|
نحو انتخابات لمجالس المحافظات العراقية.. نزيهة- شفافة
جاسم العايف
الحوار المتمدن-العدد: 2466 - 2008 / 11 / 15 - 06:22
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
تحت ظل تحديات متواصلة واضحة في الحياة اليومية لأبناء الشعب العراقي تبدأ الاستعدادات لانتخابات مجالس المحافظات العراقية ، بعد مخاضات عسيرة ، وتواطئات واضحة واجهها القانون الانتخابي الخاص بهذه المجالس وفي مقدمتها إقصاء وتقليل فرص تمثيل مكونات أساسية عراقية لها عمقها الحضاري في العراق ولها تاريخها الطويل وثقافاتها الأصيلة في وادي الرافدين، مما الحق بها غبنا واضحا لا مجال للتنكر له من أي طرف كان، ومن المؤكد ان ذلك جاء بفعل هيمنة القوى الطائفية- القومية على قرارات مجلس النواب والفيتو الرئاسي الذي يقف بالمرصاد لأي صيغة لمسودة قانون يمكن ان يحقق لها حقوقا متكافئة وعادلة- ولنا في الفيتو الرئاسي على مسودة القانون السابق مثلا واضحا-. في ضوء التجربة الانتخابية السابقة، والتي شابها الكثير من القصور والتزوير والاصطفافات الطائفية- القومية حيث كانت نتائج تلك الانتخابات لصالح الأحزاب الطائفية من خلال الاستحواذ على أغلبية ، المقاعد في مجالس المحافظات وما ان بدأت ممارساتها العملية حتى دبت الخلافات بينها وهي خلافات في جوهرها خلافات على مصالح نفعية ولا شأن للمواطن ومصالحه في المحافظات بها او بحياته اليومية فيها و من المفروض بالعراقيين وعلى ضؤ تجربتهم المحبطة السابقة في الانتخابات المحلية والمرارة التي تذوقوها حد التخمة والندم عندما استجابوا لنداءات وتوجهات لا علاقة لها بالديمقراطية وحق التنافس الشريف واستغلال الدين والطائفة حصرا لانتخاب مَنْ لم يثبت قدرته في خدمتهم محولا خزائن العراقيين الى أموال خاصة به بصفتها ورثا من اسلافه وليس حقا عاما ولقد وضح تماما التمييز بين العراقيين في العمل اليومي المتدني المملؤ بالكثير من الطعون والبعيد عن النزاهة لمجالس المحافظات والتي لم تتعامل مع العراقيين على وفق حق المواطنة الذي لا نزاع عليه من أي كان بصفته حقا دستوريا كفله الدستور العراقي الذي عبر آلياته تمكنوا من الوصول لمراكزهم الحالية غير إنهم لووا عنق الدستور وغموضه مكرسين ومستأثرين بحق المواطنة لمكاسب حزبية فئوية مصلحيه تخصهم ومناصريهم وبات الهم الأساس لهم الكسب الحزبي الرخيص فقط من خلال احتكار فرص العمل في دوائر الدولة لحاشياتهم والمنتمين نفعيا لأحزابهم . من المفروض في هذه الانتخابات أن تتجلى عند المواطن العراقي في كل المحافظات تجربته المريرة الراهنة ومخلفات سنوات القهر الأربع السابقة ويتوجه عبر حرية الضمير الانتخابي في ضوء المصالح الاجتماعية بعيداً عن الاهتمام بالإكراه الطائفي- القومي وتكريس الالزامات من أي جهة جاءت والابتعاد عن الاستقطابات الطائفية التي رافقت الانتخابات السابقة, انسجاماً مع السلوك المتحضر الذي يجب أن يترافق والعملية الديمقراطية كقيم عامة- خاصة ويتجلى هذا في الممارسة اليومية لحق الدعاية الانتخابية والمنافسة الشريفة السلمية, وفي حق الوصول للناخبين أينما كانوا من اجل توضيح البرامج والرؤى الانتخابية,متجاوزين في ذلك تراثا حافلا بالمرارة والخذلان والإكراه للإنسان العراقي حينما يختلي، وضميره ومصالحه ومستقبله ومحافظته و بلده، أمام ورقته الانتخابية الخاصة به، وإذا كان الوضع الراهن المرافق لهذه الانتخابات يجري في ظل ظروف معقدة غير طبيعية هي الأخرى، في مقدمتها بقايا الماضي وما أفرزته الشمولية خلال ثلاثة عقود من قيم متردية انعكست في تدني الوعي الاجتماعي وانحطاطه حاليا وممارساته المتخلفة التي أفرزها حصار ظالم قاسٍ وعمد الاحتلال ليعمم تلك التركة الثقيلة وتجوهرها في تكريس الطائفية ودفعها بمخطط مدروس لتصبح أفقاً للحياة السياسية –الاجتماعية العراقية وقد انعكس ذلك في الاستقطابات والمحاصصات الطائفية –القومية في الانتخابات السابقة، ومع ازدياد الفساد الاداري والمالي وشراسة الإرهاب, وردود الأفعال العشوائية لذلك، فأن هذه الانتخابات ستجري في مرحلة حساسة حاسمة و دقيقة في حياة شعبنا ومستقبله في المحافظات العراقية لكونها الوسيلة الشرعية الوحيدة لتحديد الكيفية التي ستسير نحوها وجهة تطور البلاد في الحفاظ على الوحدة الوطنية والهوية الديمقراطية العراقية وفي السيادة الكاملة وإنهاء الازمات المرافقة للحياة اليومية العراقية الصعبة والشاقة حقاً، وفي مقدمتها الأمن وذلك من خلال لجم الإرهاب بكل انواعه واي رداء ارتداه خاصة ذلك القادم من الخارج لتصفية حسابات خاصة على الارض العراقية مع الادارة الامريكية لتحويل العراق منطقة نزاع لا شأن للشعب العراقي بها وهذا الارهاب وجد في بعض المرتزقة العراقيين اداة فاعلة للحصول على الامتيازات والتسلط والتحكم وبتسهيل موثق من بعض دول الجوار العراقي والتي يقع في مقدمة اهدافها الانية عدم استقرار التجربة العراقية او في الاقل فان ثمنها سيكون باهضا. أن توفير مستلزمات نجاح هذه الانتخابات يتوقف على الممارسات اليومية للقوى السياسية المشاركة فيها ومدى التزامها بقواعد الشرعية الديمقراطية وشرف المنافسة السلمية واحترام ممارسة الدعاية الانتخابية للآخر و إشكالها وملصقاتها الإعلامية في إطار القوانين المعلنة والتي يجب تطبيقها على الجميع دون استثناء وفي أي مكان من خارطة العراق, وان تقف الأجهزة الحكومية والتنفيذية على الحياد التام باعتبارها مؤسسات وطنية تخص وتخدم جميع العراقيين أولاً ولا تتصرف كأنها (مليشيات) لهذا الطرف أو ذاك خاصة لمن هو في سلطة المحافظات الآن، وتدخلها لصالحه دون غيره، نقول هذا مع معرفتنا بالكيفية التي تأسست بموجبها هذه الأجهزة والشروط التي خضع لها أفرادها وكذلك الوسائل التي تم انخراطهم في صفوفها ،ونأمل كذلك عدم استخدام النفوذ الديني والطائفي بالذات والمترافق مع المنهج الحكومي-السلطوي للتأثير على قناعات الناخب واحترام قناعاته التي سيصوت بموجبها, ويظل الأمل معقوداً على القوى المتنافسة في هذه الانتخابات في ان تقدم نموذجاً عراقيا راقياً مبنياً على التعامل السليم مع الآخر دون الاعتماد على التفرد والانفراد وضيق الأفق وتهميش وإقصاء الإطراف الوطنية الأخرى او توجيه الطعون والاتهامات لها وتحويل الانتخابات والنتائج التي ستترتب عليها الى (سوق للغنائم) لتقاسم المناصب لأربع سنوات قادمة, ولعل استخدام أخطر الأسلحة يتجلى في الاستغلال السياسي للدين وللرموز الدينية مع ان القانون قد حرمها ولكن ثمة من سيلتف عليها بهذا الشكل او ذلك لأستغلال المؤسسات والمراكز الدينية العامة المنتشرة بكثرة خاصة بعد سقوط النظام والقيام من خلال هذه الرموز و المؤسسات والمراكز بطرح البرامج السياسية- الدنيووية الفئوية الضيقة ، واستغلالها للدعاية الانتخابية ومداعبة الخيال الشعبي البسيط والساذج في محاولة اوهام استغلال الحرمانات التاريخية وتحويل هذه الاماكن المبجلة في الضمير الوطني العراقي الى (بازارات) للسياسة وألاعيبها ومخاتلاتها وتواطئاتها, ولعل احترام القواعد والشروط الديمقراطية المعلنة سيعزز ثقة الناس بالقوى السياسية وعدم الانفراط عنها مع إصابته باليأس حاليا من قدراتها على تلبية طموحاته في الاقل خلال هذه المرحلة استنادا لتجربته المريرة الواقعية اليومية منذ سقوط النظام ، ولربما سيحس الناخب العراقي بانه قادر على وفق أمكانياته التصويتيه الفردية المساهمة بالعملية السياسية الحالية وصياغة مستقبل البلاد، ويتطلب ذلك من المفوضية العليا للانتخابات أن تمارس دورها بمسؤولية كاملة ومعها مؤسسات الرأي العام المختصة بالمراقبة الحيادية في مراقبة سير العملية الدعائية والاستعدادات الانتخابية بموجب الضوابط المعلنة وفي الحدود المتاحة للشفافية وفي مقدمتها ضمان توفير الفرص المتكافئة بين الإطراف المتنافسة دون تمييز ومحاباة واعتماد معايير الكفاءة والحيادية في إدارة وظائف العملية الانتخابية والإشراف عليها بوضوح لا لبس فيه وإخضاع المتنافسين لمعايير العدالة دون تمييز، والإعلان عن تلك الخروقات والقوى التي تقوم بها عبر وسائل الأعلام للجمها من اجل عدم حرف العملية الانتخابية القادمة التي هي في صميم طموحات وآمال المواطن العراقي, واتخاذ مواقف حازمة في هذا الإطار, ويجب على المفوضية أن تراقب وسائل الأعلام الفضائي الخاص بالذات التي تعمد الى تسويق الطائفية وخطاباتها وبرامجها لتكريس وهم التمثيل الأحادي لطائفة واسعة من أبناء شعبنا معروفة بغناها الثقافي وتعدد مرجعياتها السياسية- الاجتماعية ومحاولة احتكار هويتها الحضارية المعروفة بتدينها الوجداني الفطري غير المسيس. إن اتخاذ كافة التدابير القانونية والإجرائية والفنية والتطبيقية من قبل مفوضية الانتخابات يقتضي الاستفادة من دروس الانتخابات السابقة والعمل على تجاوز كل ما من شأنه ان يلحق بالناخبين في المحافظات من معوقات في ممارسة حقهم في اختيار من يمثلهم ويدافع عن مصالحهم الاجتماعية وهويتهم الوطنية العراقية القادرة على تجاوز الحالة الاستثنائية بكل ما تنطوي عليه من مصاعب والآم وتضحيات يومية متواصلة, ويظل الأمل يرافقنا - وان كان بعيدا- في مرحلة قادمة عبر حكومات محلية وطنية تسفر عنها هذه الانتخابات تكون قوية متماسكة تُفعل إنهاء هذه المرحلة البائسة التي عاشها المواطن العرقي ولمس فيها التمييز ولاستفراد والنهب وتعمل على تفعيل الأجهزة التتنفيذية- الخدمية القادرة على خدمة المواطن العراقي على وفق مبدأ المواطنة أولاً واكتساح نهج المحصاصات والعزل الطائفي والاستقطاب القومي والنهب المنظم للثروات العراقية لإخراج العراقي من أزماته الكثيرة عبر دولة المؤسسات القانونية المعنية بالعدالة الاجتماعية واحترام سيادة القوانين وحقوق الإنسان. على المواطن العراقي في المحافظات ان يتذكر جيدا بأن من ادعى او سيدعي انه يتلقى دعم وتأييد بعض المرجعيات الدينية في الانتخابات ليس الا شعارات الغرض منها الاستحواذ على النفوذ فقط،حيث قد أعلنت جميع المرجعيات بأنها مصابة بالأحباط من عمل المجالس السابقة وانها لا تؤيد طرفا ضد آخر وبذا فأنها تترك الناس احرارا في خياراتهم الانتخابية لأنتخاب من يرونه أهلا لخدمتهم، ولقد وعت بعض الجهات الطائفية ذلك فعمدت للإتيان بمرشحين مستقلين لغرض التخفي خلفهم،مع دفقات كبيرة كثيرة من الاموال مجهولة المصادر، وعلى العراقيين ادراك هذه اللعبة التي باتت واضحة وحديث الناس في كل مكان.يبدو وفي ضؤ المعطيات الواقعية ان الخارطة الانتخابية في المحافظات العراقية خلال هذه الانتخابات لن تتبدل جوهريا، لأن المال والدين والسلطة و ضعف الوعي الاجتماعي وانحطاطه لا زالت هي اللاعب الاساس في الانتخابات المحلية القادمة، لكن بعض النتائج، وان بدت ضعيفة، ربما ستفتح افقا واملا وكوة لابأس بها مع ان ذلك لا يشكل كل الطموح
#جاسم_العايف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في كتاب-المرأة والجنس..بين الأساطير والأديان-
-
من اجل القاص والروائي -كاظم الأحمدي-..
-
-عربة النهار-للشاعر هاشم تايه.. سردية الشعر وإنتاج المعنى
-
زمني مع جريدة -الصباح-..!؟*
-
عزف منفرد من اجل المربد الخامس
-
عزف منفرد:-..على حكايتي في مجلس محافظة البصرة..!؟
-
حكايتي في مجلس محافظة البصرة ومع رئيسه بالذات..!؟
-
صور العراق في العام الخامس على سقوط النظام ألبعثي
-
الشاعر( احمد جاسم محمد) في قراءات شعرية بمقر اتحاد ادباء وكت
...
-
تلك المدينة..الفيصلية - 3- .. يوم الثيران
-
الخبير النفطي ،مدير شركة نفط الجنوب، -جبار اللعيبي- -:-النفط
...
-
((طريدون)) ترسو على ضفاف جمعة أدباء وكتاب البصرة الثقافية
-
الشاعر(محمد طالب محمد) الهروب من الموت الى الموت *
-
أوهام النخبة وصمت العامة
-
((جناحان من ذهب)) للقاص (احمد ابراهيم السعد)
-
-على جناح ليلكة-..الأشعار الأخيرة ل-أطوار بهجت-
-
(البار الامريكي ) مجموعة قصصية جديدة للقاص العراقي -وارد بدر
...
-
المتقاعدون وقانونهم الجديد
-
شاعر الظل الراحل يرثي شاعراً رحل قبله ومختارات من اشعاره
-
المسرح العربي والتأصيل
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
|