أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود الزهيري - نهي رشدي وفضيحة مجتمع















المزيد.....

نهي رشدي وفضيحة مجتمع


محمود الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 2456 - 2008 / 11 / 5 - 08:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تقييم المجتمعات علي أساس حضاري إنساني يتبدي من المظاهر الإجتماعية السائدة في هذا المجتمع والتي تجعل أطره الإجتماعية محكومة في علاقاتها العامة بمفاهيم الإنسان والتحضر .
الأزمة التي تفجرت أخيراً في قضية نهي رشدي فضحت المجتمع المصري وأظهرت جوانب ضعفه علي المستوي الإجتماعي الأخلاقي وعلي نفس المسار في مستواه السياسي الحاكم , إذ من المتبدي غياب مظاهر الحريات وبزوغ نجم الكبت في سماء مصر , بكل مايتم تركيبه من مفردات لغوية تتزامل مع مفردة الكبت بداية من الجنسي للسياسي وتوسطاً بالتدين الظاهري الموظف لأغراض وأهواء سياسية تزكي من تنامي هذا التدين الظاهري لخدمة أساليب النظام الحاكم في توظيف البقاء والإستمرارية في الطغيان والفساد والإستبداد .
ظاهرة التدين الظاهري المتنامي الذي أخذ يسلك طريقاً سهلا ً تجاه الشعبوية والجماهيرية أمر تسعي له أنظمة حكم وميليشيات دينية تتقاضي أموالاً طائلة من أنظمة حكم الكبت والطغيان والفساد والإستبداد .
فكان أمر الدين أن تحول من تدين فردي يمثل علاقة فردية بين الله وبين من يعبد الله , إلي علاقات جماعية موجهة منها الشعبوي الجماهيري متمثلاً في الجماعات والطرق الصوفية ويحكمها تنظيم وإطار شبه قانوني تديره الدولة بإرادة النظام الحاكم مع باقي الجماعات الدينية والتنظيمات الدينية الأخري الدعوي منها والمسلح .
وما مبادرات الصلح وثائق التوبة إلا مظهر من ضمن مظاهر تلك العلاقات الآثمة للنظام الحاكم , بداية من الغزل السياسي بين النظام الحاكم وتنظيم الإخوان المسلمين بصفتيه القطرية والدولية , ووصولاً للتيارات الأصولية السلفية المعتنقة لأفكار محمد بن عبد الوهاب أو ماتعارف عليه بالفكر الوهابي , والتظيمات الجهادية الأخري كالجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد .
لدرجة أن تنامت العديد من التيارات الدينية المتعددة المفاهيم والتي تعتقد بنظرية الإستحلال والولاء والبراء والخروج علي المجتمع وتكفير الحاكم ومثالها التكفير والهجرة والتوقف والتبين , والناجون من النار , والقطبيون نسبة لسيد قطب , والشوقيون , وغيرهم وغيرهم كثير .
وكانت هذه الجماعات تريد أسلمة المجتمع ونظام الحكم , وأسلمة السياسة لتصبح إسلامية بأدوات موجودة فقط في عقولهم وتمثل حالة ذهنية مرتبكة في كيفية تطبيقاتها علي الواقع المأزوم تاركة أزمات المجتمع , ومناصبة لحرياته العداء , وفارضة لنظرية المستبد العادل والجنة المؤجلة والمهدي المنتظر , مما يُيسر لأنظمة الحكم البقاء في الطغيان والفساد والإستبداد بمفاهيم دينية متضاربة بين أصحاب تلك الجماعات الدينية الغير رسمية والواقعة تحت منظار ومظلة النظام الحاكم , وبين المنتمين للمؤسسة الدينية الرسمية ممثلة في الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء بإعتبارها مؤسسات حكومية رسمية يتقاضي موظفوها رواتب وحوافز وبدلات ومنح وإعارات من الدولة الأسيرة تحت رحمة أو تعذيب النظام الحاكم سواء بالمنع أوالمنح .
فكانت قضية نهي رشدي الفتاة المثقفة الواعية والتي تجرأت علي المجتمع وخرجت علي عاداته وتقاليده وأعرافه القميئة وصارعت من أجل فضحه بحكم قضائي أدان هذا الجرم الأخلاقي بعد ثبوت التهمة علي المتهم حتي بإعتباره أول حكم قضائي يدين هذا الفعل الإجرامي .
إلا أن الغريب في الأمر والذي يمثل فضيحة أخلاقية وحضارية للمجتمع المصري أن الأمر تغير بعد أن سرت إشاعة مؤداها أن نهي رشدي يهودية إسرائيلية وتحوز وثيقة سفر إسرائيلية , فكان أن إنصرف عنها المدافعون عنها وعن قضيتها التي هي قضية مجتمع قبل أن تكون قضية فردية , وكأن التحرش الجنسي أمراً مباحاً باليهود وخاصة الإسرائيليين منهم , وكذا الصينين واليابانيين والهنود ممن يعتقدوا بديانة بوذا وزرادشت وكونفوشيوس وبراهما , بل ومن يتخذون من البقر آلهة لهم , ومن ثم من الممكن أن تصل إباحة التحرش الجنسي بغير المسلمين بصفة عامة , ومنهم المسيحين سواء كانوا أقباطاً أو غير أقباطاً , وكأن هناك من أراد التعامل مع القضية بهذا المنطق اللاقانوني واللاأخلاقي والمغلوط عن عمد وسوء قصد !!
إن إسرائيل الدولة وإسرائيل المجتمع ,أصبحت تمثل أزمة عظمي لكافة الأنظمة العربية حتي للدول التي أبرمت معها إتفاقيات سلام ورقية أو أقامت معها علاقات تطبيعية بغض النظر عن العديد من الممارسات الإسرائيلية التي تتصادم مع المبادئ الإنسانية العليا والتمييز الديني والعنصري الممارس من جانب المجتمع والدولة العبرية ضد بعض الطوائف والأقليات الموجودة داخل كيان الدولة العبرية , وهذا في الجانب السيء , أما الجانب الآخر المسبب للأزمة هو ديمقراطية دولة إسرائيل وتميز المجتمع الإسرائيلي عن باقي المجتمعات العربية والإسلامية في جوانب عديدة خاصة بتداول الحكم والسلطة ومناخ الحريات القائم حتي في أعلي صوره وسيادة القانون لدرجة تقديم رؤساء إسرائيل للتحقيق في أقسام الشرطة شأنهم شأن أي مواطن عادي في المجتمع الإسرائيلي قبل أن تكون هي إسرائيل اليهودية , التي يناصبها العرب والمسلمين العاداءات التاريخية منذ بداية ظهور الإسلام وحتي نهاية الكون بقيام القيامة الكبري .
وهذا العداء المتوارث من قبل وجود الإحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين , وما دولة فلسطين المحتلة وماتحتويه بين جنباتها من المقدسات الدينية الإسلامية وخاصة مسجد قبة الصخرة المتعارف عليه بالمسجد الأقصي إلا عداء جديد تمت إضافته لجملة العداءات التاريخية المصبوغة بصبغة دينية إيمانية أدناها رفض اليهود وتحقيرهم ووصفهم بأبشع وأشنع الأوصاف , وأعلاها الإستعداد لقتل وقتال اليهود حتي يقول الحجر والشجر حسب الموروث الديني الإسلامي , يامسلم: هذا يهودي ورائي تعال فاقتله !!
ومن ثم فإن تحول قضية نهي رشدي من قضية قانونية مرتبطة بدستور وقانون , وكذلك تحولها من قضية أخلاقية مرتبطة بنسق إجتماعي أخلاقي إنساني , إلي قضية دينية مؤسسة علي عداءات تاريخية لليهود ومصبوغة بصبغة دينية لدرجة تحول الدفاع عن نهي رشدي المجني عليها إلي خانة الخصم المتهم للدفاع عنه ضد نهي رشدي علي زعم أنها تحمل جواز سفر إسرائيلي وتدين بالديانة اليهودية , وهذا مافضح المجتمع المصري فضيحة نكراء طالت العديد من المجتمع المصري بفئاته الإجتماعية من مثقفين ومحامين وأدباء وفنانين وكاريزما وسياسيين , لدرجة أن أصبح التمييز بين القانوني والأخلاقي يصبح من الصعوبة التفرقة بينهما , وأصبح الماضي والتاريخ العدائي لليهود بصفة خاصة وباقي المخالفين للمسلمين في الدين بصفة عامة يمثل خطورة علي المجتمع المصري في فئاته الإجتماعية ومثقفيه , مماينذر بكوارث في المستقبل منها التهديد المباشر لكافة الأقليات الدينية والعرقية في مصر , وسوف تكون وقود هذه النيران هم المثقفين والكاريزما والسياسيين الغائب عنهم فهم معادلة التفرقة بين الأخلاقي والسياسي والديني , ويساعدهم في إذكاء هذه النيران الجماعات الدينية الوظيفية التي تعلي من شأن الديني في العداءات علي الأخلاقي والقانوني إذ الدين حسب مفهومهم يحتوي الأخلاقي والسياسي , وتستمر الكارثة , وما قضية نهي رشدي عن الأذهان ببعيدة !!



#محمود_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذات الصمت
- آمال جبارة في لوحة المدن : البحث عن مسارب الأمل في مدن الألم ...
- صفحة حوادث
- قبل الكلام : الفاشية السياسية والفاشية الدينية
- الكنيسة المصرية وأزمة مجتمع
- الكنيسة المصرية والنظام الحاكم .. هل من توافق ؟
- مجتمع الخوف
- مقتل سوزان تميم : ماهو الباعث علي الجريمة ؟!!
- أزمة الهوية
- حريق الشوري
- أيكون المؤمن كذاباً .. وماذا عن التزوير؟!!
- المعونة الأمريكية وسمعة مصر : لماذا حبس سعد الدين إبراهيم ؟! ...
- تراث العرب ومحاضرة الأنبا توماس : أين الخطأ ؟!!
- الإيديولوجيا
- أزمة البشير هي أزمة الثقافة العربية
- من يستشعر العار
- منهم رجال لايستحون !!
- خريف المآذن .. مرآة عالمنا العربي ... شهادة
- 25 مايو : ذكري الأربعاء الأسود
- 4 مايو: تحية للمضربين : ولكن من هم ؟!!


المزيد.....




- مقتل قس و6 من القوات الروسية ومسلحين اثنين بعد هجمات على كني ...
- -هجمات منسقة- على كنيس لليهود وكنيسة في داغستان.. شاهد ما حد ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف مواقع وسفن في ميناء حيفا ا ...
- -المقاومة الإسلامية بالعراق- تستهدف هدفين حيويين إسرائيليين ...
- “هتسلي و هتفرحي بها عيالك” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- خدع والده.. قصة اقتحام طفل للملعب والتقاط -سلفي- مع رونالدو ...
- الصهيونية الدينية على -تيك توك-.. هكذا شُرّعت الإبادة في غزّ ...
- مستوطنون إسرائيليون يقتحمون المسجد الأقصى
- المقاومة الإسلامية بالعراق تعلن قصف هدفا حيويا في إيلات
- سلى أطفالك ونزلها.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بأعلى ج ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود الزهيري - نهي رشدي وفضيحة مجتمع