أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان حمود - -الثوابت الوطنية- بدعة أم حقيقة















المزيد.....


-الثوابت الوطنية- بدعة أم حقيقة


مروان حمود

الحوار المتمدن-العدد: 2453 - 2008 / 11 / 2 - 06:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مــن أجـل الهـيمنـة والسـيطرة عـلى بـلد مـا وتجـيير كافـة طـاقـاته , وخـصـوصـا البشـرية منهـا فــــي خـدمـة الطـرف
السـاعـى الـى ذلك, ولكي يكـون المشـروع متكامــلا ومضـمونا, وبالتـالـي ليأتـي وفقـــــا للمقـاييـس ومحميـا مـن عـوامـل الفشـل أو امكـانيـاتـه ,لابـد مـن منهجيــة متكامـلة وحـاملـة لأســس وأسـاسـيات الاســــــتمرار. اذ بغـير ذلك سـيكون المشـروع برمتــه فـي مهـب الريـاح وعـرضــة للانتكـاســات , أو حتـى للعقـم وعـدم الفـاعـليـة ممـا قـد يـــؤدي باصحابه
الى عـواقـب وخيمـة جـدا وباهــــضة الثمـن . لابـد اذا مـن منهجيــة ذات أصــول وقـواعـد نظـريـة وتطبيقـية, أي لابــد
مـن مـدرســة أسـاسـية بطـاقـم متكـامل ومـؤهـل لأداء كافـة الـوظـائف , التي أهمهــــا :توظـيف ظـرفي الزمـان والمكـــان
في انتـاج واقــع معـين يشـكل الأرضيـة المناســـبة لتقـبل وتبنـي منتجــات تلك المدرسـة ومـن ثـم الوظيفـة الثـانيـة وهــي
تثبيـت ذلك الواقـع فـي الأذهـان والسـلوكيـات ليصبـح وكأنـه أهـــم حقـيقـة فـي منظـومة الحقـائـق المنظمـة للمـجتمــــع
وللـدولـة , المـراد احكــام الهيمنـة والســــيطرة عـليهـا , وهـي الـدولـة والمجتمــع الســــورييـن فـي حـالتنـا هــذه.
فسـوريا وفقـا لظــرفـي الزمــان والمكـان (التحـرر والاسـتقـلال عـن كل مـن الدولـة العـثمانيـة ولاحقـا الفرنسـية وموقعها
الجغـرافـي في محـاذاة الدولة التركـية ـ غـير العـربية ـ ) كانت ذات أهميــة ممـيزة جعـلتهـا مؤهـــلة لتكــون مـركـــزا
أسـاسـيا لتلك المـدرســة . مضـافـا اليـه الحـراك المجتمعـي ـ المتعـدد الأنشـطة ـ الذي ســاد فـي تلك الفـترة ( أربعـينيات
وخمسـينيات القـرن الماضـي ) الذي أمــن مكانـة مرموقـة لمثقـفـي ســوريا بمختـلف توجـهاتهـم وبغض النظـر عـن مــدى
اسـتقـلاليتهـم أو ارتبـاطاتهـم ودوافـع نشـاطهـم ! مـن هنـا جـاء توظـيف ظرفـي الزمان والمكان سـهلا وميـسرا وفـي ذات
الوقـت مسـهلا وميـسرا لتوظـيف الواقـــع بمرونـة لامثيـل لهـا وخصـوصـا فـي تصـديره كحقـيقـة أســـــاسـية فـي بنـاء وتكـويـن ســوريـا "الجـديدة" , وفقـا للمقـاييـس والقـوالب مســـبقة الصنــع لتـؤدي مهـام محــــددة!! وهـذا هـو بيت
قصـيدنا, الذي لابـد مـن الاشــارة اليــه بصـراحـة ووضــوح .
الطـاقـم الـذي حـاول ( ويحاول الى هـذه اللحظــة ) فــرض واقعــه هـو جمــوع منظــري العـروبــــة عـمومـا والبعـــــث
خصــوصـا , بكافـة مـدارسـهم وهيئـاتهـم, اذ لكــي تـؤدي سـوريا وظـائفهــا ومهـامهـا, كعقـبـة كـبرى بـوجـه تحـرر
المنطقــة بأكملهــا وكمعـرقـل لاحـداث التنمــية الشــاملـة فـي دولهـا , كان لابـد مـن مـركـزة كافـة المـؤسـسـات المدنية
والعـسـكريـة وادارتهـا بالشـكل المطلـوب القـادر عـلى اسـتمراريـة الـواقـــع المـذكـور , حتـى بعـد رحيــل المــؤســسـين
الأوائــل.
مـدارس البعـث أنتجـت ( بهيمنتهـا عـلى كافــــة مفـاصـل الدولـة والمجتمــع ) واقـعــا نجــده لايـزال معـشـعسـا فـــي
أذهـان وسـلوكيـات الكـثيريـن حتـى ممـن يـدعـون انتمـائهـم الـى مـدارس أخـرى, تحــرريـة أو متحــررة مـن القـوالب
والأطــر, التـي أثبـت الـوقـــت أن صـلاحيـاتهـا محــددة فـي ظـروف زمـان بعـينـه. اذ أن أولئك يبـرهـنون عـلى عــــدم
تحــررهـم مــن مـدارس البعـث عـند التطــرق الـى ضـرورة تقـديـم الحـلول والمقـترحـات للقـضايا التـي تعـيق احـــــداث
التغـيير التطـويـري الجـوهـري فـي كـل مـن الـدولـة والمجتمــع, وخـصوصــا القـضايا المصـيريـة والأسـاسـية منهـا ,
كقـضايا الهـويـة والانتمــاء القـومـي أو المـذهبـي ودور الـديــن فـي الـدولـة المعـاصـرة وقـضيـة النـزاع السـوري الاسرائيلي

اذ تظـهر هنـا الخـلفيـة البعـثية ـ العـروبيـة وتطـفو عـلى السـطح بكـونهـا الخـلفـية الـوحـيـدة المنـظمـة للمـمـارســــات
وبالتالـي كـأسـاس لنمــط التفـكــير المـؤطــر والمقـولـب أســاســا, ومنـذ زمــن وذلـك بمـا يسـمونـه "الثـوابـت الـوطنيـة"

ان مقـولـة الثـوابت الوطنيــة , أي الـواقــع الـذي يـراد لــه أن يكــون بمثـايـة الحـقـيقـة ليـس أكــثر مــن أداة ووســيلة
لتثبيـت اديـولـوجيـة البعـث كنـاطـم أبـدي لمجمــل النـشــاط العــام فـي ســــوريا وربمـا غـيرهـا مـن دول المنطقـة. اذ أن
"الثـوابـت" تلك تحــدد مسـبقـا حـدود التفـــــكـير والحـلول والمقـترحـات, بمعـنى أن هنــاك قـالبـا جـاهـزا حـدده لنــا
مجمـوعـة مـن الأشــخاص ولايـحق لكـائـن مـن كـان أن يتجـاوزه, فهـؤلاء أرادوا أن نكـون طـوعـا أو قـسـرا مقـيدون بتلك
القـوالب التـي يسـمونهـا " ثــوابت وطنيــة " . عليـه عـلى الســورييـن أن لايتجـاوزون "الحـدود" وأن يسـلمون بهــــــذا
الـواقــع القـائـل أن ســـوريا بكـل مـن ومـا فيهـا ليـس أكـثر مــن تــلامـيذ فـي مـدرســة العـروبـة الخـاصــة . فالبعــث
(بكل تسـمياتـه وأحــزابـه ) هـو فـقــط الـذي يقـدم المقـترحـات والحـلول وخـصوصـا للقـضـايا الكـبرى, أمـا المـشــاركــة
العـامـة فعـليهــا التفـاعـل المتجـاوب ـ المكمــل أو التجـميلـي, فمنهــج العـروبـة والبعـث ومجمــل تعـاليمهمـا يجـب أن
تكـون ثــوابـت وعـلى الجميــع الاعـتقــاد والايمــان بهــا بغـض النظــر عــن أي انتمــاء " ثانـوي " وبالـذات الانتمــــاء
الفـــكري لأي مـدرســة أخــرى .
ممـاتقـدم أجــد أن المــراد بـ " الثــوابـت الـوطنيــة " والتـرويــج لهــا منبـثـق عـلى الأغـلب مـن محـاولات العـــــروبيين
والبعـثـييـن للالتفــاف عـلى أصحــاب الـرأي الآخــر واعـادة مجمــل الحــراك الـى نقـطـة البـدايــة! أي الـى القــــــرن
المنـصــرم ,وحـضــيرة البعــث, فالمـسـألـة اذا ليـست أكـثر مــن محـاولـة لـتثـبيت المـادة الثــامنـة مـن دسـتورهم وابقــاء
ســوريا بكــل مــن وما فيهــا فـي أفــلاك البعـث والعـروبـة ومتاهـاتهمـا, واحكــام القـبضــة عـليهـا ثانيــة, لكن هــذه
المـرة مـن أبــواب "المعــارضــة " ربمــا تمـاشـيا مــع مـســتجدات المـرحـلــة .
اننــا فـي عـالـم جـديـد تمــاما, عـالــم ثــوابتــه فقــط ماتقـتضـيــه المصـالــح الاقـتصــادية والتنمـويـة, أمــا التعـــوقـع
القـومـي أو المـذهــبي فـلــم يـعــد يشــكل أيــة ضمـانــة أو يـؤسـس لأيـة اسـتمراريـة أو صـيرورة , واحتكـــار الشـعوب
لـم يـعــد ســهلا اذ حتـى الحـدود الجغـرافـية وجـدرانهـا أضـحـت جــراء التقـدم الشــامل منخـفـضــة جــدا وأصبـــــح
تجــاوزهـا ســهل ولايتـطـلب الكـثير مـن العنــاء اذ نحـن اليـوم فـي عـصر التـواصـل الفـضـائـي , وان أصـر البعــض على
تجـاهـل تلك الحـقـائــق فـلـن يـؤخـر تجـاهـلهـم فـي الأمــر شــئ, اللهــم فـي تغـذيـة أوهـــــــام اليقـضــة والأحــلام.

وفـي السـياق ذاتــه, وليكــون الأمـر مبسـطا ببعــض الأمـثلــة أقــول ان قـال قـائــل أن ســوريـا تنتمــي الـى المـشــــرق
العـربــي ( كثـابت وطنـي قـومـي ) أن الأمــر ليـس كـذلك وســوريـا لاتنتمــي الـى المـشـرق المـذكـور وفقـا لثـوابتـي أنـا
أي لاوجــود أسـاسـا لمـشـرق " عـربـي ", فالمصـالــح الاقـتصــاديـة وما تفــرز مـن اصطفـافـات تقـتضيهـا المصـلحـة المادية
التنمــويـة وغـيرهـا مـن مصـالــح تتنـاقــض ـ كحقـيقـة ـ مــع ذلك "الثـابت" الذي هــو ليـس الا أحــد أشــكال التقـوقـع
القـومـي, الذي بـدوره لــم يعــد يـؤدي أيــة وظيفــة, فالتقـوقــــع ومهمـا كـانـت حـيثيـاتــه أصـبــح مـرفـوضـا لكـــــل

عـاقـل متفـاعـل ايجـابيــا فـي عـمليــة التطــور الطبيعــي العــام ســواء للبـشـر كجمـاعـات أو أفــراد أو حتـى للـــــدول
وللمجتمهــات, فالثـوابت العـروبيـة ـ البعـثيــة حتـى لـو تطبــع بهـا غـير البعـثـييـن ,واسـموهـا " وطنيــة" لــم تعــد
ســلعــة مقـبــولــة كمـا كـانت مـن قــبل ( بالتأكـيد وفقـا لمعـطيـات ثـورة الاتصـالات وســهولـة الـوصـول الـى المعرفة).
أيضــا,كمثـال آخــر, فـيمـا يخـص قـضـية الجــولان,أيضــا يـدعـي دعـاة العـروبـة والبعـث ومـن فـي فـلكهــم أن هـذه
القـضيـة تـدخـل فـي "مــلاك البعـث" أي "ثابت وطنـي" ولايحـق لأحـد أن يتطـرق اليهـه أو حتـى مجـرد التفـكـير بهـه
فمابالك أن يطـرح ( هذا الأحد) حلول ومقترحات جذرية. ولذلك ومن أجل كـســر تلك الـ " جنازيـر" وخـــرق كـافـــــــة
الخـطوط الحمــراء أحيـي جبهــة التغــيير والوفــــاق الوطنـي فـي ســوريا ,الناشــــئة حـديثـا فـي تطـرقهـا لقضيـــة
الجــــولان وطـرحهـا لحــل مثــالـي وجــرئ مفـــاده الادارة المشـــــتركـة الســـوريـة الاســـرائيليــة لكـافـة الجـولان
لمــدة محــددة ـ جــيل ـ وفـي الوقـت ذاتــه تهـيئـة الظـروف لتعـايـش طبيعـي بيـن شــعوب البـلديـن . أي الشــأن العام
هــو عــام بكـل المعـانــي , أما " الثـوابت" فهـي شــأن حـزبي بعـثي بحـت مهمــا تحــاول الآلــة البعـثية بتصوير الأمر
وكـأنه حقـيقــة " ثابت" وطنــي .
اننــا فــي عـصر ســقـوط الاديـولـوجيــات ,ومــن يأســر نفســه فـي أنفـاقهــا انمــا يسـبح عـكــس التيــار وفـي الاتجاه
الخـاطــئ , اذا كمـا يقــول السـوريون ( زنبــو على جنبــو), فالشـعـوب السـوريـة هـاهـي مــرة أخــرى تطـرق أبـــواب
النهضــة والتحــرر ولــن تعـود الـى منـاهــج البعــث التـي أثـبتت فشـلهـا فـي كـل مكــان .
اننــا فــي عـالــم متحــرك ويـسـير الــى الأمــام , أمــا ( شــباب العــرب ) فهــم كمـا كـانوا دومــا هـم فـي عـالم آخـر.

رأي حــر مــن انســان حــر .
مــروان حمــود**
سـوري متجـاوز لكـل القـيود الاديـولـوجيـة
وطــالــب فــي جــامعــة الأوربــة



#مروان_حمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤسسات في نهج الأنظمة السورية


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان حمود - -الثوابت الوطنية- بدعة أم حقيقة