|
هل الازمة المالية العالمية قوضت العولمة ام حاصرتها ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2479 - 2008 / 11 / 28 - 09:44
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
ان اهم الركائز الاساسية للعولمة او بالاحرى يمكننا القول ان العمود الفقري للنظام المعولم الجديد هو الاقتصاد الحر القاطع للمسافات و العابر للحدود من دون مراقبة او جباية ، و هذا ما يصطحب معه مجموعة من المفاهيم الجديدة التي لا تعتمد على الاخلاق او طبيعة المجتمع و خصوصياته او قيمه او ثقافته او حضارته او تاريخه ، و انما الهم الاول و الوحيد لها هو دمج الاسواق و فتح الطريق امام الاستثمارات الراسمالية العالمية و التي في النهاية تؤدي الى الضغط على عودة النسبة الاكبر من الارباح الى منبع العولمة و مركزها و هي الولايات المتحدة الامريكية و الاقل ربحا على الاطراف ،و هي مفهوم اقرها امريكا فكرا و ثقافة و اقتصادا و استنادا على مجموعة من الاليات و الوسائل الخاصة و من ضمنها منظمة التجارة العالمية و الصندوق النقد الدولي و البنك المركزي العالمي هاملة و ناسية كل النظريات و المذاهب الاقتصادية التي وجدها تاريخ الامم، واعتمدت طرق كثيرة و ملتوية من اجل سحب البساط من تحت ارجل الاقطار بحيث لم تتمكن من التحكم و ضبط الجباية ، و ان اي جهد او سعي للتنمية الذاتية للبلدان يواجه عراقيل و موانع من صنع القوى الكبرى ، و الاقتصاد المعولم الى الامس القريب تدحرج ككرة من الثلج و جرفت معها ما قابلها بالرفض او واجهها بالنقد. و هكذا بالنسبة الى الثقافة و التكنولوجيا و الافكار و العقائد و الديان و العادات و التقاليد ، تعممت و تاثرت بما جاء من الغرب ، و كانت اهم الاسس التي تطبقها النظام العالمي الجديد رغما عن اراء الاطراف هو اندماج اسواق المال و تدويل الشركات و التوسع في النشر والبث و التطوير التكنولوجي و تحويل اشكال و انواع و انماط الاستهلاك محاولة توصيد اساليب الحكم والتنظيم والرقابة مستندة على تقليص دور الحكومات و فرض حرية الاقتصاد و السوق و الاختلاط المالي بحيث لم تبق في الدول الا حكومات صورية مجبرة على فتح اسواقها باية طريقة باللين او القوة المفرطة امام المنتوجات العالمية ، و هذا مطلب رئيسي للقطب الاوحد. و اليوم بعدما ضربت الازمة المالية العالمية القوية امريكا و امتدت تاثيراتها العارمة جميع انحاء العالم و تضررت كافة الشركات دون استثناء و تاثرت الحكومات بنسب متفاوتة ، بحيث اوقفت الخطة الاستراتيجية للعولمة بشكل قاطع ، و تطلبت هذه العاصفة اعادة النظر في نظرية العولمة من اساسها و بشكل جذري ، فلابد من حل. الان يعيش النظام العالمي المعولم مرحلة الحصار الكامل و لم يختنق لحد اليوم و هو بانتظار الانتشال باسلوب و قيم و فكر مغاير و باصلاحات جذرية ، و الجميع على اليقين بان هذه المشكلة لا تحل بالترقيع او بحلول مؤقتة سطحية ، و كما انتشرت الية العولمة عالميا و بشكل سريع لابد من حلول سريعة للتقليل من تاثيراتها السلبية في حالتها المتازمة الحالية ، و شيء طبيعي ان تظهر الى السطح حلول و نظريات مستفيدة من التاريخ و الافكار المتعددة ،و لابد من التزاوج بين ايجابيات كافة النظريات الاقتصادية الكبرى لابعاد السلبيات الكامنة في مضمون جميعها ، و يمكن ان نتاكد بان النظام الاقتصادي العالمي الجديد سوف تجلب معه مباديء و قيم و ثقافات جديدة من اجل تحقيق التنمية العامة لاقتصاد العالم او جمع لتنميات الاجزاء و الغاء التبعية و بناء قاعدة اقتصادية متعددة الاسس متعاونة مع بعضها متقدمة و متمحورة على ذاتها ، و يمكن بتوطيد العلاقات المصلحية المبنية على الاسس الاخلاقية الجديدة ان يتحقق التكامل الاقتصادي و السياسي و الثقافي العالمي ، و لكن الواجب الاول هو ازالة شروط الصندوق النقد الدولي و البنك الدولي و منظمة التنمية و التعاون الاقتصادي و منظمة التجارة العالمية النابعة جميعها من المباديء الراسمالية الاحتكارية و التي ادخلت العالم و الولايات المتحدة الامريكية معها الازمات الخانقة المدمرة ،و اليوم بعد الازمة المالية اصبحت الارضية مناسبة لاتخاذ القرارات المهمة بهذا الشان و الا النتيجة النهائية للازمة تنتهي بفشل العولمة كسياسة اقتصادية و هذه فرصة لاعادة النظر و الدخول الى العالم الجديد ما بعد العولمة و حتما تكون هناك افرازات تضر بالعالم مؤقتا الا انه يمكن حسن الاستفادة من الاخطاء، و كنظام عام يمكن الاستفادة من المباديء الاساسية لليسارية و الليبرالية المتعددة الاوجه و الراسمالية المتقدمة التي تكون في مراحلها المتقدمة الايلة الى الانتقال الى المرحلة ما بعدها ، و به يعود الانسان الى ما هو عليه من الصفات التي لا يمكن معاملته على اعتباره الة جامدة التي اقرتها العولمة و التي افرزت انماط استهلاكية سيئة و ضارة ، و الاعتماد عليه كانماط انتاجية مفيدة و جيدة ، و هكذا من خلط ايجابيات الافكار و العقائد نلمس قيما حديثة ما تخص الفرد او المجتمع بشكل عام و منها اعتقادية او اكتسابية او تربوية او نفسية وروحية او اجتماعية او ثقافية او جمالية وادبية و فنية او اقتصادية و مالية و تجارية او سياسية و قومية وطنية او حضارية او قانونية و مدنية علمية و تقدمية. و يمكن ان تنعكس القرارات المتخذة نتيجة الازمة المالية العالمية على المجتمعات بشكل مفيد، و التقرب من العدالة الاجتماعية و الحرية الحقيقية و المساواة بعد المعانات بعد مدة ولو طويلة ، و ان الازمة الحالية قد بنت سدا منيعا امام مخاطر طوفان العولمة و حتى ان كان مؤقتا لو لم يتحرك العالم المعتدل ساكنا ، و ستكون النتيجة في اخر المطاف لصالح مجتمعات الجنوب اقتصادا و قيما . النظام السياسي العالمي الجديد في مخاض عسير في هذه المرحلة لولادة افكار و نظريات و عقائد حديثة مستفيدة من مخزونات التاريخ في كل بقعة من العالم، و كل التوجهات تشير الى ما افادتنا اليسارية و الليبرالية في ظل نظام ديموقراطي علماني حديث لضمان العدالة الاجتماعية و محاربة الفقرالمدقع و المعدم و ارتفاع مستوى المعيشة للافراد . و يمكن تعريف الفكر و العقيدة المركزية العالمية الجديدة و باشكال متنوعة حسب الواقع على انه اليسارية المعاصرة الجديدة المعتمدة على اسس و معايير و قيم حديثة و هي افكار متعددة التنظيرات و الاوجه في بودقة واحدة ، و الفلسفة الاساسية لهاهي اليسارية الديموقراطية الليبرالية المعتدلة ، غير مهملة لاي شان سياسي و غير معادية لاي شان قومي معتدل تقدمي أي يسارية تقدمية تهتم بالسياسة و الدين و القومية و الاقتصاد و الثقافة و العلم و المعرفة و تهتم بكل شيء ، اي ايٌ شء يهم الانسان و الانسانية . ان الحل العادل الجذري للازمة الحالية يكمن في الاعتراف الجميع بان هذه الازمة ليست بسبب نوع و كيفية عمل النظم المصرفية في امريكا فقط و انما لها العلاقة المباشرة و الواضحة مع النظام العالمي الجديد ، و تنطلق من افرازات هذا النظام ، و لها تاثيراتها المباشرة على كافة الدول ، مما تنسجم مع مقولة لكل عمل او فعل زائف اضداد كامن في لبه و تبرز عند الضرورة لتعيد الاساس الصحيح الحقيقي اليه ، و يمكن العمل من هذا المنطلق..
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل شخصت روسيا ما فكك الاتحاد السوفيتي لمعالجته او ازالته ؟
-
مهما طال الزمن سيتجه العالم نحوضمان العدالة الاجتماعية
-
هل تقرأ القوى السياسية العراقية استراتيجية امريكا و نظرتها ل
...
-
اليس حجب وسائل الاعلام التقدمية دليل على خوف و تخلف السلطات؟
-
ما هي اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة
...
-
ما اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة؟ (
...
-
اي عراق تريده امريكا و اية سياسة امريكية يريدها العراق
-
جوهر الفلسفة اليسارية الحقيقية لا يتوافق مع الحرب و الارهاب
-
احساس بالمسؤولية تضمن نسبة جيدة من السعادة المشتركة للشعب
-
هل مستقبل و نوع الدولة العراقية معلوم لدينا ؟!
-
الايحاء بمجيء شبح الموت للسلطة العراقية عند استفحال كل ازمة
-
ماذا تجني الدولة الليبية من زيارة القذافي لمنطقة قوقاز
-
ادعاء وجود لامركزية دكتاتورية تبرير لتجسيد و ترسيخ المركزية
...
-
هل اوباما غورباتشوف امريكا القادم ام ...........؟
-
الواقع الاجتماعي المتخلف سبب لتفشي مايسمى بجرائم الشرف
-
الصمت الخانق للمثقفين المرتبطين بالقوى المحافظة في العراق اي
...
-
ضمان حرية الفرد نتاج النظام السياسي و الثقافي المترسخ في الب
...
-
نبحث عن اي نظام سياسي في العراق؟
-
قانون الاحوال الشخصية و حقوق المراة في كوردستان العراق
-
ضعف القوى اليسارية في الشرق الاوسط
المزيد.....
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|