أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - طلال الشريف - المعضلة الحضارية العربية !!















المزيد.....

المعضلة الحضارية العربية !!


طلال الشريف

الحوار المتمدن-العدد: 2465 - 2008 / 11 / 14 - 07:27
المحور: القضية الفلسطينية
    


سيبقى العرب عامة، والفلسطينيون خاصة، يجربون، يتقدمون، يتراجعون، إلي أن تصل الحالة الإنسانية، والأخلاقية، والديمقراطية، إلي مستويات حقيقية، وراسخة، وقادرة علي إحداث التغيير نحو العدالة، والحرية، وخاصة، حرية العقل، وعندها، ستكون تجمعاتهم البشرية (دولهم)، أكثر قوة، وتماسك، وتأثير في التجربة الإنسانية، وعندها، يكون ليس الصراع مع إسرائيل فقط،، بل ومع كل منظومة الحياة العربية أفضل، وأقرب للحلول المشرفة، والحياة الكريمة، المستقرة، الهادئة والهانئة.

وقد بات من المؤكد، أن الإشكاليات الحقيقية داخل أي منظومة إنسانية، هي اقتصادية أولاً، و اجتماعية ثانياً، ومن ثم حضارية ، أو العكس حسب النظريات الاجتماعية، وعلم الجماعات.

وحيث أن عدالة التوزيع للموارد، وتساوي الفرص في الوصول إليها، في أي مجتمع حضاري، هي التي تشكل مفهوم أوسع لقيمة الإنسان، والجماعة، للقبول ، للتفاعل ، للتداخل، للاندماج، للتعايش، ومن ثم، التغلب علي كل ما يواجه البشر من تحديات، ومن هذه العدالة، وهذه المساواة، تنبثق حلول بديهية، تفرضها قوانين أكثر رقياً للإنسان وحركته.

و يكون الانجاز الحضاري دائماً، معتمداً علي قوة التماسك بين الجماعة، وعلي قاعدة تساوي الحقوق، والعدل بين الأفراد، والتي تؤدي إلي إنتاج قوة جماعية أكبر من السلاح، وأدوات القتل، والتدمير، الذي هو أداة سيئة لحسم الخلافات، والصراعات، بين الأفراد وكذلك بين الجماعات، فعندما يمكن حل صراع، وإنهاء إشكالية ما، بالعدل والمساواة، فإن ذلك يعزز من فرص الحوار، والتفاوض، بدل استخدام العنف، والقوة، لفض النزاع البيني الداخلي، وكذلك الخارجي، وهو أفضل للإنسان بكل تأكيد.

الفارق بيننا وبين الآخرين جميعاً، هو حضاري، والفجوة حضارية، والصراع حضاري . فقد قامت إسرائيل مثلاً علي أنصع قواعد التطور الإنساني حقيقية، من نظام، وعدالة، وقانون، وحرية للعقل، والتفكير، واحترام الفرد كقيمة، علي الأقل في داخل المجتمع الإسرائيلي، فكانت الصدمة العربية، وكانت الهزيمة، إذا أردنا تسميتها بذلك.

ومن قبل الصراع مع إسرائيل، كان الصراع مع الاستعمار أيضاً، خطوة من خطوات المفاجأة الحضارية في تلك الفجوة المستمرة من التخلف الحضاري، فما أن، وصلت منحنيات التحول نحو الرقي في الفكر، والنظام، والعدل الاجتماعي، والاقتصادي، المحركان للتطور الحضاري عند العرب، حتى، بدأت الدول العربية في الاستقلال.

وكلما تطورت المفاهيم، والقيم الإنسانية، نحو العدل الاجتماعي، والنظام، وسيادة القانون، عند جماعة من الناس، كلما وصلوا إلي أهدافهم أسرع، وكلما تراجعت مفاهيم أي جماعة لصالح الظلم الاجتماعي، والجهل، والتخلف، وتجميد العقول، أو إلغاء حريتها، كلما هجمت عليها فيروسات الاستغلال الخارجي من استعمار، أو استيطان، أو استغلال .

هكذا التاريخ يقول:
لم تهزم أمة تأخذ بأسباب، وناصية، النهوض الحضاري أبداً، ودائماً، لو أعاد المهزوم، والمأزوم، والمتراجع، حساباته، فسيجد أن الخلل، هو في ضعف تماسكه الجماعي الناتج أصلا من غياب، أو انتهاك حرية الفرد فيه، ونموه الإنساني، والأخلاقي.. ( أي في غياب القوة الجماعية المبنية علي صحة، وعدالة العلاقات البينية المجتمعية).

ومنذ العام 1948،علي الأقل، وحتى، قبل هذا التاريخ، يتأرجح العرب، والفلسطينيون، كل يوم في طريق جديد، يريدون به خلاصاً، فبعد انهيار الإمبراطورية العثمانية الإسلامية، جربوا القومية العربية من ناصرية وبعثية، وواكبتهم التجربة الشيوعية الأممية، والرأسمالية، وتوحشها بالعولمة، ومن ثم عادوا إلي " الإسلام هو الحل "، لإيجاد سبيل للنجاة، والتحرر، وسيظل الناس هنا يجرجرون إلي أفكار، ورؤى، تغريهم بالتجريب، لعل وعسى، أن يكون فيها حلول لمشاكلهم، وصراعاتهم، وقد يجربون، كل ما لا يخطر علي بال، من محاولات للخلاص، وسيبقي لكل تجربة يخوضونها مضاعفات، وايجابيات لن ترقي إلي الآن للخلاص، والنهوض.

وستتواصل تلك المحاولات، حتى يصل العرب إلي حالة فاعلة، تنهض بالعقل، وحريته، وينتج عنها نظام، وقوانين، كلها تضمن التخلص من الظلم البيني الإنساني الاجتماعي، عندها يصبح الإنسان طبيعي، غير متخلف عن سلم الإنسانية، وتصبح الفرص أقرب لتحقيق الأهداف بالعيش الكريم المؤثر في الحضارة الإنسانية، واستقرار حالتهم الاجتماعية، وعندها تصبح المعضلات المتضخمة في منظورنا الآن، قضايا سهلة الحل، و تسير نحو التفكك والحلول بسهولة ويسر.

وأحسب أن هذا الطريق، مازال طويلاً، لأن ما يفرز في الواقع المجتمعي العربي، مازال، بعيداً عن قيم إنسانية حقيقية، تشكل مصدر القوة في حسم الصراعات، والمعضلات، لأن المجتمعات العربية، مازالت، تعيد فرز الجمود، والتخلف، وباستمرارية محيرة، تتجدد معها عناصر الضعف، وعدم المساواة، وتكافؤ الفرص، فتؤدي إلي صنفرة الفهلوة، والنفاق بكل أنواعه، والكذب بكل فروعه، حتى الكذب علي الذات، وتكريس الظلم الاجتماعي للفرد، والجماعة، وتجديد القبلية، ومصادرة حرية العقل.

ولكن في هذا الطريق الطويل، تحدث بعض التراكمات الايجابية، التي تحتاج إلي وقت طويل جداً، لأنها لا تحدث الكثير من التغيير، ولا تحدث التراكم المطلوب للنهوض، بالإضافة إلي بعض الانتكاسات المجتمعية، والفكرية، والقيمية، التي تطيح بتلك التراكمات الصغيرة، التي لم تصل في لحظة تاريخية سابقة، علي الأقل في القرن الماضي، للانطلاق والنهوض.

أنا علي قناعة تامة، بأن الزمن المطلوب لهذه التجارب، وهذه الرؤى، التي جربت مرارا،ً جد طويل، ولا أدري، كيف سنحل قضايانا، واشكالياتنا الداخلية والخارجية، حتى نصبح متحررون، ونحمل قيم العدل، والمساواة، التي تعتبر قوة التغيير الحقيقية.

العالم العربي بحاله الآني، والسابق، لا يبشر بتلك الحالة المطلوبة، فمازالت قيم الحرية، والعدالة غائبة، وضعيفة ومحاربة، من داخلها، لعدم تفاعل، أو، فهم هذه القيم بالشكل المطلوب لانجازها، وصيانتها، فهناك دائماً، وسائل، وثقافات، حجرية، أو صخرية، تسحق كل تجربة تنمي العقل، وحريته، أو تحاول إنتاج العدالة، التي، تؤسس للنظام، والقانون، والمساواة.

فمازلنا نري الحسود يسود، والحقود يقود، واللص، والفاسد، والقاتل، والفهلوي، يأخذ طريقه إلي سدة الحكم، أو، مركز القوة، من أصغر خلية اجتماعية، ومروراً بالمؤسسة المدنية والاجتماعية، وانتهاءً بمؤسسة الحكم، دون تمحيص، وبالدعاية الكاذبة، والمفروضة علي عقول لا تميز، بل تقاد بالعاطفة، واستغلال ضعف الحال، والعوز الدائم، الناتج عن غياب عدالة التوزيع، والمساواة، وتدني الثقافة، والتلويح بالبطش، وتطفيش الكفاءات، لأن البيئة صالحة دائماً، لتقبل النموذج الفاسد في الحالة العربية بسهولة، ودعمه، والتطبيل له، فيفرض نموذجه علي المجتمع، وهكذا، نبقي في دائرة مغلقة من الفوضى، واللاقانون، واللا أخلاق، واللا عدالة، فكيف نتوقع نهوضاً ممن تقدم إلي قيادة الناس، وهو أصلا فاسد، لا يتمتع، ولا يدرك قيمة العقل، والحرية، والعدالة، وكيف سيؤسس هذا النموذج القائد في المجتمع لغير السلب، والتراجع، والفرضي.

هذا هو حال مجتمعاتنا، وقضايانا، من ينظر إلي أي بلد عربي بشكل عام، والفلسطيني بشكل خاص، سيري الصورة واضحة، من أن البضاعة الفاسدة تطرد البضاعة الجيدة، لأن البيئة العربية بكل حالها، ومكوناتها، مازالت، لا تفهم، أو، لم تصل بحكم الثقافة، والموروث، والموجود، إلي تمجيد القيم الحقيقية، وتشجيعها، وحمايتها، بل بالعكس تطحنها، وتقمعها، وتطيح بها في مهدها في غالب الأحيان.

ما رأيته، على المستوي الشخصي، والعمر الزمني في عقدي الخامس، أن هناك حرب شعواء، وطاحنة، ضد أي نموذج حقيقي للنهوض، ليبقي، أو، ليعود، المجتمع إلي الحالة الاستاتيكية، والنوم في العسل، وبقاء الحال علي ما هو عليه، لأن التغيير نحو الأفضل، مؤلم جداً للكثيرين، والتغيير للأسوأ، أو، البقاء علي هذا الحال، لا يشكل ألم إلا للمقتنعين بفكرة العقل، وحريته الحقيقية، وإقرار النظام بين الناس، ووضع القوانين حيز التنفيذ، والتوزيع العادل، والمساواة في الحقوق، وتكافؤ الفرص، وصولاً للعدالة الاجتماعية بكل تجلياتها.

13/11/2008م
[email protected]
www.dtalal.jeeran.com

د. طلال الشريف




#طلال_الشريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرصة انتخابات - ذهبية - قادمة الي فلسطين!!
- هل توافقت الفصائل الفلسطينية على استمرار حصار غزة ؟!!
- تجويد المتابعة الجماهيرية في مواجهة تقوقع المحاصصة الفصائلية
- التنطع بالشرعيات ولزوم ما يلزم للعلم بالشيء !!!
- وقفة عز أيها الفلسطينيون من المحيط الي الخليج والمهجر !!
- زهرة كنعانية تتألق على شاطئ السودانية بغزة الحزينة !!
- رسالة الي العمريين / موسى وسليمان
- شتاء فلسطيني حار جداً ؟ !!
- قادمون مع حل نهائي ... أم ؟!
- لماذا لم تحدث انتفاضة على حماس ؟!
- درويش مات ومات الذي ما مات !!
- تأبيد الأقنعة !!
- فساد السلاح .... والسياسة في فلسطين
- نداء ... نداء هذا هو المخرج من أزمة الشعب الفلسطيني
- فساد الاعلام .... والسياسة في فلسطين
- قصة قصيرةباللغة العامية: شروخ شرجية وطنية!
- فساد المال ... والسياسة في فلسطين
- قدر غريب !!!
- حوار فلسطيني عبر الشبكة الاليكترونية
- للزمن سيدان .. حبك وموتي !!


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - طلال الشريف - المعضلة الحضارية العربية !!