|
أنين التضاريس
رحاب حسين الصائغ
الحوار المتمدن-العدد: 2458 - 2008 / 11 / 7 - 08:11
المحور:
الادب والفن
((قصيدة الشاعر وديع ألعبيدي بناء دائري وقوة كامنة في اللغة)) (( الشاعرة رؤيا رؤف مشاعرها لا تهدأ)) كان الحب يحمل ضوء معتق من قطع السكر، هو إحساس معبر لكل خرائط الجسد وبوح جميل لمعتقلات الروح، يرسمنا على رصيف تتجمر أقدامنا حينما تمرَُّ فوقه لوجعه ضجيج يثير كل ابتسامات الحياة، قناديله الفضية في شجرة النفس تدندن بفرح ينُّزُّ منه ألف سؤال وحيرة لرغبات تجسد الأحلام بصور رائعة. للشعر ملائكة جياشة بما تفيض من إحساس معبر بكل صدق عنه، للشعراء شعور مفصل بما تنتج دواخلهم، الشاعرة رؤيا رؤوف وقصيدة ( قلبي جزيرة... أعشابها لؤلؤ) والشاعر وديع ألعبيدي وقصيدة ( في نفسها اختزلت غيرها) يقيمان أبراج لسعادة خطوطها عالقة ببراءة الإحساس الساكن أبجديات الحب، نكهة مشاعر تمنح فيض منسحب من أعماق خلاقة بجدية تحمل نشاط لا يعرف الاندثار أو التناسي، دفء متوسد الصدر بنسك غير مخترع بعد، يعتلي ناصية العقل والنفس والعاطفة ويثير لألئ كل مشاع محيط بالشخوص التي تعمر حياتها بالحب. رؤيا رؤوف غريقة مشاعر منبثقة من ذلك الإحساس مغرمة حد الشغف بالحب، لكنها لم تتذوق طعمه الحقيقي وتريد التعايش مع لحظة حب صادقة تندفع مولعة وصارخة بكل أحلام الصبابة تهاجم همسات قصيدتها( قلي جزيرة... أعشابها لؤلؤ) تدفعك للتفكير في امرأة همها الزماني الحب، العنوان يوحي لنا بمساحة قلبها وجزيرته التي أعشابها لؤلؤ ربما حددت هذه المساحة ونوع ما تحتوي، ثمة رؤيا مختزلة في قولها: حماقات قلبي لا تهدا ظلي سيمطر لحنا ورياح الدهشة المذهلة ألبستني الغيوم البيضاء سأرسل عشب حياتي مع المطر وتنهدات تخترق العالم الأصم واسحب الشقاء خطوة خطوة وانتشي بقمح الروح جموح يصاحبه تشبع بالإحساس الغامق لمشاتل الروح التواقة للحب، فهي يجهد نفسها في خلق صورة جميلة عن مشاعرها المتعبة ولا تهدأ، لذا شديدة البحث عن نفسها كأنثى، عندما تحمل امرأة مثل هذه الجرأة هو ليس بالشيء القليل، كما في قصيدتها، قولها: روحي التي تمد لك خيطا أطول خيط الذكريات امسك الخيط بهدوء حين يرتعش القلب الأحمق والجنون يتسكع في غابات الغيوم سأسرق النجوم من حضرة السماء واصنع سلما معلقا في الفضاء تعزف عليه إيقاع أقدامي المرتبكة تريد أن تمنح شخصها التفرد في كل قراراتها حتى المقمطة بقماط المجتمع، مانحة الاصالة لموقف هي تصنعه تدهشك في سحق مبخرتها ميل كحلها أنوثتها التي يمر كل يوم عليها ألف عنكبوت وجرادة وترمي بهم في بطن الألم المتشرنقَ بالهواجس العفنة، تحاول أخذك للصباح النقي وتريك حقول مشاعرها المشعة بالضياء هي امرأة خارجة عن وشم النساء المنكوبات، ثم تتركك تبحث عنها حين تعلم كم هي ثرية بما تملك من عواطف وعذابات وحنين، عالمها عالم المرأة المثير في كل ماهيته الجمالية والصفاء والنقاء والصدق، حيث تقول: ويضيع الأثر المرئي والغنج العذب... وآه آآآآآه من السحر الخفي وآآآآآه من هواء الأمس آه من التنهد والشمس تمسك بخيط النور سيبقى القمر الزهرة الأبدية وقلبي جزيرة مثالية أعشابها وتربيتها ذهبية وأمواج مياهي وردية خلقت صور جمالية غاية في الإبداع بشن فتوحات ناجحة على دواخل النفس عند المرأة من الناحية العاطفية والجسدية حملتها جرأتها الكامنة في مشاعر قادرة على نفض سواد الليل الذي يخفي هذا الكائن الرقيق الشفاف(المرأة) بقولها: آه من البوح والصمت آه من سراب أمواج الكلمات آه من ألتوق لترويض الرغبات وانتشي بخيال من حضرة الذكريات وأذوب في تخوم البحور والطرقات أزيح غمام الحزن من كل المساحات متمكنة حقا من مشاعرها وقوة ذهنها المبدع على شكل نقوش تعتلي جسد أجمل الجدران التي عرفت الزخارف الفسفورية، لم تترك القصيدة نائمة على حوافي الأسرار بل جعلتها كثريا تتلألأ ضياؤها في قلب المكان، بقولها: حنين أزلي ترنو جدائله على الشرفات يبحر في عتمة الغيب يسال السائلات يغفو على أجوبة من سراب المديات رؤيا رؤوف شكلت من خيوطها البلورية قصيدتها ونثرت عليها زغاريد عرشها الجنوني المختبئ في زوايا القلب إلى آخر القصيدة على نفس النهج نتساب كشلال لسحرها وسحر الحب الذي تحلم وتحلم أن تغرس نفسها فيه وإلى ما لا نهاية تعيشه بكل صفائه ونقائه، جميل أن تتمكن امرأة من فك رموز غاديات مشاعرها. الشاعر وديع ألعبيدي وقصيدة( في نفسها اختزلت غيرها) تركيب القصيدة يلتقي ببنية اللغة في المعنى المباشر لوحدات الذهن مستعملاً عدسات متخيله في تشكيل الأمكنة والأزمنة لما يحمل من خبرة في استنطاق المفردة وغرسها في جو القصيدة، حظيت هذه القصيدة بقدر كبير من المعاني القيمة عن الأم/ الابنة / الوطن/ الحنين، الشاعر وديع ألعبيدي بسحر من الحكمة والأسطورة خلق تحرر من ألذات وما يعذبها بوصف للمشاعر المتلاحقة في كل جوانب نفسه وفكره غير قادر على الانفكاك من صورة الأم والذكريات وقهر البعد عنها، بقوله: لمن أنت يا قلب ُ تتركها يا من قضيت سنيناً تجمعها تنظمها تدثرها بالمحبة.. وتغسلها كأني أراكَ بلا موعدٍ تضيعها أخلف باب المخيم ملتفة بالعباءة وفي يدها صرة من تصاويرك للشاعر وديع صور حسية واضحة للقصيدة بناء دائري وقوة كامنة في اللغة متواصلاً بفض الشعور الجارف في تداخل معنى للأنا" الأم " تعتبر ذروة الحب المتشكل لامرأة، ألام تلك المرأة التي عجن عواطفها مجمل علاقاته بالمرأة وأخيرا ينحت لها تمثال من الرمز الباقي في ضميره مصطدما بكل التسميات لمعرفة قدرته في التفريق ويبقى إلى آخر القصيد مع ثالوث وجوده المبهم في نظره حيث يقول: تغازلني وأغازلها تعاتبني وأعاتبها تداعبني وأداعبها تطاردني وأطاردها وتحملني فوق كفين من ضوئها واحملها في فؤاد تكسر من لوعة الناي فتطفو الغضون بصورتها أفتش في الذاكرة لعلي أصادف ضحكتها بهجتها أقول لها تعالي نصالح وجه الزمان فافقدها .. ضيعتني المسافات ضيعتني الشعارات ضيعتني التفا هات فمن يستطيع اختزال الحروب والحصار الوطاويط الشاعر وديع ألعبيدي لعب والزمن والوطن لحظات دوران والارتداد في خلق المفهوم الشكلي لتعالي صورة الأم، ودبيب حضورها المتأصل بسكناته، وديع يفهم انه ليس وليد لحظة بل عمر تقامز وبتطارد في خلق نواة هذا الشجن بقوله: كأني أرى ما يرى نائم ذاب في صوتها فأرخى عنان الخيال وأسرى لها ليس لامرأةٍ أن تطاولها أو تقارب دفء أصابعها واحتراق الشفاه بقبلها واستفاقتها في الليالي.. تتفقدني.. ترفع من فوق صدري الكتاب تعدل وضع الغطاء وأبصرها من خلال النعاس ولذتها فاسكر من حنوها احضنها بين عينيَّ وأطبق جفني على رسمها كأني.. كأني بها أقول لها تعالي الشاعر يستثيرنا من العنوان في البحث عن تلك المرأة، يأخذنا إلى جمالية المعنى وفحوى إنفاقه، وديع يحمل بصائر الشاعر الإنساني مؤسساً عمق التفاعل في جو القصيدة بكينونة شعرية رائعة التصوير والمضمون وخلق إبداع حسي حاضر يضم تاريخ حياة وفواصل زمنية تعيد عند القارئ نفس الاندهاش والمشاركة في بوح الألم، بقوله: تركتني صغيرا لأشتاقها فعشت سنيني أفتش عنها وعن مثلها كلما شفت امرأة.. أتخيلها أو هفت مهجتي مرة.. همت بها.. أقارن بسمتها واربط لمستها بلمستها وأمعن بين نظراتها ونظرتها كلما .. لمست حنانا من امرأة .. تمنيت البكاء على حجرها واشتهيت أصابعها تمسد شعري ومن فمها دندناتك.. في تهجدها أغفو على صوتها وأسافر.. كم أسافر..ختام.. هذا أنا.. كل عامين إلى بلدة وما زلت في قلق واشتها.. أما قصيدة ( لا تحبيني رجاء) بالمسافة يعيد لنفسه بعض الإحساس الجمالي يعاكس ما يدور في رأسه بحضورها الكوني رافضاً ما آل إليه حاله كطفل يعاند يتمرد لأنه يجد نفسه في حضن الحنان مكل مسافات الحياة وجمالها المقولب بإرضاعه الحقيقة المرّة بقوله: (لها عبر البحار!) كل هاذ البحر لا يفصلني عنك.. كل هذي الإبحار الهوجاء.. لا تقدر أن تفصلنا عن بعضينا.. صوتك يملأ روحي.. وصدى أنفاسك يخنقني.. افتحي الشباك كي يلسعني البرد قليلاً.. أيّ سر حبك؟!.. يختزل الأكوان في ثانية.. أو بضعةٍ من ثانية.. لست أنسانا.. لا.. لا.. انك أكثر من (طين) تأنسن.. لا تحبيني رجاء.. واعزفي وجهك عني.. فانا لست أطيق .. حبك يمتص إحساسي وروحي حبك يملأ أفكاري وقلبي.. فارحميني.. الشاعر وديع، كأنه يود معاقبة نفسه وغلق منافذ الصد بترجيح متبادل مع ألذات هو إنسان يغطيه العديد من الخسائر رؤيته في هذه القصيدة وليدة حقيقة لمسها بعد فوات الأوان فتنافر داخله أفق من التخيل المجبول بالحب العنيف للمرأة (الأم) التي تمثل اللغة والأرض والتاريخ والزمن، وديع يتمنى لو أنها لم تلبسه ثوب الحنان الذي أبلى جسده، بقوله: خففي من رقة الصوت قليلاً.. حاولي استخدام ألفاظ بذيئة.. أغلظي القول.. تناسي.. ولا تأتي إذا دعوتك .. كي أكرهك بعضا من الوقت.. اهجريني.. اهجريني.. وأعينيني لكي أكرهك.. أنا ابن الغابة الموحشة الدكناء لا احمل هذا البريق لا تحبيني رجاء..! رؤيا رؤوف ووديع ألعبيدي ما نثراه من بسمات مغمسة بالحنين والمعرفة متشابك مع سحر الشعر، لم يجيء متجرد إنما كان بالفعل إحساس متيقن من البعد الجمالي لمعنى تلك المشاعر التي منها يُعرَفْ الإنسان ومدى وعيه بالحياة لما يحمل من تفاعل يقود لأسمى مضامين الوجود عنده بالحب يملك العقل الكبير والمدركات السامية، بالحب طرق الإنسان الأبواب المغلقة لكل العلوم والمفاهيم ولوجود الحب عند الإنسان للأشياء والرغبة التي تدفع به أن يبدع ويصنع وينتج، الحب يجعل الفرد مختلف عن باقي المخلوقات التي لا تملك غير الغريزة، أما الحب فهو اكبر من الغرائز التي تفضي بكل الأوجه وتؤدي نتائجها في النهاية إلى احتمالات غير محسوب لها حساب أو تقدير، أما الحب يأخذ الإنسان إلى عوالم المعرف والتحسب والفهم والإدراك. الكتابة / ناقدة من العراق [email protected]
#رحاب_حسين_الصائغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تمثيل الثقافة العربية
-
ثائر العذاري....علامات الكؤوس الممتلئة
-
لوركا الموصل يقلب حكمة الوجود
-
الكتابة طريق للبحث عما هو خارج ألذات
-
القاص نواف خلف السنجاري.. ابتسامة نصف ساخرة بإحساس
-
عاصفة بياض مشرقة
-
القنص وسيادة الاستفهام
-
ساوين حميد مجيد. .... للمرأة فطنة منبثقة وإبحارفي معجم الصوت
-
المرأة والعنف الممارس ضدها
-
منقصص القمر المنشور/عابرة / نفس / غبار / غرز الوقت
-
من قصص القمر المنشور/لم تنساه/ تكسر /عقاب
-
من قصص القمر المنشور //مشروع / دولاب / مجرد شك
-
توافق / مديات ضيقة/ حلم عمود / من القمر المنشور
-
من قصص القمر المنشور / قناديل / اعمدة
-
من قصص القمر المنشور / انقلاب مائدة/ أوراق / قناديل
-
من قصص القمر المنشور /عزلة / تراجع / انقلاب مائدة
-
من قصص القمر المنشور/ توجه / جبال
-
من القمر المنشور/ توجه / جبال
-
من قصص القمر المنشور/ نشاط / مفردات يومية
-
من القمر المنشور/ رزم / ذبول الاندماج
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|