كاظم الحسن
الحوار المتمدن-العدد: 2460 - 2008 / 11 / 9 - 07:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما يحق للدولة احتكار وسائل العنف الشرعي فان ذلك يعني ان شرعية الدولة مرهونة بمراقبة السلطات الاخرى لها.وهذا يفترض تعدد السلطات والفصل بينها ما يبعد اي طاغية في الاستئثار بالسلطة واحتكارها ومن ثم تتحول الدولة الى منظمةسرية تحت الارض، ما يهدد بتقويض مؤسسات الدولة وانشطتها العامة وتحولها الى اجهزة امنية وبوليسية وعسكرية وحينذاك سوف تتعطل الحياة بجميع مرافقها المدنية ويصبح الاصلاح ضربا من الاوهام والاحلام.
ان الدولة حين يصيبها العطب والفساد والانحلال تتفسخ ويعود المجتمع الى شريعة الغاب، حيث”الكل ضد الكل “ وهنا ينتهي المركز الرئيس الذي ينظم العلاقات بين افراد المجتمع او العلاقات بين الدولة والمجتمع.
هذه الفوضى تبدأ من خلال اعتماد دساتير مؤقتة على مديات زمنية طويلة، ومن المفارقات الكبرى ان تدعو الدولة التي لا تعتمد على دستور ثابت لها الى تنظيم العقود بين الافراد فيما يخص عمليات البيع والشراء وتتنصل هي عن اقامة عقد اجتماعي مع الشعب يلزمها باحترام القانون واسس الحياة المدنية.
وهذا بطبيعة الحال سوف يؤدي الى نشوء المنظمة السرية التي تعمل على استباحة ارواح المواطنين وهدر اموالهم وممتلكاتهم ناهيك عن العبث في ثروات البلد في الوقت الذي يلزمها الواجب كدولة حماية المواطنين.
ومن نافلة القول ان الاحزاب التي عاشت في الاقبية والسراديب لا تستطيع ان تتعامل مع الاضواء الكاشفة وهي ترى ان الذي اوصلها الى سدة الحكم، البندقية والمنظمة السرية وعليه يجب الحفاظ على الاثنين من اجل البقاء اطول فترة ممكنة في الحكم.
فضلا عن ذلك ان دور المنظمة السرية يحررها من التزامات الدولة الدستورية وبهذا سوف تتحول السفارات ومؤسسات الدولة الى اوكار للمخابرات والامن وتتوقف اثر ذلك جميع الانشطة المدنية والخدمية.
وهذا يفقدها المصداقية واحترام المجتمع الدولي فالدول كالافراد لا تستطيع العيش بمفردها انها بحاجة الى وسط اجتماعي وقد يستطيع الفرد ان يجتاز العزلة في بعض الاحيان ولكن الدولة لا يمكنها ذلك لانها سوف تحكم على شعبها بالمزيد من التدهور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ولنا ان ننظر الى الحالة المزرية التي وصلت اليها كوريا الشمالية والعراق في عهد النظام البعثي الفاشي بفعل تحول الدولة الى منظمة سرية تسهم بشكل كبير بالخراب والدمار الذي اصابهما.
#كاظم_الحسن (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟