|
تحديات المرشحين والناخبين في الانتخابات العراقية
علي الطالقاني
الحوار المتمدن-العدد: 2476 - 2008 / 11 / 25 - 09:24
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
لا شك أن موضوع الانتخابات بشكل عام أمر مهم وأن انتخابات مجالس المحافظات أمر بالغ الأهمية، فقد كانت الانتخابات الماضية حدثاً مهماً، وأفتخر كل من شارك وحمل عنوان الانتصار. وهو انتصار للحرية التي مرت بمراحل مُثقَلة بالهزيمة ومنها حقبة حكم حزب البعث في العراق. حيث يستذكر التاريخ معاناة الملايين من العراقيين الذين تم قتلهم وتهجيرهم وسلبهم الحقوق، والواقع يستذكر معاناة كبار العلماء والمثقفين ممن انتُهكت حُرمتهم. إلى أن وصل العراقيون إلى الفرصة التاريخية للحصول على الحرية والديمقراطية من خلال خوض الانتخابات، وهذه الفرصة تُعتَبر الأهم للشعب العراقي الذي يُكلل عملية الديمقراطية سمعة طيبة، كي يتخلص من تبعات الحقب الماضية، كما لا يمكن للكثيرين ممن يتربعون على موقع القرار أن يستحقوا حكم المرحلة المقبلة. فالكثير من العراقيين ينتظرون الانتخابات لا لانتخاب قائمة بعينها، ولكن للتخلص من أيّة ادارة فاسدة. هذا لا يقلل، بأي شكل من الأشكال، من حجم الإنجاز الذي حققه الناخبون والمرشحون الذين رشحوا وانتخبوا على أساس المعرفة، ولكن أشارة إلى الخلل في نظام الدولة، الذي عجز عن تلبية حاجات العراقيين. فالعراقيون ما زالوا يعانون الأوضاع المزرية. وإذا كانت الانتخابات المحلية المقبلة، تُسهم بدخول نُخب سياسية قادرة على إدارة البلد؛ حينها تكون انتقالة تاريخية للشعب العراقي، فإن هذا الشعب ما زال يأمل أن يتمكن النظام العراقي من التخلص من أمراضه، كالفساد والظلم والعنف، ولكي يبصر هذا النظام الأمور على حقيقتها، وألا يقوم بسبب هذا الفساد بدعم كل ما قامت به أنظمة الجَور، من تهجير وقتل ومصادرة الحقوق، وبذلك سيسهم النظام الحالي في دفع المعاناة عن العراقيين. التي أوقعها بهم كل من لا يفكر بالعراقيين. إن التحدي الكبير الذي يواجه النخب المقبلة للانتخابات، في سياستها الداخلية للبلاد، هو أن يُصدِّق الشعب العراقي الحديث الذي سيدلي به المرشحون الذين تحدثوا مسبقا وسيتحدث به اللاحقون والذين قالوا "سنحقق للعراق ما لم يحققه أحدٌ قبلَنا". التحدي الكبير أمام المرشحين هو أن يراهم الناس ويسمعون أصواتهم لا عن طريق الشعارات والصور والأخبار التي لا تغني من الحق شيئا. والتحدي الكبير الذي سيواجه المرشحين، هو مطالبة الجماهير بأن تكون السياسة المتبعة مستندة فعلا إلى الحكمة والعقل. إذا كان هذا هو منطلق المرشحين، فيجب ألا يكرروا الخطأ الذي وقع فيه نظراؤهم من قبل، من دون أن يقفوا على الحواجز التي تمزق الحياة في المحافظات العراقية من فقر وعوز مدقع. يجب ألا ينسوا معاناة المواطن الذي يكتنف بيوتا من حاويات الزيت المعبئة بالطين وأن لا ينسوا دمعة كل يتيم، فآهٍ عليك يا أمير المؤمنين علي عليك السلام عندما قلت (لم أتأوه كما تأوهت لليتيم) كذلك أن لا يجهل كلٌّ من الناخِب والمنتخَب أهمية الثقافة وما لها من دور في صقل شخصية الإنسان. وعلى المرشحين أن ينصتوا الى صوت الشعب الذي سيوصلهم إلى مناصبهم، لأن هذه الأصوات هي أصوات الحق لا تلك التي يطلقها المستشارون على المشيرين. لو تمكنت محافظاتنا أن تدلي بأصواتها للنخب الحقيقية والتي تمتلك ضمير الإنسانية، سيقال حينها أن هذا الشعب يتوق إلى الحرية والكرامة، بعد أن عملت يد الإرهاب من قتل وتهجير أبناء الشعب العراقي وزج الأطفال و الشباب والنساء في السجون الأميركية، فضلا عن ترميل النساء وتيتيم الآلاف من الأطفال، وارتكبت قوى الإرهاب جرائم لم يشهد لها التاريخ نظيرا من قبل. أسئلة تبحث عن إجابة ما هو السبيل حتى تتمكن القوى التي تمتلك ضمير الإنسانية أن تغير مصير الملايين من العراقيين؟ ماهو السبيل كي لا تُتَّبع السياسات الماضية؟ وما هو السبيل الى عدم تمكين القتلة مرة أخرى في العراق؛ حتى لا تنتهك حرمة المظلومين وحتى لا تدمر آمالهم في الحرية والكرامة؟ يكمن الحل في اختيار كل من يمتلك صفة العدالة والكفاءة بأن يكون مستشارا أو موظفا، و الذين يشار لهم بالبنان والذين يَخشَون الله ويحترمون مشاعر الناس، وليس كالذين جلسوا في بروج محصنة خارج أسوار الوطن الذين لا يحسون بآلام العراقيين ولا يعملون على نجدتهم وإسعافهم. التحدي الذي يواجهه المرشحون في المرحلة المقبلة من مجالس الانتخابات المحلية، هو الستراتيجية التي سيُكتب لها النجاح، أو سيُكتب للناخبين خيبة الأمل إذا ما فشلت هذه الستراتيجية. المهم في هذه الانتخابات ليس الفوز فقط ولكن الأهم، هو ماذا سيفعل المرشحون بعد فوزهم بمهام ومسؤوليات جسيمة ؟ وما هي النتائج التي يعملون على تحقيقها؟ أسئلة كبيرة نأمل أن تكون أجوبتها نابعة من الشعور بالمسؤولية، لكل العراقيين الذين ينتظرون تحقيق أحلامهم، والذين وعُدوا بها من قبل بأنها سوف تتحقق.
#علي_الطالقاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤتمرات الحوار والتعايش.. مفاهيم عامة
-
التحولات الإقليمية والدولية لحل الصراع العراقي
-
متى سيخرج العراقيون عن صمتهم
-
الحرب النووية وأن كانت محدودة ستؤدي إلى كارثة كونية
-
التيار الصدري والحكومة العراقية ندان هل يجتمعان
-
التحسن الأمني لم يعد أولوية في أجندة الإنسحاب الأمريكي من ال
...
-
مخاطر التفكك الطائفي في العراق
-
الإساءة للإسلام في عصر -حوار الحضارات-
-
هجرة الكفاءات ظاهرة عالمية
-
العراق بعيون غربية: عجز في الردع ومسار جديد
-
أطفالنا ومخاطر الإعلام
-
المصالحة الوطنية العراقية.. نجاح مرتقب
-
العراق بعيون غربية ( 7 تشرين الثاني 2007)
-
أرقام من العرب والعالم (4)
-
الازمة التركية: اختبار جديد للسياسة العراقية
-
ارقام حول العرب والعالم (2)
-
ارقام من العرب والعالم
-
مشاهد درامية وكوميدية من العراق
-
الاختطاف سمة من سمات الجاهلية الجديدة
-
الطغات يرحلون والشعب باق
المزيد.....
-
رجل يُترك ملطخًا بالدماء بعد اعتقاله بعنف.. شاهد ما اقترفه و
...
-
وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده و
...
-
مايوت: ارتفاع حصيلة ضحايا الإعصار شيدو إلى 39 شخصا وعمليات ا
...
-
2024.. عام دام على الصحافيين وعام التحديات الإعلامية
-
رصد ظاهرة غريبة في السحب والعلماء يشرحون سبب حدوثها
-
-القمر الأسود- يظهر في السماء قريبا!
-
لافروف: منفتحون على الحوار مع واشنطن ولا نعول كثيرا على الإ
...
-
زيلينسكي يدين ضربات روسية -لاإنسانية- يوم عيد الميلاد
-
بالأرقام.. في تركيا 7 ملايين طفل يعانون من الفقر وأجيال كامل
...
-
استطلاع: قلق ومخاوف يطغى على مزاج الألمان قبيل العام الجديد
...
المزيد.....
|