أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد الفاتح عبد الوهاب محمد علي العتيبي - مفهوم الديمقراطية والتجربة السودانية















المزيد.....



مفهوم الديمقراطية والتجربة السودانية


محمد الفاتح عبد الوهاب محمد علي العتيبي

الحوار المتمدن-العدد: 2459 - 2008 / 11 / 8 - 06:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


منظمة زينب لتنمية وتطوبر المرأة

مؤسس فريدريش ايبيرت الألمانية ”السودان“

الورشة التدريبية حول التحول الديمقراطي


مفهوم الديمقراطية والتجربة السودانية


محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
مستشار/ منظمة زينب لتنمية المرأة

قاعة الاجتماعات – الشوك – ولاية القضارف
22 – 26 يونيو 2008

الإهداء
"لقد وليت عليكم ولست بخيركم ، فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسددوني،.. أطيعوني ما أطعت الله فيكم ، فإذا عصيت فلا طاعة لي عليكم"

سيدنا أبي بكر الصديق "رضي الله عنه"


مفهوم الديمقراطية والتجربة السودانية
مقدمة: الديمقراطية تفهمُ عادةً علَى أنّها تَعني الديمقراطيّة الليبراليّة و هي شكل من أشكال الحكم السياسي قائمٌ بالإجمال علَى التداول السلمي للسلطة و حكم الأكثريّة و حماية حقوق الأقليّات و الأفراد. و تحت هذا النظام أو درجةٍ من درجاتهِ يعيش في بداية القرن الواحد و العشرين ما يزيد عن نصف سكّان الأرض في أوروبا و الأمريكتَين و الهند وأنحاء أخرَى. و يعيش معظمُ الباقي تحت أنظمةٍ تدّعي نَوعاً آخر من الديمقراطيّة (الصين التِي تدّعي الديمقراطيّة الأشتراكيّة). و يمكن استخدام مصطلح الديمقراطية بمعنى ضيق لوصف نظام الحكم في دولة ديمقراطيةٍ، أو بمعنى أوسع لوصف مجتمع حر. و الديمقراطيّة بهذا المعنَى الأوسع هي نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع ككل على شكل أخلاقيات اجتماعية و يشير إلى ثقافةٍ سياسيّة و أخلاقية و قانونية معيّنة تتجلى فيها مفاهيم الديمقراطية الأساسية. أمّا لغويّاً، فالديمقراطيّة كلمةٌ مركبة مِن كلمتين: الأولى مشتقة من الكلمة اليونانية Δήμος أو Demos وتعني عامة الناس ، و الثانية Κρατία أو kratia وتعني حكم. و بهذا تكون الديمقراطية Demoacratia تَعني لغةً حكم الشعب أو حكم الشعب لِنفسهِ .
مفاهيم و قِيَم ومبادئ الديمقراطية للديمقراطية رُكنان: حُكمُ الأكثريّة و حمايةُ حقوق الأقليات و الأفراد، و يتجلّى كلّ ركنٍ في عدَدٍ من المفاهيم و المبادِئ سوف نبسُطها تالياً. و يندرُ أن تحوذَ دولةٌ أو مجتمعٌ ما علَى هذه المفاهيم كلها كاملةً غير منقوصة، بل أنّ عدَداً من هذه المفاهيم خِلافِيّ لا يَلقَى إِجماعاً بَين دعاة الديمقراطية المتمرّسمين.وتعتبر المفاهيم و المبادِئ التي تنظّم حكم الأكثريّة و هي مفاهيم و مبادِئ مصمَّمةٌ لتحافظ الأكثريّة علَى قدرتها علَى الحكم الفعّال و الأستقرار و السلم الأهلي و الخارجي و لمنع الأقليّات من تعطيل الدولة و شلّها: مبدأ تداول السلطات سلمياً، مبدأ حكم الأكثريّة، ومبدأ فصل السلطات، مبدأ التمثيل و الأنتخاب، مفهوم تجزِيء الصلاحيات،ومفهوم المعارضة، مفهوم سيادة القانون، ومفهوم اللامركزيّة.
مفاهيم و مبادِئ تحمي حقوق الأقليّات و الأفراد. . *ضمان الحقوق السياسية للأقليّات و الأفراد( حرية الرأي، التعبير،التجمع، التظاهر، التنظيم الحزبي). ضمان الحقوق الدينية للأقليّات و الأفراد( حرية الاعتقاد و حرية العبادة). *ضمان الحقوق الجنائِية للأقليّات و الأفراد(السلامة من الأعتقال الأعتباطي و افتراض البراءة و تحريم العقاب الجماعي و التساوي أمام القانون). *ضمان الحقوق المدنية للأقليّات و الأفراد و منها( حرية التنقل و حقوق الملكية و تحريم التميِيز العنصري أو الديني أو القبلي). *ضمان الحقوق الأقتصادية للأقليّات و الأفراد و منه (حق العمل و حقوق الأستثمار و حق اختيار المهنة و حق الحصول علَى الطبابة أو التعليم أو السكن). و هذه مفاهيم و مبادِئ مصمَّمةٌ لمنع الأكثرية من اضطهاد الأقليّات و الأفراد و الطغيان عليها. (معظم هذه الحقوق هي الآن مضمونة من شرعة حقوق الأنسان)
الديمقراطيات القديمة. . معلوم أن الديمقراطية نشأت في بلاد الإغريق ، وفي مدينة أثينا بالذات وقد كانت أرقى مدن الإغريق ثقافة ، وكانت كل مدينة من مدن الإغريق يومئذ دولة قائمة بذاتها، فنشأ مصطلح الديمقراطية بشكله الإغريقي القديم- تم نحته في أثينا القديمة في القرن الخامس قبل الميلاد والديمقراطية الأثينية عموماً يُنظر إليها على أنها من اولى الأمثلة التي تنطبق عليها المفاهيم المعاصرة للحكم الديمقراطي. كان نصف او ربع سكان أثينا الذكور فقط لهم حق التصويت، ولكن هذا الحاجز لم يكن حاجزاً قومياً و لا علاقة له بالمكانة الاقتصادية فبغض النظر عن درجة فقرهم كان كل مواطني أثنيا أحرار في التصويت و التحدث في الجمعية العمومية. وكان مواطنو أثينا القديمة يتخذون قراراتهم مباشرة بدلاً من التصويت على إختيار نواب ينوبون عنهم في إتخاذها. وهذا الشكل من الحكم الديمقراطي الذي كان معمولاً به في أثينا القديمة يسمى بالديمقراطية المباشرة أو الديمقراطية النقية. وبمرور الزمن تغير معنى "الديمقراطية" و إرتقى تعريفها الحديث كثيراً منذ القرن الثامن عشر مع ظهور الأنظمة "الديمقراطية" المتعاقبة في العديد من دول العالم. أولى أشكال الديمقراطية ظهرت في جمهوريات الهند القديمة والتي تواجدت في فترة القرن السادس قبل الميلاد و قبل ميلاد بوذا. وكانت تلك الجمهوريات تعرف بالـ ماها جاناباداس، ومن بين هذه الجمهوريات فايشالي التي كانت تحكم فيما يعرف اليوم ببيهار في الهند والتي تعتبر أول حكومة جمهورية في تاريخ البشرية. وبعد ذلك في عهد الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد كتب الإغريق عن دولتي ساباركايي و سامباستايي، اللتين كانت تحكمان فيما يعرف اليوم بباكستان و أفغانستان، " وفقاً للمؤرخين اليونانيين الذين كتبوا عنهما في حينه فإن شكل الحكومة فيهما كان ديمقراطياً و لم يكن ملكياً"
تطوّر القيم الديمقراطية في العصور الوسطى: معظم الديمقراطيّات القديمة نمت في مُدنٍ صغيرة ذات ديانات محليّة أو ما يسمَّى ب المدينة-الدولة. و هكذا فإِنّ قيام الإِمبراطوريات و الدول الكبرى مثل الإِمبراطورية الفارسيّة و الإِمبراطورية الهلّينية-الرومانيّة والإِمبراطورية الصينية و الإِمبراطورية العربيّة-الإِسلامية و الإِمبراطورية المغولية في العصور الوسطى و في معظم البلاد التي كانت تضمُّ الديمقراطيات الأولى قد قضى علَى هذه الدويلات الديمقراطية بل علَى فُرص قيامها أيضاً. لكنَّ هذا لا يعني أنَّ تطَوّراً بٱتجاهِ الديمقراطية لم يحصل في العصور الوسطى. و لكنّ معظم هذا التطوّر حصل علَى مُستوَى القِيَم و حقوق الأفراد. و قد ساهمت الدياناتُ الكبرَى كالمسيحية و البوذية و الاسلام في تَوطيد قِيَمٍ و ثقافاتٍ ساعدت علَى ازدهار الديمقراطية فيما بعد. و من هذه القيم: *فكرَة المساواة الكاملة بَين القبائِل و الأعراق بشكلٍ عام. *فكرَة المساواة و لو جُزئيّةً بَين الأفراد ( بَين الجنسَين و بين الأسياد والعبيد). *أفكار عن المسؤُوليّة و المسَاءَلة و التعاون و الشورَى. *فكرة سيادة القانون (و الشريعة) و التساوي أمام القانون .*الدفاع عن حقوقٍ عديدة مثل افتراض البراءة و تحريم العقاب الجماعي و حرية التنقل و حقوق الملكية و حق العمل. *الحض علَى التعامل بالحسنَى و الرفق و الرحمَة و غيرها من مكارم الأخلاق الّتي لا بدَّ منها لبناء دَولةٍ قائِمةٍ علَى الشرعيّة لا علَى العنف.
الديمقراطيات الحديثة وموجات الديمقراطية في القرن العشرين: لم يكن يوجد في عام 1900 نظام ديمقراطي ليبرالي واحد يضمن حق التصويت وفق المعايير الدولية، ولكن في العام 2000 كانت 120 دولة من دول العالم او ما يوازي 60% من مجموعها تعد ديمقراطيات ليبرالية. إستنادا على تقارير مؤسسة بيت الحرية وهي مؤسسة أمريكية يزيد عمرها عن 64 عاما، هدفها الذي يعبر عنه الاسم والشعار هو نشر "الحرية" في كل مكان ، كانت هناك 25 دولة في عام 1900 أو ما يعادل 19% منها كانت تطبق "ممارسات ديمقراطية محدودة"، و 16 أو 8% من دول العالم اليوم. إن تقييم بيت الحرية في هذا المجال لا زال مثاراً للجدل فنيوزلندا مثلاً تطبق المعايير الدولية لحقوق التصويت منذ عام 1893 (رغم وجود بعض الجدل حول قيود معينة مفروضة على حقوق شعب الماوري في التصويت). ويتجاهل بيت الحرية بأن نيوزيلندا لم تكن دولة مستقلة تماماً. كما إن بعض الدول غيّرت أنظمة حكمها بعد عام 2000 كالنيبال مثلاً والتي صارت غير ديمقراطية بعد ان فرضت الحكومة قانون الطواريء عقب الهزائم التي لحقت بها في الحرب الأهلية النيبالية. لم يتخذ توسع الديمقراطية في القرن العشرين شكل الإنتقال البطيء في كل بلد على حدة، بل شكل "موجات ديمقراطية" متعاقبة، صاحب بعضها حروب و ثورات. وفي بعض الدول تم فرض الديمقراطية من قبل قوى عسكرية خارجية. و يرى البعض ذلك تحريراً للشعوب. لقد أنتجت الحرب العالمية الأولى الدول القومية في أوروبا والتي كان معظمها ديمقراطياً بالإسم فقط كمجمهورية فايمار مثلاً. في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية إمتلكت معظم الدول الديمقراطية الغربية اقتصاديات السوق الحرة و التي نجم عنها دول الرفاهية وهو ما عكس إجماعاً عاماً بين الناخبين والأحزاب السياسية في تلك الدول أما في الخمسينات و الستينات فقد كان النمو الاقتصادي مرتفعاً في الدول الغربية و الشيوعية على حد سواء، و من ثم تناقص ذلك النمو في الدول الشيوعية. وبحلول عام 1960 كانت الغالبية العظمى من الدول أنظمة ديمقراطية بالإسم فقط، وهكذا فإن غالبية سكان العالم كانت تعيش في دول شهدت إنتخابات معيبة و أشكالاً أخرى من التحايل (وخاصة في الدول الشيوعية) لقد أسهمت الموجات المتعاقبة من الدمقرطة في تسجيلنقاط إضافية للديمقراطية الليبرالية للعديد من الشعوب. إن عدد الأنظمة الديمقراطية الليبرالية الآن أكثر من أي وقت مضى وهو يتزايد منذ مدة دون توقف ولهذا يتوقع البعض بأن هذا التوجه سيستمر في المستقبل إلى الحد الذي ستصبح فيه الدول الديمقراطية الليبرالية المقياس العالمي لشكل المجتمع البشري وهذا التنبوء يمثل جوهر نظرية فرانسيس فوكوياما "نهاية التاريخ". في الواقع العملي هناك بعض الدول التي تدعي الديمقراطية وتسمح بنشاط المعارضة، وبعض الدول تدعي الديمقراطية لكنها لاتسمح بنشاط المعارضة، وهناك من الدول من لاتدعي الديمقراطية وتسمح بها إستنادا إلى مؤسسة بيت الحرية، وتبعا لذلك يتحدد نظام الحكم في كل بلد.
شروط أوّليّة للديمقراطية
أولا: وجود Demos أي مجموعة تصنع القرار السياسي وفق شكل من أشكال الإجراء الجماعي. فغير الأعضاء في الـ Demos لا يشاركون. وفي المجتمعات الديمقراطية المعاصرة الـ Demo هم البالغين من أفراد الشعب و البالغ يعد مواطناً عضواً في نظام الحكم. ثانيا: وجود أرض يعيش عليها الـ Demos و تُطبق عليها القرارات. في الديمقراطيات المعاصرة الأرض هي دولة الشعب و بما أن هذا يتفق(نظرياً) مع موطن الشعب فإن الشعب (Demos) و العملية الديمقراطية تكونان متزامنتين. المستعمرات الديمقراطية لا تعتبر بحد ذاتها ديمقراطية إذا كانت البلد المستعمِر يحكمها لأن الأرض و الشعب لا يتزامنان. ثالثا: وجود إجراء خاص بإتخاذ القرارات وهو قد يكون مباشراً كالإستفتاء مثلاً، أو غير مباشر كإنتخاب برلمان البلاد. رابعا: أن يعترف الشعب بشرعية الإجراء المذكور أعلاه و بانه سيتقبل نتائجه. فالشرعية السياسية هي إستعداد الشعب لتقبل قرارات الدولة و حكومتها و محاكمها رغم إمكانية تعارضها مع الميول و المصالح الشخصية. وهذا الشرط مهم في النظام الديمقراطي، سيما و ان كل إنتخابات فيها الرابح و الخاسر. خامسا: أن يكون الإجراء فعالاً، بمعنى يمكن بواسطته على الأقل تغيير الحكومة في حال وجود تأييد كاف لذلك. فالإنتخابات المسرحية و المعدة نتائجها سلفاً لإعادة إنتخاب النظام السياسي الموجود لا تعد إنتخابات ديمقراطية. في حالة الدولة القومية يجب ان تكون الدولة ذات سيادة لأن الإنتخابات الديمقراطية ليست مجدية إذا ما كان بمقدور قوة خارجية إلغاء نتائجها.
الخلاف علَى تحديد الديمقراطية
الديمقراطية كشكل من أشكال الحكم هي اشتِراك الشعب في حكم نفسه، وعادة ما يكون ذلك عبر حكم الاغلبية عن طريق نظام للتصويت و التمثيل النيابي. و لكن بالحديث عن المجتمع الحر فإن الديمقراطية تعني حكم الشعب لنفسه بصورة منفردة من خلال حق الملكية الخاصة و الحقوق و الواجبات المدنية (الحريات و المسؤوليات الفردية) وهو ما يعني توسيع مفهوم توزيع السلطات من القمة إلى الأفراد المواطنين. والسيادة بالفعل في المجتمع الحر هي للشعب و منه تنتقل إلى الحكومة وليس العكس. ولأن مصطلح الديمقراطية يستخدم لوصف أشكال الحكم و المجتمع الحر بالتناوب، فغالباً ما يُساء فهمه لأن المرء يتوقع عادة أن تعطيه زخارف حكم الأغلبية كل مزايا المجتمع الحر. إذ في الوقت الذي يمكن فيه أن يكون للمجتمع الديمقراطي حكومة ديمقراطية فإن وجود حكومة ديمقراطية لا يعني بالضرورة وجود مجتمع ديمقراطي.
لقد إكتسب مصطلح الديمقراطية إيحاءً إيجابياً خلال النصف الثاني من القرن العشرين إلى حد دفع بالحكام الدكتاتوريين الشموليين للتشدق بدعم "الديمقراطية" وإجراء إنتخابات معروفة النتائج سلفاً. وكل حكومات العالم تقريباً تدعي الديمقراطية. كما إن معظم الآيديولوجيات السياسية المعاصرة إشتملت ولو على دعم بالإسم لنوع من أنواع الديمقراطية بغض النظر عما تنادي به تلك الآيديولوجيات. و هكذا فإن هناك إختلافات مهمة بين عدة أنواع مهمة من الديمقراطية. تمنح بعض الأنظمة الإنتخابية المقاعد البرلمانية وفق الأغلبية الإقليمية. فالحزب السياسي او الفرد المرشح الذي يحصل على معظم الأصوات يفوز بالمقعد المخصص لذلك الإقليم. وهناك انظمة إنتخابية ديمقراطية أخرى، كالأشكال المتنوعة من التمثيل النسبي، التي تمنح المقاعد البرلمانية بناءَ نسبة الاصوات المنفردة التي يحصل عليها الحزب على المستوى الوطني.إحدى أبرز نقاط الخلاف بين هذين النظامين يكمن في الإختيار بين أن يكون لديك ممثل قادر على أن يمثل إقليما أو منطقة معينة من البلاد بشكل فاعل، وبين أن تكون كل أصوات المواطنين لها قيمتها في إختيار هذا الممثل بغض النظر عن مكان إقامتهم في البلد. بعض الدول كألمانيا و نيوزيلندا تعالج هذا النزاع بين شكلي التمثيل هذين بتخصيص نوعين من المقاعد البرلمانية الفيدرالية. النوع الاول من المقاعد يتم تخصيصه حسب الشعبية الإقليمية و الباقي يتم تخصيصه للأحزاب بمنحها نسبة من المقاعد تساوي – أو ما يساوي تقريباً – الأصوات التي حصلت عليها على المستوى الوطني. ويدعى هذا بالنظام المختلط لتمثيل الأعضاء النسبي.
أما الديمقراطية التمثيلية فهي شكل من أشكال الديمقراطية و النظرية المدنية و فيها يختار الناخبون (على نحو حر و سري في إنتخابات تعددية) ممثلين ينوبون عنهم ، و لكن ليسوا وكلاء لهم – أو بمعنى آخر ليس كما يتم توجيههم ولكن يمتلكون صلاحيات تكفي لللإتيان بمبادرات في حال حدوث متغيرات. وتعد الديمقراطيات الليبرالية الحديثة نموذجاً مهماً للديمقراطية التمثيلية. وفي الولايات المتحدة الأمريكية غالباً ما يكون هذا المصطلح مرادفاً للـ"الجمهورية". تشتمل الديمقراطية التمثيلية على منح سلطات أكبر ) لنواب البرلمان مما تمنحه الملكية الدستورية أو ديمقراطية الإشتراك ( participatory لتمييزها عن الإشتراكيةsocial ، لذا فإن جميع الدساتير تنص على إستقلالية القضاء وعلى إجراءات أخرى لموازنة السلطات التمثيلية. والديمقراطية تحمل في طياتها إمكانية تغيير النواب المنتخبين في حال لم يكن الناخبون راضين عنهم، كما تحمل في طياتها أيضاً بعض التفصيلات الديمقراطية ( كاللجنة الملكية الكندية مثلاً)، أوبعضاً من إجراءات الديمقراطية المباشرة (كالإستفتاء مثلاً)، ولكنها لا تعد رغم ذلك إجراءات ملزمة و غالباً ما يتطلب إتخاذها قراراً برلمانياً- أي تبقى سلطة القانون بيد نواب البرلمان. السبيل الوسيط بين الديمقراطيتين هو وجود "برلمان أعلى" غير منتخب عن طريق التصويت المباشر ومثال ذلك مجلس الشيوخ الكندي الذي يعد نسخة معدلة عن مجلس اللوردات البريطاني.
أشكال التعبير عن الديمقراطية
الديمقراطية المباشرة:" الديمقراطية النقية" وهي نظام يصوت فيه الشعب على قرارات الحكومة مثل المصادقة على القوانين أو رفضها وهي مباشرة لأن الناس يمارسون بشكل مباشر سلطة صنع القرار من دون وسطاء أو نواب ينوبون عنهم. وتاريخياً كان هذا الشكل من أشكال الحكم نادراً نظراً لصعوبة جمع كل الأفراد المعنيين في مكان واحد من أجل عملية التصويت على القرارات. ولهذا فإن كل الديمقراطيات المباشرة كانت على شكل مجتمعات صغيرة نسبياً وعادة ما كانت على شكل دول المدن، و أشهر هذه الديمقراطيات كانت أثينا القديمة. . الديمقراطية النيابية: وهي نظام سياسي يصوت فيه أفراد الشعب على إختيار أعضاء الحكومة الذين بدورهم يتخذون القرارات التي تتفق و مصالح الناخبين. وتسمى بالنيابية لأن الشعب لا يصوت على قرارات الحكومة بل ينتخب نواباً يقررون عنهم. وقد شاع هذا الشكل من الحكم الديمقراطي في العصور الأخيرة و شهد القرن العشرين تزايداً كبيراً في اعداد نظم الحكم هذه و لهذا صار غالبية سكان العالم يعيشون في ظل حكومات ديمقراطية نيابية (وأحياناً يُطلق عليها "الجمهوريات"). وبالإمكان تقسيم الديمقراطيات إلى ليبرالية (حرة) و غير ليبرالية(غير حرة). . الديمقراطية التمثيلية: وذلك لأنَّ الشعب لا يصوّت مباشرةً على معظم قرارات الحكومة، بل يختار ممثليه في الهيئة الحاكمة أو في مجلس النواب. ويمكن اختيار هؤلاء الممثلين من قبل جمهور الناخبين ككل (كما في كثير من أنظمة التمثيل النسبي) أو من قبل جماعة معينة من الناخبين (ناحية جغرافية أو دائرة انتخابية في العادة)، مع أن بعض الأنظمة تستخدم خليطاً من هاتين الحالتين. ويشتمل كثير من الديمقراطيات التمثيلية على بعض عناصر الديمقراطية المباشرة، كما هو الحال في الاستفتاءات الشعبية. دول الحزب الواحد الشيوعية التي تصف نفسها، أو كانت تصف نفسها، بأنّها ديمقراطية، مثل جمهورية ألمانيا الديمقراطية. وهي تعطي السلطة السياسية صراحةً لأعضاء الحزب الشيوعي الحاكم، أو لبعض أعضائه، متّبعةً مبادئ المركزية الديمقراطية والحزب الطليعي.
انتقادات شائعة ضد الديمقراطية: (1) الصراعات الدينية و العرقية. (2) البيروقراطية. (3) التركيز قصير المدى.(4) نظرية الإختيار الشعبي (5) حكومة الأثرياء (6) حكم الأغلبية، خطر "طغيان الأغلبية".
محاسن الديمقراطية: الإستقرار السياسي، التجاوب الفعال في أوقات الحروب، إنخفاض مستوى الفساد، إنخفاض مستوى الإرهاب، إنخفاض الفقر و المجاعة، نظرية السلام الديمقراطي، سلامة الشعب، السعادة.
التجربة السودانية
الديمقراطية الاولي 1953م – 1958م: بلغ عدد الدوائر في انتخابات عام 1953، 97 دائرة تنافس عليها 227 مرشحا يمثلون ستة أحزاب. وتنافس 22 مرشحا على دوائر الخريجين الخمسة. وكانت النتيجة كما يلي: الوطني الاتحادي 53 – الأمة 22 – المستقلون 7- الجنوب 7- الجمهوري الاشتراكي 3. وحصل الوطني الاتحادي على ثلاث مقاعد في الخريجين ومستقل على مقعد والجبهة المعادية للاستعمار (تحالف الشيوعيين والديمقراطيين) على مقعد. ولكن الأصوات التي حصل عليها حزب الأمة كانت أكثر من الوطني الاتحادي بفارق 47 ألف صوت. أوضّحت نتائج الانتخابات أن معظم تأييد الوطني الاتحادي جاء من المدن ومناطق الاستقرار في أواسط السودان وهو مكان نفوذ الختمية. كما عبرت النتيجة عن رفض الاستعمار البريطاني. ولم يكن تأييد الوطني الاتحادي في رأيه تأييدا للوحدة مع مصر، بقدر ما كان تعبيرا عن الرغبة في التغيير. وكان أيضا تأييدا لموقف الوطني الاتحادي المعادي للاستعمار. وخلص إلى أن النتيجة كانت مثار دهشة بالنسبة للبريطانيين. وأثار حزب الأمة اتهامات حول تدخل أموال مصرية في الانتخابات، وكان تدخل الأموال الأجنبية حقيقة، ولكن تدخل نفوذ الاستعمار البريطاني أيضا حقيقة، وكان التصويت بالإشارة أيضا حقيقة. ولكن الصراع في تلك الانتخابات لم يحسم على مستوى الأموال الأجنبية والنفوذ الاستعماري والطائفي، وإنما حسمه القطاع الحديث الواعي الذي أتيح له ثقل أكبر في تلك المعركة. وعبر حزب الأمة بشكل غاضب عن عدم رضائه لنتيجة الانتخابات في حوادث مارس 1954. كان الأول من مارس يوم افتتاح البرلمان، وجاء الرئيس محمد نجيب ممثلا لمصر، فأراد حزب الأمة أن يظهر نفوذه السياسي في الشارع ويعبر عن رفضه للوحدة مع مصر. ومهما قيل عن تلك الأحداث فقد كانت تعبيرا عنيفا في صراع ديمقراطي. وحزب الأمة الذي ظل يتحالف مع الإدارة البريطانية وهو يرفع شعارا هلاميا: السودان للسودانيين، والذي لم يرفع منذ تأسيسه عام 1945 شعارا واحدا معاديا للاستعمار، والذي لم ينظم مظاهرة واحدة من المظاهرات التي تفجرت في وجه الحكم البريطاني، لم يحتمل صدمة الرفض من القطاع الذي ظل ينسج مقاومته للاستعمار البريطاني خيطا بخيط من تضحيات أبنائه. وكان برلمان 1954 أنجح البرلمانات في تاريخ السودان السياسي. فقد أرسى قواعد النظام الذي يقوم على تداول السلطة سلميا، وأنجز السودنة والجلاء، وتوّج ذلك بإعلان الاستقلال في ديسمبر 1955. وعندما أجريت الانتخابات الثانية عام 1958، تغيرت موازين القوى. فقد كانت الحكومة تقوم على تحالف بين حزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطي الذي انفصل عن الوطني الاتحادي. فماذا فعلت بقانون الانتخابات؟ ألغت دوائر الخريجين لأن حزب الأمة لم يحصل على دائرة فيها في انتخابات 1953. ولكن الغرض من دوائر الخريجين ليس المكسب الحزبي، وإنما إعطاء وزن للفئة التي لعبت دورا قياديا في مجرى السياسة السودانية. وحزب الأمة نفسه اختار لقيادته السياسية نخبة من المتعلمين المتميزين من أصحاب الكفاءات العالية الذين لا يربطهم به الولاء الطائفي. فكان الإلغاء ردة عن قانون 1953. ثم قسمت الدوائر تقسيما عدديا مطلقا، لأن هدف حزب الأمة الحصول على مقاعد برلمانية، حتى ولو كان ذلك على حساب الإنجاز الذي حققته لجنة سوكومارسن. فأصبح عد الدوائر كالآتي: ارتفع عدد دوائر دارفور من 11 إلى 22 ، ارتفع عدد دوائر كردفان من 17 إلى 29 ، ارتفع عدد دوائر النيل الأزرق من 18 إلى 35 ، ارتفع عدد دوائر كسلا من 8 إلى 16 ، ولعله من الملفت للانتباه أن كل مرشحي الحكومة سقطوا في دوائر العاصمة المثلثة. حصلت الحكومة الائتلافية الجديدة برئاسة عبد الله خليل على أغلبية برلمانية، وحسبت أنها حققت حكما مستقرا. وفات عليها أن الديمقراطية لها منابر أخرى هي التي تحقق الاستقرار السياسي وهي المنابر التي أصبحت تعرف اليوم بمؤسسات المجتمع المدني التي تقوم على الاختيار الطوعي بعيدا عن هيمنة السلطة. وفات عليها أيضا أن الديمقراطية تقوم على محتوى اجتماعي هو الركيزة الأخرى لاستقرار الحكم. فالديمقراطية ليست حذلقة لفظية وبراعة خطابية وإجراءات ولوائح. فالناس يسعون في نهاية المطاف إلى العيش في ظل حياة كريمة، وهم يتوقعون أن تكون الديمقراطية أفضل السبل لتحقيق ذلك. لم تعش التجربة فترة تمكن من الحكم عليها. ولكن الفترة على قصرها اكتنفتها سلبيات. من أبرزها تغيير النواب مواقعهم الحزبية والانتقال من هذا الحزب إلى ذاك لأن الأموال أصبحت تلعب دورا في تغيير المواقف الحزبية. وأصبحت الحكومة تواجه معارضة من منابر المجتمع المدني. ولم تشفع للحكومة أغلبيتها البرلمانية. ثم قام عبد الله خليل بتسليم السلطة للجيش بعلم حزبه. فما كان باستطاعة حكومة عبد الله خليل قبول المعونة الأمريكية أمام المعارضة القوية إلا بتسليم السلطة للجيش.هكذا انهارت التجربة الانتخابية الثانية ولم يمض عليها سوى بضعة أشهر رغم الأغلبية البرلمانية.
الديمقراطية الثانية 1964م – 1969م: أعطى النساء حق التصويت للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وخفض سن الناخب من 21 إلى 18 سنة. وأعطى القانون للخريجين 15 دائرة. كان ذلك أقصى ما حققه المناخ الثوري. وكان ذلك إنجازا كبيرا بالنسبة لانتخابات 1958. من الجانب الآخر قسمت الدوائر تقسيما عدديا محضا ولم يراع الفرق بين مناطق الإنتاج والوعي والمناطق الأخرى كما حدث في انتخابات 1953، لأن الأحزاب مازالت تلهث خلف المقاعد بغض النظر عن القوى التي تمثلها تلك المقاعد. فتقليد الديمقراطية الغربية في قمتها هو المسيطر عليها. وكان ذلك طبيعيا نسبة لتوازن القوى. ولم تحفل الأحزاب بأن الديمقراطية لا تلغي الاضطهاد الطبقي، ولكنها تجعله أكثر وضوحا. وكلما كان نظام الحكم ديمقراطيا، أصبح العمال أكثر قدرة على رؤية صور الشر في الرأسمالية. هذا ما قاله لينين قبل أن تندثر أقواله مع انهيار الاتحاد السوفيتي وتغيير اسم مدينة لينينغراد إلى بطرسبيرج. وواجهت القائمين بالامر عقبات، بعضها قانوني وبعضها سياسي وبعضها أخلاقي العقبة الأولى حول تعديل الدستور. وشهدت الفترة التي سبقت إجراء الانتخابات بعض التحولات في الخريطة السياسية. فاندمج الحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي في حزب واحد هو الحزب الاتحادي الديمقراطي. وانقسم حزب الأمة إلى جناحين هما جناح الإمام الهادي وجناح الصادق المهدي. وانقسم جماعة الإخوان المسلمين فظهر تنظيم جديد بزعامة حسن الترابي باسم جبهة الميثاق الإسلامي. وبقي الحزب الشيوعي متماسكاً رغم الصراع الذي كان يعتمل في داخله وأدى إلى انقسامه عام 1970. وكانت الأيادي الأجنبية تتدخل في السياسة السودانية بمختلف الأشكال. وفي هذا المناخ أجريت انتخابات عام 1968. أجريت الانتخابات في 218 دائرة، وشارك فيها 3 ملايين ناخب. وكانت النتيجة كما يلي: الاتحادي الديمقراطي 101، حزب الأمة بجناحيه 72، المستقلون 10 وأعلن أغلبهم فيما بعد انتماءهم الحزبي، الأحزاب الجنوبية 25، جبهة الميثاق 3، الحزب الشيوعي مقعدين. ولكن مقاعد الحزب الشيوعي لها دلالتها. فقد فاز عبد الخالق محجوب على مرشح الحزب الاتحادي أحمد زين العابدين في دائرة أم درمان الجنوبية وهي دائرة الرئيس إسماعيل الأزهري ومن أهم معاقل الحزب الوطني. وفاز الحاج عبد الرحمن عضو اللجنة المركزية للحزب في دائرة عطبرة التي لها وزنها العمالي المتميز. كما أن فوز المرشحين عن الحزب الشيوعي كان صفعة لقرار حل الحزب. كانت الأجواء التي أجريت فيها الانتخابات، والنتائج التي تمخضت عنها، والأزمة الاقتصادية التي خيمت على البلاد، والصراعات التي اكتنفت المسرح السياسي، كانت كلها هي المقدمة لانقلاب 25 مايو. فلم تكن الأغلبية البرلمانية كافية لحماية النظام الديمقراطي من تغول المؤسسة العسكرية، لأن استقرار النظام البرلماني ليس مجرد أغلبية برلمانية. وكانت تلك هي المرة الثانية التي يؤدي نظام الانتخابات الذي لا يقوم على دعائم راسخة إلى انقلاب عسكري، ولم تكن هي المرة الأخيرة.
الديمقراطية الثالثة 1986م – 1989م: أجريت هذه الانتخابات بعد 17 عاما من غياب الديمقراطية. وإذا أضفنا إليها سنوات الحكم العسكري الأول الست، يكون السودان عاش بعد الاستقلال 23 عاما من الحكم العسكري مقابل 7 سنوات من الديمقراطية. وكانت تلك السنوات على قصرها مشحونة بالاضطراب السياسي وبقانون انتخابات غير سوي، مما يجعل منها فترة سلبية قريبة من الحكم العسكري. وأجريت الانتخابات بعد عام من الانتفاضة التي أطاحت بحكم الفرد. ولم يكن من طموحات الانتفاضة بحكم توازن القوى الذي حكم خطاها أن تصل نهايتها المنطقية وتصفي مؤسسات دولة حكم الفرد. بل إن الانتفاضة اختطفتها (hijacked) المؤسسة العسكرية التي كانت هي نفسها من ركائز النظام المايوي. كما أن الأحزاب الكبيرة وهي الأمة والاتحادي والجبهة الإسلامية، لم تكن من ركائز النظام المايوي المندحر فحسب، بل لم تكن شديدة الحرص على تصفية مؤسساته. وكان قانون تلك الانتخابات كسيحاً، وعارضته غالبية القوى السياسية. ورغم ذلك شاركت في الانتخابات لأن القوى السياسية لا تصارع في الظرف المثالي الذي تشتهيه، بل تناضل من أجل خلق ذلك الظرف المثالي الذي تشتهيه. وتدخل المجلس العسكري الانتقالي بكل ثقله ليخرج القانون الخاص بدوائر الخريجين ليتناسب مع تنظيم الجبهة الإسلامية. وأجريت الانتخابات بعد أن استشرت الرأسمالية الطفيلية وانتفخت أوداجها خلال سنوات مايو. والذي يراجع الخريطة السياسية لتلك الانتخابات لن يغيب عنه طفح الطفيلية التي وزعت الأموال يمنة ويسرى في حزام الفقر. لقد ارتكب المجلس العسكري الانتقالي عدة جرائم نكراء في حق الحركة السياسية السودانية، لعل أكثرها بشاعة المناخ الكالح الذي أجريت فيه الانتخابات. بلغ عدد الدوائر301 دائرة خصص منها 28 دائرة للخريجين. وامتدت فترة الاقتراع إلى 12 يوما، فصوت بعض الناس أكثر من مرة وكانت نتيجة الانتخابات في عمومها متوقعة، ما عدا المقاعد التي حصلت عليها الجبهة الإسلامية والتي فاقت الخمسين مقعدا. ولكن الذي يتأمل في الواقع السياسي لن يجد في تلك النتيجة غرابة، ولكن الجبهة رغم تلك المقاعد التي حصلت عليها وأصبحت الحزب الثالث في البلاد، قامت بانقلاب عسكري واستولت على السلطة. فهل كانت النتيجة مقدمة للانقلاب أم النتيجة لم تكن تعكس الواقع السياسي فاستولت الجبهة على السلطة بالقوة وليس بالطريقة الديمقراطية؟ إن الحزب الذي يمتلك قاعدة جماهيرية عريضة سوف يعتمد على تلك القاعدة للوصول للحكم وليس على المؤسسة العسكرية. فكانت انتخابات 1986 المرة الثالثة التي تمهد فيها لانقلاب عسكري. والآن نحن نتهيأ لإجراء الانتخابات الرابعة، فهل نحتاج لدرس ثالث أم كفانا ما تلقينا من دروس وعبر؟.


الديمقراطية والتحول الديمقراطي في اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي
إن موضوع الديمقراطية والتحول الديمقراطي من الهموم الأساسية التي تشغل الفكر السوداني الحديث والسياسة السودانية منذ الخمسينيات وبعد انقلاب الجنرال عبود في نوفمبر 1958م، وتتابع هذا الاهتمام نتيجة للشمولية التي اجتاحت السودان لحوالى أربعين عاماً. ثم تكثف البحث والنقاش حول الديمقراطية والتحول الديمقراطي منذ التوقيع على بروتوكول مشاكوس في 20/7/2002م. وارتفعت حرارة هذا البحث والنقاش والمداولات بتوقيع بقية بروتوكولات السلام خاصة اتفاقية اقتسام السلطة في 26/5/2005م. يتكثَّف النقاش حول العلائق بين جملة من القضايا: السلام الدائم، والديمقراطية وعملية التحول الديمقراطي والاصلاح القانوني اللازم لهذا التحول واللامركزية والاقتسام العادل للثروة والسلطة والتنمية المتوازنة. تكثف النقاش حول هذه المواضيع وعلى أثر الصراعات المسلحة والحكم الشمولي في العقود الأخيرة وعلى خلفية اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي 2005م. ويتسع النقاش والتفكير حول العلاقة بين السلام الدائم والديمقراطية والتحول الديمقراطي واللامركزية وموازين القوى، وهل تغير اتفاقية السلام موازين القوى التي اتت بها؟. إن التحول الديمقراطي ومشاركة الاطراف الاخرى في تنفيذ الاتفاقية، عامل حاسم في أستقرار السودان وتقدمه، اذ ان عددا كثيرا من المراقبين الدوليين يرون ان الاتفاقية ستغير موازين القوى في الساحة السياسية تغييراً جذريا كما جاء فى احد تقارير الامين العام للامم المتحدة حول الاتفاقية، إلا أن ذلك لم يحدث ولذلك يتصاعد ويتعمق النقاش حول التحول الديمقراطي المبتغى في الساحة السودانية السياسية.

الديمقراطية والتحول الديمقراطي في نصوص الاتفاقية
باستعمال خصائص وعناصر ومرتكزات الديمقراطية التي ذكرناها اعلاه كمعايير لتحديد وجود هذه العناصر والمرتكزات في اتفاقية السلام الشامل. وما اجتمع عليه الباحثون في شأن الديمقراطية بان اهم خصائصها وعناصرها ومرتكزاتها هي: التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة وفصل السلطات وحكم القانون والشرعية التمثيلية بالانتخابات الحرة النزيهة. ان الديمقراطية كنظام حكم، ككل نظم الحكم،علاقة بين المواطنين وممثليهم، ولا نقول بين الحكام والمحكومين فقط، تعتبرالشرط الاهم والاساسي للحكم الراشد وهو أوسع مضمونا من الديمقراطية. يأتي ذكر النظام الديمقراطي وعلاقته بالتنوع الثقافي والديني والعرقي نصا في بروتوكول مشاكوس في الجزء (أ) في المبادئ المتفق عليها في الفقرة (1-6) «اقامة نظام ديمقراطي للحكم مع الاخذ في الاعتبار التنوع الثقافي والعرقي والعنصري والديني واللغوي لشعب السودان والمساواة بين الجنسين». كما تُذكر حقوق الانسان والحريات الأساسية والتي تفصل في الفقرة (1-6) في حوالى أربع صفحات كهدف لطرفي الاتفاقية يذكر في نفس البرتوكول في الفقرة(1-7) «التوصل الى حل شامل يضع حلا للتدهور الاقتصادي والاجتماعي في السودان لا السلام وحده يحل محل الحرب بل بالعدل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي يحترم الحقوق الاساسية للانسان والسياسة للشعب السوداني كله». ونختتم بالمادة 6 ببروتوكول ميشاكوس التي تشمل النص المتفق عليه بشأن الدولة والدين في تفصيل دقيق يقع في حوالى صفحتين مما يعكس هما من هموم الجنوبيين الاساسية ورؤيتهم للأسباب الجذرية لصراعهم المسلح، حيث يري البعض ان الاتفاقية مفصلة على حل الصراع بين الشمال والجنوب والذي تتناوله الاتفاقية بالتفصيل، في حين انها تأتي معممة حول القضايا القومية الملحة ومنها التحول الديمقراطي. ان كل هذه النصوص السابقة تستلزم الاصلاح القانوني الذي يرد في بروتوكول ميشاكوس في الفقرة (3-1-1) «دستور السودان القومي هو القانون الاعلى ويجب ان تتسق معه جميع القوانين وينظم الدستور العلاقة ويوزع السلطات والصلاحيات بين مستويات الحكم، كما يضع ايضا ترتيبات تقسيم الثروة بينهما ويضمن الدستور القومي لجميع المواطنين السودانيين الحرية الكاملة في الاعتقاد والعبادة والممارسات الدينية». وبالنظر في اتفاقية اقتسام السلطة 26/5/2006م نجد أن ذكر الديمقراطية يأتي في نص مباشر فى الفقرة (1-4-5): في الجزء الاول، مبادئ عامة «السعي لقيام الحكم الراشد والمحاسبة والشفافية، والديمقراطية وحكم القانون على مستويات الحكم كافة لتحقيق سلام دائم". ويأتي الحكم الراشد والشفافية في اتفاقية اقتسام السلطة في الديباجة كالآتى: «وعزما على ولوج عهد للحكم متسم بالمسؤولية والعدل والشفافية تكون القيادة فيه للشعب ويقوم على النزاهة» اقتناعا بأن التطبيق الناجح لهذه الاتفاقية يوفر انموذجا لحكم راشد في السودان يعين على بناء قاعدة متينة تجعل وحدة البلاد امراً جاذباً وتصون السلم فيها.. هنا تربط الاتفاقية الوحدة الجاذبة بإقامة الحكم الراشد. وفى المبادئ العامة في الجزء الاول نقرأ في الفقرة (1-4-3) عن حقوق الانسان والحريات الاساسية الآتي: «الاقرار بالحاجة الى تعزيز رفاهية الشعب وحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية».. وهنا تربط الاتفاقية بين الحريات الأساسية والرفاهية مما يذكرنا بآراء اماريتا سين حول العلاقة بين الحريات والرفاهية. وحول الشرعية والاصلاح القانوني في مجال الانتخابات والتعددية وتكوين الاحزاب نقرأ في المبادئ العامة في الفقرة (1-4- 6) «اعترافاً بالحاجة لاضفاء الشرعية على الترتيبات المتفق عليها في هذه الاتفاقية تصدر قوانين عادلة للانتخابات تنص عن حرية تكوين الاحزاب السياسية وتجرى الانتخابات في جميع مستويات الحكم وفق حق الاقتراع العام المكفول للبالغين». ونلخص بأن الديمقراطية تأتي نصاً في بروتوكول مشاكوس المادة (1-6) وفي اتفاقية اقتسام السلطة الفقرة (1-4-5) هذا بجانب عناصر ومرتكزات الديمقراطية والحكم الراشد في مواد مختلفة كما ذكرنا سابقا.بالرغم من هذه النصوص الواضحة حول الديمقراطية نجد آراء متباينة حول التحول الديمقراطي في الاتفاقية. وينتقد البعض الاتفاقية لأنها لم تأت بنص واضح وآلية محدودة لإحداث الإصلاح القانوني اللازم للتحول الديمقراطي بعد التوقيع عليها مباشرة، مما يجعل البعض يرى أن التحول الديمقراطي جاء كمنتوج ثانوي (Byproduct) وليس كمطلب اصيل فيها.
ان الاتفاقية والدستور ليست نصوصاً قانونية جافة تبدو وكأنها من اختصاص القانونيين فقط، فللاتفاقية والدستور مضامين سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تمس حياة الناس عامة و لا بد ان لم يمتلك عامة الشعب هذه المضامين فى العاصمة الخرطوم وخارج العاصمة للدفاع عنها والا فستبقى حبرا على ورق . ان نصوص الاتفاقية فى حد ذاتها لن تغير موازين القوى، وان تغيير موازين القوى لن يتأتى الى بقوة دفع هائلة من كل القوى السياسية وخاصة المعارضة والشارع السياسى لجهة هذا التغيير، والتركيز علي المفوضيات القومية فى الاتفاقيسة كآليات لتنفيذ الاتفاقية. كما أن الحديث عن هامش الحرية النسبى يذكرنا بالاختلاف فى الساحة السياسية حول اسبابه فهناك من يرى انه اتى نتيجة للحراك السياسى الداخلى للمعارضة فى حين آخرون يرون ان هامش الحرية اتى نتيجة لضغوط القوى الخارجية. بتناولنا لهذه القضايا نؤرخ للحركة الفكرية والسياسية السودانية المعاصرة فى الحاضر التى أعطتها الاتفاقية دفعة قوية تتضح فى الصحافة السودانية المستقلة ، والتى لم تعد تحبس نفسها فى الاحداث وشخصنتها بل انتقلت الصحافة نقلة نوعية لتحليل القضايا الموضوعية المرتبطة بقضايا السلام والديمقراطية والحكم الراشد واقتسام الثروة والسلطة.
الديمقراطية في الدستور
اولاً : ترد فى الفصل الاول، الباب الاول الدولة والدستور طبيعة الدولة الفقرة( 1-1 ) جمهورية السودان دولة مستقلة ذات سيادة، وهى دولة ديمقراطية لا مركزية تتعدد فيها الثقافات واللغات وتتعايش فيها العناصر والاعراق والاديان".هنا تربط الديمقراطية بلا مركزية الحكم والتنوع الثقافى.
ثانياً : وتحت المبادئ الاساسية للدستور ترد الفقرة( 4- أ ) "تؤسس وحدة السودان على الارادة الحرة لشعبه وسيادة حكم القانون والحكم الديمقراطى اللامركزي والمساءلة والمساواة والاحترام والعدالة".وهنا تربط الحكم الديمقراطى بسيادة حكم القانون واللامركزية.
ثالثاً : وفى الباب الاول، الفصل الرابع نظام اللامركزية وتحت تخويل السلطات المادة 25 - هـ "تحقيق الحكم الراشد عن طريق الديمقراطية والشفافية والمحاسبة وحكم القانون على كافة مستويات الحكم . وذلك توطيدا للسلام الدائم ". هنا يفسر الحكم الراشد بالديمقراطية وعناصره الاخرى.
رابعاً : وفى الباب الثانى وثيقة حقوق الانسان نجد الفقرة ( 27 - 1) "تكون وثيقة الحقوق عهدا بين كافة اهل السودان ، وبينهم وبين حكوماتهم على كل مستوى والتزاما من جانبهم بان يحترموا حقوق الانسان والحريات الاساسية المضمنة فى الدستور وان يعملوا على ترقيتها، وتعتبر حجر الاساس للعدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية فى السودان ". هنا تأتى الديمقراطية فى علاقتها بحقوق الانسان وبالعدالة الاجتماعية والمساواه. .
خامسا: فى الباب الثانى وتحت حرية الاعلام نقرا الفقرة( 39 - 2 )"تكفل الدولة حرية الصحافة ووسائل الاعلام الاخرى وفقا لما ينظمه القانون فى مجتمع ديمقراطى"
سادساً : وفى وثيقة الحقوق وتحت حرية التجمع والتنظيم نقرا الفقرة( 40 - 2)" ينظم القانون تكوين وتسجيل الاحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية وفقا لما يتطلبه المجتمع الديمقراطى". هنا يرتبط تفسير الديمقراطية بحرية التنظيم وبالتعددية الحزبية وحرية التنظيم فى المجال الجمعى للاحزاب ومنظمات المجتمع المدنى .
تلخيص معنى ومضمون الديمقراطية، يظهر في خطاب بركليس وقد كان أعظم الخطباء المتكلمين باسم الديمقراطية الأثينية ، وقد صور هذه الديمقراطية بعبارات حافلة في خطابه المعروف باسم "خطبة الجنازة" التي ألقاها في مناسبة الاحتفال الشعبي بدفن الذين قتلوا في الحرب ضد إسبارطة سنة 430 قبل الميلاد. قال بركليس((إنما تسمى حكومتنا ديمقراطية لأنها في أيدي الكثرة دون القلة ، وان قوانيننا لتكفل المساواة في العدالة للجميع في منازعاتهم الخاصة ، كما أن الرأي العام عندنا يرحب بالموهبة ويكرمها في كل عمل يتحقق ، لا لأي سبب طائفي ، ولكن على أسس من التفوق فحسب ، ثم إننا نتيح فرصة مطلقة للجميع في حياتنا العامة ، فنحن نعمل بالروح ذاتها في علاقاتنا اليومية فيما بيننا . ولا يوغرنا ضد جارنا أن يفعل ما يحلو له ، ولا نوجه إليه نظرات محنقة قد لا تضر ، ولكنها غير مستحبة. ونحن نلتزم بحدود القانون اشد التزام في تصرفاتنا العامة ، وان كنا صرحاء ودودين في علاقاتنا الخاصة . فنحن ندرك قيود التوقير ، نطيع رجال الحكم والقوانين ، لا سيما تلك القوانين التي تحمي المظلوم والقوانين غير المكتوبة التي يجلب انتهاكها عارا غير منكور . ومع ذلك فان مدينتنا لا تفرض علينا العمل وحده طيلة اليوم . فما من مدينة أخرى توفر ما نوفره من أسباب الترويح للنفس من مباريات وقوانين على مدار السنة ، ومن جمال في بيئتنا العامة يشرح الصدر ويسر العين يوما بعد يوم . وفوق هذا ، فان هذه المدينة من الكبر والقوة بحيث تتدفق عليها ثروة العالم بأسره ، ومن ثم فان منتجاتنا المحلية لم تعد مألوفة لدينا أكثر من منتجات الدول الأخرى. إننا نحب الجمال دون إسراف ، والحكمة في غير تجرد من الشجاعة والشهامة ، ونحن نستخدم الثروة لا كوسيلة للغرور والمباهاة ، وإنما كفرصة لأداء الخدمات . وليس الاعتراف بالفقر عيبا ، إنما العيب هو القعود عن أي جهد للتغلب عليه. وما من مواطن أثيني يهمل الشئون العامة لإغراقه في الانصراف الى شئونه الخاصة . والشخص الذي لا يعنى بالشئون العامة لا نعتبره (هادئا وادعا) وإنما نعتبره غير ذي نفع، وإذا كانت قلة منا هم الذين يرسمون أية سياسة فانا جميعا قضاة صالحون للحكم على هذه السياسة . وفي رأينا إن أكبر معوق للعمل ، هو نقص المعلومات الوافية – التي تكتسب من النقاش قبل الإقدام – وليس النقاش ذاته)). هذا ما قاله بركليس قبل ألفين وأربعمائة سنة ، ومنه يتضح إن الديمقراطية أسلوب حكم ، ومنهاج حياة ، بها تتسق جميع العلاقات بين الناس ، وهي تقوم فوق كل اعتبار على احترام كرامة الإنسان ، وحيثما يجد هذا الاعتبار اعترافا فتطبيقاته تكون مستويات السلوك في المجتمع ، وهي تكون اتفاقا متبادلا أكثر منها قسراً .. وصدقا وليس زيفا ويجب أن يكون واضحا أن الديمقراطية ليست أجهزة الحكم الديمقراطي ، فنحن لا نكون ديمقراطيين لمجرد أن عندنا مجلس وطني، أو جمعية تأسيسية لتضع لنا الدستور ، ولا نكون ديمقراطيين لمجرد إن عندنا هيئة تشريعية ، وهيئة تنفيذية ، وهيئة قضائية، تحتفظ كل هيئة باستقلالها وتعمل مع ذلك في تناسق مع بعضها.

هشاشة التجربة الديمقراطية السودانية
شهدت الأحزاب السياسية في السودان تقلبات وانشطارات عدة كان لها اثرها السلبي علي مسيرة الحياة الديمقراطية في السودان حيث شكلت هذه العلة، باجماع الكثير من المتعاطين مع الشأن السوداني،العنصر الاساس في اطاحة ثلاث تجارب تعددية سياسية شهدتها البلاد. وبعد كل فترة انتفاضة شعبية تطيح العسكر تعود الحزبية بنفس عللها من جديد، فبعد سقوط نظام النميري في ابريل 1985 ظهر علي الساحة السياسية السودانية اكثر من 40 حزباً سياسياً اقتربت من الثمانين بعد فترة وجيزة من ذلك بسبب الانشطارات والانقسامات التي حدثت فيها. ظاهرة الانشقاقات هذه طالت جميع الأحزاب تقريبا الكبيرة منها والصغيرة، الشمالية والجنوبية. وطالت حتي احزاب التوالي السياسي التي نشأت حديثا التي تسميها صحف الخرطوم احزاب الفكة. فانشق حزب الامة عبر تاريخه إلي أجنحة عدة (جناح الصادق المهدي) (وجناح الامام الهادي المهدي) وحزب الامة (جناح المحايدين) الذين فضلوا الحياد ثم (حزب الامة جناح ولي الدين الهادي المهدي) واخيرا (حزب الامة جناح النور جادين) الذي سارع قبل نحو عامين بتسجيل حزب سياسي باسم حزب الامة ضمن احزاب التوالي السياسي بتشجيع من حكومة البشير ، كذلك ظل كيان الانصار منقسما حتي يومنا هذا وأثر انقسامه هذا علي تماسك الحزب وان ظلت الغلبة للصادق المهدي بعد مقتل عمه الامام الهادي علي يد جنود الرئيس السابق جعفر نميري. ولم يسلم الحزب الذي يقوده الصادق ايضا من علة التنازع الداخلي بين التيارات الجهوية العرقية وهو امر يتفاقم اليوم ليهدد عدم تماسك الحزب، بل وانشقاقه. وانشق الحزب الاتحادي الديمقراطي إلي عدة احزاب منذ نشأته وحتي الآن الامر الذي كان له بالغ الأثر في كسبه السياسي خلال انتخابات عام 1986 ومازال الاتحاديون وخلفاؤهم الختمية يعانون ن نفس العلة بعد ان آلت رئاسة الحزب إلي الطائفية وواقع اليوم يقول ان هناك علي الاقل ثلاثة تيارات اتحادية. كذلك لم تسلم حركة التيار الاسلامي من التصدع سواء في اول ايامها أو علي ايامنا هذه وهي الآن تشكل تيارين فاعلين داخل حزبين في الساحة هما: المؤتمر الوطني، والمؤتمر الشعبي وينقسم التيار التقليدي فيها الاخوان المسلمون إلي جماعتي صادق عبد الله عبد الماجد والشيخ سلمان ابو نارو، ومثلما اصاب الانشقاق التيار الاسلامي الذي يعتبر حزباً ايدلوجياً اصابت جرثومة الانشقاقات ايضا تيارات اليسار المختلفة، فالشيوعيون انشقوا اوائل السبعينيات فخاصم بعضهم حكم الرئيس جعفر نميري وانخرط بعض آخر فيه، وانشق تيار الطبقات مطلع التسعينيات فخرجت منه حركة القوي الديمقراطية حق وانشق بتيار حق هذا الاخر إلي حق بالداخل بزعامة الحاج وراق وفي الخارج بزعامة الخاتم عدلان. والبعثيون ايضا جاءوا منقسمين بين السوري والعراقي ثم انقسم بتيارهم الغالب العراقي بين من هم ضد حكومة الانقاذ الحالية ومن هم دون ذلك ثم اصاب التصدع كل فريق علي حده. ولم تقتصر الجرثومة التي استشرت وسط القوي السياسية الشمالية علي هذه الساحة وحدها فقد اصاب التفكك التيارات السياسية في الجنوب ايضا وبعد ان كانت ساحة الجنوب مقسمة إلي حزبين علي ايام التعددية الثانية انقسمت إلي حوالي عشرة احزاب ايام التعددية الثالثة فضلا عن حركة الجيش الشعبي بزعامة جون قرنق، ولذلك من المهم للقيادات الحزبية والسياسية التنبه لهذا الواقع والعمل علي تفادي آثاره السالبة.
تزييف الديمقراطية. . أن الدستور إنما هو تعبير عن فلسفة الحكم بلغة القانون ..وهو في الأصل لازمة من لوازم الحكم الديمقراطي .. ولكن الديمقراطية تعرضت في الحقب الأخيرة الى تزييف معناها ، والى استغلال اسمها ابشع الاستغلال، خاصة في ظل الحكم المطلق. فالحكم المطلق دائما يتجه الى القضاء على فردية الإنسان وذلك بتحويله الى سنة في الدولاب الجماعي الكبير أو الى ذرة لا أهمية لها في المجموع الكلي، وحين تسعى الديمقراطية وراء التقدم عن طريق تنمية الفردية في الفرد بإعطائه الفرصة لتحمل المسئولية ليزداد نضجه ، يسعى الحكم المطلق الى تحقيق أغراضه باستثارة غريزة القطيع في القطيع واستغلال حاجة تلك الغريزة الى التجمع والتكتيل ، عند الطمع ، أو عند الفزع. وفي هذا التكتيل، هناك شبه بين نظرية سيادة "الجنس الآري" تحت حكم النازية في ألمانيا قبل الحرب الأخيرة ونظرية "دكتاتورية البروليتاريا" تحت الحكم الشيوعية وفي دعاوي بعض الاحزاب الدينية على تفاوت كبير في الوعي بينها، كل من الفاشية والشيوعية اتخذت أشكال الاقتراع العام دون أن تعطيها أي مضمون ، فهي لم تسمح بوجود أحزاب معارضة، أو بإجراء حملات انتخابية حرة ثم إن عمليات الاقتراع تجري علانية، فيراقب المسئولون الناخبين ، ولما كان عدم الاشتراك في الاقتراع يمكن أن يفسر على أنه تعبير عن العداء للحكومة فان نتائج الانتخابات في هذه الدول المطلقة تزيد على 90 في المائة ، وقد تبلغ 99.90 في المائة ، لصالح الحكومة ، فالتشابه السياسي هو غرض من أغراض الحكومات المطلقة. وتزييف الحكومات المطلقة للديمقراطية لا يقف عند هذا الحد الذي سلفت الإشارة إليه ، بل يتعداه الى ابعد من ذلك ، عندما يلف الحزب الحاكم طرحه في غلالة من الروحانية، والقدسية، ويضفي عليها شيئاً من حلل التصوف, بحيث يصبح الحزب الحاكم الدولة، والدولة هي الحزب، وليس هناك معنى إنساني، أو معنى روحي، بل وأقل من ذلك ، فليس هناك أي معنى ذا قيمة يمكن أن يكون خارج الدولة .. وبهذا المفهوم فان السلطة مطلقة، والدولة بوصفها تعبيراً شاملاً عن الإرادة الأخلاقية، هي الحق، وهي صانعة الحقوق.
ومن الامثلة الصارخة في محاولات الاحزاب السودانية لتزييف الديمقراطية، ماقاله الزعيم إسماعيل الأزهري في قضية حل للحزب الشبوعي السوداني وطرده من البرلمان ، بأنه سوف ينزل مع الشعب للشارع في محاولة للتأثير علي الرأي العام بصفته رئيس الحكومة في ذلك الوقت. مثال آخر: مطالبة د. حسن الترابي بتعديل المادة 5 (2) من دستور السودان المؤقت والتي تقول " لجميع الأشخاص الحق في حرية التعبير عن آرائهم والحق في تأليف الجمعيات والاتحادات في حدود القانون". وهي غير قابلة للتعديل لأنها هي جرثومة الدستور ، التي إنما يكون عليها التفريع .. وهي الدستور ، فإذا عدلت تعديلا يمكن من قيام تشريعات تصادر حرية التعبير عن الرأي فان الدستور قد تقوض تقوضا تاما .. ولا يستقيم بعد ذلك الحديث عن الحكم الديمقراطي إلا على أساس الديمقراطية المزيفة. كما أن المادة 5 (2) هي دستور السودان المؤقت ، وهي دستور السودان المستديم ، وهي دستور كل حكم ديمقراطي ، حيث وجد هذا الحكم الديمقراطي ، وعمل الجمعية التأسيسية في وضع الدستور إنما هو تفريع عليها ، ليجعل تحقيقها اكمل وأتم. المثال الثالث: حادثة طرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان السوداني، ثم قرار المحكمة الدستورية بعدم قانونية ودستورية الاجراء البرلماني بالطرد، وبالرغم من الغاء المحكمة الدستورية لقرار البرلمان وإعادة نواب الحزب الشيوعي لمكانهم، إلا أن السيد الصادق المهدي رئيس الوزراء في ذلك الوقت 1964 – 1969 رفض الانصياع لقرار المحكمة الدستورية وقال أنها غير ملزمة!!!؟ وهذا يثبت إن تزييف الحكم المطلق ، للديمقراطية لا يقف عند حد الشكول ، وإنما يتعداها للفكر وللفلسفة أيضا، كما أن تزييف الديمقراطية قد انسحب على الدستور، وأن هذا التزييف للديمقراطية وللدستور قد جاز على كثير ممن لم يتعمقوا الثقافة الغربية ، حتى من الغربيين أنفسهم.
وعلي الرغم من ذلك فالاحزاب السياسيه تلعب دورا هاما وضروريا في حياة النظام الديمقراطي؛ فالاحزاب الحسنة التنظيم تتنافس في الانتخابات وتحقق الفوز فيها؛ وتتولى تجميع المصالح الاجتماعيه وتمثيلها؛وتطرح البدائل للسياسات؛وتنتج قاده سياسين. كما تساهم المنافسه بين الاحزاب في مساءلة الحكومه وتضمن ايجاد الحلول للعمليه التي تستجيب لمشاكل المواطنيين.ان الحزب السياسي الفعال ؛شانه شان اي منظمه؛له هدف محدد وتنظيمات هيكليه واضحه تمكنه من تحقيق غرضه.وبالاضافه الى ذالك يجب على الاحزاب السياسيه القيام بعملهاباسلوب ديمقراطي لأنها مؤسسات هامه في الانظمه الديمقراطيه .ويعني ذالك اشراك الجميع في اتخاذ القرارات ووضع قادة الحزب امام مسؤولياتهم في مواجهة اعضاء الحزب والعمل على محاسبتهم. ان تنمية القواعد واشراكها في نشاط الحزب الذي يجب ان تتمثل نشاطاته الرئيسيه في اتصالات المسؤولين الحزبيين بمن هم خارج اطار الحزب وفي جهودهم لاستقطاب الاعضاء الجدد اهميه كبرى. كما تحتاج الاحزاب الى جمع التبرعات والاموال لكي تتمكن من القيام بنشاطاتها؛ كما تحتاج الى تدريب القاده ومن يعمل داخل هذا الجسد. (القاعده اولا) هو الشعار الذي ينبغي على قادة الحزب ومنظميه مراعاته دائما في سعيهم لبناء حزب سياسي ناجح. وينبغي تخصيص جزء من وقت الحزب واهتماماته وامواله للمستوى المحلي لان قوة الحزب السياسي على المستوى الوطني واستقراره ونجاح مرشحيه في الانتخابات على جميع المستويات امور ترتبط ارتباطا وثيقا بعدد اعضاء الحزب الناشطين والمهتمين والمؤيدين له على المستوى المحلي. وقد يدرك قادة الحزب اهمية بناء الحزب على المستوى المحلي؛ ولكن لا يتصرف الكل عمليا على هذا الاساس ولا يساهمون بشكل كامل في العمليه الديمقراطيه.وكثيرا ما تكون نتيجة ذلك حزب يعجز عن التنافس وعن تولي زمام الامور والحكم .وعليه على قادة الحزب ومنظيه عدم اغفال الاهميه المركزيه للفرد العضو؛لان اغفال القاده لدور القاعده سوف يؤدي لامحاله الى تهميش دورهم في الحياة السياسيه الديمقراطيه لبلادهم بصرف النظر عن خصائصهم وذكائهم.وبالاضافه الى ذالك لايستطيع قادة الحزب تحمل مغبة ان ينسوا ان السلطه المطلقه لصنع السياسيه والقرار هي في يد اعضاء الحزب ويجب ان تبقى هكذا؛ان كان الحزب يطمح بان يكون ديمقراطيابحق.ومن المؤكد ان تلبية الاحزاب السياسيه للاحتياجات السياسيه للبلد ومدى تلبيتها لتلك الاحتياجات يختلف من حزب لاخر اذ قد تؤثر العوامل الخارجيه والداخليه على اساليب الحزب وقدراته. سواء كان النظام السياسي رئاسيا او برلمانيا وتتم فيه عملية الاقتراع بواسطة قوائم مفتوحه او مغلقه وسواء كان المجلس التشريعي في هذا النظام منظما على اساس مناطق يمثلها عنصر واحد في المجلس او عدد من الاعضاء؛ فان طبيعة النظام السياسي سوف يطرح على هيكل الحزب وعلى عملية التخطيط الاستراتيجي متطلبات مختلفه.وقد تتقيد الاحزاب السياسيه الناشئه بسبب افتقارها للمال او المهارات التنظيميه او القدره على استيعاب مالها من دور متميز في النظام الديمقراطي.ان الاحزاب الفعاله تحتاج لقاده ومنظمين يدركون دورها في مجتمع ديمقراطي ويستطيعون استخدام كافة الاساليب الحديثه بفاعليه في التنظيم والاتصالات وجمع الاموال والتدريب. يتطلب نمو النظام الديمقراطي في المجتمعات التي تخلصت من سيطرة احد الاحزاب او المجموعات عليها او الانظمه الديكتاتوريه التخلي عن الكثير من الافتراضات والممارسات القديمه والتي كانت سائده في النظام السياسي السابق.اما على سيبل المثال في الدول التي لم تتم فيها عملية انتقال السلطه بشكل سلمي؛فيجب على القاده السياسيين الجدد والمواطنين على حد السوأ؛ ادراك حقيقة ان الخصم السياسي ليس عدوا لدودا ؛ وان التوصل للحلول الوسطى واشراك الاخرين في السلطه امور لا تدل على الضعف بل هي مكونات اساسيه للعمليه الديمقراطيه. صحيح ان الاحزاب السياسيه تختلف في ايديولوجياتها ومبادئها؛ولكنها تعبر عن تلك الاختلافات بشكل مسؤول.
ان إدارة الانتخابات وحيادية عمل لجان الإشراف تعتبر من القضايا الهامة التي يعالجها قانون الانتخاب لأنها من العوامل المهمة والمؤثرة في أداء وعمل الاحزاب الساسية، وفي تقويتها وإسهامها في تأسيس وتطور النظام الديمقراطي والحفاظ عليه. وهناك العديد من المبادئ الرئيسية التي يجب على كل جهاز انتخابي ان يراعيها وهي الاستقلالية والحرفية ( المهنية) والحياد.
الخلاصة والنتيجة
لقد إهتمت الحكومات والاحزاب السودانية بالآليات والشكول الديمقراطية، ولم تهتم بجوهرها، كسلوك وأخلاق وقيم وثقافة من المفترض أن تكون محيطة بالمواطن السوداني في كل مكان، المنزل، المدرسة، الجامعة ومكان العمل الي المؤسسات التي بالقانون. في ظل مجتمع غير ديمقراطي (الأب السلطوي، زعيم القبيلة، شيخ الطريقة، رئيس الحزب...الخ) وكل واحد ملك في مملكته، في مناخ إقليمي سلطوي (جمهوريات الدول العربية: في مصر، مبارك يجهز لخلافة إبنه، في ليبيا، القذافي يجهز لخلافة إبنه، في الأردن، المغرب خلف الابناء آبائهم الملوك، في العراق كان صدام يجهز لتنصيب ابنه خلفا له) إضافة الي الدول الملكية: السعودية، الكويت، قطر، البحرين، الامارات، في ظل هذا الواقع إن عمل آليات ديمقراطية دون تربية لن يفيد، دون توفر التربة الصالحة لنمو الديمقراطية الحقة. إن إشاعة ثقافة الديمقراطية من صميم واجبات الاحزاب السياسية، وليس مهة المجتمع المدني فقط، حيث لابد من دخول الديمقراطية كمادة أساسية في مناهج التعليم، والاهتمام بها في وسائل الاعلام، مع الالتزام بحكم القانون وعدم التدخل الايديولوجي في المؤسسات التي تخدم الشعب، علي أن يقود هذه العملية المتخصصون وليس السياسيون. أن أحزابنا السودانية بصورة عامة ليست أحزاباً سياسية ، وإنما هي طائفية تقوم على الفساد ، والجهل ، والطفيلية ، ولا تستطيع أن تحكم البلاد حكماً صالحاً ، وتكميمها لأفواه المعارضين في داخلها، وخارجها ، يمد لها في حبل الفساد ، ويستر عنها عجزها ، مما يؤيس الناس منها ويغريهم بالانفضاض من حولها ، ثم لا يجدون بديلاً غير الافكار المنحرفة، فيدخلون في صفوفها زرافات ووحدانا. هذا الوضع يحتم علي الاحزاب أن تحرص بجد علي ممارسة الديمقراطية داخلها، وان لا تهتم فقط بآليات وهياكل الديمقراطية، بل هي مطالبة بتربية عضويتها علي القيم ومكالرم الاخلاق، وخلق عضوية مستنيرة ومواطن ديمقراطي. وذلك حتي يستطيع المواطن من ممارسة حقه ودوره في إختيار الاصلح من خلال الانتخابات الحرة النزيهة. وعلي الدولة أن تعمل علي تغيير مناهج التعليم في مختلف المراحل التعليمية بالصورة التي تمهد للتربية والممارسة الديمقراطية، وذلك لاخراج المواطن الفرد الحر الديمقراطي في المنزل والعمل وأمام صناديق الاقتراع.

المراجع
أحمد جزولي، تصميم النظام الإنتخابي مدخل للتنمية، http://www.idea.int/publications/esd/upload/esd_arabic_2002_full_book.pdf
أحمد عادل ، الأحزاب السياسية والنظم الانتخابية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1992
الأحزاب السياسية http://www.pogar.org
الأحزاب السياسية في الوطن العربي، http://www.aljazeera.net/KnowledgeGate
الاحزاب والديمقراطية والانتخابات، صحيفة الأيام العدد رقم 9019 بتاريخ 2008-01-29
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9 الديمقراطية، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

الأنظمة الانتخابية المعاصرة، أعمال ندوة نظمها في عام 1994 - - مركز الأردن الجديد للدراسات،عمان : دار سندباد للنشر،1995

الفساد والحكم الصالح في البلاد العربية، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية، بالتعاون مع المعهد السويدي بالاسكندرية، الطبعة الأولى، بيروت، 2004م

ألان وول وآخرين، تعريب: أيمن أيوب أشكال الإدارة الانتخابية دليل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات سلسلة منشورات المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات (International Institute for Democracy and Electoral Assistance) Strömsborg - SE – 103 34 Stockholm Sweden 2007

المرشد إلى الحزب السياسي، مركز الأردن الجديد للدراسات ، عمان ، 1995

الوليد مصطفي ، الانشقاقات كأس شربت منها الأحزاب السودانية بلا استثناء - http://www.azzaman.com/azz/articles/2002/01/01-18/a99367.htm

آندرو ريتشاردز، استمرارية الديمقراطية فى الدول النامية، الظروف الاقتصادية والاجتماعية لتدعيم الديمقراطية، مركز المشروعات الدولية الخاصة، Center for International Private Enterprise ، عمارات العبور – طريق صلاح سالم، القاهرة، مصر - http://www.cipe-egypt.org الموقع باللغة العربية - http://www.cipe.org الموقع باللغة الإنجليز

http://tharwacommunity.typepad.com/tharwapedia/2006/08/post_1.html أنواع الديمقراطية


بلقيس بدري الحصص الانتخابية للمرأة في قانون الانتخابات المرتقب في السودان ، معهد دراسات المرأة والنوع والتنمية ، جامعة الاحفاد للبنات ، أمدرمان 2007

تمثـيل المـرأة فى الأنتخابـات http://www.futuressc.net/modules.php?name=Sections&op=viewarticle&artid=191

جولي نورمن ، الديمقراطية وحقوق الانسان http://www.phrmg.org/arabic/monitor2005/democracy.htm

جيريمي بوب ، مواجهة الفساد – عناصر بناء نظام النزاهة الوطني،– جنوب أفريقيا 2000، كتاب المرجعية – منظمة الشفافية العالمية، ترجم الى 20 لغة، النسخة العربية: مؤسسة الأرشيف العربي، الأردن

حقوق الإنسان، مجموعة صكوك دولية، المجلد الأاول، الأمم المتحدة، نيويورك 1993

دليل تدريبي للاحزاب السياسية، االمعهد الديمقراطي الوطني للشئون الدولية، National Democratic Institute for International Affairs 5th Floor 2030 M Street, NW Washington, DC 20036-3306 http://www.ndi.org http://www.ndi.org

رينولدز، أندرو وريلي. دليل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات حول أشكال النظم الانتخابية (استكهولم: المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 2002).

شرف العجرمي المرأة والإنتخاباتhttp://www.amanjordan.org/aman_studies/wmview.php?ArtID=626
عائد صاحب كاظم الهلالي، الاحزاب السياسيه وكيفية الانتقال الى الديمقرطيه، الحوار المتمدن - العدد: 2193 - 2008 / 2 / 16
عبد الرحيم أحمد بلال، الديمقراطية والتحول الديمقراطي في اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي ، مجموعة مقالات بصحيفة "الصحافة" السودانية، http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147508719&bk=1
عبد الرحيم احمد بلال ، المفوضيات فى اتفاقية السلام والدستور.. لماذا؟ ، الصحافة، http://www.alsahafa.info العدد رقم: 5204
عبد الرحيم احمد بلال، الطريق الي الانتخابات الحرة النزيهة، مؤسسة فريد ريش إيبرت الالمانية – السودان 2007
عبدالفتاح ماضي، مفهوم الانتخابات الديمقراطية، مشروع دراسات الديمقراطية في البلدان العربية اللقاء السنوي السابع عشر الديمقراطية و الانتخابات في الدول العربية ، جامعة الإسكندرية 18/8/2007 http://www.achr.nu/art220.htm

عدنان عودة (محررا)، مؤتمر الانتخابات الفلسطينية العامة، وحدة البحوث -البرلمانية، الملس التشريعي الفلسطيني، رام الله 2002

عساف نظام ، مدخل إلى حقوق الانسان ، عمان ،1998

http://monasaednews.blogspot.com/2007/12/blog-post_7056.html منى سعيد ندوة النظام الانتخابى وتأثيره على المرأة



#محمد_الفاتح_عبد_الوهاب_محمد_علي_العتيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- جدّة إيطالية تكشف سرّ تحضير أفضل -باستا بوتانيسكا-
- أحلام تبارك لقطر باليوم الوطني وتهنئ أولادها بهذه المناسبة
- الكرملين يعلق على اغتيال الجنرال كيريلوف رئيس الحماية البيول ...
- مصر.. تسجيلات صوتية تكشف جريمة مروعة
- علييف يضع شرطين لأرمينيا لتوقيع اتفاقية السلام بين البلدين
- حالات مرضية غامضة أثناء عرض في دار أوبرا بألمانيا
- خاص RT: اجتماع بين ضباط الأمن العام اللبناني المسؤولين عن ال ...
- منظمات بيئية تدق ناقوس الخطر وتحذر من مخاطر الفيضانات في بري ...
- اكتشاف نجم -مصاب بالفواق- قد يساعد في فك رموز تطور الكون
- 3 فناجين من القهوة قد تحمي من داء السكري والجلطة الدماغية


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد الفاتح عبد الوهاب محمد علي العتيبي - مفهوم الديمقراطية والتجربة السودانية