أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - ظاهرة المتناقضات فى الشخصية المصرية














المزيد.....

ظاهرة المتناقضات فى الشخصية المصرية


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2473 - 2008 / 11 / 22 - 09:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


من أصعب الأزمات التى قد يمر بها المجتمع هو أن يعيش أفراده حياة متناقضة حيث تتضارب القيم والسلوكيات. لا اقصد هنا السلوكيات التى نتبناها فى الخفاء والتى قد لا يعلم عنها أحد بل اقصد السلوكيات التى نجهر بها ويعرفها الآخرون تمام المعرفة. تجدر الإشارة أن الخلل السلوكى هنا ناجم عن التضارب بين السلوك والقيم الدينية أو المجتمعية التى يجهلها البعض مما قد يفسر تلك التصرفات العدوانية التى يأتى بها البعض تجاه الآخرين ثم يتوقف هنيهة لأداء الصلاة ثم يستكمل مسلسل الاعتداء غير عابئ بما تقوله الديانات السماوية فى هذا الشأن. وفى ظنى فإن هذا التناقض الذى نلحظه فى سلوكياتنا قد صار واقعا ملموسا نشهده فى الكثير من تفاصيل الحياة اليومية البسيطة.

الغريب أن موضوع هذا المقال جال فى خاطرى داخل أحد المساجد التى أودى فيها صلاة الجمعة. لقد دخلت ذات مرة المسجد قبل أن يعتلى الإمام المنبر حيث وجدت عددا قليلا من المصلين ثم سرعان ما بدأ الأهالى يتوافدون أفرادا وجماعات من سائر أرجاء البلدة وكل يتخذ مكانا له داخل المسجد ووجدتنى أمعن النظر فى رواد المسجد حيث يتقمص كل منهم شخصية مختلفة عن الحقيقة التى نعرفها. لقد قارنت ما أراه أمامى داخل المسجد من ورع وتقوى تنطق به الشفاه والأصابع التى تداعب حبات السبحة بالواقع الذى نعرفه عن كل منهم. ومن الأمثلة التى تؤكد هذا الطرح هو ذلك المصلى الذى تتراقص حبات السبحة بين أصابعه داخل المسجد، أما خارجه فهو قد لا يتردد فى مغافلتك ووضع حبات مخدرة فى كوب الشاى الذى تحتسيه على المقهى لتجد نفسك فاقدا للوعى وبجواره يجلس شخص آخر يظهر ما لا يبطن حيث يجيد اللعب على كل الحبال كأن يقول شيئا أمامك ويأتى بالنقيض خلف ظهرك. فجأة سقطت عيناى على رجل يجلس بجوار النافذة، يؤذى جيرانه نهارا جهارا. قد يعتقد مثل هؤلاء المارقين أن بوسعهم خداع المجتمع الذى يعلم عنهم الكثير من الحقائق ويجانب الصواب من يعتقد أنه طالما خدع العباد فإن بوسعه أيضا الضحك على رب العباد الذى يعرف خلجات النفس البشرية ومكنوناتها.

من الواضح أن حياتنا اليومية كلها باتت عبارة عن سلسلة من التناقضات التى تتخلل كل شىء بما فى ذلك الأمور البسيطة التى تتعلق بأسماء الشوارع والمؤسسات ومواقعها: على سبيل المثال فإن شارع جامعة الدول العربية لا يقع به مبنى جامعة الدول العربية ولا يؤدى إليه لسبب بسيط هو أن الشارع يقع فى حى المهندسين التابع للجيزة بينما مبنى جامعة الدول العربية يقع بالقرب من ميدان التحرير بمحافظة القاهرة. ومن المعروف أن كلية التربية الرياضية بالهرم لا تتبع محافظة الجيزة بل تتبع جامعة حلوان التى تقع فى محافظة حلوان. وهناك حالة مماثلة نجدها فى جامعة عين شمس حيث لا تقع كلية التربية بعين شمس فى منطقة عين شمس بل تقع فى منطقة العباسية. قد يصاب المرء بالدوار كلما ذهب إلى شارع فيصل حيث يتبين أن أول فيصل هو آخر فيصل وآخر فيصل هو أول فيصل. من المؤكد أن السبب فى هذا التخبط هو أن المواطنين يختلفون حول بداية هذا الشارع ونهايته حيث يعتقد البعض أن أرقام المبانى فى فيصل تبدأ فور دخولك الشارع قادما من طريق القاهرة-أسكندرية الصحراوى وتنتهى الأرقام بالقرب من كوبرى الملك فيصل. وهناك فريق آخر من المواطنين بما فى ذلك سائقو وركاب "الميكروباص" يعتقدون أن أول فيصل يبدأ فور نزولك من كوبرى فيصل قادما من الدقى أو الجيزة ونهايته بالقرب من الطريق الصحراوى. والغريب أن هذا عكس ما يحدث فى شارع الهرم حيث تبدأ الأرقام مباشرة بعد النفق وتنتهى فى آخر الهرم بالقرب من نادى الرماية.

وخلاصة القول فإن التناقضات التى نعيش فى ظلها ربما استطاعت أن تفصلنا وتعزلنا عن واقع الحياة وربما لعبت دورا فى ترسيخ روح الانعزالية فى نفوسنا لنرى الأشياء على غير حقيقتها ونفقد القدرة على تحديد المشكلات التى تعترى شئوننا مما يفسر تقاعسنا عن إيجاد الحلول لأزماتنا المتتالية التى نبحث لها عن "شماعات" نريح بها أدمغتنا وقلوبنا وضمائرنا. روز اليوسف، عدد 1021، 17 نوفمبر 2008م، ص9.





#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف من المدرسة إلى الشارع المصرى
- جامعة أسوان ... متى سترى النور؟ __1
- لايزال التحقيق مستمرا فى النوبة....
- سارة بالين: هل تصلح نائبة للرئيس الأمريكى؟
- مشاعر عامة الناس ومقتل سوزان تميم
- ملاحظات حول قانون المرور بعد تطبيقه
- الشركات المصرية الحديثة وحقوق المستهلك
- خطورة تعارض المصالح والاحتكار على مستقبل البلدان
- دروس اولمبياد بكين
- من ينقذنا من أخطاء الأطباء؟
- لا تصافحنى.. فإننى لا أصافح
- لا للمتاجرة بمطالب أهل النوبة
- هل فشلنا فى مواجهة الغش فى الامتحانات؟
- جرائم فى حق التعليم فى مصر
- هل يمكن أن تتحاور الثقافات المتباينة؟
- المحمول وسنينه
- هل سيرقص المسلمون إذا فاز حسين فى انتخابات الرئاسة الأمريكية ...
- ماذا نعرف عن التعليم فى إسرائيل؟
- حماس وحزب الله والأيادى الغريبة خلفهما
- قراءة فى قانون المرور الجديد: الايجابيات والسلبيات


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - ظاهرة المتناقضات فى الشخصية المصرية