|
ثمرَة الشرّ : السَّهلة ، المُمتنع
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 2452 - 2008 / 11 / 1 - 05:01
المحور:
الادب والفن
الحمّامُ ، هيكلٌ أنثويّ ، فينوسيّ ، ونحنُ الفتيَة رهبانه . لطالما كان الهيكلُ ، المُرتجى ، المُكتنف بمغامضه وكنهه ، مداراً لخيالاتنا الأكثر جرأة في إقتحام أسواره وأسراره سواءً بسواء . المحجّ للمكان المقدّس هذا ، إبتِدُهَ خطوة ً خطوة مذ أعتاب سنّ الطفولة ؛ منذ أن اُطلِقَ سراحُ جسدكَ ، العاري ، بحضور العري الأبهى لقريبتكَ ؛ " غوليشان " . كانت فتاة يتيمة ، مسكينة ، على جانبٍ كبير من الطيبة والمتناهي حتى السذاجة . وبقيتْ سذاجتها دوماً مضربَ مثل أمهاتنا وأخواتنا ؛ وخصوصاً ، ما كان من جوابها المُضحك ، ، لسؤال من إحدى المتواجدات في زفةٍ صاخبة . في تلك الليلة ، المُشتعلة بالفرح ، فإنّ المرأة إستفهمتْ من " غوليْ " سببَ صمتها ، المبتور أحياناً بزفرات تأففٍ ، فما كان من هذه إلا إجابتها ببساطة : " أشعرُ بضجر كبير ، هنا .. ! " . برقع سذاجة قريبتنا ، لم يستطع حجبَ جمالها ، الرائع بحقّ ، المُتسم بقسمات متناسقة وقوام ممشوق . لا غروَ والحالة كذلك أن تعيدَ " غوليْ " للحياة صورة الخالة ، الراحلة ؛ أو بالأحرى ، صورة الجدّة ، الشركسية الأصل ، والتي ما فتأتْ مُتشبثة بالحياة حتى اليوم . هنا إذاً ، في حمّام بيتنا ، كانت الجميلة صُحبَة شقيقتكَ الكبيرة ، الأثيرة ، المماثلة لها سناً وشقرة ً. هذه الأخيرة ، كانت آنذاك بنتاً مُراهقة بعد ، تشعّ فتنة ً في محيط حارَتنا ؛ حدّ أنّ كلّ أمّ كانت تتمناها كنّة لها . بيْدَ أنّ نصيبَ شقيقتكَ قدّر له إلى النهاية أن يحط ثمّة ، في الحارَة الاخرى ، اللدودة ؛ " جسر النحّاس " ، وإثرَ وقائع عائلية ، مريرة ، أدّت إلى قطيعة مع العمّ الكبير ، الذي سبقَ وطلبها زوجة ً لبكره . وبالرغم من أنّ شقيقتي تزوّجتْ بلا حبّ ـ كأغلب لدّاتها ، إلا أنّ حالها كان أسعدَ بما لا يُقاس مع حال " غولي " ، المسكينة ؛ هذه الما لبثتْ أن زفتْ لرجل مُراوح على هاويَة الشيخوخة ، موسر وبخيل في الآن نفسه : ما كانَ الشبانُ ، في عائلتنا وخارجها على السواء ، ليأبهوا بحسن فتاتنا ، المونق ، ما دامَ إيمانهم مُترسّخاً بالمثل الشعبيّ الشائع ، المَشنوع : " طبَّ الجرّة على فمها ، البنت تطلع لأمّها ! " .
*** ـ " إيييه ! عم تحط رجلك بكـ ... ـي !؟ " هتفتْ الشقراءُ بنبرة معابثة أكثرَ منها مُعاتبَة ، ما دامتْ ضحكتها الغامرة ، المُجلجلة ، ظلتْ على إسترسالها . مُعابثات " غولي " ، البريئة ، لإبن الأعوام العشرة ـ الذي كنته ـ قدّر لها بدورها أن تستعادَ في ذاكرتي ، مشفوعة ً بحاشيَة هذه الواقعة ، المُسّطرَة في مجلّد العُمر ؛ الواقعة الغابرَة ، التي تمتّ لجولة الحمّام تلك ومسرّتها . ولكن منذ البدء ، عليّ الإعتراف بأنّ صفة التحفظ ، الحيي ، المطبوعة في خلقي مذ السنّ تلك ، المُبكرة ، كانت تنكصُ أوباً في حضرة إبنة الخالة ؛ وعلى الأرجح ، لما عُرفَ عنها من طيبة ورقة . كنتُ معها إذاً في ظهيرة صيفٍ ، حارّ ؛ في حمّام منزلنا ، الذي إعتادتْ آنذاك على ضيافته الحميمة ، الأسبوعيّة . كانت متعريّة البدن إلا من سروالها الأحمر ، المُخرّم القماش ، متفجّرة بالحيوية والحبور ، لا تكفّ عن محادثة شقيقتي تلك ، الكبيرة . في خاتمة طقس الحمّام ، رأيتُ " غولي " تتناهض لخلع تلك القطعة القماشيّة ، الساترة عورتها ، فتنهمك بعصرها ومن ثمّ نشرها على الملقط الحديديّ ، المثبّت قرب الموقد . تحديقي الفضوليّ ، المليّ ، في ذلك المثلث البهيّ ، المَحظور ، من مساحة بدنها ، حظيَ منها بإبتسامة متسامحة ؛ مُحالة ربما لبساطة خلقها أو إشفاقها على طفوليّة مسلكي . ساعة على الأثر ، وكنا متفرّديْن هذه المرّة في حجرة نوم البنات . كنا عندئذٍ على السرير ، الأنتيكيّ ، وقد تواصل لعبنا معاً تحتَ اللحاف وفوقه . غائصاً في لجة جسد " غولي " ، اللدن والبليغ الروعة ، رحتُ أدغدغها بأناملي الدقيقة . من جهتها ، راحتْ هيَ تنافحني بلطف وبوساطة قدمها . فما كان مني ، بدوري ، إلا اللجوء لمعونة قدمي ، مُبالغاً في الدفع حتى الأعماق المتوهّجة لجذرَيْ فخذيْها ، العارمين . *** ـ " تعالَ نواصل لعبنا ؛ ولا تكن هكذا ، ثقيلَ الدّم ! " إستطردت قريبتي ، الحسناء ، مُحاولة ً تبدبدَ تحفظي ، الطاريء ، بنظراتٍ مُشعّة من عينيها الخضراوين ، البديعتيْن . كنتُ قبل ذلك في غمرة اللهو ، هرشاً ودفعاً ، فإذا بلمعةٍ ساطعة ، تبرق من ملتقى فخذيّ الفتاة ، منبئة بتعرّيها من سروالها ذاك ، الذي كان ما فتأ في رعاية الحمّام . بعبث بريء ولا ريب ، كنتُ أدفع قدمي بإلحاح نحو تلك الأنحاء ، اللحميّة ، المُتشكلة على هيئة شقّ قان ، في غاية الدّقة ، محوّط الحواف والسقف بزغب خفيف ، شديد الصفرة . جملة " غولي " تلك ، التي فاهتْ خللها عَرَضاً بمفردة " الفرج " المُثيرة ، المُحرّمة ، أعادتني وعلى حين فجأة لخصلة طبعي الحيي ، الموصوف . فلبثتْ إذ ذاك واجماً ، مُشيحاً وجهي إلى الناحية الاخرى ، غيرَ مُكترث بدعوة قريبتي الجميلة ، المُلحاحة ، لمواصلة اللعب . ولكنّ هذه الجملة ، التي نأتْ بي جرأتها عن مشاغل اللهو يومذاك ، تعيّن عليّ فيما بعد إستعادتها ، مرة ً إثرَ الاخرى ، وبكلّ حرارة الخيال الجامح ، الأخرق ، لفتى في أعوام مراهقته ، الأولى . بدوره ، فحمّام " بيت اللبنانية " ، كان لمراهقتنا بمثابة جنة ، جناها ثمار مُحرّمة ؛ جنة أجسادٍ فاتنة ، متألقة العريّ . بهذه المثابة ، يجدر القول بأنّ المنزل ذاكَ ، كان مقتطعاً من دار " مرعي دقوري " ؛ جدّ صديقنا الحميم ، " سيفو " . هذا القسم من المنزل ، العشوائيّ ، المنذور لغرَف الإيجار ، كان مُعرّفاً إذاً بنعته نسبة ً لإمرأة شابة ، حلوة ، تمتّ بنسبها لموطن الأرز . وبقينا نطلق النعت نفسه ، حتى بعد مضي فترة طويلة على رحيل صاحبته إلى وجهة اخرى ، مجهولة . منذئذٍ أضحتْ حجرات المنزل ، الرثة ، تضجّ بضوضاء عائلات عسكريين ، متطوّعين ، متحدّرين من ريف الساحل ـ كحال الكثير من دور الإيجار ، في الحارَة . كلن حائط البيت ، المُحتبي في جهته ذلك الحمّام ـ أو سمّه ما ئشتَ ! ـ مُواجهاً للحائط الآخر ، الجار ، لمنزل آل " علكيْ " ؛ أين تقوم حنفية السبيل ، التي سبقَ لجدّي لأمي أن تكرّم بها على أهل زقاقه .
*** ـ " هذا المساء ، موعدنا مع العلويّات ! " كان واحدنا يُسرّ لصديقه ، بفحيح أنفاس شبقة ، لاهثة . ساعة اخرى تمضي ببطء ، ممضّ ، وإذا بهاته النسوة ، المُستأجرات في " بيت اللبنانية " يشرعنَ بالتحضير لطقس إغتسالهنّ ، الدوريّ . النربيش الأحمر ، كان علامة رغبتنا ولونها سواءً بسواء ؛ النربيش ، الممتدّ من حنفية السبيل ، مروراً بأرضية الزقاق المُتربة ، وحتى إنحشاكه في ثقبٍ ضيّق من الحائط ذاك ، لينتهي إلى حمّام السّعد . بين الظاهر والخفيّ من رحلة المياه ، المتقاطرة إلى طقس الإغتسال النسويّ ، الجماعيّ ، كانت أبصارنا تتسلل ثمة ، مُتلصصة ؛ هناك ، كنا نستنفضُ عضواً عضواً أجساد هاته النسوة الشابّات ، الغريبات . " لا يُعجبني سوى الفرج النظيف ، الناصع مثل باطن الكفّ ! " ، يقول صديقنا " سيفو " هامساً ملوّحاً بكفه الجميلة . إنه ولا شكّ ، يُعلق على ما كان من عادة الريفيات ، عموماً ، في إهمال شأن الشعر الزائد ، النابت في تلك المنطقة من أجسادهنّ ، المُحرّمة . بَطرُ صديقنا ، على كلّ حال ، ما كان له صدىً بيننا ؛ ما دامتْ أسماعنا فيها صممُ صيحات العبث والمجون ، المُتماجنة المفردات ، المتناهية من حجرة الحمّام ، الفردوسيّ . بيْدَ أنّ طرْدَنا من جنة الأجساد تلك ، العارية ، جدّ سريعاً وعلى حين غرّة : كان شقيق " بشيرو " ، الذي يصغره مباشرة ، صبيّاً شقياً ، مسلكه أسنّ من عمره ـ كما يُقال عندنا عادة ً. لقد لاحظ على الأرجح جمعتنا ، الدائبة ، قربَ ثقب الحائط ذاك ، المفتوح على حمّام الجيران ، الغرباء ، فألحّ على مُشاركتنا فضول التلصّص . صفعات متوالية ، أجزتْ جرأة الصبيّ الشقيّ ، من لدن أخيه الكبير . في اليوم التالي ، على الأثر ، إتفقَ أن رَميتُ تحيّة صباح ، مألوفة ، على إبنة أولئك الجيران ، الأغراب ، التي تماثلني في العمر ، وإذا بها تتجاهلني وهيَ مُقطبة قسمات وجهها. هذه الصبيّة ، الجميلة ، كانت صديقة حميمة لإبنة " علكي " ، الصغرى ، ومنها علمَتْ بخبر تلصصنا على طقس الحمّام ذاك ، المنذور لنسوة بيتها ؛ لجسدها ذاته ، الذي يا ما سُعدنا بتأمل تفاصيله اللدنة ، الأكثر سريّة . ولكن طقس الحمّام ، المُتقادم العهد ، كان عليه جرّنا عبرَ المفازة الخفيّة نفسها ، الفاصلة بين إقليميْ الطفولة والجهالة ؛ عليه كان أن يُسلمنا لموعدٍ آخر ، وهذه المرّة مع صَبيّة الزقاق الأكثرَ إثارة وشبقا وشهوانية .
للسيرة بقية ..
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جَمرة المتعَة والألم 5
-
جَمرة المتعَة والألم 4
-
جَمرة المتعَة والألم 3
-
جَمرة المتعَة والألم 2
-
ثمرَة الشرّ : جَمرة المتعَة والألم
-
جادّة الدِعَة والدّم 4
-
جادّة الدِعَة والدّم 3
-
مَراكش ؛ واحَة المسرّة
-
جادّة الدِعَة والدّم 2
-
مَراكش ؛ ساحَة الحُبّ
-
نزار قباني ؛ نموذج لزيف الدراما الرمضانية
-
لن تطأ روكسانا
-
مَراكش ؛ مَلكوت المُنشدين والمُتسكعين
-
فلتسلُ أبَداً أوغاريتَ
-
ثمرَة الشرّ : جادّة الدِعَة والدّم
-
برجُ الحلول وتواريخُ اخرى : الخاتمة
-
العَذراء والبرج 4
-
العَذراء والبرج 3
-
العَذراء والبرج 2
-
العَذراء والبرج *
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|