أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حمادي بلخشين - المقامة البورقيبيّة1/2















المزيد.....



المقامة البورقيبيّة1/2


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 2476 - 2008 / 11 / 25 - 09:29
المحور: كتابات ساخرة
    


مقدمة
كان الحبيب بورقيبة( 1903 /2001) رئيسي على مدى ثلاثة عقود ، قبل ان اتهم بمحاولة الإنقلاب عليه مع ثلة من التونسيين. مما دفعني مكرها الى اللجوء للغرب و الإستقرار فيه منذ سنة 1988 . اذن كان بورقيبة السبب الأول في شقائي كامل الشطر الأول من عمري، كما كان و سيكون السبب الأول لشقائي كامل الشطر الآخر منه . لأجل ذلك فأنا من اوائل من يحق له نقده ، تذكرة لأولي الأبصار، و كشفا لما في منظومة السلفية التي دعمته من عوار. و الله اعلم بالصواب ، و اليه المرجع والمآب . المدنف الحزين حمّادي بلخشين رحمني الله و رحم والدي وموتى المسلمين .



المقامة البورقيبيّة



حدّثنا أسير بن مظلوم قال :" ضــاقت بي الغبراء(1)، بتونس الخضراء ، و طال تقـلـّب وجهي في السماء ، إرتقابا لرسول الفناء ، بسبب ما كنت ألقاه من وسائل اعلامنا الوطنية، من دعاية هستيرية للرئيس بورقيبة وفلسفته البورقيبية، فلا هادم اللذات أكرمني فجاء، ولا إعلامنا الوطني كفّ عن الهراء! .

وفي ذات جمعة حزين، إتفق أن بشرني أحد الملتحين ، بالجنة وحور العين، لو شـــرعت في الصلاة، وتـــركت مسافحة البغايا و المحصنات، خصوصا وقد نيّفت على الخمسن، واستوى زرعي للحاصدين. فهرعت من فوري إلي بيت الله، ابتغي رضاه، لأكون قد حققت بصلاتي غايتين، وبحجر واحد أصبت عصفورين : اتــقاء لظى الجـحيم، والخلاص ولو لســاعة واحدة ، من سمـــاع أخبار الزعيم، و ما كنت أدري أنني أفــرّ من الرمضاء (2) الى النار، ومن قطرات الماء، الى السيل الجرّار !

حين حللت بمكان الصلاة، خيل لي بما رأيت من رجال المخابرات، أنني في أحد المواكب الرسميّة، أوعلى وشك شهود قمع مظاهرة شعبيةّ، وقد وقعت عيناي حال دخولي على ضابط مشهور، عذبني بتهمـــة عدم التبليغ عمـن اتهــــم بترويج أخـبار
زور، زعم انها تنتقص الذات العليّة ، لفخامة رئيس الجمهورية، و قد نال ظهري من ضربات العصا، ما نال شيعيّ في يوم عاشوراء !

في انتظار رفع الآذان، جيء بشيخ فان،على محفّة يحملها شخصان، فإذا هو ضعيف كالجرادة، تغشاه رعدة ، عليه صفرة الموت ، وحين سلمّ، لـــم يسمع له صوت، فــكان اذا تحرك سعل، و اذا ترك ذهـل ، فسألت أقرب المصليّن عن المدنف (3) المسكين، فاندفع المسئول، كشلاّلات نياقرا يقول :" ذلك شيخنا أسد الدين، وقد جاوز التسعين، وهذا دأبه منذ سنين، يوضع كل جمعة على منبرالصلاة ، كما توضـــــع الأداة، ثم يسـنده شخصان، ليثبت على المكان، فيؤدي فريضته، وينفعنا بموعظته ، وقد حدّثني أحد الثقاة ، ان شيخــنا
لسلفيّ ، وعمدتنا الأثري، من دعاة التمسك بالمناصب والرئاسات، الى لحظة الممات، حتى انه كـفّر فرقة المعتزلة اللئيمة، لما في تسميتها تلك من إيحاء بخطـــــة العزل الذميمة، كما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الغبراء : الأرض
(2) الرمضاء: شدة حرارة الشمس
(3) المدنف : المريض

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


حرّم فضيلته العزل عن المحصنات، بناءا على ما فات، كما انه ، تيــّمنا منه بالقيادة الوحيدة ، تفــرّد فضيلته من بين كل أقرانه و فصـــيلته، بــــقراءة خــــطبة وحيدة، سماها" المفيدة "،لا تعتريها على مدى الأزمان، زيادة أو نــقصان، حتى حفظهاالمصلون والمصلّيات، حفظ الفاتحة أو" دلائل الخيرات"(1)، فلوأغمي علي فضيلته أثناء تلاوتها على الحاضرين، لتولى أقرب شرطيّ إليه، إتمام سردها من حيث انتهى شيخنا الألمعيّ في الحين ! .

قال أسير بن مظلوم :" وقد حدث في ذلك اليوم، ما أخبرني به جليسي الثرثارعن شيخ النار، فقد أغمي عليه سبع مرات، أثــناء الخطبة، و قبل بدء الصلاة .فأسعف مرّتين بالضغط على صدره لتنشيط الرئتين . فأصابني ذهول ، نبهني منه جليسي الذي طفق يقول :" كما اشتهر عن الشيخ أسد الدين، و بحر اليقين ، تكفير أبرّ أبنائه، لمّا عبّرعن إستيائه، حين أسفرت أحدث الإستفتاءات، عن اختيار زعيمنا الحبيب بورقيبة رئيسا مدى الحياة . وقد أسس شيخنا العلامة، فتوى جواز التمسك الأبدي لسيادة الرئيس بالإمامة،على اجتهادات أصحاب الأسانيد والروايات، من شيوخ أهل السنة وجهابذة السادات، حيث اشترطوا، لصحّة ديمومة الولايات، بعد شرط قرشية الحاكم، وكون جلالته من أبناء الذوات، أوبعد تمكن الإنقلابي المتغلب من السيـطرة على الجيش وسائر الإدارات، إشترطوا ثبوت الحياة . فمن قدر من أصحاب السعادة على الشهيق والزفير، صار الحاكم والأمير!، حتى لو لزم السرير و عجز عن المسير، دع عنك التسيير، قياسا على اجماع الفقهاء الأولين،على صحّة ولاية الرضّع من أمراء المؤمنين،إعتمادا على سنة علماء " خير القرون الثلاثة" المفضلين، في تجويزهم بيعة صبيان العباسيين، بمجرد ثبوت انفصال هؤلاء الميامين، عن أرحام الأمهات، وحلولهم بدارالآفات. كل ذلك أخذا بالقاعــدة الأصولية المستنبطة من الأعراف الملكية : من تنفس حكم، لو فارق الرحم ! ، أما لو كان جنينا ففي المسألة قولان، أقواهما الحرمان ، و ان كان القول بجواز تولية من في الأرحام ، لا يخلو من دليل يوجب الإحترام !، حيث إعتمد من ذهب اليه على القياس ،الذي يوجب الحاق ساكني الأرحام من الحكام، بمن عمره بضعة ايام ، في جواز إمامة (( خير أمة أخرجت للناس))"! لإشتراك الطفل والجنين، في العلة الموجبة لنيل الرئاسات، ألا وهي ثبوت الحياة ! ،على شرط آخر تتوقف عليه صحة البيعة، وهو خروج الأمير الجنين من المرحلة الثالثة من ذوات الأربعين، أي دخول أمير المؤمنين، مرحلة نفخ الروح في جسده ، جعلنا الله عبيد حضرته !

قال أسير بن مظلوم:" فغشيتني الهـموم ، وهممت بان أقوم ، لولا أن رمقني الضابط اللعين، فلزمت مجلسي في الحين ، فلو غادرت المكان ، لأعتقلت في الإبان، وأسلمت الي الجلاد، ثم اتهمت بغياب الحس الوطني مع الإلحاد ، لضيقي بمكان أميـــن يمجّد فيه الرئيس، و يلعن فيه ابليس ، خصوصا وقد علا صوت محدّثي وبان، و أسمع ذوي الآذان . فأسلمت أمري لله، و أعرت محدثي الإنتباه، فسمعته يقول، كل ما تمجه العقول :"ولقد أفنى علماء الملة أعمارهم، وأنفقوا ليلهم و نهارهم . في الترجيح بــين القولين، والإنتصار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) دلائل الخيرات كتاب صوفي فيه اذكار مبتدعة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لأحد الإجتهادين، حتى كشفت الغمّة، حين رزقت الأمة، بمفتى الديار، و ناصر سنّة المختار، الشيخ " صفر بن ثلاثة أصفار " حجة الثقلين، و إمام الحرمين"، فجاء بفصل الخطاب، وبيضة العقاب، مبطلا بفصل الكلام، جواز تولية من في الأرحام ، بدليل قاطع غاب عمن سبقه من الأعـلام، فنال بسبب اجتهـاده الهام لقب " مجدد كل القرون، و شيخ مشايخ الإسلام ". حين حرّم بيعة الأجنة في الأرحام، خوف فضيلته، من وقــوع الأمـة في صريح الإثم و عين الحرام !، فيما لو كان الجنين المبايع ــ اكرمكم الله ـ حرمة ، لا تصلح للإمامة العظمى، فــيكون على يديها دخـول النقص على الأمة، وادبار الفلاح، وعموم الغمّة !!، فما خلقت النسوة لمكابدة العناء، و تحمل تلك الأعباء ، هذا زيادة على كونهن ناقصات عقل ودين، وعون إبلـيس على الصالحين ، ولـقد أجاد الشاعر صاحب النجابة، وأصاب أيما اصابة، حين انــشد ، وفقني الله واياك الي الإنابة :

ما للنساء و للقراءة و للـــــخطابة
هذا لنا و لهن منا أن يبتن على جنابة !

وقد زاد اصرار فضــــيلة الشيخ" أســـــد الدين " على الإستمرار في امامة المسلمين رغم
كونه، كما أخبرتك منذ حين ، قد جازو التــــسعين ، رغبته في مـلاقاة رب العالمين، وهو
يؤدي فريضته، ليحشر خطيبا بين يدي فخامته !، وقد أوصى أبقاه الله، بضرورة غسل جثمانه في وزارة الداخلية. لعظم دور تلك المؤسسة الحيوية في حسن تطبيق الفلسفة البورقيبية ! كما أوصى متعنا الله به ، بتكفينه في الصحف الحزبية، قبل دفنه في المقبرة الرئاسية تحت أرجل ــ اطال الله مدته ــ زعيمنا ، وليّ نعمته ، ليبعث مع حضرته ، فيحضى بشفاعته! لعظم ما ورد في الأثر الشريف، بسند غير ضعيف، من أن أولياء الأمور يشفعون فيشفّعون ، ولا عبرة بكثرة ما يأتون و يـذرون !، بـعدما سقط عنهم التكليف، بما أثبته الأثر الشريف، وبما حظوا به من غفران و تشريف، حتى لو لقــوا الله تعالى بخطايا ستالين، و سيئات هتلر و جرائم لينين ، جعلنا الله من عتقاء الشفاعة الرئاسية، وممّن زكّتهم وزارة الداخلية !

حدّث أسير بن مظلوم قال ": ولم يخلّصني من محدثي الثقيل الاّ الآذان، فكفّ من فوره عن الهذيان، لتوجه كل الأنظار الى الخطيب الفان، الذي حركه شرطي بجانبه، فشرع في تحريك فكيّه و شاربه، دون ان يتفطن الى أن مكبّر الصوت كان في غير اتجاه شفتيه. و بما أن الخطيب قد جمع العمى مع الصمم، فقد خيل اليه انه أسمع من أمّ، فعمد شرطي ملعون الى اصلاح وضع الميكرفون، فوصلنا صوت الشيخ المأفون :" كما نحمده تعالى الذي خصّ قائدنا الرشيد ، و زعيم أمتنا المجيد ، بصفات الوحدانية ، فحباه بيضة رئاسية !...

قال أسير بن مظلوم : " فعلـــمت ان الشــــيخ يقصد بالبـــيضة الرئاسية، خصية رئيس
الجمهورية!!!، فقد كشف بورقيبة للتونسيين، منذ أكثر من عشر سنين،عن فقدانه خصيته إبّان طفولته، فتعجبت من ســـفاهة الخطيـــب، و تـــقززت من موضوع خطبته العجـــيب ، و اصغيت للمخبول فاذا به يقول :" لقد كان التوحيد متجليا في رأي مرشدنا، وجسد قائدنا. لأجل ذلك تشرّب فخامته شعار التوحيد، وتنزّه عن الشرك ، بإعتصامه برأيه الأوحد السديد ، فطفق ضاربا بيد من حديد ، كل مــــن تطلّع الى منافسة سيادته، في تقرير مصير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أمثالنا من العبـيد ! فالله الله في السلطان، ولو جار وخان، والله الله في الرئيس و لو شابه ابليس، فسلطان غشوم خير من فتنة تدوم، كما ان السلطان ظل الله في الأرض، و طاعته واجب و فرض، حتى لو جلد الظهور، وهتك العرض وأكثر الإفساد في الأرض. فالزعامة إخوة الإيمان، تـقتضي وحدة الزعيم (( و فوق كل ذي علم عليم)) و قد أجمع أهل النهى وذوي الحجى ، أن الحكمة والعلم قد إنتهيا إلى فخامته، و سالا دررا من شفـتي سيادته . فلنقلها لمن عن الحق إستكبر: إن في وحدانية الخالق المدبر ، خير مثال فتدبّر . فـــ(( لو
كان فيهما الهة الا الله لفسدتا )) فليعتبر الكهل، ويتعظ الفتى، فسياسة الشعوب ليست في متناول كل دخيل، بل منحة العظيم الجليل،(( يؤتي الملك من يشاء)) فطاول أيها المخالف الجوزاء، أوانطح الصخرة الصمّاء، جفّت الأقلام و طويت الصحف، جهل من جهل و عرف من عرف . فقد تسلّم القوس باريها، و العيس حاديها، فرحم الله الشاعر الذي قال و كأنّه يعني رئيسنا ذي الكمال :

أتـــته الرئاسة مختالة / إليه تجرجر أذيالها
فلم تك تصلح إلاّ له / و لم يك يصلح إلاّ لها .

لأجل ذلك سعى فخامته، مدفوعا بهاجس التوحيد الذي يسكن سيادته ،الى تصفية خصمه العنيد و الشيطان المريد "صالح بن يوسف (1). بذلك أعلن فخامته و تكلّم ، و صرّح في خطبه ولم يجمجم ، إذ لمّا تعاظم بصالح بن يوسف الفــتون، رماه فخامة الرئيس بالفتى الميمون ،البشير زرق لعينون (2)، فأورده حياض المنون ،لما إغتاله في فرنكفورت من بلاد الألمان ، وأراه مقعده من النيران ، فكان عبرة للظالمين، و آية للسائلين .


حدث اسير بن مظلوم قال : ومع نهاية الجملة الأخيرة سكت الشيخ عن الكلام، وبينما توجه اليه بعض الناس بالإسعاف، اندفع شرطي قصير يكمل ما كان فيه الشيخ من إسفاف : فالله الله في لزوم الطاعة، و التقلّب بين أظهر الجماعة ، بهذا أمراحمد بن حنبل ناصر السنة الأول، مقتديا بذلك بخير القرون المبرورة، والطائفة المنصورة ، و قد أعذر من أنذر وإتّعظ من تدبّر ، فمن" لم تسعه منكم العافية لم تضق عنه الهلكة" و ذلك جزاء من نافس الحقّ أهله، وغلب جهله عقله، و إلاّ فمن أشد الغباء منافسة بغاث الطير نسور القمم الشمّاء. فاعتبروا يا أولي الأبصار، ولا تلعبوا بالنار، و أدخلوا أفواجا في" حزب الدستور "(3) وعـــفا الله عمن سلفت منه خيانة ،أو بدر منه فجور، قـــبل أن يـــكشف المســـتور، و تستخرج سخائم الصدور ، فها نحن نقول لشراذم المعارضة : هيهات هيهات ، أبشروا بمزيد الخيبات ، فالأمر لفخامته إستقام ، و كلنا بورقيبة في حفظ النظام . فوالله و بالله و تالله ان في وزارة الداخلية زبانية تتجافى جنوبهم عن المضاجع لخدمة البورقيبية، عصبــة
أعدّت للطامعين الأشرار، تستدفىء من لظاهم النار ، أعدّهم فخامته لكل جاحد لفضل النظام
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صالح بن يوسف منافس بورقيبة الأول لقيادة تونس تحت ظل العلمانية .
(2) البشير زرق العيون من اشرس اعوان بورقيبة و اشده ولاء لشخصه .
(3) الحزب الإشتراكي الدستوي هو الحزب الحاكم الذي اسسه الحبيب بورقيبة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لينقّبوا من تحت اضراسه عن آثار لبن أمّه قبل الفطام! فلو وقع بين أيديهم الجاهل بحقيقة الألف أقائم هو أو بارك ، ما كفــّوا عنه ما لم يسرد عليهم ألفية بن مالك ! و لو وقع بين أيديهم من لا يفـرّق بين البلح والزيتون، ما تركوه حتى يحاضرهم عن الإنحباس الحــراري، و ثقب الأوزون ! فسلّموا رحمكم الله تسلموا. ودعوا المعارضة تـغنموا. فالله الله في وحدة الجماعة يا أهل الإيمان ، فطاعة السلطان من طاعة الرحمن . و أحمدوا الله أن كفاكم شرالمساهمة في الحكم والسياسة، فقد حمل عنكم أوزارها أهل الحجى و الكياسة.


قال أسير بن مظلوم : فضاقت بي الحال، وهممت بالإرتحال، فحدجني الضابط بنظرات نارية، فعلمت انه كتب عليّ شهود كل الخطبة الوبائية ،لأن الخروج معناه الإعتقال، والتعرض للنكال، مع نزع الكلسون و السروال وانتهاك عرضي في الحال، وقد امكث في السجن سنوات، هذا لو كتبت لي الحياة، و لم يسبقني الى بوابة السجن هادم اللذات، فكتمت اشجاني، واعتكفت في مكاني، و فيما أنا افكر في مخرج من ورطتي، و خلاص من محنتي، ارتفعت اصوات المصلين بالتهليل، لرجوع الوعي الى الشيخ العليل، حتى يواصل خطبة السوء، بعدما جلب له الماء الى المنبر و جدد له الوضوء ، فأستمر يتلو بصوت ضعيف ،ما ضم خطابه السخيف : فالحمد لله الذي هدى صاحب الخصية اليتيمة ، والقيادة الحكيمة، إلى خطّة معصومة سليمة ، طاولت بإبداعها السماوات، وكفت شعبنا المؤمن شرّ الإنتخابات، وعناء الإختلاف إلى صناديق الإقتراع، كل خمس سنوات، بـلا داع ، فتجشم رئيسـكم ايها المؤمنون والمؤمنات ، عناء تسخير نفسه لرئاستكم مدى الحياة . كما نحمده تعالى أن فتح بصائرنا، وجعلنا لا نرى إلا ما يراه، ولا نبتغي قائدا سواه . كما نحمده تعالى على توفيق قائدنا حامى حمى الوطن و الملّة الحنيفيّة ، إلى حظرتأسيس الأحزاب السياسية ، لما في تعدد الأحزاب من إختلاف للكلمة، و تشرذم الأمة التونسية ، فلو كان في تعدد الأحزاب مصلحة الشابّ و الحيزبون ، لما إستنكر تعالى في محكم كتابه عمل الذين ((تفرقوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون)). و سيعلم المتنطعون و دعاة التفرقة والفتنة أي منقلب ينقلبون . هذا مع ما في تعدد الأحزاب ــ عفاكم الله ــ من بدع في دين خاتم الرسالات، فلم يعرف الصحابة و العلماء الكرام، سوى حزب سيد الأنام، هذا على ما في تعدد الأحزاب من تشبه بأهل الكتاب ، من نصارى ضالين و يهود حائرين . فالشكر و المنّة للمعطي الوهّاب ،على تجنيبه إيّانا خطيئة تعدد الرؤى و الأحزاب، بجعل" الحزب الإشتراكي الدستوري" قرّة أعيننا و رائدنا لما فيه خير دار الأوصاب ، زيادة على ما نرجوه من ثواب ما بعد يوم الحساب . كما نحمده تعالى على توفيقه لنا في جعلنا نخالف اصحاب الجحيم، في التداول على السلطة، وتميزنا عنهم بالتمسك بقائد أوحد وزعيم . كما نحمده تعالى أن وفـٌق قائدنا الأول و زعيمنا الأهدل، صاحــب الخصية الوحـيدة، والجوهرة الفريدة ، إلى الإستلهام من وحدة خصيته، التي لم تقعد به( حاشاها) عن بلوغ لذته ، بل أبدت بورك فيها من النجاعة و الفنون ، في ضخ التستوترون، بما فاض عن حاجة حرمه المصون ، فشمل حرم بعض مقربيه من كبار المسؤولين ، كما لا شك تعلمون ، فلا جناح في الترفيه على قائدنا العظيم، ولا حرج من كشف عورات الحريم للطبيب و الزعيم ، بذلك ثبت عن سيادته، و صح ّمن تصريحات فخامته. قلت، لقد إستلهم فخامته من فردانية خصيته، فكرة وجوب فردانية إدارة تلفزيون و إذاعة و صحف أمّته، فقــّرر تأمـــيم كافـّة وسائل النشر والإعلام ، وحفظها من ذوي النيات الفاسدة من أهل الخيانة و الإجرام، أعني

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اصحاب الرأي المخالف، و ذوي المأجور من الأقلام، فجعل وسائل الإعلام حكرا على رجال دولـته، و ثمار دوحته، خالصة لهم من دون سائرالأنام، فما أغنانا معشر الإخوة الكرام ،عن صاحب كل نقد هدّام، وما أغنانا عن إستبدال جنة الوحدة الوطنية، بجحيم الفرقة البدعيّة، وما اغنانا عن محاسبة أولي الأمر بدعوى، ــ نسال الله الستر ــ، ما يسميه الغرب: بالشــفافية ، فــأخ و تـف، على كل ما يكشف و يصف، و يظهر العورات، و يفسد الصلاة، مع دعاوى أخر تطول، وكلها من جنس اللغو والفضول، فإنما يراجع أهل الخيانــة والإرتياب، و يحاسب بادي الرأي ومن جانبهم الصواب، أمّا و قد وفـــّق زعييم الإستقلال و محقق الآمـال، إلي ذروة الإبداع والصواب، و انتهت إليه الحكمة و فصل الخــطاب ،فـقد إستغنت سياسته الرشيدة عن التصحيح . إستغناء السلاءة عن التنقيح، و تيتانيك عن القلاع والريح. فالحمد لله الذي أعان فخامتـــه على إسكـات أبواق الفـتن ، و صحافة الرأي الممزق لوحدة الوطن . كما وفق زعيم أمّتنا، و حافظ ملّتنا ،الى توحيد الخطب المنبرية، فأوكل تحريرها إلى الأتقياء من ضباط وزارة الداخلية!، فكفى سيادته الأئــمة مشقّة البحث و التنقيب، بين صفحات الكتب، ومكابدة التعب النصب. فربّ ساع لقاعد، وآكل غير حامد ، فأحمدوا الله معشرالزملاء فقد كفيتم العناء، كما كفى فخامته المأمومين إختلاف مصادر تفسيرالكتاب والسنة فلله الحمد و المنّة . كل ذلك حسما للبلبلة و قطعا لدابر الصائدين في الماء العكر،أسكنهم الله نار سقر .


قال أسير بن مظلوم : وعند ما وصلت الى هذا الحد من الهراء خطبته، سكنت حركته، فظن الناس به الظنون، و أيقن بعضهم بحضور رسل المنون، فتدافع الشرط الى تبين حالته، فاغتنمت هرج الغوغاء، وقلت الفرج قد جاء، فأستدبرت قبلة الصلاة، ملتمسا النجاة، وما إن تقدمت خطوات، حتى منعت من المضي ، بعد أن أعلمني شرطي، أن الضابط الصفيق، قد أشاراليه ليقطع عني الطريق، فرجعت و في قلبي حريق : لأجد الشيخ يتلقى العلاج، وقد عوضه أخذ أعوان الحجاج الذي اندفع من حفظه يقول : كما وحد زعيمنا العتيد, هدف المظاهرات، لتكون مقصورة على مظاهرات التأييد، كماإستلهم من وحدانية خصيته،التي أغنيّة عن جهد سواها في إنجاب ذريّته، وإطفاء غلمته ، بما تعلمون من سنّـته ، في إقتناص الملذات، ومعاشرة الغانيات، ومن إستملح من بنات أمته ،الثيب منهن الأبكار، و كل ذات شوار (1) ، وهذا حقّ مشروع، لمن كابد في "هجرته الكبرى" (2) الخوف و الجوع ، و لمن أفنى شبابه في المنافي و السجون ، حتى ينعم شعبه، بما أنتم فيه تنعمون، زاد الله في مقدرة سيادته على الوقاع(3)، ومتّعه غاية الإمتاع، وأبقى خصيته ذخرا للوطن، وحفظ بسيادته البلاد من المحن! قلت لكم:إستلهم من إستغنائه بخصيته ،وفقنا الله لحسن طاعته، ضرورة إستغناء ذكور الجمهورية التونسية ،عن الخدمات الجنسيّة ، للزوجات الثلاث الأخريات الآتي أحلتهن لهم الشريعة السماوية ، فقرّر بورك في سيادته، و مدّ في حياة فخامته، مجتهدا في دين الإسلام، في رؤية معاصرة راعت تغيّر أحوال الأنام، غير مـتنكر في ذلك كله، وحاشاه لصريح آيات القرآ ن ، ولسنّة
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شوار المراة : فرجها.
(2) اطلقت تسمية الهجرة الكبري على هجرة بورقيبة الي مصر و ليبيا اثناء سعيه لنيل استقلال تونس الذي لم يتحقق منه غير الجلاء العسكري .
(3) الوقاع : الجماع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نبيّ عدنان ، قرر بورك فيه، وأهلك شانئيه، منــع تعدد الزوجات و حبس و تغريم من جمع بين أكثر من واحدة من المحصنات، إغلاقا منه لباب عظيم من الجورعن بناته التونسيات، زيادة على صيانة فخامته دين ذكور أمته من المهلكات، فـسبيل الإنصاف، يا أهيل العفاف، الإكتفاء بصاحبة ((و إن خفتم الاّ تعدلوا فواحدة )) صدق الله العظيم، و بلغ رسوله الكريم ، هذا بالإضافة الى حرص سيادته على حسن هيئة ذكور أمّته، قطعا لشماتة الأعدا في رعيّته، وإلاّ فأين يخفي وليّ أمرنا وجه حضرته ، إذا حشر غير العادلين من مـــتعددي الزوجات من أمته في هيأة المعوجّين المشوهين ... كما صح في حديث سيد المرسلين؟(1) و قد افضت في عرض الأدلة الشرعية للفتوى الرئاسية ((بلاغ فهل تغني النذر)) و من عارض كفر، وإستعجل سقر. لمعاندته صريح الأثر. فليستغفرالله من إستكثرعلى فخامته الإجتهاد في دين الإسلام، فلكل دهر رجاله العظام ،هذا مع ما في الإسراف في النكاح ، و العكوف على اتيان كلّ رســحاء و رداح (2) ، من هــدم للـــبنيان، و تعويق لتنمية الأوطان ، فالله لا يحب المسرفين، و في وليّ أمرنا أسوة للمتقين ، كما أن في تعدد الزوجات تمزيق للنسيج الإجتماعي بما يحدثه التعدد من خصومات، و يسببّه من شجارات من شانها تهديد الوشائج الأسرية، وتشويه نفسيّات الذريّة. فرحم الله إمرءا قمع الفضل من شهوته ، و لم يشرك بــزوجته ، و وحّد دواة ريــشته . و مدخل حوثرته(3)، كما شملت عناية فخامته، أعاننا الله على حسن عبادته، فئة العزاب والمتغربين عن زوجاتهم من الشيب والشباب .فأباح ـــ مأجورا في إجتهاده بإذن فاطر السماوات ــ نكاح المشتغلات في المواخيرالعامة من التونسيات. فمكان تلك البيوت معلوم ، لكل فحل محروم، ليزيل عنه التوتر و الإنفعال، حتى يتيسّر المركوب الحلال، فالضرورات تبيح المحظورات، والأمرإذا ضاق إتسع على أخي لشهوات، وقد تم اسعاد الشبقين من ذوي النفوس المحرومة، برعاية الحكومة، وترخيص من وزارة الداخلية و مراقبة دورية لوزارة الصحة العمومية . لقاء دنانير معدودة يدفع الجاهل أضعافها لعلاج الأمراض الجنسية، لو تورط الشقي في اتيان شهوته، و التماس متعته، عبر غير القنوات الحكومية!، فاعتبروا ايها الإخوان ،فمن ترك التمسك بحبل النظام تداعت عليه المصائب واحتوشته الآلام، فأستعيذوا بالله مما يصيب ذلك الشقي من الإيدز والسيفليس، إستعاذتكم من عدوّ الله إبليس، وليستعن كل فطن بصير، من قاصدي تلك المواخير، بقراب الذكرأي الكندوم ، والا فنفسه ســـيلوم، قبيل نيل الوطر، فذلك أدنى ألا يصاب بضرر. كما تنبّه فخامته بورك في فطنته إلى ضرورة إسباغ نعمته على غير ذاوت الأزواج من شبقات(4) بنات أمّته ،حتى تحصل تمام التسوية بين الجنسين، فأباح لهن التخلص من كل جنين، غير مرغوب فيه قـــد عـــلق مـن سفاح، و ليس عليها في ذلك جناح ، فما على الحامل غير التوجه الى المستشفيات العمومية ، مستفيدة من التسهيلات الرئاسية، دون خشية فضيحة عائلية أو تتبعات قضائية، دون أن تكلف نفسها حتى الإستظهار بالهوية أي بطاقة التعريف القومية، فالله أمر بالستر، امره بالصلاة و الذكر....


( يتبع)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اعني الحديث القائل بان من لم يعدل بين زوجاته فسيحشر يوم القيامة معوج الشق .
(2) الرسحاء المراة الممسوحة أو الصغيرة الردفين و الرداح بخلافها .
(3) حوثرة الرجل : ذكره
(4) رجل شبق و امرأة شبقة : لهما رغبة فائقة في طلب الجنس الاخر .






#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خاطرة
- النمل يرفض شراء بن حنبل بوزنه روث بقر !!!
- إمرأتنا ما قبل التسونامي السلفي
- في اسرائيل ينزع حاسوب الرئيس، و في بلادنا لا نستطيع نزع فرّو ...
- المتنبي وواحد ارمني ( على هامش الإنتخابات الأمريكية)
- حلم جحا يكرر نفسه
- لا لدين الملوك ( السنة) ولا لدين الكاهن (الشيعة)
- حدث ذات سكر ملكي


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حمادي بلخشين - المقامة البورقيبيّة1/2