ناجي نهر
الحوار المتمدن-العدد: 2478 - 2008 / 11 / 27 - 10:09
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
برغم شيوع الكثير من بلاوي الأفكاروالتوصيفات المتخلفة التي تطال المرأة فى مكانتها وحقوقها الا انه وابتداءآ من العقود الثلاثة الماضية ظهرت بوادر اسهامات جدية من الأهتمام بدور المرأة على مختلف الأتجاهات واخذت فى التصاعد طرديآ وعلى مختلف الأصعدة المهنية و السياسية والأجتماعية والفكرية والفنية ,وقد خطت هذه الأسهامات الحميدة بكل بسالة نضالية وجرأة بأقلام مناضلين معروفين وانعكست على جميع وسائل الأعلام المكتوبة والمسموعة والمقرية فى السلب والأيجاب ,فكانت الصورة الأيجابية منها تهدف الى تغيير الصورة السلبية السائدة عن المرأة ,تلك الصورة غير المنصفة المتجسدة فى آيديولوجيا بعض قطاعات اجتماعية وافراد لا زالوا واقعين تحت تأثير ثقافة متخلفة فى فهم اسباب وضرورات عامة فى حركة المجتمعات وجامدين على التمسك بثقافة ذكورية مقرفة ,مناهضة لتطور المرأة أو فسح المجال أمام تقدمها .
ويبقى للوصول الى تقويم أدق لمكانة المرأة بالرجوع والتمسك بمدأ المساواة التامة بين الرجل والمرأة , هذا القانون الذي بات اليوم يعرفه القاصي والداني وبتجنب خطأ الوقوع فى وضع فروق اجتماعية وبايلوجية بينهما والرجوع الى تقويهما كأنسان سوي [ امرأة او رجل ] والحكم عليهما من خلال ما تحكم بواقع مصيرهما عبر مراحل التاريخ المختلفة ,ومن خلال ما كابدا من تعسف وتدني المكانة ومن ظلم واستغلال وجور وفارق طبقي فرق بين المرأة والرجل بحصة العمل و بحصة الثقافة وبحصة العلاقات الأجتماعية ,ولا زالت القوانين الوضعية والسماوية لم تراعي الفروق والمميزات بينهما على اساس القدرة والكفاءة المهنية والعلمية وما يمتلك كل منهما من ابداع وصفات وسجايا عظيمة ملموسة الفائدة .
ولحد اليوم ايضآ لم يتعلم الذكر المتخلف وبالأصح لا يرضى ان يتعلم ان الفرق بين انسان وانسان آخر انما يحدده العمل المنتج كنتاج لمستوى الوعي والتألق فى اسلوب ممارسة الأفكار .
ولكن من المؤسف ان نجد بعض النساء كالرجال المتخلفين لا يقبلن بتغيير الحال ويعارضن كل تطور الى امام ,فيصبحن بيروقراطيات داخل عوائلهن ويمارسن سياسة فرق تسد بين افرادها ويفسحن بذلك المجال للذكر المتخلف بأتهامهن بأنهن اساس خلق الفرقة والعداء في العائلة والمجتمع , بعكس نساء اخريات أصبحن مربيات فاضلات وفاعلات فى البناء الأجتماعي والسياسي والعلمي .
ان النساءالواعيات يدركن علميآ ان لا فروق بايلوجية وسايكلوجية واجتماعية وجنسوية بين صفات وسجايا ومؤهلات المرأة والرجل إلا بما هو صالح وطالح من اعمالهما .
,ولقد شخصت المرأة تلك الأسباب والمعوقات لحركتها وأدركت ان الأمر والفعل الأساس المطلوب منها لتجاوز العقبات يتعلق بذاتها الخاصة ,لذا فقد تركزت الصورة الأيجابية لكفاحها على تغيير النظرة غير الموضعية وغير العادلة لتلك الآيديولوجيا الظلامية التي لا زالت متحكمة فى اغلب مجتمعات العالم الثالث ,وفى تحدي واضح منها لتخطي جميع المصاعب ,وبالفعل فقد أحال كفاح المرأة المثابر تلك الثقافات المتخلفة والمتحيزة للرجل الى ثقافة أكثر عدلآ وانسانية وأكثر مرؤة واعترافآ بضرورة مساواتها مع الرجل والأشادة بعطائها المتنوع والمثمر .
لقد ظهرت العلاقات الجديدة بين المرأة والرجل مستندة الى ثقافة ديمقراطية منفتحة تعتمد افق تنويري مناضل من أجل المساواة الكلية بينهما وذا تأثير متبادل أثمر فى مردودات ونتائج ايجابية باهرة النجاح فى البناء والتطوير وخلق حالة متوازنة ومتجانسة على صعيد الفكر والممارسة أثبتت ملموسيتها فى تنمية المجتمعات وتقدمها ونقلها الى حالة جديدة أفضل واسعد .
لقد شجع انتصارنضال المرأة فى اكثر من ميدان الرجل المتنور على ان يكون جريئآ فى تخطي نظرته الدونية للمرأة شاطبآ من فهرسه مفردات اقتنع بأنها أصبحت بالية واضحت خارج الزمن والمكان كانت تحد من حرية المرأة الشخصية وتنتقص من حقوقها المشروعة و تتناقض مع مفردات اضحت الآن هي السائدة فى مجتمعات متقدمة من العالم تتحلى بأنسانية المساواة والعدل والحرية والحب وتستهجن التمييز الجنسي .
وبفضل انتصارنضال المرأة وتغييرصورتها السلبية في وسائـل الأعلام وابراز اهمية دورها فى بناء المجتمعات والتنمية الشاملة على مختلف الأصعدة اصبح من السهل القول بأن الوقت قد حان للباحثين والمنظرين وقادة المجتمع لأنصاف المرأة وأبرازصورتها المساوية للرجل ومشاركتها الحقيقية له فى تأسيس وارساء بناء الدولة المؤسساتية الديمقراطية الحديثة والنظيفة من الفساد وتشئ الناس والوقاية من الدمار المعتاد وثقافة الرعب فى اغلب المجتمعات الشرق أوسطية بخاصة .
وبالتأكيد سيكون للأعتراف بمساواة المرأة والرجل تأثيره الأيجابي فى خلق الظروف المطلوبة لتعاون المرأة مع الرجل سوية ويدآ بيد من اجل أكتشاف كنوز المعرفة النظريه والتطبيقية المسرعة فى بناء الحياة وتطويرها وحمايتها وتلبية حاجات الناس واسعادهم .
كما ان فى العمل الصادق على ارساء المساواة الكاملة بين المرأة والرجل وترسيخه وترصينه سيكون دافع قوي يساعد على تنفيذ وصايا الباحثين ومقررات المؤتمرات الخاصه بالمرأه وتبريز مساهماتها الهادفه فى التنمية الأجتماعية وسيؤدي بالتالي الى تغيرصورتها السلبيه والتصدي لمحاولة فرض الثقافه الذكوريه ومنع تثبيتها كآديولوجية اجتماعية مقدسة يصبح بموجبها مجرد التفكير بنقدها أو تغييرها كفرآ يستحق الرجم !!.
ولكن ومهما كان من تزوير لحقائق هامة واساسية فى صنع التقدم والتطوير فلا أحد بقادر على نكران تداعيات واضرار ماسببته الثقافه السلفية وثقافة اللبرالية الجديدة المعولمة من أعاقة صارخة وانتهاك لدور المرأه الخلاق واحالتة الى دور ثانوي باهت لايتعدى اشباع الحاجات الغريزية والمحافظه على الجنس.
ان نمو افق العلاقة المشتركة المتبادلة الموسومة بالتأثير الايجابي بين المرأة والرجل لايمكن ان تسمو قبل ان يسمو وعيهما نحو حالة ارقى وافضل في فضاء مفتوح وعمل مكثف متجانس في الفكر والممارسه بأتجاه التقدم ,ومن هنا يعد تفعيل عمل المرأة فى مختلف مؤسسات الدولة ومؤسسات العمل المدني ومن خلال عناوينها المختلفة فى الحجم والمضمون بالأضافة الى تفعيل مقررات المنظمات النسوية بشكل خاص وتحويلها الى قوانين وفقرات اساسية من الدستور ضامنة لحقوق المرأة ,ومعترف بها من الدولة ومؤسساتها فى الداخل والخارج وبغير تحقيق هذا الهدف يصبح العمل والنضال من اجل رفعة مكانة المرأة ,ملهاة وترف وضرب دعائي من اجل المباهاة والأدعاءات الفارغة لا جدوى منه .
ان سمو وعي المرأة والرجل نحو مضامين انسانية عالية سيساعد على سرعة انتشار ثقافة المساواة بين المرأة والرجل كما ان تعدد وسائل الأتصال في عصرنا وتعدد الفضائيات منها بخاصة كوسيلة اتصال متقدمة لنقل المعلومة المفيدة ستكون عامل آخر لتسريع وعي المجتمع بذات الأتجاه التقدمي المطلوب وفى تحقيق الهدف المنشود ونقله للمتلقي بسرعة الضؤ بالصوت وبالصورة الممتعة .
لقد اثبتت الدراسات الحديثة والممارسات التطبيقية فى الدول المتقدمة ملموسية نتائج مشاركة المرأة المتساوية مع الرجل وتأثيره الأيجابي على تعزيز عوامل العمل المشترك بينهما مما انعكس بنسب بيانية عالية فى مستوى الأنتاج ووفرته وجودته وفي البرهان الحاسم على انسانية العلاقات الأجتماعية وتعزيز اواصر المحبة والوحدة الوطنية السياسية والمهنية وفى العدل والسلم الأجتماعي وترسيخ مبادئ الديمقراطية والأعتراف بالأنسان وفى الحد من أنانيته ومن ثقافة الكراهية الطائفية والشوفينية المقيتة ,ومن هنا أصبح الاهتمام بموضوعة المرأة مما يعد قضية أساسية وحاسمة في المعالجات الاجتماعية الإنسانية. وباتت الشغل الشاغل للمرأة ومنظماتها ولقادة الدول والمجتمعات والمؤسسات المدنية وللمختصين والمربين والمصلحين على اختلاف مدارسهم ومناهلهم المادية والروحية، حيث الشعور السائد بين طبقات المجتمع كافة بأن المرأة ما زالت أسيرة الأفكار التي تصادر دورها وتسلط الرؤية الذكورية والأنظمة القمعية التي زادت الأمور تعقيدا نتيجة الاقتتال المفتعل على المصالح الخاصة بين من يعنيهم هذا التعقيد .
وقد لعبت وسائل الإعلام المختلفة أدوارمتباينة فى عكس الواقع ,كانت تارة بعيدة وغيرواضحة عن تجسيد ظواهره ووصفها للمتلقي بعناية تحليلية وعلمية .
أن الخوض في كيفية تقديم صورة المرأة وتناول قضاياها في وسائل الإعلام العربية لهو امر مهم للغاية فهو ما قد يكشف عن ماهية الأهداف التي تسعى وسائل الإعلام بشكل قصدي أو غير قصدي لتثبيته في الواقع ,لكي يقرأ درجة تميزه فهو تارة يعرض دورآ أيجابيآ منصفآ للمرأة ومكانتها و تارة يعرضها بشكل متدني وغير منصف من خلال تقديمه لصورة المرأة المستلبة أو السلعية الإيروتيكية أو الخانعة مما يستدعي الحذر والمراقبة والدقة فى التقييم ,ويبقى الأهم والأهم ان لا يدخر الأنسان وسعآ امرأة كانت او رجل عرض أهمية ترسيخ وترصين مبدأ المساواة بينهما ,ومن اجل ان لا يفقد التوازن الوطني والأنساني ...
#ناجي_نهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟