|
غارة البو كمال ..توقيتٌ سيء لخطوةٍ متأخرة جداً
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2451 - 2008 / 10 / 31 - 10:03
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لو كانت هنالك جائزة لأسوأ توقيت ، لاُعْطِيَت الى عملية قصف القرية السورية في " البو كمال " في 26 / 10 /2008 . قبلَ أكثر من خمس سنين ، قلنا وصرخنا ، بأن " الإرهابيين " من مختلف الجنسيات ، يدخلون العراق عن طريق سوريا خصوصاً . وقبل اربعة اعوام ، عندما ألْقت قوات " لواء العقرب " القبض على العديد من الإرهابيين في الموصل ، من جنسيات مختلفة ، والذين إعترفوا علناً بإنتماءهم الى عصابات القاعدة ، وانهم تلقوا تدريباتهم في معسكرات خاصة في سوريا وبإشراف المخابرات السورية ، كان من المفروض في حينها ، ان تقوم الطائرات الامريكية ، بقصف هذه المعسكرات الارهابية . بعد ان تأكَد البعثيون وأيتام النظام المُنهار ، خلال الستة أشهر الاولى بعد 9 / 4 / 2003 ، ان الولايات المتحدة الامريكية وان القوات الامريكية ، مُجّرد ( نمر من ورق ) ، " على كولة ماو تسي تونغ الف رحمه على روحه " ! وبعد ان ادرك ارهابيو القاعدة والسلفيون والمخابرات السورية والايرانية والكويتية وغيرها ، ان الامريكان لم يبذلوا اي جهد في سبيل ضبط الحدود ، فأنهم لم يضيعوا الوقت ، بل باشروا بالعمليات الارهابية والتخريب . تَوّجه الافغان العرب من الجزائر وتونس ومصر والسعودية والكويت ، الى المحطة المثالية ، لتجميع وتدريب الإرهابيين ، سوريا . على الطرف الآخر نشطت ايران ، التي كانت تهييء منذ فترة ، المجاميع المُدربة جيداً ، على التفجير والإغتيال والتخريب . الولايات المتحدة الامريكية ، إعتمدت على " تقارير " و " أدلة " ، غير مؤكدَة ، ويشوبها الكثير من الشك ، في حربها وإحتلالها للعراق . بحجة " أسلحة الدمار الشامل " ، تَحّدت المجتمع الدولي وضربت بعرض الحائط ، كل الإعتراضات والإحتجاجات في داخل امريكا وخارجها . أعْلنَتْ عن حربها على ( الإرهاب ) ، وجَعلتْ من العراق ، بؤرة ومغناطيساً لجذب الإرهابيين من كافة انحاء العالم ، لمحاولة تصفية الحساب معهم ، على الارض العراقية ، مما ادى الى ان يدفع العراقيون ثمناً باهضاَ . بينما مئات الأدلة كانت ماثلةً للعيان ، على ان المنافذ الحدودية مع سوريا ، في " ربيعة " و " البو كمال " وغيرها ، هي مَمَر لعبور السيارات المفخخة والإنتحاريين والعبوات الناسفة ، منذ أيار 2003 . في خضم هذه الاحداث ، لو بادرتْ القوات الامريكية ، بعد هالة الإنتصار المدوي والخاطف لقوات التحالف ، والإنهيار المأساوي والسريع لنظام صدام الفاشي ، لو بادَرتْ الى قصف موقع اواثنين لللإرهابيين داخل سوريا في 2003 ، لِحَقنت دماء الكثير والكثير من العراقيين وحتى دماء الجنود الامريكيين ، ولألجَمتْ سوريا ومَنعتْها من مواصلة دعم الارهابيين ودفعهم الى العراق . الآلة الإعلامية الامريكية الهائلة ، رّوجتْ منذ البداية ، ان من ضمن أهداف امريكا من هذه الحرب ، هو مشروع الشرق الاوسط الجديد ، الذي من شروطهِ ، القضاء على الدول المارقة والتي تشكل تهديداً للسلم العالمي ، اي للمصالح الامريكية الإستراتيجية . ومن المعلوم ان على رأس هذه الدول المطلوبةِ أمريكياً ، هي ايران وسوريا . ومن الطبيعي جداً ان تحاول كل من هاتين الدولتين ، الدفاع المستميت عن نفسيهما ، ضد النوايا الامريكية . فكان من اهم الوسائل التي اتبعاها ، هو " إبعاد " المواجهة المباشرة مع امريكا ، عن اراضيهما ، و" إشْغال " القوات الامريكية في العراق ، من خلال حرب عصابات بواسطة عناصر ارهابية من القاعدة والسلفيين والبعثيين وميليشيات ومافيات . تَجاهلتْ القوات الامريكية ، " عمداً او إهمالاً " ، كل الإختراقات الامنية ، من جهة الحدود السورية ، منذ الايام الاولى للإحتلال . فكانت أرتال سيارات كبار المجرمين البعثيين وعوائلهم وحراسهم المسلحين ومُقتنياتهم التي استولوا عليها طيلة سنين ، تسير وئيدةً وعلى مهلها ، على طريق " ربيعة " و " البو كمال " و " طريبيل " . منذ 9 / 4 / 2003 ولغاية الاشهر الاولى من 2004 ، ويُستَقْبلون بالأحضان مِنْ قِبَل " الاخوة " السوريين . وبدلاً عنهم يرسل لنا السوريون ، سيارات مفخخة جاهزة للإنفجار ، وإنتحاريين من كافة الجنسيات . مُقايضةٌ عادلة ، خرج السُراق البعثيون القَتلة من العراق الى سوريا ، ودخل الارهابيون والإنتحاريون من سوريا الى العراق ! كانت حينها ، كل الظروف الدولية والاقليمية ، مؤاتية ومناسبة ، لتوجيه ضربة جوية الى معسكرات تدريب الارهابيين في سوريا ، او المجاميع التي تتهيأ للدخول الى العراق . أكاد اُجزم ، بأن الإعتراضات كانت لتكون قليلة ، والإحتجاجات ضئيلة ! لكن الآن وبعد مرور اكثر من خمس سنين ، والتحسن النسبي في الوضع الامني ، ودرجة مقبولة من ضبط الحدود ، والتطور التدريجي للقوات الامنية العراقية ، والنجاح النسبي للدبلوماسية العراقية في محاولاتها لبناء علاقات صحية مع دول العالم عموماً ودول الجوار خصوصاً . والآن وفي هذه الايام بالذات ، حيث تحتدم المناقشات على نطاق واسع حول " الاتفاقية الامنية " ، والتأكيد على إلتزام العراق ، برفضهِ التام على ان تكون اراضيهِ مُنْطَلقاً للقوات الامريكية ، للهجوم على اي دولة من دول الجوار . في هذا التوقيت بالذات " تُقرر " الولايات المتحدة الامريكية ، ان تشن غارةً على أحد مساعدي ابو مصعب الزرقاوي ، حيث كان يهييء مجموعة مسلحة لدخول الاراضي العراقية ! ( 66 ) شهراً مَضتْ على الاحتلال ، والقوات الامريكية ، بما تملكهُ من أكثر النُظم التكنولوجية تقدماً ، وبأقمارها الإستخباراتية ، التي من المُفْترض ان تمسح الاراضي والبحار ، مسحاً دقيقاً ، هل من المعقول بأنها طيلة هذه المدة ، لم ( تكشف ) نشاطاً مُعادياً لها وللعراق الجديد ، لا على إمتداد الحدود مع ايران ، ولا الاردن ولا سوريا ؟ الا مؤخراً وبعد تعيين سفير لسوريا في العراق ؟ انا من الذين كنتُ أدعو القوات الامريكية المحتلة ، منذ منتصف 2003 ، الى ضبط الحدود مع كافة دول الجوار ، و" ردع " هذه الدول من التدخل في الشأن العراقي . وحتى إذا تطلب هذه الردع ضرب اهداف داخل هذه البلدان . أعتقد لو ان هذا كان حدث في ذلك التأريخ ، لتفادينا الكثير من التداعيات التراجيدية اللاحقة ، والخسائر البشرية والمادية الجسيمة . غير انني لا افهم الان مغزى هذه الغارة المتأخرة جداً . هل هي رسالة الى العراقيين ، بأنه مَهْما تحدثوا عن " السيادة " في الاتفاقية الامنية ، فأن الامريكان سيفعلون ما يحلو لهم ؟ ام هل هي ورقة ضغط للإستعجال بتوقيع الاتفاقية ؟ هل هي حثٌ للسوريين على إبرام معاهدة سلام مع اسرائيل ؟ هل إدارة بوش تريد ان تثبت ان حتى الايام الاخيرة ، يُمكن ان تحدث فيها مفاجآت ؟
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإتفاقية الامنية ..بين الواقع والطموح
-
- مفاجأت - علي بابا جان !
-
إنتخابات مجالس المحافظات ..حزب الفضيلة الإسلامي
-
إنتخابات مجالس المحافظات .. مؤشرات
-
البعثقاعدة يُهجرون المسيحيين من الموصل
-
الشَبَكْ : ما دامَ لدينا - قدو - ، فلسنا بحاجة الى - عدو - !
-
القادة العراقيون .. قبلَ وبعد التحرِلال !
-
إنتخابات مجالس المحافظات : إنْتَخبوا العلمانيين !
-
الأحزاب الحاكمة والتَحّكُم بأرزاق الناس
-
يومٌ عراقي عادي جداً !
-
-عوديشو - ومُكبرات الصوت في الجامع !
-
صراع الإرادات بين المركز والاقليم
-
كفى دفع تعويضات وديون حروب صدام !
-
شهرُ زَحْمة أم شهرُ رَحْمة ؟!
-
كفى تَزّلُفاً للإسلاميين !
-
الى سعدي يوسف : مقالك عن شياع يشبه الشتيمة !
-
الانفال ..إعفوا عن علي الكيمياوي وإعتذروا لسلطان هاشم !
-
50% بشائر الخير .. 50% علامات الشر !
-
المسؤولين - المَرضى - يبحثون عن - العلاج - في الخارج !
-
زيارة الملك .. قُبَلٌ على ذقون غير حليقة !
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|