أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - صاحبـــة الجــلالة تنهـض من تحـت الأنقــاض















المزيد.....

صاحبـــة الجــلالة تنهـض من تحـت الأنقــاض


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 759 - 2004 / 2 / 29 - 11:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


وصل الكثيرون من أبناء الجماعة الصحفية الى حافة اليأس من أي إصلاح لأوضاعهم وأوضاع مهنتهم المتدهورة ، بعد ان شعروا بانهم يؤذنون فى مالطة ، وان ما يكتبونه يذهب أدراج الرياح وكأنهم يكتبون على " رمل الطريق " او على صفحة الماء .
لكن المؤتمر العام الرابع للصحفيين المصريين الذى عقد فى الفترة من 23 الى 25 فبراير الماضى بدد هذا اليأس الزاحف، وفتح نافذة واسعة للأمل .
ومسوغات هذا الأمل متعددة ، وأولها إعلان نقيب الصحفيين الزميل الأستاذ جلال عارف فى افتتاح المؤتمر ان الرئيس حسنى مبارك اتصل به قبل ساعات وابلغه بأنه اتخذ قراره بإلغاء العقوبات السالبة للحرية فى قضايا النشر .
ولا شك ان هذا القرار الذى يفتح الباب أمام إلغاء عقوبة الحبس فى جرائم النشر ، للصحفيين وغير الصحفيين ، يمثل استجابة لمطلب ناضل الصحفيون من اجله طويلاً ، وخطوة هائلة على طريق إزالة أحد اكبر العقبات أمام حرية التعبير والنشر . وقيمة قرار الرئيس مبارك – كما يقول نقيب الصحفيين السابق مكرم محمد احمد – " لا يكمن فقط فى انحيازه الى صحافة قوية شجاعة لا ترتعش فيها الأقلام ولكنها تكمن أيضا فى الأثر الحاسم لهذا القرار على إشاعة مناخ جديد يعجل بنهاية ترسانة ضخمة من القوانين المحافظة ، التى قيدت طويلاً روح الكلمة ، وعطلت مشاركة قوى المجتمع السياسية وعوقت انطلاق مبادرات الأفراد ، وزادت من طغيان بيروقراطية فاسدة تستميت دفاعاً عن الأمر الواقع " .
الحقـــوق والـواجبــــات
وكان استقبال الصحفيين لهذا القرار المهم ، استقبالاً رشيداً ،حيث لم يكتفوا بالترحيب به ، وهو ترحيب فى محله بكل تأكيد ، وإنما ردوا على مبادرة الرئيس مبارك بتفعيل ميثاق الشرق وأخلاقيات المهنة حيث أوصى المؤتمر :
" بتكليف مجلس النقابة بتفعيل ميثاق الشرف الصحفى على جميع الصحفيين دون تمييز ، والالتزام الصارم بتنفيذ بنوده فى الحقوق والواجبات معاً دون تفرقة بينهما" ، و " التدقيق فى نشر المعلومات ونسبتها لمصادرها " – قدر الإمكان- والامتناع عن نشر ما يتسبب فى الإضرار بسمعة المواطن او انتهاك حقوقه الخاصة " ،و" ضرورة  الحفاظ على خصوصية الأفراد فى نشر أخبار الجريمة والامتناع عن نشر أسماء الأطفال الأحداث المتهمين بارتكاب جرائم " و" مطالبة النقابة بتنظيم دورات تدريبية قانونية للأعضاء لإثراء أفكارهم بالإطار التشريعى للمهنة والإجراءات الجنائية وميثاق الشرف الصحفى ".
وأهمية هذه التوصيات انها تنهى عصراً من تردد النقابة فى إعمال ميثاق الشرف الصحفى وتطبيقه بحسم . وكان السبب الأساسي لهذا التردد هو ان الصحفيين " المخالفين " كانوا عرضة للسجن – بحكم القانون – مما يجعل فكرة توقيع عقوبات تأديبية نقابية عليهم فى الوقت نفسه تزيداً مفرطاً . وجاءت مبادرة الرئيس بإلغاء الحبس لتزيل هذا التحفظ ، كما جاءت استجابة المؤتمر بالتوصية بتفعيل ميثاق الشرف الصحفى دليلاً على الوعى بالارتباط العضوى بين الحقوق والواجبات .
والاهم .. ان الصحفيين وضعوا هذا الإنجاز الكبير – المتعلق بإلغاء الحبس فى قضايا النشر – فى السياق الديمقراطى الأشمل ولم يكتفوا بالنظر اليه من زاوية مهنية او فئوية ضيقة .
الـخـــاص والعــــام
والدليل على ذلك ان البيان الختامى للمؤتمر انطلق من الدعوة إلى " إجراء إصلاح سياسى ودستورى شامل يضمن التداول السلمى للسلطة وإضفاء الطابع الديمقراطى على جميع مؤسسات الدولة والمجتمع ، وإنهاء جميع صور انتهاك حقوق الإنسان والحريات العامة وإعادة الاعتبار لكرامة المواطن المصرى والاعتراف بحقوقه السياسية والاقتصادية ، وإلغاء حالة الطوارئ وجميع القوانين الاستثنائية والمقيدة للحريات " . 
بهذه الدعوة أعاد المؤتمر العام الرابع وضع نقابة الصحفيين فى المكان الذى يليق بها فى طليعة قوى التقدم وضميراً لمصر ، وصوتاً معبراً بأمانة عن الرأى العام وأشواقه .
وعلى صعيد المهنة تناول المؤتمر كل الأوضاع الإدارية والمالية والتشريعية التى تردت على مدار السنوات السابقة ، وحولتها الى " أنقاض مهنة " – على حد تعبير الكاتب الكبير فهمى هويدى – او إلى " مهنة مخطوفة " حسب قوله أيضاً . وكان تناول هذه الأوضاع موجعاً ، لكنه اتسم بدرجة عالية من العمق والتبصر والأمانة والشفافية والرغبة الجادة فى تجاوز التشخيص الدقيق الى التوصل الى حلول علمية وعملية لهذه الأمراض المزمنة التى أثقلت كاهل الصحافة المصرية وجعلتها تتراجع عن مكانة الريادة محلياً وإقليمياً .
ونظن أن التوصيات التى تبناها المؤتمر تمثل " خطة عمل " واقعية للتخلص من هذه الآفات واستعادة الصحافة المصرية لدورها ومكانتها كضمير للوطن والأمة .
الملكيـــة والحـــريـة
وعلى هذا الطريق الطويل والملئ بالمنعطفات والصعاب يلاحظ الكاتب الكبير سلامة احمد سلامة – بحق – أننا " لن نستطيع ان نتحدث عن حرية حقيقية وكاملة للصحافة والتعبير ، اذا لم تقتنع الجماعة الصحفية بان رفع يد الدولة عن ملكية الصحف باى شكل من أشكالها ، بات ضرورة ملحة وعاجلة . فلم يعد فى العالم المتقدم الذى يسعى لفرض أوضاعه وقيمه علينا باسم الحرية والديمقراطية هذا الشكل من أشكال ملكية الدولة للصحافة ".
ومن حسن الحظ ان هذه القضية لم تكن غائبة عن إدراك المؤتمر الرابع للصحفيين المصريين الذى طالبوا فى بيانهم الختامى " بالتأكيد على حق إصدار وتملك الصحف والمحطات الإذاعية والتليفزيونية وتشجيع الصحافة الإلكترونية واحترام حقها فى الوصول الى قارئها ، واحترام الحق فى تداول المعلومات وتوفير المناخ الملائم للازدهار " ، و " إنهاء جمود الأوضاع بالمؤسسات الصحفية القومية .. الى حين الاتفاق على صيغة نهائية للملكية " فى هذه المؤسسات " تواكب المتغيرات الجارية فى مفهوم الملكية الاجتماعية للصحافة وتضمن الاستقلال الحقيقى لهذه المؤسسات " .
وباختصار .. فان المؤتمر الرابع للصحفيين نجح – بدرجة امتياز – فى الارتقاء الى مستوى المرحلة التاريخية التى يمر بها الوطن والأمة ، والتعامل العلمى والعملى مع أوضاع وأوجاع الصحافة والصحفيين .
والبيان الختامى والتوصيات تمثل إضافة كبيرة لأدبيات الإصلاح السياسى والنقابى فى مصر ، وهذه الإضافة هى البديل " الوطنى " للمشروعات الإمبراطورية الوقحة التى تحاول إدارة الرئيس جورج دبليو بوش فرضها علينا تحت لافتة " الشرق الأوسط الكبير " وغيرها من اللافتات .
ذمـــة الصـحـفـــيين
ولا ينقص هذه التوصيات – فى رأينا – سوى إغفالها لتلك الحملة الهستيرية المسماة بـ " كوبونات صدام " ، والتى تتضمن اتهاماً لبعض الصحفيين بتلقى رشاوى من الرئيس العراقى الأسير لدى قوات الاحتلال الأمريكية. وكنت افضل الا يتم تجاهل هذه الاتهامات ، وان يتم اتخاذ موقف محدد إزاءها :
• يستنكر تورط الصحفيين فى اى شكل من أشكال الرشاوى .
• ويستنكر تلويث سمعة الصحفيين دون دليل ، او استخدامها كأسلحة لارهاب الخصوم السياسيين و المعارضة الوطنية للاحتلال الاجنبى .
• ويطالب باتخاذ إجراءات تأديبية ضد من تثبت فى حقه مثل هذه الاتهامات ، على ان يكون هذا الموقف شاملاً ، بمعنى عدم اقتصاره على "كوبونات صدام" بل يشمل كل أنواع " الكوبونات " من كل الجهات ، عربية كانت ام أجنبية ، بما فى ذلك طبعا المخابرات الأمريكية .
والى جانب القضية التى تجاهلتها التوصيات ، كنت أرى انه من اللائق التذكير بالصحفى " المختفى " رضا هلال ، بصرف النظر عن الاتفاق او الاختلاف مع توجهاته السياسية والفكرية .
هذه الهنات الهينات لا تقلل من الأهمية الاستثنائية للمؤتمر العام الرابع للصحفيين المصريين ، وهى أهمية لا تقتصر على العاملين فى بلاط صاحبة الجلالة فقط ، وانما تشمل المجتمع بأسره .
فـرســــان القـمـــــة
ويستحق الشكر كل من ساهم فى هذا الحدث الرائع ، وفى مقدمتهم جميع العاملين فى نقابة الصحفيين ومجلس النقابة واللجنة التحضيرية للمؤتمر ، والزميل رجائى الميرغنى المقرر العام للمؤتمر ، الذى اثبت انه نقابى من طراز رفيع ، لا يتوانى عن بذل الجهد والعرق بصرف النظر عن الموقع او المنصب .
اما نقيب كل الصحفيين ، الزميل جلال عارف ، فيستحق شكراً خاصاً على هذا الإنجاز غير المسبوق ، الذى أكد – ضمنياً – ان "النقيب غير الحكومى" ليس " عدواً " للدولة ، وانه يستطيع ان يبنى الجسور مع كافة الأطراف ، وان يحصل – بالحوار والعمل النقابى الجاد – على مكاسب كبيرة كان البعض يظن انها حكر على " محاسيب " الحكومة او المحسوبين عليها .
ومبروك لصاحبة الجلالة ، ولكل الصحفيين ، ولكل المصريين .. ذلك الإنجاز التاريخى .. الذى هو بمثابة بارقة أمل وسط ظلام دامس خيم على حياتنا لسنوات أطول من ليل المريض . 



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة انعقاد المؤتمر العام الرابع للصحفيين مـصــــر تستـحـ ...
- حــرب - الكــاتشــب - و - النفــط - للفــوز بالبيت الأبيــض
- انتبهوا أيها السادة : تهويد التاريخ بالاحتيال بعد تهويد الجغ ...
- أمريكا فى مواجهة العالم
- صـحفـــى مصــــرى .. بــدرجــة شيـــخ قبيــلة فى العــــراق!
- ســـــنـة ســــوداء للصـحـــافـــة
- مضــاعفــات انتقــال المبـــادرة مـن - المـركـز - إلى -الهام ...
- الحجاب- الفرنسى .. و-النقاب- الأمريكى!
- رحلة طــائــر جميــل.. في غـابــة لا تعـتــرف إلا بالغــربان
- ثقافة الاحتفاء بالصغائر والتفريط فى الكبائر
- تراجيديا ثلاثية المثقف والسلطة والمال كاتب كبير .. مات ثلاث ...
- لماذا تسلل رئيس الدولة الأعظم إلى عاصمة الخلافة العباسية مثل ...
- لا تفكـــروا فى الـذهــاب الى لنـــدن .. يــوم الأربـعــاء !
- الســحابـة الســــوداء .. والكتــاب الأبيــض
- مفارقة - الابراهيمين - .. صنع - الله - وسعد - الدين -
- العولمــــة المتوحشــــة والعولمــة البديلــــة حيرة العرب ب ...
- ضمير مصر .. لا ينام في الاسكندرية .. ولا يرقص علـى سـلالم ال ...
- دولة تحت الإنشاء - القناة - و - القاعدة - و - المؤسسة - .. ث ...
- عين الصاحب - .. تذرف الدموع وعلامات التعجب
- صحوة حزب استمرأ النوم فى العسل الميرى


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - صاحبـــة الجــلالة تنهـض من تحـت الأنقــاض