نهرو عبد الصبور طنطاوي
الحوار المتمدن-العدد: 2457 - 2008 / 11 / 6 - 00:02
المحور:
الادب والفن
يا أبت أين أجد الله؟؟
ألقى نحوي ببصره
يتأملني
وكعادته
يودع صدري رأسه
فأُوْدِعُ قلبي براءته
ولدي
وحيدي
ابن الثامنة
***
وكعادته
وضع يده اليمنى
على وجهي
تحسس عيناي برفق
تحسس أنفي
وفمي
شاغبني قليلا
وسكن
***
زحف عليه الضوء
فعبست عيناه
تقاوم شغب الشمس
وغرق لقاع التفكير
***
وفي وهج براءته
أطلت من عينيه نظرة
يكسوها غبار اليأس
قلت له يا ولدي
إلى ما تنظر؟؟
وماذا تصارع؟؟
قال أنظر فيَّ
ونحوي
وفي اللاهو
واللاأين
واللاكيف
وأصارع حمى المجهول
قال:
يا أبت ...
وصمت طويلا.
***
نظرت إليه واللاأمل
يحط بوجهه
يا ولدي:
أي سؤال جف بحلقك؟؟
قال: والخفقان يهدهد قلبه
سؤال مُرٌ يأبى أن أنساه
يا أبت: أين أجد الله؟؟
التفت إليه وحدقت
أمسكت بيمناه
ومشينا
قال يا أبت:
هل أغضبك سؤالي؟؟
قلت له: كلا
قال: فأين أجد الله؟؟
قلت له: في الدنيا.
قال: في الدنيا؟؟
وماذا يفعل؟؟
قلت له يبحث عن أمة خير
يخرجها للناس
ولما أرهقه الترحال
حل بأمتنا
قال: ووجدها؟؟
قلت له:
غدا ستعرف
ما لا يقال
***
قال: يا أبت وأين ألقاه
قلت له: في كل مكان
اسمه معقود بذيل الكذب
على ألسنة الناس
انظر هذا القديس
وذاك الشيخ
والحاخام
تجد الله
عمامة تعلو رأس الباطل
ولحية تخضب وجه البهتان
انظر هذا الجلاد الجاهل
يحفر سوطه
في ظهر الإنسان
وتراه يصلي
يخشع
يبكي
ويرتل آيات القرآن
***
يا ولدي
في أمتنا
لو تقترف الإيمان
افعل ما شئت ولن تأثم
ستمنح صكا للغفران
***
انظر تلك المومس
يجالسها الله
يصافحه النخاس
وينثر رضوانه
فوق الخائن
والمحتال
والسارق
والقواد
والقاتل
والطاغية الجزار
الكل يقترف الإيمان
لا أحد منهم يأثم
فالكل يدور
بين قضاء الله والأقدار
***
يا ولدي
لو تؤمن بالله
وترتل أدعيته
وتتمتم بالكلمات
يعطيك رداءه
والمسبحة
وتنعم بالبركات
***
مسكين ولدي هذا
بعد لم تتلوث نفسه
بدنيانا القاتمة
يظن لدينا شيئا
من طهر الإنسان
نبقيه لدنياه القادمة
وفجأة باغتني
بسؤال مر
يا أبت أين الإنسان
هل ضاع الإنسان؟
قلت له والألم يعصر كبدي:
ضاع الإنسان.
قال: ومتى؟
قلت له:
منذ آمنا بالله
وكفرنا بالإنسان.
#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟