|
مليارات العراق الفائضة .. وقروض صندوق النقد الدولي
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2456 - 2008 / 11 / 5 - 08:48
المحور:
كتابات ساخرة
شارك العراق في إجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، بوفد ضم وزير المالية بيان جبر صولاغ ووزير النفط حسين الشهرستاني ومحافط البنك المركزي سنان الشبيبي . و " كالعادة " ، تَمّخَضتْ الإجتماعات عن نتائج طيبة لصالح الجانب العراقي : - أثبتت المباحثات والمفاوضات بين الجانبين ، مدى " قوة " و " خبرة " الفريق العراقي ، وتفوقهِ الملحوظ على خبراء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي . فوزير ماليتنا أطال الله في عمرهِ ، وبالرغم من انهُ خريج كلية الهندسة قسم الكهرباء ، الا انه بموهبتهِ " الفطرية " ، إستطاع ان يُقنع هذه الاطراف الدولية ، بتخفيض ميزانية العراق لسنة 2009 ، الى ( 67 ) مليار دولار فقط ، بينما كانوا " هُمْ " يُطالبون بإلحاح ان تُخّفض الميزانية الى ( 66.9 ) مليار دولار . لكن وزيرنا " عاندَ " وقال بأنه لا يحب " الكسور " بل الارقام الصحيحة . فوافق الجميع على ذلك . فأصبحت ميزانية 2009 ( 67 ) ملياراً بدلاً من ( 80 ) ملياراً بسبب إنخفاض اسعار النفط . - احد الصحفيين في وكالة ( دعاياتكو ) للأنباء قال انه سمَعَ وزير المالية يقول : عسى ان تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم .. كل العالم سوف يتأثر بالأزمة المالية العالمية الحالية ، الاّ العراق ! لو كانت الظروف طبيعية ، لإستطاعت جميع المحافظات ان " تصرف " مخصصاتها المالية لسنة 2007 ، في المشاريع الإستثمارية والخدمية والصناعية . ولكن لأن نسبة التنفيذ كانت متدنية ، تراكمَ لدينا فائض ( 30 ) مليار دولار مُعادة الى الخزينة . نعم ، كل الدنيا تعاني الان من نقصٍ في السيولة ، ونحنُ وألف الحمدُ لله لدينا هذا الفائض الضخم ! - سُئِلَ الشهرستاني وزير النفط ، عن خطط الوزارة حول زيادة الكميات المصدرة في المستقبل ، فأجاب : انا اتفق مع زميلي ، واُكمل ما تفضل بهِ : عسى ان تحبوا شيئاً وهو شَرٌ لكم .. فمنظمة اوبك ، وبعد الإنخفاض الكبير في اسعار النفط نتيجة الركود والازمة المالية ، قّررَتْ ان تقوم الدول الاعضاء بتخفيض إنتاجها ، ما عدا العراق . فكما تعلمون ان إنتاج العراق ، نتيجة تقادم المنشآت والظروف الامنية ، لم يصل حتى الى 60 % من حصتهِ الإنتاجية طيلة السنوات الماضية . فكما ترون ، نحن محظوظون ، فقرار التخفيض لم يشملنا ! - قال بهرم صالح احد اهم المسؤولين عن الملف الاقتصادي : ان صندوق النقد الدولي راضٍ تماماً عن الخطوات التي قام بها العراق ، في سبيل " الاصلاحات الاقتصادية " . يُذكَر ان صندوق النقد الدولي كان قد اعطى العراق في سنة 2004 ، قرضاً بقيمة ( 471 ) مليون دولار . قام العراق بتسديد هذا الدين [ قبل ] سنةٍ من إستحقاق موعدهِ !! والان تجري مفاوضات من اجل الحصول على قرض ( 744 ) مليون دولار من الصندوق والهدف منهُ كما جاء في بيان صندوق النقد الدولي هو " دعم البرنامج الاقتصادي العراقي خلال الاشهر المُقبلة وحتى آذار 2009 " . - صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، يقومان بتقديم هذه ( المساعدات ) ، ليس الى العراق فقط ، بل الى معظم دول العالم الثالث والرابع والخامس ، بشروط بسيطة جداً ، منها : تصفية ما تبقى من القطاع العام ، رفع الدعم عن المواد الغذائية ، وفي حالة العراق ، إلغاء البطاقة التموينية ، تقليل التخصيصات المالية في الموازنة العامة ، لقطاعي الصحة والتعليم ، الى الحد الادنى ، رفع الدعم عن المشتقات النفطية والوقود ، وعن الكهرباء والماء . عدم زيادة رواتب واجور الموظفين والمستخدمين في القطاع الحكومي العام . هذه هي اهم " مطالب " صندوق النقد الدولي ، من اجل الموافقة على اي قرضٍ تُقدمهُ ! وكلها والحق يُقال تَصُبُ في مصلحة الإحتكارات المالية الكبرى العابرة للقارات ، وفيها " كسر ظَهِر " لمعظم فئات المجتمع . - في دولةٍ مثل العراق ، ونتيجة عدم الاستقرار الامني والسياسي والفساد ، فأن الحكومة المركزية والحكومات المحلية ، [ عاجزة ] عن صرف الموارد المالية المُتاحة من تصدير النفط . وهذه الحالة إستثنائية وغريبة ، وقلما تحدث . فمبالغ كبيرة رجعت الى الخزينة من ميزانية 2006 و 2007 ، وستلحقها 2008 . السؤال البسيط هو : ما هي " الحِكمة " وراء طلب القروض من صندوق النقد الدولي ، في حين تمتلك اكثر من ثلاثين مليار دولار فائض ؟! تأخذ قرضاً ب " 471 " مليون دولار ، ثم تعيدهُ قبل موعد الإستحقاق بسنة ، وبعد ذلك تجري مفاوضات من اجل الحصول على قرض ب " 744 " مليون دولار ، وانت لا تستطيع صرف المليارات الفائضة عندك ؟ ! أخشى ان يكون ذلك فقط من اجل ( الرضوخ ) للشروط المجحفة لصندوق النقد ! - ان قرض صندوق النقد الدولي البالغ ( 744 ) مليون دولار ، لا يشكل سوى ( 1 % ) تقريباً من ميزانية 2009 المُعّدلة ، اي من ( 67 ) مليار دولار . وكما هو واضح فأن هذا القرض لن يؤثر إيجاباً على " دعم البرنامج الاقتصادي العراقي خلال الاشهر المقبلة " ، لانه ببساطة لا يُقابل سوى نسبة بسيطة جداً من ميزانية الدولة . فهل " يستأهل " ذلك الدين ، كل هذه الشروط والضغوط من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ؟ - احد الصحفيين سأل مستشاراً مهماً في مجلس الوزراء ، حول صحة الاخبار عن " خصخصة القطاع العام " المُتبقي ؟ اجاب المسؤول : ليست هذه سوى دعايات مُغرضة ، الهدف منها هو التشويش على إستتباب الوضع الامني والاقتصادي ، واؤكد لك بأن توجهنا الاساسي هو " العَمْعمة " وليس " الخصخصة " . والدليل على ذلك هو تزايد نفوذ " المُعممين " ، وإن شاء الله سوف يسيطر " المعممون " بغض النظر عن كون العمامة سوداء او خضراء او بيضاء ! - يُقال ان وزارة الداخلية أوعزت الى أقسام " مكافحة الشغب " ، في بغداد وكافة المحافظات ، ان تكون على اُهبة الإستعداد والجاهزية ، لمواجهة " المظاهرات " و" الإضرابات " ، المتوقعة والتي سيقوم بها منتسبو الدوائر المختلفة ، ( عندما ستقوم الحكومة بتخفيض الرواتب والاجور ) عن قريب ! حيث انه كما يبدو ، لن تستطيع الحكومة ان تتحمل " مزيداً من الضغط " من صندوق النقد الدولي ! والله اعلم .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غارة البو كمال ..توقيتٌ سيء لخطوةٍ متأخرة جداً
-
الإتفاقية الامنية ..بين الواقع والطموح
-
- مفاجأت - علي بابا جان !
-
إنتخابات مجالس المحافظات ..حزب الفضيلة الإسلامي
-
إنتخابات مجالس المحافظات .. مؤشرات
-
البعثقاعدة يُهجرون المسيحيين من الموصل
-
الشَبَكْ : ما دامَ لدينا - قدو - ، فلسنا بحاجة الى - عدو - !
-
القادة العراقيون .. قبلَ وبعد التحرِلال !
-
إنتخابات مجالس المحافظات : إنْتَخبوا العلمانيين !
-
الأحزاب الحاكمة والتَحّكُم بأرزاق الناس
-
يومٌ عراقي عادي جداً !
-
-عوديشو - ومُكبرات الصوت في الجامع !
-
صراع الإرادات بين المركز والاقليم
-
كفى دفع تعويضات وديون حروب صدام !
-
شهرُ زَحْمة أم شهرُ رَحْمة ؟!
-
كفى تَزّلُفاً للإسلاميين !
-
الى سعدي يوسف : مقالك عن شياع يشبه الشتيمة !
-
الانفال ..إعفوا عن علي الكيمياوي وإعتذروا لسلطان هاشم !
-
50% بشائر الخير .. 50% علامات الشر !
-
المسؤولين - المَرضى - يبحثون عن - العلاج - في الخارج !
المزيد.....
-
80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع
...
-
بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب
...
-
مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند
...
-
كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت
...
-
إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
-
هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف
...
-
كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض
...
-
أحلام سورية على أجنحة الفن والكلمة
-
-أنا مش عايز عزاء-.. فنان مصري يفاجئ متابعيه بإعلان وصيته
-
ماذا نعرف عن غزة على مر العصور؟ ولماذا وصفت بـ-بنت الأجيال-؟
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|