|
استطلاع/الشعر الشعبي .. و استبعاده من النشر في الصفحات الثقافية
علي الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 2456 - 2008 / 11 / 5 - 04:56
المحور:
الادب والفن
الشعر الشعبي واثره في تاريخ الثقافة العراقية بشكل عام، تنضوي تحت اهميته الكثير من الاسئلة التي لا يمكن تجاهلها او غض الطرف عنها، خاصة وان هناك سلسلة استطلاعات وحوارات سلطت فيها الضوء من خلال النخب الثقافية التي هي في بعضها خارج مدار الشعر الشعبي، وهذا ليس انحيازاً لثقافتنا الشعبية حتى مع الاراء والطروحات الجريئة، عن تلك الاهمية فكانت نسبة تلقي الشعر الشعبي والحفاظ على هويته ككائن حي يستقي لغته بعيداً عن اتهامات ـ اللهجة ـ والى ما ذلك، كونه يتكون من جماليات تلك الثقافات المتعددة والمتآصرة في الجذر الابداعي العراقي، علىاننا ضمنا في هذا الاستطلاع احد تلك الاسئلة ولنخبة اخرى من المعنيين بالثقافة وبالاعلاميين من مسؤولي الصفحات الثقافية حول ـ ظاهرة استبعاد نشر الشعبي العراقي في الصفحات الثقافية العراقية وهل هو ترفع ام موقف يحال للجهل والامية!.
غبن وترصد غير مبرر الفريد سمعان/ شاعر وكاتب واعلامي يشكل الشعر الشعبي حضورا بارزا في الحركة الثقافية في كل انحاء العالم وبصورة خاصة في العراق حيث تمتلئ الحقيبة الادبية باسماء كثيرة لها امكانياتها الجيدة وهي لاتقول شعرا شعبيا فحسب بل امتدت امكانياتها نحو افاق جديدة ذات اثر في اعطاء الشعر الشعبي نكهة خاصة. ان اساس اهتمام الجماهير بالشعر الشعبي كونه مكتوباً باللغة المألوفة التي يتعاملون بها في كل مكان ولمعظم الاغراض باستثناء دروس اللغة العربية الفصحى اضافة الى الصور والاخيلة المتداولة واللوحات المعنية بالمعاني الجميلة والحوارات المفروشـة على العشـب الاخضر. اما عدم نشر الشعر الشعبي في الصفحات الثقافية فهو نوع من الغبن والترصد غير المبرر بشعراء يقدرون بالالاف وقصائد تشكل بيادر متألقة تتعايش فيها القصائد والافكار وتتوارى خلال مفاصلها عوامل الابداع والشجن الداخلي والعواصف التي تسعى الى العدالة عبر انجازها الثوري وتضامنها مع الاحداث والمناجاة وطرق ابواب مختلف الاغراض الشعرية، فهي حزينة من قصائد الرثاء وعاصفة في مجرى المطالبة بحقوق المجتمع وهي تزخر بالفرح والهلاهل في المناسبات المتواترة، في عيد ميلاد او عقد قران او الابتهاج بالنجاح او تحقيق امان كانت الابواب موصدة امامها. ان عدم نشر هذه القصائد وهي تمتلك كل هذه الطاقات الابداعية والانشاد الانساني والخصائص المتميزة فيه الكثير من الغبن والاجحاف وهو يعني القطيعة بين شريحة واعدة من الشرائح الادبية وبين بقية الفروع المعرفية الاخرى كالمسرح والتشكيل والاغنية وبشكل خاص مع القصيدة التي لاتتعامل الا بالفصحى مع الاشياء والاشخاص. وانا استغرب من هذه المفارقات اليائسة فالشعر شعر، والعمل الابداعي هو الذي يفرض وجوده على الساحة الادبية ويأخذ مكانه بين الصفوف المتراصة عسى ان تتوقف حملة الاضطهاد التي يتعرض لها الشعر الشعبي لاسيما العطاء الذي يقدمه كبار الشعراء امثال مظفر النواب وعريان السيد خلف وناظم السماوي والحلفي وسواهم والف مرحبا بالقصيدة الجميلة المتكئة على شجرة الابداع الفني.
تقاليد صحفية عدنان منشد/ ناقد واعلامي ليس ترفعاً او موقفاً مرتبطاً بالجهل والامية، وانما هذه الظاهرة تنبع من تقاليد صحفية عراقية طويلة وترقى الى الزمن العثماني والعهد الملكي والمراحل الخمس السابقة لجمهوريات الوطن الدموية، حيث السائد والمألوف، ان تقدم الصفحات الثقافية العراقية في طبق للغة العربية الخالص، ولاتستقبل البتة مايكتب بشكل عامي او شعبي او حوشي، ولكنها جميعاً مستعدة لفتح ابوابها لمثل هذه الكتابات تحت صفحات تحمل عنوان (ادب شعبي/ فولكلور/ ذاكرة شعبية/ فضاءات شعبية...) وغير ذلك من المســميات. حتى نظام البعث السابق الذي سن قانون سلامة اللغة العربية الصادر في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، ثم تراجع ذات النظام عنه في سنوات الحرب العراقية الايرانية خلال الثمانينيات عبر الترويج لقصيدة الشعر الشعبي في الاذاعة والتلفزيون والبعض من المهرجانات الشعبية الرسمية، وقف موقفاً صارماً ازاء هذه الظاهرة الحساسة، حيث لم يتح مجالاً لنشر قصيدة الشعر الشعبي في وسائل اعلامه المقروءة بالمرة، من منطلق التقاليد الصحفية المتبعة في العراق، لامن منطلق الجناية على الشعر الشعبي او التعدي على فرسانه المعروفين. وهذه حقيقة معروفة، من الصعب تجاوزها او الافتراء عليها.
تكملة الجماليات فهد الصكر/ تشكيلي وكاتب صحفي اعتقد ان الامر لايتعلق بالترفع او الجهل او اي شيء آخر، ربما يحيلني الموضوع الى قول الجواهري (الشعر الشعبي ترجمة للقريض). لكن الامر ربما يتعلق بالصفحات المتخصصة التي تتخذ جانباً احادياً في الرؤية والمنظور الخطابي..لكن هذا لايمنع من دخول شذى الشعر الشعبي في واحات الثقافة ليمنح اريجه نكهة للخطابات التي قد تؤرق القارىء، وربما تعذبه مصطلحات العولمة والحداثة، ولتمنحه الانتشار الذي يشكل جزءاً من تكوينه النفسي، اذا ما ادركنا اللقاء بعريان السيد خلف وكاظم غيلان واخرين واصلوا الارتقاء على منصة الشعر الحديث. اعود للجواهري وتحديداً في قرية الكبسون “جنوب الحب والطيبة كان جميع جلاسه من الشعراء الشعبيين باستثناء الشاعر “محمد علي العلاق” ومن هناك ولدت قصيدة “ام عوف” وكوني محرراً لصفحة الفضاء الثقافي لجريدة الامة العراقية ادعو جميع الشعراء الشعبيين ليتخذوا ارضاً في هذا الفضاء الذي لاتكتمل جمالياته بدونهم. جمهور ومريدون علاء المفرجي / كاتب واعلامي بدءاً ليس هناك ترفع عن هذا الجنس الادبي، ويكفي ان نقف عند دوره التحريضي تاريخياً.. او لنقل عند تجربة شاعر مثل مظفر النواب، وشعراء آخرين كان لهم حضور مؤثر في الشعرية العراقية. ارى ان الاتفاق الضمني ان صحت التسمية للصفحات الثقافية في عدم نشر هذا النوع من الشعر هو بسبب ماترسب في الذاكرة الجمعية من صورة مخزية لشعراء كتبوا لهذا الشعر وليس للشعر نفسه خلال سطوة الدكتاتورية المقيتة.. واظن ان ذلك ينسحب نوعاً ما على الشعر العمودي، عندما استثمر لتجميل الخطاب الدعائي للسلطة في تلك الفترة. وبالاجمالي فان ذلك لايعني باية حال مقاطعة الشعر والشعراء الشعبيين بدليل تخصيص عدد من المطبوعات زاوية بل صفحات له، وبالتاكيد لها جمهورها ومريدوها.
النص المبدع كاظم الجماسي / قاص وكاتب اشكالية متصلة، غير منقطعة، تتصل في جوهرها بموضوعة فلسفية شائكة، مؤداها السؤال الفلسفي الاول: هل الشيء قائم بذاته، او مانراه.. اي ماندعوه ونصطلح . ـ من الاصطلاح او المصطلح ـ عليه؟ تعددت الاجابات، والسؤال واحد.. اللغة اليوم غدت الحقل الاهم للفلسفة، فضلاً عن كونها الحقل الاساس لعلم الاتصال، فدلالة مفردة (استكان) عندنا نحن العراقيون غيرها لدى قولنا (قدح).. بل هناك ماهو انكى دلالة واشد فاعلية في الدلالة لدى قولنا مفردة (اشاه) تعبيراً عن الشعور بالبرد او قولنا مفردة (احوي) تعبيراً عن الشعور بالالم، او (كهيه بهيه) سخرية من امر غير متفق عليه، في العموم، سنجد ان نصاً مبدعاً سيحوز وصفه ذاك شريطة تمثيله، بصدقية مكتملة، لحاجة انسانية حقيقية، سواء كتب بالسنسكريتية او الطاوية او الهندوسية او بلهجة اهل الموصل او اهل العمارة او اهل بغداد.. عروبياً .. شرقياً .. او غربياً .
ترميم الذاكرة العراقية صلاح زنكنه / قاص وكاتب ترى النخب الثقافية ان الثقافة الشعبية ترتبط بالغوغاء والقطيع، وتنطلق من ذهنية ساذجة، وان هذه الثقافة ثقافة متدنية تشوبها الامية والسطحية، في حين ان الثقافة كثقافة رسمية هي ثقافة رفيعة عميقة نخبوية تخاطب قرينها النخبة المنتخبة عكس الثقافة الشعبية التي تخاطب الجموع الغفيرة وتدغدغ وجدانها، لذا راح اصحاب الشأن الثقافي يستبعدون الثقافة الشعبية والشعر الشعبي ضمناً من متن الثقافة العراقية، علماً ان الكثير من الشعراء الشعبيين يفتقرون الى ثقافة رصينة ويعانون من الجهل والامية، وصفقوا وطبلوا للدكتاتورية واساؤوا للوجدان العراقي واساؤوا للذوق، بينما هناك شعراء صاغوا الوجدان العراقي وعبروا عن الامل والالم والخراب والجمال، هؤلاء رعوا الذاكرة العراقية وكانوا شهوداً على المحنة وجعلوا من كلماتهم وقصائدهم واغانيهم نبراساً حقيقياً للانسان، هؤلاء يستحقون التبجيل والتقدير والاعتزاز، وكلمة الحق ان تنشر قصائدهم في ارفع الصفحات الثقافية، كونهم صناع جمال وبناة المستقبل.
فسح المجال للنشر محمد درويش/ شاعر واعلامي انا مع نشر الشعبي في الصفحات الثقافية، شرط ان تكون في الصفحة ادارة حازمة، كي لايتسرب الشعر الرديء اليها، بسبب شعور الكثيرين، سهولة كتابة هذا النوع المتعالي من الشعر.وباعتقادي ان الشعر الشعبي يفرض نفسه على الذائقة في كل زمان، ومازلنا نتذكر القصائد التي سمعناها حينما كنا صغاراً، ونرددها حتى الان.كما ان هنالك اسماء كبيرة في كتابة الشعر الشعبي فضلاً عن جيل من الشباب، يكتب بمسؤولية وحرص تامين. ولاهمية الشعر الشعبي، اتخذ عدد من الشعراء ومن اجيال مختلفة، نماذج منه، وضمنوها في قصائدهم، منحتها المعنى الذي كان يسعى اليه الشاعر، ومنهم الشاعر عبد الرحمن طهمازي الذي ضمن مقاطع من قصيدة للحاج زاير دويج في قصيدة له، منشورة في مجموعته الشعرية الاولى ذكرى الحاضر، وكان يكتب الشاعر الراحل كزار حنتوش قصائده الفصيحة بنفس القصيدة الشعبية، واحياناً كانت تتسرب جمل ومفردات من الشعر الشعبي الى قصائده وفعلتها انا ايضاً في مجموعتي الاخيرة حياد المرايا واستخدمت في قصيدة الحرب هي الحرب مفردات هي الاخرى اقتربت من الشعر الشعبي. اذن المطلوب الاهتمام بالشعر الشعبي، وفسح المجال له في الصفحات الثقافية، ضمن اشتراطات موضوعية.
صفحات خاصة عمر السراي / شاعر واعلامي ـ ليس انتقاصا من الشعر الشعبي.. او الادب العامي.. فقصائد عدة كتبت في هذا اللون.. لا يمكن للادب المكتوب باللغة الفصيحة مجاراتها..إلا ان الاشكالية تكمن في ان لغة الصحافة المعتمدة هي لغة فصحى رسمية.. (غير عامية).. او (محكية).. وهو ما يجعل نشر قصيدة باللهجة العامية وسط كلمات صحفية فصحى.. اشبه بنشر نص من لهجة او لغة اخرى من دون ترجمة.. او توضيح.. او اشارة..لذا اقتضى ان تفرد صفحات خاصة للادب الشعبي.. او ملاحق مخصصة له.. لا من باب العزل.. او الدونية.. بل من باب الاشارة.. كما اعتمدت الصباح. اوصحف اخرى هذا التوجه.
نمطية المسؤول خالد جمعة / كاتب اعلامي للإجابة على هذا السؤال ينبغي ان نعرف اولا كيف يفهم مسؤولو الصفحات الثقافية؟ فأغلبهم يعتقدون مثلا ان العلم جزء لا ينتمي للثقافة، لذلك لن ترى ابدا مقالة علمية في صفحة ثقافية، المشكلة في ظني ان هنالك تصنيفاً نمطياً وجده المسؤولون على الصفحات ومشوا عليه، المشكلة الحقيقية تكمن في ان اغلب مسؤولي الصفحات منمطون مع سبق الاصرار والترصد. حقيقة واضحة وهام حسين / كاتب و صحفي لا شك ان الشعر الشعبي هو غذاء الروح كما اراه، او هكذا اتخيله، بدليل لو اتخذنا واحدة من جلسات او قراءات الشاعر الكبير عريان السيد خلف سوف لا تجد لك مكانا لكثرة عشاق هذا اللون الادبي الاصيل، وهذه حقيقة واضحة لا يمكن تحجيمها او غض الطرف عنها، وانا اعتقد ان هذه الحالة اي ـ الشعر الشعبي ـ خاصة المنشور منه هو علامة صحية في جسد الثقافة العراقية، وبامكان مسؤولي الصفحات ان يحدثوا صفحاتهم بنشر ما هو ابداعي يحمل مواصفات الجمال والمعروفة بالشعر، وهناك الكثير من النماذج الشعرية العالية التي تستحق ان تأخذ لها مساحة مناسبة اسوة بباقي الفنون والاداب الاخرى،.. وعلى كل حال يبقى الشعر الشعبي كبيرا ومتوصلا سواء لمن تفهموا موقفه وتراثه وتاريخه ولمن لم يفهموا حجمه وقوته وبلاغة صوره وخطـــابه الذي يشـكل شعبا بحاله!..
[email protected]
#علي_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعنى بقلب الناثر
-
الجهة المقابلة
-
عبد الحسين الحلفي
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|