الجماعات الأهلية بين رابطة الدم والديموقراطية -- الجزء الرابع--

اسماعين يعقوبي

الحوار المتمدن-العدد: 2468 - 2008 / 11 / 17 - 08:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يمكن تقسيم المراحل التي مرت بها العلاقة بين الدولة/المخزن والمجتمع/القبائل إلى ثلاث مراحل أساسية:
المرحلة الثانية: وهي تؤرخ لفترة الاستعمار, وهي بدورها تنقسم إلى مرحلتين أساسيتين.
الأولى وهي الفترة الممتدة من بداية التوغل الاستعماري وتوقيع معاهدة الحماية 1912 إلى بداية التوغل الاستعماري في البوادي والقرى حوالي 1918 .
تميزت هذه الفترة بتركيز الاستعمار على الحواضر حيث عمدت إلى اعتماد هيكلة جديدة واد خال إصلاحات مست جميع مناحي الحياة وذلك خدمة للمشروع الاستعماري. في حين لم يتم بسط سيطرة المستعمر على أغلبية البوادي والقبائل مما جعلها تحافظ على كيانها واستقلالها خصوصا النائية منها.
أما الثانية, فقد تميزت بتمكن المستعمر من بسط نفوذه على جميع أنحاء البلاد رغم المقاومة الباسلة من طرف البوادي والقبائل.
لكن رغم الهزيمة العسكرية, بقيت القبائل محافظة على روح الجماعة مما عطل المشروع الاستعماري وأدى إلى انبعاث المقاومة المسلحة بين الفينة والأخرى كما سرع بروز المواجهة السياسية.
ولإضعاف النظام الجماعي القبلي دون إثارة ردة فعل عنيفة من طرف السكان, يتم تعيين شيوخ كممثلين للإدارة بعدما كانوا ينبثقون من التنظيم الخاص بالقبيلة, كما تم إحداث جماعات وبلديات تعمل تحت إشراف الباشا أو القائد بمساعدة السلطة الفرنسية.
كما لعب القواد دورا كبيرا خلال هذه الفترة, حيث تم تمتيعهم بصلاحيات كبيرة ووضعت إمكانيات عسكرية واقتصادية تحت تصرفهم وذلك قصد مكافأة القبائل المسالمة والمتعاونة وتأديب القبائل المتمردة وقتل أي روح استقلالية داخلها.
وتجدر الاشارة إلى ان هذه المرحلة عرفت انتقالا نوعيا لشيوخ بعض القبائل –والذين استماتوا في مرحلة اولى من المقاومة العسكرية للمحتل ثم عقدوا معاهدات الصلح بعد الحصثار والتجويع ونفاذ السلاح- الذين تحولوا من ممثلي السكان وقادتهم في الحرب والسلم إلى "اقطاعيين" ومستغلين لقبائلهم بعدما مكنهم المستعمر ومن أتى بعده من أراضي مهمة مقتطعة من ملكية القبائل والأشخاص مقابل خدمة المشروع الاستعماري وضمان السلم في مناطق تواجدهم بفعل علاقاتهم الخاصة والمدعمة اقتصاديا وسياسيا من طرف المستعمر.
وطوال هذه الفترة عرفت المؤسسات التقليدية على جميع الأصعدة نوعا من الاضطراب والخلل وذلك من خلال بروز مؤسسات جديدة حملها المستعمر معه. فبالنسبة للعائلة تقلص دورها بظهور المدرسة وروض الأطفال والمدارس الحرة ووسائل الإعلام فأصبحت وظيفتها استهلاكية أكثر منها إنتاجية، وانتقلت وظائفها إلى مؤسسات أخرى. وبخصوص التنظيمات الحرفية والدينية فلم يبق لها إلا وظائف مقلصة أو مزيفة. فيما القبيلة حافظت على هيكل مشوه افقدها نجاعتها وفاعليتها ودورها التشريعي والتنفيذي.
لقد تمكن المشروع الاستعماري من إعادة هيكلة المجتمع المغربي، وإرساء بنيات وهياكل جديدة وسلطة مركزية.وعرفت هذه المرحلة احتواء المجتمع المغربي من طرف المخزن حيث عمد المستعمر الى تفكيك المجتمع وتحطيم جل التنظيمات الممانعة والحفاظ على التنظيم المخزني بل وتقويته لخدمة المشروع الاستعماري عبر ربط الاقتصاد المغربي بالدواليب الرأسمالية وتهييئه لفترة ما بعد الاستعمار المباشر بعدما استطاعت أن تفرض سيطرتها على كافة مناطق المغرب.
يتبع

#اسماعين_يعقوبي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات