أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - حكاية عبّاس














المزيد.....

حكاية عبّاس


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2466 - 2008 / 11 / 15 - 12:05
المحور: الادب والفن
    


ما من أحد مر بتلك البقعة،إلاّ وشعر بقشعريرة مباغته توقفه،يزفر بحرقة،يهز رأسه ويمضي،ناسياً ما كان يجول بذهنه أو يدور بخلده،لابد أنه سينشغل بتفاصيل حكاية ـ تقادمت السنوات..تبدلت الأحوال ـ ظلّت تمتثل بكيانها،بحرارة لحظتها،بقعة ظلت على مدار السنين تشكل بادرة حزن وتنقل من نظرة واحدة ذاكرة أبناء البلدة ومن سمع الحكاية تحديداً إلى تلك الظهيرة الحزينة،يوم أندلق الناس من منازلهم ليجدوا جثة هامدة تتوسط أقراص خبز متناثر،ما من أحد يريد نسيان حكاية ظلت ماثلة،كلما حن أحدنا لطفولته،كانت حكاية(عباس)..باب الوصول إليها..!!
***
قالت(سهى):
ـ طوق رقبته بشالي ولوح لي بيديه..!!
لم تجد من يصدقها،(عباس)جوهرة في قاع محيط لم يستغوره أحد،هكذا كان وظل حتى يومنا هذا..!!
***
قالت امرأة:
ـ ما رفع عينيه قط حين كنت أشتري منه الخبز..!!
قالت امرأة:
ـ لكم رغبت أن يراني يوماً ما بوضوح..!!
قالت امرأة:
ـ يا لسوء حظي،هيأت بنتي له زوجة..
قالت امرأة:
ـ كان في عيني ملاكاً يمشي بيننا..!!
..كل امرأة،كل رجل أدلى بدلوه في بحر صفاته وأغترف غرفة،فنزل الماء كالزلال في دورق الأيام،وظلت(سهى)من غير أمل تنطق للريح..!!
***
قالت(سهى):
ـ مات(عباس)بسببي..
ـ ما فائدة الكلام يا بنت الناس..
ـ رآني ولوح لي..
ـ عباس ما رفع يده لبنت يا(سها)وي..
ـ اقسم أنه رفعها..
ـ دعيني وشأني يا (سها)وي..
ظلت تلح وتبكي وظلت أم(عباس)تواصل سجر تنورها لتخبز للناس..
***
طووا ملف القضية ورقنوه في درج (قضاء وقدر)..فالبلدة ترمي الرصاص بمناسبة ومن غير مناسبة،من يتزوج يلهب الفضاء بالرصاص فرحاً،من يشيعوه إلى مثواه الأخير يشقوا عنان السماء بالبنادق الغاضبة تعبيراً عن الفقدان،من يأتي أبنه من سفر يستقبله بسيل من الرصاص،وصار البعض حين يشعر بسأم يسحب أقسام بندقيته و(يخرط)..ما تجود يديه،رصاصة وجدت رأس(عباس)خير مستقر،هكذا فسروا موته..!!
***
قالت(سهى):
ـ أشار لي..
قالت امرأة سمعتها:
ـ تحركت القفة فوق رأسه وأراد أن يوازنها..!!
استدارت(سهى)..وهي تصرخ:
ـ مات(عباس)من أجلي..أنا سبب موته..
***
انصرمت الأشهر والسنوات،فشلت (سهى)أن تذعن امرأة لروايتها،كلما تتكلم،تهتز الرؤوس وتنفرج الثغور قبل أن تمضي..!!
***
ماتت(سهى)..من ألم أو من كمد،وقد تكون اختارت لنفسها نهاية مقنعة،مرّ موتها مرور برق كاذب،وظل موت(عباس)..شجرة دائمة الخضرة،تورق أبداً،كلما يجرفنا الحنين لماضينا الحميم..!!
***
تقول سطور ورقة اكتشفتها امرأة في مكان سقوط(عباس)..
..(كنت فوق سطح المنزل،طار شالي من يدي وحط أمامه،تناوله وطوق به رقبته،أشار لي قبل أن يطير في الهواء ويسقط،لقد قتله والدي،ظنه تحرش بي..)..
***
عرف الناس أن الرسالة خطت بيد(سهى)وهناك من نذرت نفسها لتلبية وصيتها يوم(أربعينيتها)..لم تجد تلك الوريقة رأساً لتسكنه،وصلت إلى أم (عباس)كانت تحتضر وحول رأسها نساء المحلة..!!
تمتمت:
ـ الله يسامحه..
قالت امرأة:
ـ تسامحين قاتل(عباس)..
وقبل أن تغلق عينيها..
تمتمت:
ـ هو سبب بقاءه بينكم..!!
***
لحظة أنشق الصمت لأزيز رصاصة،خرج الناس،وجدوه يتوسد الأرض،حوله أقراص الخبز ملوثة بدمه،رأوا أسراب عصافير تحوم فوقه ورأوا قطة تموء بذعر..!!
***
في كل رواياتها ظلت(سهى)تتمسك بقصة الشال،لم تذكر قصة العصافير ولا مواء القطة ولو مرة واحدة،ومن أشرف على موت(عباس)ظل يحلف بأغلظ الأيمان أنه ما رأى شال،قبل أن ينتبهوا لبرق الحقيقة الوامضة،أن (سهى)ما طوقت أو حجبت رأسها ذات يوم بشال..!!
***
تولد الحكايات وتموت،مات(عباس)وماتت(سهى)،ماتت أم(عباس)كثيرون ماتوا،لكن الحكاية ظلّت تمضي من جيل لجيل،مثلما كانت لحظة ولادتها،تحضر كلما خطى أحدنا ووصل البقعة المورقة،منتصف الزقاق،هناك سقط(عباس)ليزرع شجرة عمره،وظل اليقين لا يتزحزح أن(سهى)أرادت أن تدخل إلى قلوب الناس،لقد كانت دميمة،وجهها لا يحتمل،لم تجد سوى موت(عباس)باباً مفتوحاً إلى حلمها،كي تشعر أنها أنثى لتستعطف قلب أحدهم،باب ما درت أنه يفضي بكل وضوح إلى خانة المهملات..!!
***



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث قصص قصيرة
- السكن في البيت الأبيض
- ونثرنا ضمائرنا على الجدران//قصة قصيرة
- بجلطة شعريّة..مات بطل رواية(نافذة العنكبوت)
- الأتفاقية الأمنية بين مطرقة أمريكا وسندان الفوضى
- أنا كاتب تلك الفصة
- شيء ما يحدث
- لحظة فقد ذاكرته
- أنا كاتب تلك القصة
- في حدثين منفصلين
- حفيد العاشق محروس
- مضت ساعات الندم
- براءة اكتشاف..البرلمانيون لا يقرؤون
- صبر العراقي..أيّوبي
- الجنود لا يتحركون ليلاً
- هل قلت شعرا
- ولد روائياً
- ثغرها على منديل//قصة قصيرة//
- يوم أغتالوا الجسر //قصة قصيرة//
- سراب..أو..ترنيمة لغزالة القلب//قصة قصيرة//


المزيد.....




- افتتاح مهرجان -أوراسيا- السينمائي الدولي في كازاخستان
- “مالهون تنقذ بالا ونهاية كونجا“.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا ...
- الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم ...
- “عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا ...
- وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
- ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
- -بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز ...
- كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل ...
- هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟


المزيد.....

- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - حكاية عبّاس