أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل علي صالح - الإعلام العربي بين واقع التضليل وطموح التغيير















المزيد.....



الإعلام العربي بين واقع التضليل وطموح التغيير


نبيل علي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 757 - 2004 / 2 / 27 - 09:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مدخل عام

    لقد أصبح للإعلام دور أساسي في نهوض الأمم وتقدم الشعوب نحو تحقيق أهدافها في التحرر والبناء والتطوير في مختلف مواقع الحياة والمجتمع. ووصل الأمر بالإعلام الحديث إلى مستوى دقيق وخطير بحيث أصبح الفاعل والمؤثر الأقوى في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية على وجه العموم، ويظهر ذلك من خلال التأثير الحاسم للمادة الإعلامية المعاصرة على حياة الإنسان، ومجريات واقعه الاجتماعي والثقافي في سياق شبكة الإنتاج الصناعي والسياسي والثقافي الراهن.
    ويبدو لنا أن المستفيد الأكبر من هذا التوسع الإعلامي الحديث هو الإعلام السياسي الرسمي والخاص الذي يعمل على ترسيخ مقولات وأفكار، وانتهاج أساليب عمل سياسية وفكرية معينة تخص هذا الطرف أو ذاك بما يؤدي إلى رفع شأن هذا الموقع أو النظام السياسي، أو إسقاط ذاك النظام من وعي الجماهير من خلال قوة التأثير الدعائي المضاد، وزيادة كمية الضخ الإعلامي المبهر.
وإذا كان للإعلام السياسي-في الأنظمة الديمقراطية التعددية- الدور الأكبر في دعم مسيرة حقوق الإنسان      وخدمة قيم التعددية، وحرية التفكير والاجتماع والنقد، وإظهار التنمية السياسية والاجتماعية الحقيقية، وتكريس معاني الوعي والمسؤولية، والحوار، والانفتاح، والاعتراف بالآخر، فإن الدور الذي يؤديه الإعلام السياسي –في بيئتنا السياسية والفكرية العربية والإسلامية– يرتبط ارتباطاً مباشراً بالنظم السياسية التقليدية المهيمنة فقط، في دعوة الناس قسرياً إلى فكرها الجامد، وعقائدها الوهمية ، وسياساتها المتخبطة، وشعاراتها الرنانة الزائفة، سواء تم ذلك عن طريق صناعة أواختلاق الأحداث بما يتناسب مع الرغبة الجامحة لدى هذه النظم في المحافظة على مواقع نفوذها وتسلطها على البلاد والعباد، أو عن طريق تحوير الحقائق التاريخية والثقافية، أو اختلاق أحداث وأفكار جديدة للضغط على الوعي العام، وتضليله إعلامياً بما يخدم التوجهات المعلنة والمخفية الخاصة بهذا الطرف أو ذاك.
إن كل ذلك يقودنا إلى حقيقة مأساوية وهي أن إعلامنا العربي (الرسمي والخاص) يعيش مأزقاً خطيراً باعتباره إعلاماً مليئاً بالضوابط، والقيود السياسية، والخطوط الحمراء والسوداء، والدوافع الخاصة التي تراعي توازنات سياسية وحكومية رسمية وتقليدية اجتماعية تجعل أي نقاش سياسي أو فكري أو اجتماعي –خارج الدائرة الضيقة لهذا الإعلام التضليلي– نوعاً من المروق على القانون أو العُرف "المقدس؟‍!"، لذلك فالمطلوب –على خلفية هذا التصور- هو حجب أي كلام أو جدال خارج المألوف والعرف الخاص بنظام المجتمع والأمة ككل حتى لو كان يهدف إلى تصحيح مسار خاطئ، أو توجيه موقع منحرف، أو تغيير توازنات معينة مخلة بالنظام العام.
من هنا تأتي هذه المساهمة الفكرية لتعمل على إبراز حقيقة الوضع العام للإعلام العربي المعاصر الذي تسيطر عليه نخبة سياسية فاشلة ومريضة، وغير مؤهلة -علمياً وسياسياً- لممارسة الدور الإعلامي الحقيقي المنوط بها.. وقد كشفت الأحداث السياسية والعسكرية الأخيرة التي انطلقت مفاعيلها وتأثيراتها في العراق صحة ذلك، وأثبتت أن الإعلام العربي ليس جديراً بحمل مسؤولية إحداث تغيير جوهري في داخل البنية المعرفية والاجتماعية العربية والإسلامية، لأنه إعلام يقوم على الكذب الصارخ والتضليل السافر، وتجييش المشاعر المتدفقة والعواطف الملتهبة، ويمارس سياسية استغباء المشاهدين، وحصر اهتماماتهم بقضايا وشؤون أبعد ما تكون عن الحكمة والمنطق والعقل، وبناء أسس التفكير السليم القادر على بناء مستقبل مشرق زاهر.
لقد عملت وسائل إعلامنا العربي (والإسلامي أيضاً) –طيلة الفترة السابقة- على تكريس الوجود السياسي والاجتماعي للأنظمة المغلقة والبائدة بأساليب وطرق ملتوية كثيرة، كان من أبرزها صبغ الإعلام بصبغتها السياسية الخاصة، ومنع الآخر من استخدام منابر وسائل الإعلام المختلفة الموجودة للتعبير عن آرائها واعتقاداتها، وحريتها في ممارسة النقد والتوجيه والترشيد، وإظهار الأخطاء، ومواجهة عناصر ومواقع الخلل والاهتراء الواسعة الموجودة في داخل بنى وهياكل الأمة.
بناءً على ذلك سأحاول مقاربة هذا الموضوع الشائك من زاويتين رئيسيتين، تتعلق الأولى منهما بالمشهد الإعلامي العربي المعاصر، أما الثانية فتتعلق بالبحث عن طبيعة الأسس والمرتكزات الفكرية والنفسية والعملية التي تقوم عليها سياسة التضليل الإعلامي وتزييف الوعي المتبعة حالياً على أوسع نطاق في داخل مشهدنا الإعلامي العربي الراهن.
أولاً: إطلالة عامة على المشهد الإعلامي العربي المعاصر
شهد العالم العربي في السنوات القليلة الماضية تطوراً ملحوظاً في مجال وسائط الاتصال والإعلام الحديثة، وقد دخل العرب في هذا العصر الإعلامي الجديد عن طريق استيراد التقنية والتكنولوجيا دون المشاركة في إنتاجها وإبداعها، والاكتفاء بشراء واستهلاك منتجاتها وسلعها، الأمر الذي أدى إلى بروز وانتشار القنوات   والفضائيات العربية، خصوصاً بعد شيوع تقنيات علمية حديثة تمكن الإنسان من استقبال بث القنوات المختلفة من دول متعددة، دون وجود أية قدرة لدى أجهزة الرقابة المحلية العربية على القيام بإجراءات المنع أو التحكم بقنوات البث الإعلامي المختلفة.
وهذا التطور الإعلامي الكبير هو الذي دفع أجهزة الإعلام الرسمية إلى استخدام التقيات الفضائية واستغلالها، بحيث لا يصبح الإنسان العربي هدفاً للمحطات الأخرى، بل من أجل أن يبقى في دائرة الموالاة العمياء لبيت الطاعة الداخلي، مما يوحي بأن كل ما فعله العرب في مجال الاتصالات والإعلام الحديث لا يخلو-في حقيقته- من الأبعاد السياسية المرتبطة مباشرة بفكرة سيطرة النخب السياسية الحاكمة على عقل (ووعي وإرادة) المشاهد العربي، ومنعه من التحليق إلى عوالم أخرى قد يجد فيها –كما قد يخيل له– مرتعاً خصباً لنمو أحلامه، وأفكاره، وتصوراته في العيش الحر الكريم بعيداً عن التطبيل والتزمير والتضليل.
ويُلاحظ فعلياً -في هذا المجال- أنه على الرغم من امتلاك الدول العربية كلها لقنوات بث إعلامية فضائية فإن البرامج المشاهَدة بكثرة، والتي يتابعها ويقبل عليها المشاهد العربي بشغف تكاد تنحصر بمحطة أو محطتين على الأكثر، أو ربما يعزف –هذا المشاهد– نهائياً عن متابعة كل تلك القنوات ليشاهد القنوات الأخرى الأجنبية غير الرسمية.
إننا نعتقد أن إحجام الجمهور الأوسع في عالمنا العربي عن متابعة إعلام الدولة الحكومي –كمشهد بارز من مشاهد الإعلام العربي المعاصر– يعود في جانب منه إلى طبيعة السياسات الإعلامية المطبقة في وزارات الإعلام الرسمية التي لا تخاطب العقول الواعية، والقلوب المنفتحة، ولكنها تظهر في الواقع وكأنها تخاطب كائنات جامدة، وكتل بشرية خالية من المشاعر والأحاسيس، وكأن الناس مجرد آلات ميكانيكية تتحرك "بالريموت كونترول". وكذلك نلاحظ أن السبب في كثرة المشاهدين العرب الذين يتابعون القنوات الفضائية الأخرى (غير الرسمية محلياً ودولياً) يعود إلى وجود مساحة واسعة من الحرية السياسية والفكرية في التعبير عن الرأي، وحرية ممارسة النقد والمحاسبة، وعرض مختلف الآراء والطروحات. أي أنها (تلك المحطات) قادرة على أن تتعامل بحرية كبيرة جداً مع قضايا الاختلاف، ووجهات النظر المتعددة (وهي كثيرة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية) إضافة إلى الرغبة الفطرية الملحة للإنسان في تذوقه الطبيعي لطرق جديدة في التعبير والبحث عن ما هو جديد في الخبر والمعلومة والمشهد.
 أما الإعلام العربي الرسمي والخاص فلا يزال يعاني من مرض خطير مزمن، لم يستطع أن يبرأ منه حتى الآن ، وهو مرض "الحساسية المفرطة" (الخوف والرعب الشديدين) تجاه الوافد الجديد ،أياً كان هذا الجديد، وذلك بالرغم من كل الادعاءات والمزاعم التي يطلقها المسؤولون عن هذا الإعلام بأن إعلامنا منفتح، وحضاري، وواسع الانتشار.. الخ. لكن الواضح أن كل تلك الأقاويل هي مجرد أوهام، وأكاذيب لا أساس لها من الصحة في الواقع العملي.
فالجماهير العربية استنكفت -بدرجة كبيرة جداً- عن التعامل مع إعلامها الرسمي خصوصاً في المجال السياسي والثقافي، بسبب شعورها بأن هذا الإعلام لا يمثلها، ولا يعبرعن مشاكلها واهتماماتها و طموحاتها، الأمر الذي دفعها (مكرهة) للارتماء في أحضان الإعلام الآخر، الذي بدأت قنواته الفضائية –المنتشرة بكثرة هنا وهناك– تملأ الفراغ الكبير الذي أحدثه الإعلام الحكومي.
والذي يظهر أمامنا الآن أن هذا الإعلام لا يزال مصراً -بالرغم من تحول الأرض كلها إلى قرية اتصالية وشبكة معلومات عنكبوتية واحدة– على اتباع سياسة المنع، والحجب، والإخفاء. ويبدو أن هذه السياسة الإعلامية التلفيقية المتبعة لا تزال تفعل فعلها في تزييف وتحريف وعي وسلوك أفراد مجتمعاتنا خصوصاً عندما يتعمد مسؤولو الإعلام استخدام أساليب غير لائقة بالمعنى الحضاري والإنساني. وذلك عن طريق الادعاء بالحرص على الكرامة العامة، وأمن واستقلال الأمة، ووحدة المجتمع، وضرورة تحصينه في مواجهة الغزو الإعلامي والثقافي.. الخ. لكننا نجد -بالمحصلة العامة- أن هذه المعطيات (التي قد تبدو للوهلة الأولى وكأنها مهمات حضارية ورسالية خاصة بالإعلام الرسمي وحده) هي مجرد حجج واهية وذرائع مزيفة تلعب على وتر العاطفة عند المشاهد، وتدغدغ مشاعره النفسية، لكنها لا تعبر –في العمق- عن حقائق الأمور وثوابتها. فنحن أصبحنا نعيش –كما ذكرنا– في عصر الإعلام السريع، وثورة المعلومات والاتصالات الفائقة في تقنيتها وتطورها، ولذلك فإننا نجد أن ما يحافظ على وحدة المجتمع، وأمن البلدان، واستقرار الدول، ونهضة الأمة وتقدمها، يتمحور حول نقطة وحيدة أساسية وهي ضرورة فتح المجال الواسع أمام الشعب كله ليرى الأمور والوقائع كما هي، أي ليتنفس الهواء الطلق، ويرى أنوار الحقيقة، كما يرى الشمس الساطعة في كبد السماء. وإشعار المواطن بحقيقة (وأهمية) وجوده الحر الكريم، وضرورة احترام فكره، وحريته في ممارسة حقوقه المواطنية كاملة، والمشاركة في تصويب ونقد الواقع القائم، وبناء الدولة الحديثة العادلة والحكم الصالح.
وإذا كانت بعض (أو ربما كثير من) حكوماتنا العربية تضيق ذرعاً ببرنامج حواري قد يظهر على إحدى القنوات الفضائية العربية الخاصة، وتستنفر كل طاقاتها الإعلامية والسياسية لمواجهته بقوة. أي أنها تقوم قائمتها تجاه أي كلمة ناقدة وحرة تطلق من هنا وهناك بدعوى الحرص على الوطن والمواطن (الذي لا يتحمل –في نظرهم-أي "خضات" سياسية وإعلامية جديدة)، فكيف يمكن –والحال هذه- أن نتفاءل بمستقبل أمتنا العربية والإسلامية على طريق مواجهتها للتحديات المصيرية الهائلة (التي هي حقيقةً داخلية قبل أن تكون خارجية، لأن المرض والعلة فينا قبل أن يكون من غيرنا) التي تواجهها الآن وفي المستقبل؟!.
من هذا المنطلق يحتاج إعلامنا العربي إلى إعادة نظر في هياكله ومفاصله وتوجهاته الخاصة والعامة كلها،من أجل أن يمارس الرسالة الإعلامية الحضارية بمسؤولية  وصدق وإنسانية.. يقدم المعلومات الصحيحة للناس جميعاً (حتى لو تعارض ذلك مع ما نعتقد أونؤمن.. لأننا معارفنا أوأفكارنا التي نختزنها ليست دائماً صحيحة، كما أنها قد لا تعبر عن الحقيقة والصدق والواقعية)، ويتسم خطابه بالشفافية، والحس الوطني والأخلاقي الملتزم بخيارات الأمة والجماهير الواسعة بعيداً عن المزاودة، والنفاق، والتدجيل، والتضليل.
وكم تبدو الحاجة ماسة حالياً إلى ضرورة أن يقوم المسؤولون عن الملفات الإعلامية عندنا بإعادة دراسة، وتقييم، ونقد تجربة هذا الإعلام الأرضي والفضائي، وتنقيته من المظاهر المرضية، والسلبيات الكثيرة التي علقت به، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ منه، ولعل ظاهرة "المركزية" الإعلامية الفجة هي من أخطر هذه الظواهر، وأكثرها استفحالاً وتجذراً في بيئتنا الإعلامية والسياسية.
إن الإعلام قيمة كبيرة تنتمي إلى دائرة المخاطبة الإنسانية بالدرجة الأولى. أي أنها تخاطب العقل والنفس الإنسانية. وهذا -بحد ذاته– معيار أخلاقي عالي المستوى، يدخل دخولاً عضوياً في نظام القيم والمبادئ الحضارية العليا على المستوى الإنساني كله. وهو –بهذا المعنى– سلطة معرفية وأخلاقية كاملة، تدعو إنسان إلى شيء، وتمنعه عن ممارسة شيء آخر. ولكن السؤال المطروح –في هذا السياق– من يحدد أخلاقية الدعوة، وسلوكية المنع المفروضة؟!.
في الحقيقة يمكن بناء نظام إعلامي عربي حضاري في دعوته وقيمه، ولكن لا بد أن يرتبط بشكل مباشر مع ضرورة تشييد نظام قيم إنساني عالمي هادف، يقوم بطبيعته على توازن معين –في القيمة والممارسة– في مجالات السياسية، والأمن، والاقتصاد، والاجتماع الإنساني. أي توازن حركة الدول الكبرى من خلال نظام قيم راسخ يضبط مسارات قوى المجتمع الدولي، وأقطابه، وعوالمه المتعددة.
وقد يستغرب البعض سبب طرحي للسؤال السابق في إطار حديثي عن المشهد الإعلامي العربي في حالته الراهنة، وآفاقه المستقبلية.. ولكني أحببت أن أتحدث عن طبيعة التأثيرات الإعلامية الدولية، وأنظمتها القيمية والمعرفية التي تحاول -مواقع الإعلام القوية- فرضها على المجتمعات الأخرى التي تتميز بمبادئ وقيم أخلاقية، وأنماط وتقاليد سلوكية مختلفة عنها فكرياً وعملياً، خصوصاً وأننا نعيش حالياً تحت تأثير واقع إعلامي عربي جديد متعثر ومتخبط وفوضوي، يبدو فيه التسابق نحو تعميق معايير السيطرة -وأسس الهيمنة والتحكم والضبط– هو السمة الغالبة التي تطبعه، وتلونه بلونها الخاص.
وقد ساهمت الاشكالية الاعلامية في فقدان الإعلام العربي لتمايزه، وخصوصيته، وكثير من مفرداته المستمدة من واقعه الحيوي الروحي والمفاهيمي، وذلك كنتيجة طبيعية لمحاولات أصحاب العولمة الثقافية الإعلامية الضاغطة في سياق ما حدث من تطور وتفوق إعلامي هائل للدول المتقدمة في مجال تكنولوجيا الاتصال والمعلومات كما ذكرنا. وقد قاد ذلك إعلامنا الحكومي إلى الوقوع في أحضان التبعية لمناهج المدرسة الغربية، وتحليلاتها، ودراساتها، ونظرياتها الإعلامية، الأمر الذي تسبب –في جانب كبير منه– في تعطيل المسيرة الإعلامية العربية في بدايات حركتها. والواضح أن هذه التبعية شبه الكاملة، والانسياق الأعمى وراء سلبيات الإعلام الغربي، وترك إيجابياته الكثيرة، حولت الإعلام العربي -كما يحدث حالياً- إلى مجرد تجارة سلعية رابحة، ليس لها من غاية سوى تحقيق المداخيل المادية السريعة والكبيرة للشركات الإعلامية العربية الخاصة والعامة التي تحتكر-بالتعاون والتنسيق مع الشركات الكبرى- الأسواق الإعلامية المحلية كلها، وتسيطر على ملفاتها، بقطع النظر عن الوسائل التي يتم اعتمادها من قبلهم في سبيل الوصول إلى الثروة والشهرة.
ونحن عندما  ندقق في حركة هذا الإعلام الرسمي الخاص نجده يتحرك على المسار السابق نفسه الذي يمكن وصفه بالقشرية والسطحية والابتذال إلى درجة فجة ومستفزة للمشاعر والقيم الإنسانية، بحيث أن معظم البرامج المستوردة –أو المصنوعة كلية على النمط الغربي– تعمل على تحطيم الوعي والذوق العام، من خلال تعميم ثقافة السلعة، وأجواء التهتك الاجتماعي والتفكك الأسري في داخل مجتمعاتنا التي يكفيها ما تعانيه من إعلامنا الرسمي المتردد والساكن القائم، الذي لا يستطيع أن يتحمل المسؤولية، ويفتقد الدقة، والموضوعية ،وعنصر الشخصية المسؤولة والمتوازنة.
ثانياً: مقومات التضليل الإعلامي العربي (نقد وتصويب)
إن المتابع للسياسات والممارسات التي ينتهجها إعلامنا الخاص والعام -في ظل التغيرات الإعلامية والسياسية الدولية الراهنة- يمكن أن يصل بسهولة إلى نتيجة خطيرة تبعث على الحزن والأسى، وهي عدم قدرة هذا الإعلام حتى الآن على الخروج من الدائرة السلطوية المغلقة التي حبس نفسه في داخلها. لذلك كان من الطبيعي أن يقع (هذا الإعلام) في فخ الوهم، والتضليل، والكذب، والابتعاد عن الشفافية، والحقيقة، والوعي، وتحوير الوقائع، وتحويل الهزائم الكثيرة إلى انتصارات وهمية. أي باتت مهمته الأساسية محصورة في تقديم فروض وطقوس الطاعة للقائمين بالأمر، واتباع مختلف أساليب الضغط النفسي والسلوكي والعنف الرمزي (كالتطبيل والتزمير..)  للتأثير على مشاعر وعواطف وعقول الناس، وتسهيل عملية انقيادهم الأعمى وراء الاتجاهات والمسارات التي يريدها لهم هذا الموقع أو ذاك.
إننا نعتقد إن إعلاماً يمارس تلك السياسات الزائفة لا بد له من أسس ومقومات ومظاهر عامة يرتكز عليها في سياق حركته المحلية والدولية. ويمكننا أن نسجل هنا بعض أهم هذه المرتكزات:
1- تعميق النظرة المحدودة والقريبة المدى، وعدم السعي نحو المكاسب والمصالح بروح واعية وثّابة، ونفس طويل بعيد عن الكسب الفوري واللحظي. ويبدو ذلك جلياً من خلال اتباع سياسة تضخيم الشعارات والغايات التي تجاوزها الواقع واستهلكتها الأيام، وأثبت الزمن والتجارب عقمها وفشلها، وعجزها عن بناء الحياة والإنسان الفاعل، والواعي، والقادر على المساهمة المنتجة في عملية الاستثمار والبناء الحضاري على صعيد أمته ومجتمعه.
ويظهر ذلك أيضاً –وبشكل أوضح وأعمق– من خلال سلوكية الإعلام العربي الراهن في تكراره لتلك الشعارات، وإعادة اجترارها وانتاجها بصور وأنماط شكلية جديدة فضفاضة، تتسع لأكثر من معنى. و لا يتردد مسؤولو الإعلام الخاص والعام عندنا لحظةً واحدةً عن تقديم ثقافة جماهيرية سطحية تتشكل من الفن الهابط الخلاعي، والموسيقى الجنونية الصاخبة والمبتذلة، والأدب الركيك الغرائزي الفارغ من الأهداف العليا في الحياة، طالما أن الغاية هي حجب الحقائق عن المجتمع، وتزييف وعي الناس، وتخدير عقولهم،  وتسطيح أهدافهم وتطلعاتهم، وتعميم ثقافة الخنوع واللاتمرد. أي بناء الإنسان المختزل ذي البعد الواحد، والمجتمع ذي البعد الواحد الذي يعجز أبناءه عن التفكير إلا ضمن الخطط والتوجهات المرسومة لهم مسبقاً، ولا تتفتح في عقولهم إلا ما زرعوا فيها من مفاهيم ورؤى وأفكار عقيمة وغير مجدية.
2-التغطية الإعلامية المستمرة على عناصر ومواقع الخلل والفساد والإفساد الحاصلة –على قدم وساق- في جميع مواقع وهياكل المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعدم مقاربة الحقيقة في كل ذلك، وذلك بدعوى الحرص على بناء الوطن (أي وطن!)، وعدم إطلاع الآخرين على سلبياته وأمراضه، كونه يعيش في حالة (مواجهة حضارية!!) مستمرة لإثبات وجوده المهدد بالضياع في عالم اليوم. لكننا نعتقد أن تلك المزاعم –المغطاة بأفكار أيديولوجية استهلكتها الأيام والسنين- لا تشكل إطاراً سليماً لبناء وطن أو مجتمع متقدم وحضاري.. لأن بناء الأوطان القوية والحصينة لا يكتمل إلا ببناء المواقع الداخلية المتعددة (ومنها الإعلام الواضح والصريح والحر) على أسس متينة وقواعد صلبة من الصدق، والمسؤولية، والوعي، والشفافية في التعامل، وتطبيق القانون، واحترام الإنسان، وملاحقة الفاسدين، وانتهاج طريق مكافحة الهدر والإسراف، وتحقيق العدل، وبناء دولة المؤسسات المدنية.
إن الوطن الأكثر قدرة على مواجهة تحديات ودسائس وهموم الواقع الخارجي هو الوطن الأكثر قدرة على التزام جانب الحق والوعي والمسؤولية، وقوة التزام المسؤولين فيه (قبل المواطن العادي)  بقيم العدل، والأخلاق، والحرية، والنقد، والمحاسبة، وسيادة القانون والنظام العام. وبذلك لا يمكن للوطن المريض أن يقف قوياً ليواجه الأخطار والمؤامرات الخارجية (والداخلية) إلا بعد أن يتماثل للشفاء، ويعود نشيطاً وسليماً ومعافى، ومتحرراً من أمراضه وقيوده الداخلية قبل الخارجية.
3- منع الشعب والأمة كلها من الإطلاع على خفايا الواقع، وبواطن الأمور والحقائق التي من المفترض أن يكون المجتمع كله مطلعاً عليها، باعتبارها تمس حاجاته الحقيقية في العيش، والأمن، وتطبيق القوانين. والحجة الأساسية في سياسة المنع التي يتبعها إعلامنا العربي الرسمي والخاص في تعامله مع شؤون وقضايا الوطن و المواطن، تعزف دائماً على نغمة "الحفاظ على أمن الأمة وأسرار الوطن"، وضرورة عدم إطلاع الرأي العام عليها. لأن ذلك يمكن أن يفتح المجال لوقوعها في أيدي أعداء الأمة الذين يتربصون بنا الدوائر، وبالتالي سيكون الفشل هو النتيجة الطبيعية لتلك السياسات والخطط السرية الخاصة ببناء الدولة والمجتمع.
وربما يبدو لنا هذا الكلام –من الخارج– صحيحاً وواقعياً، ولكن التدقيق في معطياته الذاتية، وملاحقة خفاياه الداخلية ستقودنا إلى حقيقة فكرية وثقافية يمكن أن تكون هي السبب الأساسي  وراء سياسة المنع والحجب الإعلامي والسياسي المذكورة سابقاً، وهي حقيقة سيطرة ثقافة العصبية والاستبدادية على العقول والأفئدة والسياسات كلها في الوطن العربي منذ البدايات الأولى لتاريخنا الإسلامي وحتى الآن. هذه الثقافة التي لا تزال تَرْهنُ مفاصل الأمة لصالح نزعات غرائزية تتوسل كل الوسائل  –المشروعة وغير المشروعة- في سبيل الاحتفاظ الجائر بمصالحها ومواقعها ونفوذها.
إن ادعاء الحرص والغيرية وواجب مكافحة الأفكار الهدامة للقانون والمجتمع، والحفاظ على أسرار الوطن وخطط الدولة -خصوصاً ما يتعلق منها بالخطط التنموية التي ترتبط بحاجة المواطن في مأكله، ومشربه، ومعيشته الضرورية– لا يعني مطلقاً أن يبقى هذا المواطن (الذي يعتبر وجوده السليم والمعافى روحياً ومادياً أساس بناء الأوطان) جاهلاً بسياسات حكوماته، بل لا بد من مكاشفته ومصارحته بأساسيات العمل والتوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخاصة والعامة، كي يبقى على صلة واطلاع دائم بمشاريع حكوماته، يقف معها عند الأزمات، ويعطيها الفرص المناسبة لبناء المجتمع والنهوض بالأمة، ويبرر لها الفشل أحياناً عند تعرضها لمضايقات وتحديات فوق العادة.
 أما بالنسبة  لإعلام تلك الحكومات فنجد أنه لا يقوم -أو قد لا يسمح له– بأداء وظائفه، بل على العكس من ذلك إنه يتبع سياسة التعمية والحجر على العقول والوعي، والسكوت عن النواقص والعيوب، ويعتبر أن عدم إظهار سلبيات المجتمع -بما فيها التستر على الفساد العريض المستشري داخل المجتمع، والتغطية الإعلامية الخطيرة على أعمال تخريب وتقويض دعائم أمن وطمأنينة ومعيشة أبناء الوطن والأمة- هو نوع من السياسة الإعلامية الخاصة والضرورية للحفاظ على توازن المجتمع وأسرار الأمة، في زمن اللا أسرار طبعاً.
4- تعزيز ودعم ممارسة النظرة الأحادية الرسمية في فهم معنى الوطنية والانتماء للدولة والمجتمع، وحصر ذلك في نطاقات ضيقة ومحدودة، تجعل من انتماء المجتمع إلى الدولة (وخدمتها، وإطاعتها طاعة عمياء، وعدم نقدها، والخضوع المطلق وغير المشروط لها-يعني الخضوع الطلق والتسليم النهائي لأولي الأمر السياسيين والدينيين) هو المقياس الأوحد الذي يعبر عن هذه الوطنية، ويحققها. أما انتماء الدولة للمجتمع، وتمثيلها له، وخدمتها لأفراده، وبناؤها لمؤسساتها المدنية، وخضوعها لمبدأ المحاسبة والنقد، ومداورة السلطة، وقيام الحكم الصالح، فليس شرطاً ضرورياً لبناء مفهوم حضاري للوطنية والمواطنة الحقيقية، يمكن أن يجعل الدولة شرعية ووطنية في نظر أفرادها.
و قد دفع هذا الإخفاق -الذي دعت إليه ومارسته معظم وسائل إعلامنا العربية الرسمية والخاصة في تحديد الشروط الأولية للمواطنية المعنوية والمادية، والمعنى الحقيقي للانتماء الوطني وفق رؤية الدولة القاهرة والمستبدة– إلى انهيارمشروعية السلطة والحكم، وتشويه الصورة الحقيقية للدولة في مجتمعاتنا. وليس لهذا الفشل من سبب –كما نعتقد– سوى التعلق (والتمركز) الأعمى والشديد بالسلطة السياسية، والتفرد المطلق باتخاذ القرارات، الأمر الذي قاد أمتنا من هزيمة إلى أخرى، ومن واقع مظلم إلى آخر، باستثناء بعض المواقع والمحطات القليلة المضيئة هنا وهناك.
من هنا اعتقادنا الجازم بأنه لا يمكن أن نبني الدولة العربية الحديثة –والحكم العادل الصالح- في كل مجتمعاتنا العربية ونجعلها تستمر في حراكها الاجتماعي والسياسي الراهن، وحسن أدائها لوظائفها المدنية والحضارية المحلية والدولية، إلا بتأسيس علاقات إنسانية جديدة تقوم على أنقاض السياسات القائمة نفسها، وبعد إلغاء المفهوم السائد حالياً عن "الوطنية" و "المواطنية"، وإكسابه معنى وروحاً وشرعية جديدة.
5- المساهمة الإعلامية الواضحة في تغييب الحس النقدي، وهدم ركائز المحاسبة والنقد في كل مواقع العمل في الأمة، والاهتمام البالغ بالخطابات العاطفية اللاعقلانية المليئة بالانفعالات الساذجة والطارئة على ساحة المشاعر والأحاسيس.
إن تركيز إعلامنا العربي الخاص والعام على الجانب الوجداني الحماسي في استثارته للعواطف الإنسانية    -في سياق حديثه عن ضرورة الذود عن حياض الأمة والكرامة الوطنية، والأمجاد المستعادة كما حدث خلال أزمة العراق الأخيرة- يساهم مساهمة فعالة في إقصاء خطاب المحاكمة العقلية عن العمل والتفكير، وتغييب عملية البناء الضروري لقواعد صحيحة لمعنى ودور النقد وأهميته الحيوية في المجتمعات العربية والإسلامية، ويعطي الإنسانية العربية (التي ملت الوعود والعهود والمواثيق والتصريحات، والتي جعلتها الانتكاسات المتكررة يائسة من كل جديد، وفاقدة لأي أفق متغير) جرعة مخدر إضافية يمكن أن تحلم من خلالها بحياة جديدة، وأمل آخر جديد.
إن هذه السياسة الإعلامية المتبعة -التي تتجلى كما ألمحنا في وجود عرض إعلامي زائف بعيد عن الواقعية والنزاهة والحيادية والصراحة.. ولا يمكن اعتباره إلا استمرارية لنفس العقلية الإعلامية التي تحاصر الإنسان العربي، وتريد أن تسيّره على هواها- تصب حتماً في مصلحة مواقع النفوذ الكبرى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من خلال تحويل أنظار الناس عن الواقع القائم، وإعطائه روحاً مطلقة، ومثلاً أعلى جديداً يهدف إلى منع الأمة من التفتيش عن واقع وموقع وفكر آخر ربما ينقلها –على حد زعمها– من الحاضر إلى المستقبل بوعي وثقة وثبات.
ولذلك إذا أراد الإعلام العربي –والإرادة هنا مشروطة بالانفصال التام عن المسبقات الأيديولوجية والعقائدية الرسمية وغير الرسمية– أن يساهم فعلياً في بناء الأمة الحصينة والحضارية، فما عليه سوى فتح المجال الواسع أمام سلوك طريق المبدئية النقدية للواقع الثقافي والنظام السياسي القائم، ونقد أسس المجتمع السياسي التقليدية القائمة التي أدت إلى فشل عمليات النهوض ومشاريع التحديث برمتها.
إن هذا الوعي النقدي الحاسم يجب أن يستكمل بفتح النقاش والحوار المسؤول في كل الملفات العالقة والقضايا الساخنة، وعدم تجاهل أي عنصر فيها. ومن ثم التزام مواقف عملية، والإسراع إلى نصرتها وتقويتها، والصبر على شدائدها وتحدياتها.
إننا نعتقد أن هذه المسؤوليات النقدية الجسيمة الملقاة على عاتق المثقفين وحملة الإعلام الهادف في ظل عالم متغير ومعولم في سياسته وثقافته وإعلامه واقتصاده، لا تكتمل إلا بنقد ومواجهة العوامل المعنوية والمادية المهيئة لنشوء سياسة التضليل الإعلامي في واقعنا العربي، والتي تكاد علتها الحقيقية محصورة -كما ذكرنا- في "ثقافة العصبية العمياء" الاجتماعية والسياسية ذاتها من حيث كونها استراتيجية كبرى تلتزمها الكثير من النخب السياسية التقليدية في ممارستها للحكم والسلطة، وتعمل على استحداث مكونات جديدة لها بتعابير متعددة، وبما يتناسب مع مصالحها وحجومها.
إن هذه الثقافة العصبية -التي تشكل أهم مصدر من مصادر حركة و(قوة!) إعلامنا العربي- لا يمكن المبادرة إلى تقويمها ونقدها في حالتها الراهنة، من دون أن ننزع عنها قيم السكون، والجبرية، والحتمية، والاتكالية، والاسترخاء، والإيمان بالخرافات. وبهذه العقلية والروحية الشفافة فقط يمكننا تطوير الأداء العام لإعلامنا، واستلام زمام المبادرة في بناء إعلام عربي إنساني وعالمي منفتح يمارس فيه الإنسان العربي حريته المشروعة في تداول المعارف والأفكار، ونقد أساليب عمل الدولة وطرائق ثقافة وتفكير المجتمع، والمواجهة الصريحة لسياسة الأمر الواقع التي تريد لمجتمعاتنا العربية والإسلامية أن تبقى رازحة تحت ظل واقع جامد وغير متطور، يقودنا باستمرار إلى أنفاق مظلمة، ويعمل على تكريس صيغ وأوضاع جديدة لحالته التقليدية الرثة في المحافظة على "الأمر الراهن كما هو"، والخنوع لمنطق الكسل والجمود. بحيث تتحول تلك المجتمعات –ذات السياسة الإعلامية الرسمية المحافظة- تدريجياً إلى مادة قابلة للانفجار في أي لحظة.
لقد وجدنا -بعد متابعتنا للأحداث السياسية المتلاحقة الأخيرة- أن معظم وسائل الإعلام العربية العامة والخاصة والتابعة لدول العالم الثالث عموماً لا تزال بعيدة جداً عن التعامل العقلاني والمنطقي مع التحولات الكبيرة التي يمر بها عالمنا العربي والإسلامي.. فالحقيقة مغيبة وضائعة، وإعلامنا مستغرق في التحليق والسباحة في فضاء السرابيات والخيال والأحلام الوردية والتطبيل الإعلامي المضلل عن عمد وقصد، بهدف تغييب الصورة الصحيحة للواقع بما يخدم مصالح قوى فئوية وأنظمة سلطوية مشبوهة، بل ويمرر مختلف أشواط التآمر السافر الذي غدا مكشوفاً ودون حياء أو حرج.. وأما جماهيرنا العربية الكبيرة والواسعة فهي لا تزال ساكنة وجالسة باسترخاء في موقع الضحية التي تتلقى ببلادة مشاهد الكوارث من حولها ومن دون أن تحرك ساكناً في أي اتجاه.
من هنا وحتى نتجنب هذا الطريق الوعر الذي بدأنا نسير عليه فعلياً يجب علينا –وبخاصة في سياستنا الإعلامية– تعميق الخط المعرفي الناقد القائم على التعصب للأخلاق العملية والمبادئ العليا -التي تضع الإنسان، وحقوقه، ومطالبه، وحراكه الاجتماعي والسياسي الحر القائم على حرية التعبير والنقد والمساءلة (أي الديمقراطية والتداول السلمي للحكم وممارسة السياسة اليومية) فوق كل اعتبار- دون المصالح الدنيوية والمنافع الجزئية الآنية. وبذلك قد يستطيع إعلامنا العربي (الحر) المساهمة في تقدّم مجتمعاتنا على مستوى استجابتها الفاعلة وتمثلها الايجابي المتوازن للتطورات الجديدة، واستيعابها لمكتسبات الحضارة الحديثة، والانتقال بالمواطن العربي المفقر والمستضعف من حالة الدونية والهامشية الحضارية إلى حالة المشاركة الفعالة في بناء وإنتاج حضارة الإنسان المستقبلية العادلة، بل والإضافة إليها أيضاً.


                                                                                  نبيل علي صالح
باحث وكاتب صحفي



#نبيل_علي_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -معاد للإسلام-.. هكذا وصفت وزيرة داخلية ألمانيا المشتبه به ا ...
- -القسام-: مقاتلونا أجهزوا على 3 جنود إسرائيليين طعنا بالسكاك ...
- من -هيئة تحرير الشام- إلى وزارة الخارجية السورية.. ماذا تعرف ...
- جزيرة مايوت المنسيّة في مواجهة إعصار شيدو.. أكثر من 21 قتيلا ...
- فوائد صحية كبيرة للمشمش المجفف
- براتيسلافا تعزز إجراءاتها الأمنية بعد الهجوم الإرهابي في ماغ ...
- تغريدة إعلامية خليجية شهيرة عن -أفضل عمل قام به بشار الأسد ...
- إعلام غربي: أوروبا فقدت تحمسها لدعم أوكرانيا
- زعيم حزب هولندي متطرف يدعو لإنهاء سياسة الحدود المفتوحة بعد ...
- أسعد الشيباني.. المكلف بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السو ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل علي صالح - الإعلام العربي بين واقع التضليل وطموح التغيير