أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن جميل الحريس - جبران خليل جبران .... ج / 1















المزيد.....


جبران خليل جبران .... ج / 1


حسن جميل الحريس

الحوار المتمدن-العدد: 2455 - 2008 / 11 / 4 - 06:53
المحور: الادب والفن
    


أتوجه بشكري الجزيل لعناية الأستاذ الباحث سليمان النابلسي المحترم ، والذي سألني قائلاً :
- من أي المراجع تكتب ؟ وعلى ماذا اعتمدت في تحليلاتك لمواضيعك ؟ وهل تكتب لشريحة معينة ذات مستوى محدد ؟
بداية أحمد الله وحده أنني لست سوى عبد من عباده ، وماكتبته كله من مقالة أو فلسفة أوشعر لم أنقله نقلاً من أي مرجع ولم أقتبسه من أحد بل هو لي ومن نفسي وهذا بحد ذاته فضل عليّ من الله تعالى وحده ولا فضل لأحد غيره ، وأما عن كيفية إعدادي لمقالاتي فهي آنية وليست جاهزة الصنع مسبقاً ، ولهذا آمل منك التكرم والإطلاع على هذه الكيفية لأي مقال سبق وأدرجته ، بعدما أنتهي من قراءة كتاب أو مقالة أو شعر أو رواية ما فإنني أوجز أفكار كاتبها ثم أحررها مرات عدة حتى تظهر لي ملامح رؤيته التي أرادها لنا ، ثم أقارن أفكاره مع معلوماتي التي أؤمن بها لأكتشف الأبعاد الحقيقية لأفكاره فأعمل على تنسيقها وفق أهميتها ثم أبدأ بكتابتها واحدة تلو الأخرى إلى أن أنتهي منها ، وبعد هذا أعيد قراءتها مرات عدة حتى أصل لقناعة تدفعني لعرضه على هيئة إدراج مؤكد ، ومن ذلك أؤكد أن كتاباتي خاصة بي سواء أكانت متوافقة أو متعارضة مع كتابات من سبقوني إلى المنهجية ذاتها ، أما بالنسبة لسؤالك الأخير المتعلق بإختياري لمستويات معينة من قرائي الذين أكتب لهم فهذا ليس صحيحاً أبدا !!! إذ حرصت ومنذ بداية تدويني أن آخذ بيد قارئنا العزيز لنصل معاً إلى قمة الوعي درجة تلو الأخرى ، فإن لم يستطع القارئ الكريم أن يدرك غاية إدراجاتي فهذا ليس من ذنبي بل ذنبه وحده ، ولهذا أوجز ما أسلفت بمقولتي الآتية :
((( من السهل على الإنسان أن يدرك مكانة القمة وأهميتها طالما سعى إليها درجة تلو الأخرى ))) ((( ومن الصعوبة على الإنسان أن يمسك بالقمة ويحفظها طالما يقفز إليها قفزاً ))) بل ((( ومن المستحيل على الإنسان أن يبلغ القمة طالما أقنع عقله أنها بالأسفل ))) .... ولتوضيح ماذكرته لك آنفاً أضع بين يديك الكريمتين إدراجي هذا كمثال حقيقي عن كيفية إعدادي لكتاباتي :
- للمرة الخامسة أقرأ رواية جبران خليل جبران ( الأرواح المتمردة ) ، ولكنني وفي كل مرة أكتشف فكرة جديدة من أفكاره التي أراد منا أن نؤمن بها ، ولقارئنا الكريم حق علينا أن نعرض عليه قصة ( السيدة وردة ) المذكورة برواية جبران كي يعرف عماذا سنتحدث ، سأرفق القصة كاملة على مستند وورد بسعة ( 952 KB ) الموجود بأسفل الصفحة ، ولكن وقبل أن نستعرض قصة السيدة وردة لجبران سأتعرض لفلسفة أستاذه ( أمين الغريب ) صاحب جريدة ( المهجر ) ، إذ كان جبران مؤمناً بأفكار أستاذه الذي اتخذه مثله الأعلى ، وكان لا يقدم على نشر رواية من رواياته قبل أن يستأنس برأيه ، ولوأردنا التعرف أكثر على فلسفة جبران لتطرقنا أولاً إلى فلسفة معلمه الأكبر ، ومن مقدمة رواية ( الأرواح المتمردة ) قال ( أمين الغريب ) : (( الناس لايحبون استبدال عادة من عاداتهم بغيرها ولايقبلون ملاحظة على طريقة من طرق معيشتهم ولكنهم في كل الأحيان يجدون أنفسهم سالكين رويداً رويداً في السبيل الذي ماأحبوه وبموجب الملاحظة التي يقبلوها ، ومن ذلك الحقائق العلمية التي كلما شاع أمر واحدة جديدة منها يكرهها الناس أولاً ثم تراهم بعد حين أخذوا يعتقدون بها ويستعملونها ، ومن ذلك الأزياء والأخلاق التي يظن كل منا أنه تابع فيها آثار أسلافه بكل تدقيق وضبط ويفتخر بكونه محافظاً عليها في حين أننا نعلم أن كل عصر من العصور مستقل عن سواه بعاداته وأخلاقه )) .........
- تحليل بسيط على أقوال ( أمين الغريب ) : من الوهلة الأولى يظن القارئ الكريم أن قول ( أمين الغريب ) صائباً وفي محله ، ولكنه بعدما يتمعن بقوله يكتشف بأن ( أمين الغريب ) خلط بين مفهوم العادات ومفهوم الأخلاق من حيث تعريفهما وصفاتهما وأفعالهما ، فالأخلاق ليست بالضرورة صفة متوارثة رغم كونها واجبات تفرض نفسها على البشرية كلها منذ الأزل وهي غير قابلة للتبديل أو التعديل وغير رهينة بمكان دون آخر ، بينما العادات في معظمها متوارثة وهي قابلة للتبديل والتعديل لتكون مناسبة لكل عصر وكل مكان على حدى ولهذا فهي تتصف بأنها غير شاملة ولا دائمة ، مما يدفعنا لنستنتج بأن للأخلاق جذور وأصول نابعة من روح العقائد الإلهية المقدسة بينما ليست للعادات مثل ذلك لأنها من صنع البشر فقط ، ولذلك أراد ( أمين الغريب ) خرق الأخلاق من خلال رصّها تحت لواء العادات المتوارثة كي يتسنى له نسفها لاحقاً ، فالأخلاق واجبات مفروضة جاءت بها كل الديانات السماوية لتكون عامة وشاملة ، ولها سبل متعددة ومختلفة تجتمع بنهاية وحيدة ضمن بوتقة وحيدة تحمل في ثناياها كافة الأخلاق الفردية الذاتية لتخضع بمجملها لقوانين العقائد الإلهية المقدسة ، ونظراً لكونها فرض عقائدي مرهون بحساب إلهي فقد سقطت عنها صفة ( الحرية في إختيارها ) ، وبمعنى آخر ليس بمقدور إنسان ما أن يختار منها مايشاء أو يرفض بعضها إلا من خلال إرادته الذاتية فقط كي يتم مسآلته عليها ، ولذلك تمايزت الأخلاق العامة للبشر لنوعين متنافرين تماماً هما ( الأخلاق الحميدة والأخلاق الخبيثة ) ولا ثالث بينهما ، ونذكر من الأخلاق الحميدة ( الصدق والأمانة والكرم والشجاعة والإخلاص والوفاء وإغاثة الملهوف والمرؤة والدفاع عن الوطن والعرض والشرف والمال والأرض وغير ذلك ) ، ونذكر من الأخلاق الخبيثة ( الكذب والغدر والفساد والرشوة ومقارعة الخمرة والزنى والرهق والفاحشة والبغاء والسطو والقتل العمد والسرقة والخيانة وقطع الأرزاق وغير ذلك ) ، فكيف يمكن لأحد ما أن يصف إنساناً بعينه أنه يتمتع بصفة الكرم وإغاثة الملهوف وهو بذات الوقت يسلب أموال الناس ويشرب من زقوم الفساد والرشوة ؟!!!! لا يصح توصيفه بهذه المفارقة العجيبة !!! من هنا نكتشف أن الأخلاق ليست جزءاً دخيلاً على العادات العامة بل على العكس تماماً بأن العادات المكتسبة هي الدخيلة على الأخلاق العامة ، لذلك سعى ( أمين الغريب ) ومن كان على شاكلته لدس أفكاره الخبيثة على الناس بدعوتهم إلى نبذ عاداتهم التي وصفها لهم بأنها من صلب أخلاق عقائدهم المقدسة كي ينال منهم وفقما أراد واشتهى ، وقد أكد على هدفه المرتجى مرة ثانية عندما ذكر قائلاً : (( ومن ذلك الأزياء والأخلاق )) !!! وكأنه جعل الأزياء والأخلاق بمرتبة واحدة كجزئين تابعين لكلية عادات البشر ، أي جعل عادات البشر بمقام ( الكل ) وجعل الأزياء والأخلاق جزئين من هذا الكل ؟!!!! وبمعنى آخر جعل عادات البشر من صلب العقائد السماوية ومن تلك العادات انبثقت الأخلاق والأزياء !!! فهل هذه فلسفة إجتماعية ؟!!! إن فلسفته هذه كفلسفة الماسونية تماماً ، فهي ترى أن عادات البشر تنبع من أخلاق دياناتهم ، وأنها لكي تقضي على أخلاقهم كلها عليها أن تقنعهم أولاً بأن أخلاقهم هي جزء من عاداتهم المكتسبة وأن عاداتهم هذه جاءت بها عقائدهم السماوية كي يصبحوا جميعهم كدواب مبرمجة ، ولهذا رفعت مكانة العادات المكتسبة للبشر لتصبح بمرتبة ( الكل ) كي يسهل عليها لاحقاً أن تنسف عقائدهم الإلهية المقدسة ... ثم كيف فكر ( أمين الغريب ) وجعل الأزياء بمكانة تضاهي مكانة الأخلاق ؟ أليست الأزياء جزءاً مهماً من الهيئة المؤلفة لصفات الأخلاق العامة ؟ أم أن الأخلاق حسبما أرادها لنا هي مجرد جزء بالٍ من مجموعة الأزياء ذاتها ؟!! يبدو أنه تناسى أن الأزياء بصورة عامة متبدلة وغيرثابتة وتخضع بمجملها لنظاميّ الزمان والمكان معاً ، بينما الأخلاق ليست كذلك لأنها ماهية تركيبة عناصرها مستقرة وثابتة ، وكذلك ليس من الضرورة أن تدل العادات على مكانة الأخلاق سيما وأن معظم الفقراء يلبسون ثياباً بالية كئيبة ولكنهم وبالوقت ذاته يتحلون بأخلاق حميدة طيبة ، وكم من أغنياء يرتدون ثياباً باهظة الأثمان وهم بالوقت ذاته لا يملكون ولو ذرة أخلاق حسنة واحدة ، ثم هل يصح لرجل دين معروف بمكانته الروحية العالية أن يتشبه بثياب النسوة أو بثياب خليعة تنزع عنه مكانته ، وماذا عن تلك النسوة اللاتي تعرضن أنوثتهن علانية أمام أنظار العامة ؟ حتى أن إحداهن تكاد تسقط عنها ورقة توتها من هزة نسمة خفيفة واحدة تلقي بسوأتها ضمن أحضان ضامّة !!! أنقول عن أخلاقها عفيفة وطاهرة ؟!! والأغرب أنها كالبهبهان تبرر كشف عورتها قائلة (( ليس جوهري فيما أرتديه إنما جوهري في أخلاقي .. وأنا واثقة منها )) !!! لقد قيّمت نفسها بنفسها دون أن تعتمد على تقييم الآخرين لها ، من هنا نرى أن إقرار فلسفة جبران وأستاذه قد أتت أكلها !! إذ صار مبدأ تقييم أخلاق إنسان ما بيده هو لوحده بينما كان في الأصل حق تقييمه من ضمن حقوق الآخرين عليه لأنهم هم الوحيدون القادرون على تقييمه وتوصيفه بها ، فمن أين لتلك الحق في تقييم نفسها ؟!!! وكذلك نجد على الضفة الأخرى فتاة ترتدي جلبابها ظاهرياً فقط وهي توخز رحمها بإبر رجال لا حصر لهم !! فهل نقول عنها أنها ذات أخلاق طاهرة وراقية !!! من هنا نرى أن الأزياء والأخلاق ليستا من العادات إطلاقاً ، لأن الأخلاق بمكانة عليا زاكية تحمل بعمادها واجبات فرضتها على البشرية عقائدهم السماوية المقدسة ، بينما العادات هي من صنع البشر ولا علاقة للسماء بها ، والعجب كل العجب أن أمين الغريب عاد مرة ثانية وأكد أن الأخلاق نابعة من العادات المتوارثة وأنها تخضع للتبديل والتعديل بين عصر وآخر إذ قال (( إننا نعلم أن كل عصر من العصور مستقل عن سواه بعاداته وأخلاقه )) !!! وهذا ليس صحيحاً إطلاقاً لأن ماهية الأخلاق موّحدة منذ الأزل وليست متحولة أو متبدلة ، دعونا نأخذ مثالاً بسيطاً يدحض فكرته من جذورها :
- كلنا نعلم أن مسألة الدفاع عن الوطن والعرض والشرف هو واجب مقدس مفروض علينا العمل به كركن هام نابع من أركان أخلاق عقائدنا وليس نابعاً من عاداتنا ، وكلنا نعلم أيضاً أنه من غير الطبيعي أن يقبل أحدنا بالسماح لأمه أو لزوجته أو أخته أو ابنته أن تضاجع الرجال مهما كانت مبررات غاياتنا !! فما هو توصيف أخلاق من يفعل ذلك ؟؟ أليس ديوساً وكافراً !!! لقد أراد الغريب وتلميذه جبران أن يبررا قصص الهرطقة والرهق والزنى الواردة في التوراة كي نأنس لها ونتأسى بها !! لهذا تبنيا فكرة الماسونية ذاتها حول تذويب أخلاق البشر ، إذ أرادت الماسونية أن تدفع الأخلاق العامة لتنحل ذاتياً كي تصبح البشرية كلها كدواب مسيّرة أسيرة لشهواتها ، ولهذا نرى اليوم الصورة ذاتها ناشطة برحاب الحياة الإجتماعية الغربية عموماً !!! فإذا ما انحلت أخلاق البشرية صارت عقائدهم قابلة للذوبان ذاتياً مما سيجعل شعوبها كلها كبهائم ناطقة !!!!
لننظر لفلسفة ( جبران وأستاذه ) من زاوية أخرى كي نعرف كيف وصلا لفلسفتهما الماكرة ، لقد خدعا الناس بأن عاداتهم الإجتماعية كلها الصالحة والطالحة معاً نابعة من أخلاق عقائدهم ذاتها ، ولهذا طالبا الناس بتحفيز أذهانهم وتحريرها من خلال ذريعة رنانة اسمها ( تحفيز الحرية الذاتية الفردية ) كي يسهل عليهما لاحقاً قتل الحرية الشخصية لكل فرد منهم بشكل مؤكد كما تريد الماسونية تماماً ، لنحاول تكبير صورة المجهر أكثر كي نكشف عن مفاصل فلسفتهما ، من المراحل الهامة المعتمدة برحلات الماسونية مرحلة ( قطع الحجر ) ، فماذا عن رمزية هذه المرحلة ؟؟؟ ينظر الماسونيون للحجر على أنه الرمز الحقيقي الذي يمثل العالم المادي للإنسان وأن عليهم شطره لكي يكشفوا عن خفائه الداخلي الخفي عنهم ، وعلى هذا فالحجر رمز للإنسان الذي سيكون بمثابة عبد طائع لهم بعدما يفرّغوا ذاته الفردية ويقتلوا حريته وعقيدته الشخصية ، ولهذا يقول ( اوزوالد ويرث ) عن الحجر (( هذه الأداة ( الحجر ) التي استعارها الماسونيون من النجارين تظهر بوضوح أن الحجر يجب شطره لكي يتم اكتشاف خفائه الداخلي ، ومتى تحقق ذلك نمنح الماسوني الحرية الكاملة بسهولة الحفر عليه دون أن يبدي الحجر ( الإنسان ) أية مقاومة تذكر ، بل سنجد حينها أن الحجر ( الإنسان ) سيتبنى فوراً إرادة الماسوني القائم على تشكيله كما يشاء ويرغب )) !!! ..... وأما مبدأ ( الحرية ) بالنسبة للماسونية ما هي سوى (( خديعة كبرى تنخدع بها أذهان البشر كي تصبح أذهانهم كصفحات بيضاء يسهل على الماسونيين الكتابة عليها مجدداً ، وأن الحرية كلمة رنانة يحبها الناس جميعهم ويجب علينا أن نستعملها دائماً بكل المحافل لأنها قادرة على إثارة صراعات داخلية ضمن الفرد نفسه لتتحول إلى صراعات شاملة بين الناس ، وهي أبسط كلمة قادرة على تحويل أصغر الأشياء وأتفهها إلى أعقدها وأهمها وأكثرها تنوعاً ، لهذا نرى أن للكلمات رموز تستطيع أن تتجسد كصور بأذهان الناس على أنها صوراً من واقعهم الحقيقي لتصبح مجتمعاتهم كلها مرتكزة على عناصر الخرافات والقصص الخيالية التي تمتلكها شهواتهم والتي تعبر إليها عبر ممرات ملتوية ، وعندها نتمكن من تحويل الرغبات الفردية إلى رغبات عامة نطلق عليها اسماً وهمياً كشعار لهم يمثل أفكارهم هو / الحداثة / ... وبهذا تستطيع الماسونية مخادعة الناس بعدما يظنوا أن رغباتهم وشهواتهم صارت أفكاراً هامة )) !!!!!!
نلاحظ مما سبق أن تحريض الذات الفردية للإنسان هي عماد فلسفة ( جبران وأستاذه ) بعدما تأكدا من حتمية العلاقة بين الرغبات والأفكار وعلى هذا يقول سبينوزا ( تقول بأنك اخترت فكرة لأنها صحيحة ، فلتعرف بأنك وحدك الذي تصدّقها بأنها صحيحة لأنك اخترتها أنت لوحدك ) ... من هنا نرى أن سبينوزا أشار إلى الذاتية الفردية وأهمية إطلاقها بغض النظر عن عزلها أو دمجها بالنسيج الإجتماعي المحيط بها ، وكأنه قال ( كل الذي يهمني أن تؤمن أنت ولوحدك بأن أفكاري صحيحة !!! ) مما جعل الفرد منقسماً بنفسه لجزئين مستقلين هما ( خارجه المحيط به ، وذاته الفردية ) !!! وإذا ما تم هذا سينشأ صراع داخلي بينهما وعندها سيتحول الفرد من مرحلة الرغبة المشتعلة بداخله لتصير رغباته كأفكار يؤمن بها وهذا هو ذات هدف الماسونية تماماً ، وعلى أيديولوجية قول سبينوزا ذاتها أكد الكاهن جيكوب بينج شيشت الملقب ( يعقوب ) من مدرسة جيرونا ( وهي مدرسة سرية يهودية تعنى بالفلسفة الصوفية اليهودية ) ( وهو كاباليستي من كابالا ) إذ قال (( عندما تقول خلق الله الإنسان في صورته ، فأنت تعتقد بأنك تقول عكس ذلك ، ولكي تعتنق ما هو صحيح بينهما عليك أن تدرس وتتأمل حتى تفهم لماذا أنت قلت الشيء نفسه بطريقة مختلفة أو لماذا قلت عكسه )) !!!! قد يظن البعض أن قول الكاهن جيكوب صائباً في محله !!! ولكنه لم يكن يقصد منك أن تتفكر بل أراد أن يزرع في باطنك الشك والريبة بما أتى به كتاب معتقدك !!! إنها أيديولوجية الداهية المغلفة بمكر أفظع ( الخديعة ) ... وهي ذاتها الطقس الرئيسي بأي محفل ماسوني وسنجدها حية في مقولتهم (( على الماسونية أن تقنع الناس بأنها تسعى للتحضير لقدوم الأفضل ليكون المجتمع أكثر تنوراً )) ، وسنجد المقولة ذاتها مذكورة بطريقة أخرى في البروتوكول الأول لحكماء صهيون (( علينا أخذ الناس بالحيلة ليعتقدوا بأن الشيء المتعلقة به الحيلة كأنه صحيح لا ريب فيه ، في الزمن الماضي كنا نحن أول من نادى في جماهير الشعب بكلمات الحرية والعدالة والمساواة وهي كلمات لم تزل تردد إلى اليوم ويرددها من هم بالببغاوات أشبه ، ينقضّون على ُطعم الشرك من كل جو وسماء فأفسدوا على العالم رفاهيته كما أفسدوا على الفرد حريته الحقيقية )) .... ومن البروتوكول الثامن نقتبس (( السلاح الذي يحتمل أن يستعمله أعداؤنا في وجهنا يجب علينا أن نستعمله نحن ، وعلينا أن نحاول ذلك بألطف مقال وأنعم كلام وأرفع طراز بتلفيق الفتاوى القانونية ، وتسويغ أحكام القضايا التي تبدو خارقة للعادة ، بأنها جريئة ، وظالمة ، إذ من الخطورة بمكان أن نجعل هذه الأحكام تتشح بأروع صور العدالة ونطرحها أمام الناس كنماذج من المثل الأخلاقية )) ... ومن البروتوكول التاسع نقتبس (( وأما شباب الغوييم فقد فتناهم في عقولهم ودوخّنا رؤوسهم وأفسدناهم بتربيتنا على المبادئ والنظريات التي نعلم أنها فاسدة مع اننا نحن الذين لقنّاهم ماتربوا عليه )) ... ومن البروتوكول الحادي عشر (( الغوييم قطيع من الغنم ونحن ذئابهم ، وتعلمون ماذا يحل بالغنم إذا جاءتها الذئاب ، علينا أن نلقح أذهان الغوييم بأفكارنا دون أن نعطيهم فرصة للتفكير فيما وراءها ، فما لم نستطع بلوغه بسلوكنا الطريق المستقيم سنبلغه عن طريق المرواغة والدوران ، وعلى هذا الأساس قامت مؤسستنا الماسونية السرية التي لا تعرف حيوانات الغوييم من أمرها شيئاً يذكر ولا من أغراضها الخفية إلا مايؤخذ بالظن والتقدير )) ... ومن البروتوكول الثالث عشر (( علينا أن نمد يد المساعدة لأولئك المتحررين الطوباويين الذين يدعون الناس لحملات الأحلام الخيالية ، علينا أن نوجّه عقولهم إلى انتحال كل تافهة من العقائد التي يرونها جديدة ، يجب أن نجعل جديدهم مقبولاً ومطلوباً ، ألسنا نحن الذين نجحنا في توجيه عقولهم الرخيصة بالتضليل والتعمية حتى باتوا غير قادرين على التمييز بين الخديعة والحقيقة ، سنخدعهم بكلمة التقدم التي لن يعرفوا معناها أبداً ، والتي تتضمن في جوانبها المفارقة والمناقضة العجيبة ، سنقول لهم أن التقدم سيذهب بهم إلى مجتمع أفضل وأكثر تنوراً ولكن الحقيقة أنه لامكان حقيقي للتقدم لأن التقدم كفكرة هو شيء فاسد سيفسدهم تماماً ، وعلينا أن نجعل الصحيح مبهماً وغامضاً عن بصائرهم لأن رؤية الصحيح ما خلقت إلا لنا ، شعب الله المختار حراس هذا كله )) ... وأخيراً ومن البروتوكول الرابع عشر نقتبس (( سيتولى فلاسفتنا شرح وتوضيح ماتنطوي عليه معتقدات الغوييم من عادات وأخلاق ورواسب إجتماعية ، غير انه لن يسمح لهم بطرح ديننا للبحث ابتغاء الوقوف على مقاصده وغاياته الصحيحة لأن علمه محصور بنا ومقتصر علينا لوحدنا ، وقد وضعنا في أيدي الناس ضروباً من مواد الآداب المنشورة بالطباعة ، وهي غاية في التفاهة والقذارة والنذالة ، وقد ساهمنا بترويجها والحث عليها لتبقى حية على مسارها )) ....... يتبع



#حسن_جميل_الحريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يَم
- تفسير الحديبية برواية أمريكية ........... ج / 10
- تفسير الحديبية برواية أمريكية .............. ج / 9
- للفقر مصداقية باكية .......... ج / 10
- للفقر مصداقية باكية .......... ج / 9
- للفقر مصداقية باكية .......... ج / 8
- للفقر مصداقية باكية .......... ج / 7
- للفقر مصداقية باكية ..... ج /6
- للفقر مصداقية باكية .... ج / 5
- أريد ولدي
- مرمر
- تفسير الحديبية برواية أمريكية ............. الجزء السابع
- سلاحي
- الوروار
- ضمير
- حمّالة الحطب
- قادمات من الشرق ..... ج / 3
- تفسير الحديبية برواية أمريكية ............ ج / 6
- بوذا والعلمانية والماسونية في زيارة مضاجعنا العربية ........ ...
- بوذا والعلمانية والماسونية في زيارة مضاجعنا العربية ........ ...


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن جميل الحريس - جبران خليل جبران .... ج / 1