أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يونتان بن افرات - شارون كان هناك















المزيد.....

شارون كان هناك


يونتان بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 148 - 2002 / 6 / 2 - 09:14
المحور: القضية الفلسطينية
    


مظاهرة ائتلاف السلام

 

شارون كان هناك

 

يونتان بن افرات

 

الخطيب الاخير في مظاهرة اليسار الاسرائيلي الكبيرة في تل ابيب، يوم السبت 11 ايار، كان د. يوسي بيلين. بعد ان قدمت المغنية الاسرائيلية يافة يركوني احدى اغاني الحروب الشهيرة، وبعد ان اطلق نجم التلفزيون دودو توباز دعوته الرنانة للخروج من "المناطق" ليس حبا في العرب بل "من اجل انفسنا"، جاء دور د. بيلين الذي حدد الاستراتيجية التي يمكن ان توحدنا جميعا، أي المتظاهرين ال80 الف، اليهود.

لا احد من المتحدثين في المظاهرة وجه كلمته للمواطنين العرب القليلون الذين تواجدوا في الميدان. ولم يكن ذلك سهوا او عن سوء فهم، بل انعكس هذا التوجه في تغيير شعار المظاهرة من "الخروج من المناطق والعودة الى انفسنا"، الى شعار "الخروج من المناطق من اجل العودة الى اسرائيل". فاذا كان الشعار الاول مبهما ويفسح مكانا للاحزاب العربية ايضا للمشاركة دون حياء، فان الشعار الثاني يعتبر تحركا الى اليمين.

استهل بيلين خطابه بعبارة تهكمية موجهة لرئيس الحكومة، اريئل شارون: "يقولون انه رجل سلام. اذا كان كذلك فابحثوا عنه في صفوف المتظاهرين علكم تجدونه معنا هنا اليوم". الجواب كان في اليوم التالي، 12 ايار، عندما حضر شارون الجلسة العاصفة في مركز الليكود ودافع بشدة عن الدولة الفلسطينية التي اقترحها بيلين للشعب الفلسطيني. مرة اخرى تبين، خلافا لما تعتقده السلطة الفلسطينية، ان شارون ليس قريبا من شمعون بيرس فحسب بل من بيلين ايضا.

 

شارون واليسار رؤية مشتركة

نظرة الى الوراء تجعلنا نذكّر ان ائتلاف السلام الذي يقوده يوسي ويوسي (بيلين وسريد) قد استبق بعدة اشهر الائتلاف القائم بين شارون وشمعون. قبل وقت طويل من قرار شارون محاصرة عرفات في المقاطعة برام الله والاعلان انه لم يعد ذا شأن، كان ائتلاف يوسي ويوسي قد ادرك ان اليسار الاسرائيلي لم يعد يحتمل السلطة الفلسطينية ورئيسها. وقد بدأ "اليساريان" البحث عن بديل يكون مقبولا على جمهور منتخبيهم في اليسار الصهيوني.

دعوة سري نسيبة، المسؤول عن ملف القدس في منظمة التحرير، لمظاهرة مماثلة لليسار في 16 شباط (فبراير)، كانت مؤشرا لمساعي هذا الائتلاف لايجاد قيادة بديلة معتدلة ومؤيدة للغرب في الجانب الفلسطيني. قيادة من هذا القبيل، هكذا اعتقدوا، ستستجيب لمتطلبات "المعسكر العقلاني" في اسرائيل، المعسكر الذي يرى نفسه في مركز الساحة السياسية الاسرائيلية، والذي يريد الابقاء على حكومة الوحدة الوطنية، ولا يهتم بحاجات الشعب الفلسطيني.

فقط بعد فشل اتفاق اوسلو وارتفاع عدد العمليات الانتحارية، وبعد ان تبين ان بيلين وسريد لم ينجحا بالعثور على شخصيات معتدلة ذات نفوذ في السلطة الفلسطينية، قرر شارون تنفيذ عملية "السور الواقي". وكان هدف شارون كما يبدو ايجاد القيادة البديلة وإن لم يستطع فاختراعها بقوة الدبابات والجرافات. اليوم، بعد الحرب، ومن وراء الانقاض بدأت اصوات الشخصيات المعتدلة ترتفع في الجانب الفلسطيني، ملبيةً نداء الاصلاحات الامريكية الاسرائيلية التي تشكل خطوة اساسية في تطبيق الرؤية الاستراتيجية الجديدة.

وفيما يبدو، فان هذه الاصوات تروق لشارون ولسريد في آن معاً. القيادة الجديدة التي من المقرر ان تبدل عرفات او تحوله الى شخصية رمزية عديمة الصلاحيات، لا تلائم مخططات شارون فحسب، بل تنسجم مع افكار اليسار الاسرائيلي ايضا.

سكوت بيلين وسريد خلال الحرب التي شنها شارون على الضفة الغربية، واستجابة الاغلبية في اسرائيل لاوامر التجنيد الطارئة، اشارتان الى ان الخلاف بين الائتلاف الحكومي وبين ائتلاف اليسار المعارض ليس خلافا مبدئيا بل شكليا. صحيفة هآرتس نشرت في 6 ايار استطلاعا للرأي بيّن ان 60% من مصوتي ميرتس يعتقدون ان قرار الحكومة اعلان الحرب الاخيرة، كان صائبا. شارون، كبيلين وسريد، لا يريد العودة للاحتلال المباشر لمخيمات اللاجئين في غزة والضفة الغربية. بل اصبح يدرك، مثلما تدرك قيادات اليسار الاسرائيلي، ان العودة الى عصر الاحتلال المباشر لن ينفع اسرائيل سياسيا واقتصاديا.

الشعار الذي اختاره ائتلاف السلام "الخروج من المناطق من اجل اسرائيل" قريب في الحقيقة من سياسة حكومة الوحدة. الحكومة تنوي الخروج من المناطق أ في الضفة واخضاعها للوصاية الدولية، وحتى ذلك الحين ستواصل اسرائيل اصطياد المطلوبين في كل مكان. كل ما يريده شارون من انصار اليسار الصهيوني الذي يرفض بشدة المشاركة في تمويل الاحتلال والاستيطان بعد 35 عاما منه، هو التحلي بمزيد من الصبر حتى يتم له "القضاء نهائيا على الارهاب"، ويتمكن من تنظيم سلطة فلسطينية جديدة تتلاءم مع متطلبات الامن الاسرائيلية.

يمكن القول ان مظاهرة ائتلاف السلام التي جاءت اياما قليلة بعد انتهاء العدوان الاسرائيلي في الضفة الغربية، استهدفت عمليا دعم الرؤية السياسية التي يسعى شارون وائتلافه لفرضها على الفلسطينيين. واذا كانت هذه المظاهرة تذكر بشيء، فانما تذكر بالمظاهرة الاولى لحركة "سلام الآن" التي تأسست اواخر السبعينات لاعطاء الدعم السياسي لمناحيم بيغين في المضي قدما في اتفاق السلام مع مصر. ولم يعد سرا ان شارون الذي خسر المعركة داخل مركز الليكود، قد كسب دعما وتأييدا اكبر في حزب العمل واليسار والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة نفسها وهناك تنسيق في الجهود من اجل فرض رؤيته السياسية على الفلسطينيين.

وفي الواقع فالمسافة بين "الافق السياسي" لكلا المعسكرين ليس كبيرا. لا احد يتحدث اليوم عن الانسحاب الى حدود 1967، وحتى حدود التقسيم التي رسمها كلينتون (ما هو يهودي لليهود وما هو عربي للعرب) تقادم عليها الزمان. تفكيك المستوطنات لم تعد مطروحة على جدول العمل. اما الصيغة التي تلائم الوضع الحالي فهي وثيقة بيرس-ابو علاء. وقد حظيت هذه الوثيقة بدعم واسع جدا في اسرائيل، وأيدها نواب كنيست من العرب والليكود على حد سواء.

الوثيقة مناسبة جدا لرؤية شارون، فهي لا تذكر بكلمة مسألة اللاجئين ولا الاسرى السياسيين ولا المستوطنات. بموجب هذه الوثيقة سيتم الاعلان عن الدولة الفلسطينية على الارض التي يسيطر عليها الفلسطينيين في الضفة (42% من الارض) في المرحلة الاولى. اما ترتيبات المرحلة الثانية فستكون مرهونة باتفاق طويل الامد على ترتيبات مؤقتة وسيتم تأجيل الاتفاق النهائي الى اجل غير مسمى. واذا كان اليسار قد طلب من بيرس الخروج من حكومة فليس ذلك لانه يرفض الخطة، بل لانه غير مقتنع ان شارون يمكن ان يقبلها ابدا. محاولة الالتفاف على الاتفاق النهائي وتبديله بتسوية انتقالية طويلة المدى، اصبحا القاسم المشترك بين شارون وبيرس.

تدويل النزاع الذي تحدث عنه سريد قبل الحرب لا يختلف عن فكرة المؤتمر الدولي التي يتحدث عنها شارون اليوم. اوساط اليسار الداعية الى ادخال القوات الدولية للمناطق الفلسطينية هي اليوم الطرف الذي يسعى لفرض التسوية على الطرفين، والسماح للمجتمع الدولي بتقرير مصير الشعب الفلسطيني بموافقة اسرائيلية. ليس هناك اليوم في الساحة الدولية اي عنصر ذو ثقل يدعو بشكل جدي الى اقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية دون ان يشترط ان تمر السلطة الفلسطينية اولا بسلسلة من الاصلاحات. المطلب الدولي من اسرائيل اليوم يتلخص في سحب القوات العسكرية الاسرائيلية الى المواقع التي كانت تتمركز فيها قبل الانتفاضة، بمعنى الخروج من مناطق "أ" فقط وليس الخروج من كافة المناطق المحتلة عام 1967.

 

لا مكان للعرب هناك

منظمو المظاهرة اليسارية لم يوجهوا خطابهم للشعب الفلسطيني او للعرب في اسرائيل. هؤلاء ليسوا ضمن حسابات اليسار الصهيوني. اليسار الاسرائيلي يتوجه بالاساس الى جمهور مرتادي المقاهي في تل ابيب والمجتمع الدولي والقيادات العربية، لاثبات وجود صوت عقلاني في اسرائيل مستعد لابرام صفقة جديدة. اسرائيل ستعود، حسب التصور اليساري الاسرائيلي، الى نفسها، وسيكون على الفلسطينيين والعرب ان "يكسروا رؤوسهم" في التفكير بما يمكن عمله فيما تبقى من المناطق المدمرة، وذلك بموجب المبادرة السعودية وبما يتناسب مع المصلحة الامريكية والاسرائيلية.

رغم كل ذلك، يتبين ان ممثل الجماهير العربية، رئيس لجنة المتابعة العربية شوقي خطيب، اراد هو ايضا "العودة الى اسرائيل". الخطاب الذي القاه من على منبر المظاهرة لم يحمل جديدا. دور خطيب كان تقديم صورة العربي المعتدل العقلاني. رغم كونه ممثل الجماهير العربية في المظاهرة وافق خطيب على الوقوف تحت الشعارات العنصرية التي تنادي الى ضمان مصلحة شعب واحد، دون الاكتراث بمصير الشعب الآخر. تحت الشعار المذكور لا مكان للجماهير العربية، فهي لا ينبغي ان تعود الى اسرائيل، انها ليست مواطنة بنفس الدرجة.

احداث اكتوبر 2000 التي انتهت بقتل 13 شابا عربيا برصاص الشرطة، اثبتت ان المصلحة المشتركة بين اليسار الصهيوني والجماهير العربية لم تكن سوى سراب وكذب. طرف واحد فقط استفاد من اتفاقات اوسلو ومن احتفالات السلام والتعايش. الجانب الثاني، الفلسطيني، كان عليهم ان يسددوا فواتير هذا الحفل بدمائهم.

مواطنو الدولة العرب فقدوا الامل بالحصول على المساواة في الدولة اليهودية او بامكانية السلام معها. لذلك غاب هذا الجمهور عن المظاهرة في تل ابيب. اغاني يافة يركوني لا تعني للمواطنين العرب  شيئا. القوى السياسية التي دعت للمظاهرة ونظمتها، تطالب بتحويل اسرائيل الى دولة غربية صغيرة ومتطورة في قلب شرق اوسط جائع.

الشعب الفلسطيني لن يستطيع العودة الى نفسه طالما ان بقايا السلطة الفلسطينية ويوسي بيلين وشارون والولايات المتحدة، يتحكمون بمصيره، معا مع ولي العهد السعودي والملك الاردني ومبارك. بعد مقاطعة الجماهير العربية لانتخابات رئاسة الحكومة الاخيرة (شباط 2001)، تفتش القيادة العربية عن طريق لاعادة بناء الجسور للائتلاف مجددا مع حزب العمل. حزب العمل من جانبه ينتظر ان يلقي له احدا قشة الغريق، مثلا المبادرة السعودية او خطة الفصل الوهمية، لاعادة الاعتبار لنفسه، وكل ذلك حتى يتمكن من ضمان عودة الاسرائيليين للجلوس بامان في مقاهي تل ابيب. وهناك كما هو معروف لا مكان للعرب.

  june 2002  -الصبار 153



#يونتان_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولة عظمى تبحث عن حرب


المزيد.....




- قرار الجنائية الدولية.. كيف يمكن لواشنطن مساعدة إسرائيل
- زيلينسكي يقرّر سحب الأوسمة الوطنية من داعمي روسيا ويكشف تفاص ...
- إسبانيا: السيارات المكدسة في شوارع فالنسيا تهدد التعافي بعد ...
- تقارير: طالبان تسحب سفيرها وقنصلها العام من ألمانيا
- لبنانيون يفضلون العودة من سوريا رغم المخاطر - ما السبب؟
- الدوري الألماني: ثلاثية كين تهدي بايرن الفوز على أوغسبورغ
- لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى سكني وتدميره في الضاحية ال ...
- سلسلة غارات جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت (فيديو)
- مصدر مقرب من نبيه بري لـRT: هوكشتاين نقل أجواء إيجابية حول م ...
- فريق ترامب الانتقالي: تعليق القضية المرفوعة ضد الرئيس المنتخ ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يونتان بن افرات - شارون كان هناك