أخذت كأسين من الشاي الساخن , وجلسنا في كافتيريا الجامعة .. سأبني لك بيتاً ومدينة وزورقاً وأقدّمها خاتماً مفروشا بحبات المطر لصديقتي التي أخذت تقرأ الإعلانات المعلّقة الملوّنة في الكافتيريا عن المواسم والقبب والنضال. قالت : هيا .. تكلّم .. حدّثني .. ماذا تريد مني؟
لم أكن حقّاً أعرف ماذا أريد من هذه السنبلة النقيّة .. إلاّ أنّ وجه صديقتي الدافئ كان يحاصرني فتنكسر رغبتي في الكلام وألوذ صامتاً.
ماذا تريد مني؟ عيني أقدّمها لك .
وبدأت أرتجف وشحب وجهي .. وتلعثمت .. دارت أفكاري ودارت الكافتيريا , ووجدت نفسي فجأة أشحب هامساً: أريد فقط أن أرى حلمة ثديك . ولم أصدّق نفسي لهذه الرغبة التي انفجرت بشكل وقح ومن دون مقدّمات.
قالت: وحياة عينيك ستراها.
وتساءلت مشدوها : كيف أنّ رجلا شرقياً وامرأة شرقيّة يختصران طريق الألف ميل عربي بخطوة واحدة.
وقلت : متى ؟
قالت : متى تشاء .
فكّرت جادا في أن أطلّق زوجتي التي لم أشاهدها إلاّ ليلة الدخلة ، زوجتي التي تنتمي إلى أسرة أمي التي صرّعتني بالحديث عن سلالتها العريقة حسبا ونسبا, والتي تعتقد جازمة أن الله لم يخلق نساء في المعمورة أكثر شرفاً وجمالا من نساء أسرتها . وكنت مستعداً لأن أضرب مدير الجامعة إكراماً لعينيها , وعميد الكلية المغرور المنتفخ كطبل أجوف، والذي رسّبنى أربع مرات متتالية في مادة الأدب الأجنبي المعاصر.
ما أجمل الفرص حين تكون البلابل وحيدة , وحصان صديقتي قميصا من مصابيح ذات نور شفاف.
انتهت