|
الواقع الاجتماعي المتخلف سبب لتفشي مايسمى بجرائم الشرف
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2459 - 2008 / 11 / 8 - 04:33
المحور:
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
ان الوضع الاجتماعي السائد في العراق يتميزبخصائص معينة و متاثر بمجموعة من المباديء و القيم و العادات و التقاليد التي يسير عليها و يترسخ الواقع بدورها استنادا عليه، و المستوى الثقافي العام و المدنية المتدنية من العوامل المساعدة لسيطرة العقليات التقليدية الاصولية على معيشة الشعوب و من ضمنها ما تخص المراة و ما تمسها و دونية النظرة اليها بشكل لاارادي نتيجة تعمق العديد من القيم و المفاهيم و الافكار الثابتة في اعماق المجتمع الرجولي ، و هذا بدوره نتاج طبيعي لتدني المستوى العلمي و غياب الفكر التقدمي و عدم المساواة و الفروقات الاجتماعية الظاهرة ،و للعقائد و الاديان و التاريخ و التعليمات و الشرائع دورها الجذري الفعال في نشوء حالة العنف تجاه المراة . انعدام الحرية وغياب النظرة الانسانية الى كافة مكونات الشعب من طبيعة الوضع الاجتماعي المترسخ، و خلط المدنية و العشائرية و عدم الشفافية في سير حياة الافراد و العوائل و الانغلاق الكامل و الانعزال و التخلف المسيطر و العقلية البدائية و ترسيخ المفاهيم و تعريفها بين افراد المجتمع بشكل مطلق، يجعل بعض الاراء و التصرفات تبرز من خضم التفاعل الحياتي و كأنها شيء طبيعي ، و تنتج منها المآسي العديدة ومن ضمنها القتل و الوأد، و يتفشى الجرائم المتنوعة و منها ما يسمى بجرائم الشرف ، و تختلف من حيث الكمية و الكيفية و النوعية من مرحلة لاخرى و من واقع لاخر حسب النظام و القوانين المتبعة في البلاد. و من الطبيعي ان تكون العلاقة انعكاسية بين مستوى المجتمع الثقافي و العلمي و الانفتاح او الانغلاق في الفكر والسلوك مع نسبة الجرائم المقترفة باسم الشرف الملتصق زورا و بهتانا بتصرف المراة ، و تكون في اكثر الاحيان نتيجة تصرف بسيط او توجه مختلف مع ما هو متجسد و هو من ابسط حقوق الانسان ، هذا ان لم نعلن فرض العزل و الكبت و سلب الحرية الشخصية في العمل و الفكر و حتى في الاحاسيس و الاختيارات و منها الزواج و الحب و غيرها من الامور التي تخص الانسان نفسه. و هذا ما يجعل مجال الخطا اكبر، لكون الغرائز و الاحاسيس لا يمكن كبتها بسهولة ، و لهذا نسمع من القصص الواقعية السرية بعيدة عن عيون الاهل و الاقرباء مما يوسع مجال و نسبة عدم اتخاذ القرارات الصائبة الخاصة بمسيرة الحياة. و في المقابل عند اكتشاف العلاقات العذرية الصحية فان العادات و التقاليد تجعل من المقربين من المراة ينظرون الى من كانت معبرة عن احاسيسها بشكل سري كجريمة لا تغتفر و تستحق الفناء كما يسمى هنا بالغسل للعار ، ومع ذلك يُنظر الى المجرم المقترف للجريمة كبطل مغوار يستحق المكافئة ، و في بعض الاحيان يعلن المجرم بملا فمه هو المقترف لهذه الجريمة في حين لا نجد قانون رادع بل هناك من الانظمة و لاسباب سياسية تخفف تلك الجرائم و تفسر قوانينها على انها تستند الى الشريعة والدين و ما مرتبط بالزنا و عقوبته ، و لكن المعاقب الاول و الاخير هو المراة لان المجالات واسعة لتهرب المجرم و افلاته واخراجه من الجريمة كشعرة من العجين و بعدة طرق و منها الصلح العشائري ان كان عليه الدعوى او بالمال و الجاه او يكتم الافواه باية طريقة كانت . ان كان هذا هو الوضع القائم في ظل ضبط الحكم بقبضة من الحديد و النار فما بال الوضع الراهن في العراق و ما هو عليه المجتمع و انتشار العادات و التقاليد المستوردة و عدم استقرار الوضع الامني و الاقتصادي و انتشار الفقر و الفوضى و عدم اعتماد القوانين الصارمة و تضاعف عدد الارامل و العوانس و انخفاض المستوى الثقافي و التعليمي و تحديد الحريات العامة و الخاصة و سيطرة الافكار المنغلقة على الوضع السياسي الاجتماعي كالنظر الى المراة كأنها عورة. لو القينا نظرة خاطفة على الوضع القانوني و تطبيقاته منذ السقوط و تاثيرات عدم الاستقرار الامني و عودة العلاقات العشائرية القبلية و تاثيراتها على تنفيذ القوانين العامة و ما تخص بالمدنية و الحكومة و القوانين المتبعة ، و نكتشف ما هو لصالح العودة و الرجوع عن الفكر و السياسة التقدمية و الالتزام بالتقاليد المبتذلة، ومن جهة اخرى ان كانت الجريمة في السر او العلن فيتدخل الصلح العشائري كبديل لتنفيذ القوانين و هذا ما يؤدي الى عدم ردع المجرم و من يقف وراءه من حاملي الافكار و العقائد الرجعية. ان كان الحل يكمن في مدى التقدم و التطور الثقافي العلمي العام للمجتمع على المدى البعيد، فان الحلول الفورية و القاطعة على منع حدوث تلك الجرائم يكمن في تنفيذ القوانين الرادعة و منعها بقوة القانون و اتباعه بشكل عادل، و ابتعاد كافة الحلول التقليدية العشائرية الاخرى التي يمكن الاتجار بها في الوقت الراهن الى ان يستقر الوضع الاجتماعي الثقافي و يمكن التقليل من هذه الظواهر المتفشية في المجتمع الشرقي بشكل عام، اي الحل الفوري و السريع هو وضع موانع امام ازدياد نسبة الجرائم بتطبيق القانون و من ثم التوعية والتعليم و و فهم الحياة بما فيها من الحقوق والواجبات، و هذه عملية طويلة تحتاج الى وقت لقطع دابر هكذا جرائم التي لا تقل تاثيراتها و سلبياتها على حياة المجتمع عن جرائم الارهاب و السلب و النهب . اي ان هذه الجرائم مزدوجة التاثير الاجتماعي و السياسي ، و العامل الحاسم هو تدني المستوى الثقافي و الوعي العام و المبرر هو العادات و التقاليد و العقائد و الافكار البالية التي تسيطر لحد اليوم على عقول المجتمع و التي هي ليست بمبررات مقنعة لكونها متغيرة و قابلة لاعادة النظر فيها بتقدم المراحل الاجتماعية الثقافية ، و تدخل الاسباب الاقتصادية كمبررات ثانوية في هذه القضايا عادة. لكن الحل الامثل كامن في ازالة المسببات و هي الفوضى الاجتماعي بما فيها انتشار المواد المخدرة و الكبت و اللامبالاة و عدم التمتع بالملذات الحياتية ، و فرض الافكار و العقائد و تفصيلاتها قسرا كالحجاب و الفرائض الاخرى مما يعكس النتيجة سلبيا و يحولها الى ازدياد الاخطاء سرا و علنا ، وعدم الاشتراك في النشاطات الحياتية المفيدة للفرد و المجتمع الثقافية كانت ام رياضية ام اجتماعية مع عدم توفير الوسائل الاقتصادية و الصفات الخيرة كاحترام ما يفيد العام و الحب و المودة و القيم التقدمية العامة، و في المقابل نجد انتشار العنف و الاعتدائات المتكررة ، و نكتشف ان المسبب الرئيسي العام و القاطع للتحرش بالمراة و جرائم ما يسمى بغسل العار ظاهرة مماثلة للعنف و التعدي و الثار و الانتقام اكثر من هي جرائم جنسية و هي ما تسبب الفضائح و تنتج الجرائم الاخرى.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصمت الخانق للمثقفين المرتبطين بالقوى المحافظة في العراق اي
...
-
ضمان حرية الفرد نتاج النظام السياسي و الثقافي المترسخ في الب
...
-
نبحث عن اي نظام سياسي في العراق؟
-
قانون الاحوال الشخصية و حقوق المراة في كوردستان العراق
-
ضعف القوى اليسارية في الشرق الاوسط
-
ما بين الثقافة و السياسة في العراق
-
تهجير المسيحيين في هذا الوقت لمصلحة من؟
-
كان الدكتاتور عادلا في ظلمه لكوردستان و الاهوار معا
-
حان الوقت المناسب لاستنهاض اليساريين في الشرق الاوسط (2)
-
حان الوقت المناسب لاستنهاض اليساريين في الشرق الاوسط
-
عدم انبثاق مجموعات الضغط لحد الان في العراق !!
-
اية ديموقراطية تحل الازمات في العراق؟
-
لو كنت امريكيا لمن كنت اصوت؟
-
لماذا لا يثق المواطن الكوردستاني بالسلطة السياسية
-
حزب العمال الكوردستاني و الحكومات التركية المتعاقبة
-
تفشي حالات الشذوذ في العراق
-
اين النخب الفكرية من الوضع الراهن في العراق
-
هل انتهى عهد الراسمالية العالمية بعد الازمة المالية ام .....
...
-
هل انتهى عهد الراسمالية العالمية بعد الازمة المالية ام......
...
-
انغلاق الاحزاب الكوردستانية على نفسها
المزيد.....
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
-
روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت
...
-
فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح
...
-
السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب
...
-
تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
-
-دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة
...
-
مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز
...
المزيد.....
-
العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا
/ وسام جلاحج
-
المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما
...
/ محمد كريزم
-
العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا
...
/ فاطمة الفلاحي
-
نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟
/ مصطفى حقي
المزيد.....
|