ السامية والأخلاق أمام سطوة وطغيان البترودولار و"سلة" العملات الخليجية الأخرى التي تعيش بكنفه بأمان وسلام، عصر البداوة والتوهيب والترثيث والتجهيل والتسطيح والتجهيل الممنهج، عصر طويلي العمر الجهلة المتخمين بالجهل والثروات الأسطورية ورافع السيوف والرماح المشرعة، ليس جهادياً، ولكن لشخلعة الأرداف ستربتيزياً وكيدياً مع نيرون هذا الزمان على جثث أطفال العرب والمسلمين الفقراء وأنين أمهاتهم الثكالى والأرامل وأقرانهم من الأيتام، عصر الكبوة الحضارية الكبرى والنكوص للسلف البدوي الفالح فقط بوطء الجواري وملك الإيمان وتفخيذ ونكح الصغيرات والقاصرات، وبعدما استحال عليهم التأقلم مع الحداثة، عصر تدجين العقول ومسخها وتسفيه عقلائها ونبلائها، واستباحتها من قبل غلمان وصبيان طويلي العمر وكتبتهم المأجورين في صحف الدمن السوداء والصفراء والخضراء، عصر تناسل الجهلة والدعاة السحرة وثرثرتهم الفارغة التضليلية المخدرة التي لا تنتهي في الفضائيات. بيريز هذا الذي ارتكب المجزرة تلو الأخرى بحق أطفالهم، ونسائهم، وشيوخهم، وكانت آخر مجازره هي عملية الإبادة المنظمة ضد أطفال غزة يحظى اليوم بمصافحة حارة، وممن؟؟ من شيخ الإسلام والأزهر عليه رضوان الله. ( والأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي أذن من طين وأذن من عجين لكنهم ينتفضون لبروستات كرازايات وسنيورات وجلبيي هذه الأوطان: آه ما أقوى فعلك أيتها البروستاتا بضمير مناضلي حقوق الإنسان؟ وبالمناسبة وصف بوش حكومة السنيورة بأنها خط أحمر وربطها بالأمن القومي لأمريكا، "طيب" وغزة يا سيادة الرئيس، لماذا لا تجعلها أمن قومي أمريكي هكذا على البيعة).
غزة التي تشكل اليوم وصمة العار الكبرى في جبين الإنسانية وعرب هذا الزمان الرديء، يأبى سماحته إلا أن "يكمل معروفه"، ويستفز المشاعر وبما تبقى من كرامة عبر مصافحته لبيريز الذي بنى أمجاده على دماء الشهداء والضحايا الأبرياء. وجنى شهرته الأساسية من ارتكابه لمجزرة قانا الأولى التي حصدت عشرات الأطفال في جنوب لبنان ليكافئه سماحته، وتقبل الله طاعته، بمصافحة حارة متناسياً المجزرة الأولي التي حدثت في 18 أبريل 1996في مركز قيادة فيجي التابع لقوات اليونيفل في قرية قانا جنوب لبنان، حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصف المقر بعد لجوء المدنيين إليه تفادياً من عملية عناقيد الغضب التي شنتها إسرائيل على لبنان، وقد أدى قصف المقر في حينه إلى مقتل 106 من المدنيين، وإصابة الكثير بجروح معظمهم من الأطفال ودون أن يرف جفن لا لشيخ الأزهر، ولا لبيريز على تلك المذبحة النكراء، وناهيكم عن مجزرة قانا الثانية التي حصلت في 30/7/ 2006 أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان 2006وسقط جراها حوالي 55 شخصا، منهم عدد كبير من الأطفال كانوا في مبنى مكون من ثلاث طبقات في البلدة حيث تم انتشال جثة 27 طفلاً من بين الضحايا الذين لجؤوا إلى البلدة نازحين من قرى مجاورة هرباً أيضاً من القصف الوحشي الذي كانت تتعرض له، بالإضافة إلى سكان المبنى الذي تذرعت إسرائيل بأنه كان منصة لاستخدام الصواريخ التي كانت تطلق على إسرائيل خلال حرب تموز في لبنان غير أن حزب الله نفى ذلك مؤكداً أن المبنى المقصود لم يكن فيه مقاتلين من الحزب، وأن جل من قتلوا كانوا من النساء والشيوخ والأطفال.
وفي الحقيقة بات المؤمن في حيرة و"حيص بيص"، من أمره، وهو يتابع هذه الصور التطبيعية، ولسان حاله يقول ماذا عليه أن يفعل بأطنان من البلاغة الدينية التي تتحدث عن الجهاد في سبيل الله، وقد اختلط عليه الأمر وحابله بنابله، فلم يعد أئمة الفجور والفسق والكفر العالمي هؤلاء إلا مجرد أصدقاء يعانقهم ويصافحهم الفقهاء بأحر مما يعانقون الأخوة والأبناء والأشقاء، وأصبح رموز الاستبداد الشرق أوسطي ولاة للأمر ثقاة يستوجب الجلد لأية معصية تنال منهم، فأين سيجاهد المؤمنون، بعد اليوم، يا سماحة الإمام؟ وهل على أي كان أن ينخدع بأي خطاب تحريضي مقدس بعد الآن؟
ولعله من المفيد اليوم أن نستذكر أيضاً بعضاً من مآثر سماحته، راجين من الله تبارك وتعالى أن يتقبل طاعته الجديدة، فهو الذي تحمس جداً لـ"ولي الأمر" المزمن المؤبد حين طالت صحته الشائعات، فدعاه إلى جلد الصحفيين الذين يبثون أية إشاعات كاذبة ومغرضة عن سيادته من شأنها أن تفت في عضد أمة الإسلام، التي قال عنها القرآن بأنها خير أمة أخرجت للناس. وفي سابقة أخرى، لا تقل إثارة وبهرجة إعلامية، كان سماحته قد وصف أمه الإسلام نفسها، وتصوروا، ويا للعيب، بـالرعاع والمنافقين المبتزين، وأستغفر الله لي وله على أية حال، حين شن هجوما لاذعا على النظام العراقي المخلوع والجامعة العربية قائلاً وبالحرف الواحد، والعياذ بالله، بأنها أمة من الرعاع، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ( وكل ذلك كان يصب، طبعاً، في التمهيد الإعلامي والروحي لعملية اغتصاب العراق التي حدثت، وكما يفعل اليوم مولانا وإمامنا الآخر سماحة العلامة الأكبر الشيخ الجليل يوسف القرضاوي في عملية الترويج النفسي والاستعداد الديني لقصف إيران حين حذر من غزو شيعي، لا أمريكي ولا إسرائيلي ولا حتى وهابي، انتبهوا، ضد مصر).
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم جميعاً، ورحم الله موتانا وموتاكم وموتى المسلمين، ونصرنا على القوم الكافرين ( من هم هؤلاء الكافرين بالضبط؟) وتقبل الله طاعتكم، ليس لله ورسوله ودينه، يا سيدي ويا مولاي سماحة الإمام الأكبر كلا وحاشى لله، فهذا أمر مفروغ منه، ولكن طاعتكم العلنية الجديدة لإسرائيل والأمريكان.
وقولوا آمين يا شباب، فلكم جميعاً المغفرة والأجر والثواب.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غزّة تحاصرنا
-
رسالة عتب رقيق لحوارنا المتمدن الجميل
-
أوباما والمهام الأمريكية القذرة
-
في الدفاع عن الباطنية
-
ما قال ربك ويل لمن سكروا، بل للمصلينا
-
رسالة إلى جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود
-
حوار ديني أم تطبيع سياسي؟
-
لماذا الخوف من غزو ديني؟
-
تضامناً مع أقباط المهجر
-
I don’t have a dream
-
الأوبامية وهزيمة ثقافة
-
محاكمة إعلان دمشق: محاكمة لمرحلة
-
القرضاوي: وباطنية شيوخ الإسلام
-
سحقاً لهمجية الأمريكان
-
وجوه أخرى لتصريحات القرضاوي
-
القرضاوي:هل هو خوف من تشيع ديني أم سياسي؟
-
نهاية فوكوياما
-
من هي الدول الفاشلة؟
-
حول طائفية إعلان دمشق
-
العنصرية وعرب الخليج الفارسي
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|