|
أوباما العراقي
عبدالكريم هداد
(Abdulkarim Hadad)
الحوار المتمدن-العدد: 2462 - 2008 / 11 / 11 - 06:28
المحور:
كتابات ساخرة
لست من دعاة ثقافة رعاة البقر ولا ممن يؤيد رأسمالية الشركات الأمريكية، لكني محبذاً لأن نستخلص ما هو ناجح وفعال من تجارب شعوب العالم، وخاصة طرائق العمل السياسي القادرة على ترتيب فوضى أوضاع بلدنا العراق سياسياً واقتصاديا، أو تلك الدساتير الثابتة والمحكمة في إرشاد فعاليات الدولة والقوانين المسيّرة لأنشطة وفعاليات الدولة والمجتمع بكل تفاصيلها اليومية. ومن هنا وضعت العنوان أعلاه، ليس لمحاباة باراك أوباما ولا للتجربة السياسية الأمريكية، بل أقول بفرضية المتسائل : لو كان أوباما هذا عراقياً ، وأراد أن يرشح لرئاسة الجمهورية العراقية القادمة ضمن ثوابت وتفاصيل الحياة السياسية التي تقود العراق المعلنة والخافية، فماذا سيحصل ...؟؟ من الثابت والمؤكد سوف تعج شوارع بلادنا وكذلك تلك الدهاليز المظلمة التي تتحكم في مقدرات العراق اليوم، بما هو راسخ من خلال الممارسة اليومية التي يلمسها ألقاصي والداني والتي تستمد آلياتها من ثقافة ممارسات الماضي ، لذا سوف تأتي الطعون والتشهير السياسي والاجتماعي والاحتجاجات لأوباما العراقي هذا من كل حدب وصوب ومنها: 1- سنقرأ بيان للتيار القومي المتشدد الذي يقترب جداً من شعارات تجربة حزب العفالقة منذ عام 1963 حتى سقوطهم الشنيع عام 2003 ، والبيان فحواه ، إن بارك أوباما من التبعية الكينية وليس عراقياً، لأن والده مواطن كيني، وأوباما كذلك مولود في جمهورية كينيا، لذا فهو ليس بالعراقي الأصيل، وإن كانت أمه مواطنة عراقية المولد والجنسية، وأضاف البيان إن أوباما لا يحق له إن يكون رئيساً للعراق بسبب مواطنته التي لم تدم سوى 37 عاما في العراق . 2- كما إن الشارع العراقي قد سيلتهب بنيران ببيانات صارخة من التيار الإسلامي المتشدد الذي يستوطن مناطق فقيرة من العاصمة والمدن العراقية الأخرى، أحد البيانات صدر عن هيئة علماء المسلمين، وآخر عن أحد المراجع الدينية في النجف، وكلها تتفق على إن أوباما كافر ومرتد وملحد، لأنه أصبح مسيحي الديانة وغير دينه بإرادته ومن دون إكراه، ولم يسير على دين أبيه الحاج حسين أوباما. 3- وستظهر لنا إحدى الفضائيات العراقية ندوة مع أحد المحللين بملابسه الفاقعة الألوان، وهو دكتوراه في العلوم السياسية من إحدى جامعات العراق خلال عقد تسعينيات القرن الماضي، وهو يصر على أن أوباما مضطرب الشخصية والسلوك وفيه بوادر لخيانة الوطن وذلك لعدم قدرته على معرفة متطلبات الوطن والأمة، نظراً لنشأته الأولى في كينيا ومن ثم في اندونيسيا، حيث عاش مع زوج أمه الثاني لأكثر من 6 سنوات، قبل أن يأتي للبلاد. 4- كما قرأ المتابعون بيان مشترك لعدد من التجمعات صغيرة وشخصيات معروفة بعنصريتها الاجتماعية والعرقية، يرفضون فيه القبول بأوباما كرجل سياسة، نظراً لسحنته الزنجية وحيويته الشابة، وقد كانت هناك الكثير من النقاط التي توضح النظرة الدونية للأجناس والقوميات والديانات والطوائف الأخرى. 5- وقد صدر أيضاً بيان باسم عشائر العراق، ممتلئ بالرفض القاطع لأوباما جملة وتفصيلاً خوفاً من انجذاب الشباب له، وهو يرفع وشعار التغير الذي هو عنوان حملته الانتخابية ، لأن التغير سيمس أيضاً مجالس الصحوات ومجالس الإسناد التي هي في طور الإنشاء، والتي تدر عليهم المال الذي تعودوا عليه من خلال الحكومات المتعاقبة على حكم العراق. 6- سكرتير أحد الأحزاب العراقية العريقة صرح فقط لجريدة حزبه اليسارية، بأن العلاقة مع أوباما ستكون علاقة "ضرورية وموضوعية" نظراً لبعض أفكاره في الضمان الصحي والمحافظة على الطبقة الوسطى من المجتمع، إضافة لانحداره الطبقي الذي توضحه بعض أفكاره الاجتماعية وخاصة رفع الضريبة على الأغنياء . 7- كما إن التحالف الكردستاني نشر بيانا على أكثر من وكالة أنباء عالمية، يحتج فيه لأسباب تتعلق بالوفاق السياسي المعمول به، وما اتفق عليه بين الأحزاب السياسية في تفعيل نظام المحاصصة لتقاسم المراكز الحكومية والإدارية، وقد أوضح البيان إلى إن الترشيح لرئاسة الجمهورية هو أحد المناصب السيادية التي جاهد التحالف الكردستاني للحصول عليها ضمن آلية الوفاق والديمقراطية التي تحقق تقدم البلاد بعد الدكتاتورية البغيضة. هكذا هي إذن ديمقراطية العراق الجديد التي تسيّر الحياة السياسية ، بعد أن ناضل الشعب العراقي بكل قواه وطبقاته، لإنهاء صيغة " مجلس قيادة الثورة" لتأتينا صيغة لا تختلف عنه تحت اسم " المجلس السياسي"، وبرلمان لتوزيع الحصص لمن يمتلك ميلشيات مسلحة يقودها رجال أقبية النظام السابق. لذا لن ينجح أوباما العراقي، مادام يطالب بمشروع لتغير المفاهيم التي مورست كثيراً في سنين القحط والعجاف، مفاهيم مازالت تمارس اليوم تحت يافطة " لا يصح.. إلا الصحيح..!" حين يكون الصحيح هذا، هو الخطأ بعينه الذي يتمسك به البعض، بعيداً عن قواسم مشتركة لطبقات الشعب العراقي المسحوقة في زمن يمتلك ناصيته الانتهازيون فقط .
#عبدالكريم_هداد (هاشتاغ)
Abdulkarim_Hadad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خُطَى حَرِيق ِ وَطَنْ(من مود حتى بريمر)
-
شرطي و- هْدُومَه سُودَّة -
-
لماذا إتحاد برلمانييون عراقييون!!
-
لتسواهن في عيدها المجهول
-
حوار مع جريدة الصباح ، أجراه مازن لطيف علي
-
لَسْتُ عابراً ..!!
-
هايْ فَرْحَة..!*
-
الشاعر العراقي عبد الكريم هداد في حوار خاص ومطول مع (صحيفة س
...
-
مو شيعي أنَا ..!؟
-
صدام حسين لم يَمُتْ ..!
-
ومضات
-
رّبَّةُ الغَابَات
-
المغول وصدام حسين وحدهما دفعا الشعب العراقي لهجرة وطنه
-
أبقيه طفلاً
-
عيدينْ ..( نص لأغنية عراقية )؟
-
حيث قرأ المتنبي قصيدتَهُ ..!!!؟
-
ارمِ قلبي
-
رحيم الغالبي ، شهادة مختصرة لتاريخ صعب
-
أنا الهَوَى ، فَمَنْ يَكْتبُني ..؟!
-
أنا الهَوَى ، فَمَنْ يَكْتبُني ..!؟
المزيد.....
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
-
جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تكرِّم المؤسسات الإع
...
-
نقل الموناليزا لمكان آخر.. متحف اللوفر في حالة حرجة
-
الموسم السادس: قيامة عثمان الحلقة 178 باللغة العربية على ترد
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|