أشرف بيدس
الحوار المتمدن-العدد: 2460 - 2008 / 11 / 9 - 05:11
المحور:
الادب والفن
فاجأني موقفك الأخير.. وهذا التغيير المبالغ فيه، آخر لقاء تليفوني كنا نتبادل فيه كلمات العشق، وكنت أسمع أنفاسك ما بين الحروف، وتنهداتك التي كانت تتوسل رجاء ظللنا كثيرا نتوخي حذره.. ماذا حدث بعد ذلك؟ انتهي الكلام بتحديد ميعاد نلتقي فيه، لا أذكر شيئا عكر صفو الحديث، حتي كلماتك الأخيرة، حول أننا صرنا روحين في جسد واحد، وأن بقائي امتداد لبقائك.
حاولت الاتصال بك تليفونيا، مرة خارج نطاق الخدمة، ومرة أخري مشغول، وأحيانا كثيرة جرس ولا أحد يرد.. أما آخر مرة فجاء الرد بصوت رجالي، ليقول لي بأن الرقم خطأ، فأعدت الاتصال مرة أخري، فجاءني الصوت ذاته، ليقول لي بأن الرقم خطأ، وليس هناك أحد بهذا الاسم.
زادت حيرتي، ولم أجد تفسيرا يطمئنني، حاولت الاتصال علي رقم المنزل، لكنه كان مرفوعا من الخدمة، أخيرا وبعد طول تفكير، جازفت بأن أذهب إلى مكان إقامتك، لكني رأيت النوافذ موصدة.. تقدمت من أحد الشباب الواقفين علي ناصية شارعكم، كي اسأله، لكني خشيت من إثارة المشاكل، ربما يكون قريبا لك، أو أحد الجيران، ويفهم سؤالي بطريقة خاطئة.
ظللت واقفا أكثر من ثلاث ساعات، ربما تفتح النافذة أو تضطرين للنزول للتسوق، راقبت كل السائرين والواقفين، وكدت أحفظ ملامحهم، حتي أن بعض الناس ظن بي السوء، لكني لم أبال بهم، كانت حالتي أقرب للجنون، وكلما مر الوقت كلما زاد ارتباكي وقلقي وعصبيتي، أين أنت؟ لماذا كل هذا الغموض، وعندما تأكدت بأن انتظاري ليس له أي معني، عدت لمنزلي، وبدأت عمليات التفكير السلبية وتأليف القصص والتخمين بأحداث غريبة ليست واقعية، لم أتمكن من النوم، وبقيت حتي الصباح أفكر وأفكر وأفكر.. وعندما بدأ الشارع يتخلي عن غطيطه، وتكثر حركة الناس به، توجهت إلى منزلك مرة أخري، وصعدت السلم، حتي واجهني الباب الخارجي للشقة، جازفت للمرة الأخيرة وضغطت علي الجرس.. وفجأة ظهر لي رجل، وقبل أن أسأله، رأيت تليفونك بيده.. إذا كنت لا تريدين الاستمرار معي، فلماذا لا تعيدي لي تليفوني؟
#أشرف_بيدس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟