المهرجانات الثقافية بالمغرب مرتبطة بالتجارة أو بالسياسة-حوار

أحمد الخنبوبي

الحوار المتمدن-العدد: 2476 - 2008 / 11 / 25 - 09:25
المحور: مقابلات و حوارات
    

1/ عرفت جهة سوس ماسة درعة في الآونة الأخيرة ،ظهور مهرجانات ،فكيف تقيمون هده الحركية؟

بالفعل في الآونة الأخيرة شهد المغرب عموما و منطقة سوس بصورة خاصة تناسل عدد كبير من المهرجانات الفنية ،و التي يطغى عليها في الغالب الجانب الموسيقي ،هذه المهرجانات تكون في الغالب من تنظيم جمعيات المجتمع المدني بتنسيق مع المجالس المنتخبة و بدعم من المستشهرين.في حقيقة الأمر و بصفة عامة لا يمكن اٍلا التنويه بأي مبادرة ثقافية أو فنية لأن تقدم الشعوب و تحضرها لا يمكن أن يقاس إلا بمستواها الثقافي و اهتمامها بمختلف الفنون و الإبداعات.إلا أن تقييم المهرجانات الفنية التي شهدتها جهة سوس ،يحتاج إلى بعض المؤاخذات حيث أن بعض المهرجانات نظمت من طرف أشخاص لا علاقة لهم بالثقافة و الفن مما انعكس سلبا على المضمون الفني و الثقافي لها ،ثم هناك مهرجانات أقيمت دون تحديد أهداف مسبقة لها و ذلك ما يظهر من شعاراتها التي لا تحمل أي معنى،و هناك مهرجانات أخرى لم تولي الجانب الثقافي و الفكري أي اهتمام و اقتصرت على جانب الإثارة الإعلامية فقط لجلب الجمهور،و هناك أيضا ظاهرة التكرار إذ لم تستطيع المهرجانات خلق خصوصيات لها تميزها عن باقي المهرجانات،و في الأخير هناك بعض المهرجانات التي كانت لها أهداف صورية ظاهرة و أهداف حقيقية خفية من أهداف تجارية أو سياسية.

2/ انطلاقا من كونكم ذو دراية بالقانون و الاقتصاد ،تتجه الجهات المنظمة إلى تأسيس جمعيات محتضنة لمهرجانات عوض المؤسسات و الشركات ،ما هو التفسير القانوني لذلك؟

انطلاقا من الظهير الشريف رقم 1.58.376 المنظم لحق تأسيس الجمعيات فاٍن الجمعية هي تعاون مستمر بين شخصين لاستخدام معلوماتهم أو نشاطاتهم لغاية غير توزيع الأرباح بينهم.و انطلاقا من مدونة التجارة الصادرة في فاتح غشت 1996 ،و بناءا على اجتهادات الفقهاء القانونيين التي تؤكد أن الاعتياد على شراء و اكتراء المنتجات الفنية من أجل إعادة بيعها يعتبر عملا تجاريا إذا ما تم بقصد تحقيق الربح ،من هنا فاٍن ما تقوم به الجمعيات من تنظيم هده المهرجانات يعد سليما من الناحية القانونية ما لم يتوخى تحقيق أرباح.إلا أنه في نظري تأسيس هذه الجمعيات يعتبر حيلا قانونية من طرف المنظمين خصوصا أولئك الذين يتوخون الربح من التنظيم ،أو أولئك الذين ينظمون المهرجانات وفق عقود استشهارية تصل إلى ملايين الدراهم. ففي الحقيقة يلزم و ضع تشريعات خاصة بتنظيم المهرجانات من أجل تقنين التنظيم ،ومن أجل و ضع المبالغ المصروفة في هذه المهرجانات تحت مراقبة القواعد المحاسبتية و عرضها على الأجهزة الإدارية المختصة.

3/هذه المهرجانات تدعم من طرف مؤسسات منتخبة ،هل يمكن الحديث عن استغلال انتخابي لهده المهرجانات، و كيف دلك؟

لا يمكن تعميم ذلك فهناك بعض المؤسسات المنتخبة تساهم في تنظيم المهرجانات دون خلفيات سياسية ،إلا أن ما يؤاخذ عليها أنها تدعم المهرجانات بالاعتماد على المحسوبية و الزبونية ،فمثلا مجلس جهة سوس ماسة درعة يتوصل بملفات متكاملة حول بعض المهرجانات من طرف الجمعيات التي تشتغل في الحقلين الثقافي و الفني، إلا أنه لا يدعم إلا فئة قليلة دون الاعتماد على معايير محددة .و هناك بطبيعة الحال بعض المؤسسات و المجالس المنتخبة تنظم و تدعم بعض المهرجانات وفق أجندة سياسية محددة ،و هو ما يمكن ملاحظته من توقيت تنظيم التظاهرات و الذي يكون مع اقتراب الانتخابات ،أو أن المهرجانات لا تعرف الاستمرارية حيث تقتصر على نسخة واحدة سابقة للانتخابات. كما يمكن أن نلاحظ أن أغلب المهرجانات المنظمة تكون إدارتها من طرف رؤساء جماعات أو برلمانيين إذ قلما نجد إداراتها تعهد إلى مثقفين و فنانين وجمعويين و هو ما يؤكد بالملموس الاستغلال السياسي لها.

4/ إذا قمنا بجرد لوضعية سوس ماسة درعة من مؤشرات التنمية ،و الحاجيات إلى بنيات تحتية ومقارنة ذلك مع الأغلفة المالية الخيالية للمهرجانات ،هل هناك تناقض حاد و تبذير للمال العام .ماذا تقول؟

هنا لا يمكن أن نقول بأن تدني مؤشرات التنمية بالجهة و ضعف البنيات التحتية بها يعد سببا لإلغاء المهرجانات و التظاهرات الفنية و الثقافية بالجهة،إلا أنه يجب أن تخصص لها ميزانيات في حدود المعقول فلا يعقل أن تكون الجهة في حاجة ماسة إلى أبسط البنيات التحتية الاقتصادية و الاجتماعية من طرق و مدارس و مستشفيات و ماء شروب وفي نفس الوقت تخصص ملايين الدراهم لتنظيم مهرجانات، ففي هذه الحالة يحق لنا أن نتحدث عن تبذير للمال العام .فنجاح المهرجان يجب ألا ينظر له من حيث ضخامة الميزانية بل النجاح يجب أن يربط بمضمون المهرجان و مدى تحقيق الأهداف المسطرة له.

#أحمد_الخنبوبي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات