|
دفاعاً عن لامية الأدب العربي للجواهري
عبدالله الداخل
الحوار المتمدن-العدد: 2450 - 2008 / 10 / 30 - 01:42
المحور:
الادب والفن
يا ابن الثمانين لشاعر العرب الأكبر الأستاذ محمد مهدي الجواهري مع شرح للتشويه الذي تعرض له هذا النتاج الأدبي التأريخي من قبل بعض الصحف ووسائل الإعلام العربية. (ليس شرحاً للقصيدة.)
لماذا هذه القصيدة الآن، والتي أ ُسمّيها لامية َالأدب العربي لأنها تنال هذه التسمية بجدارة؟
أ- التصدي للنص الوحيد للقصيدة المتوفر على الانترنت الآن، وهو نص مشوّه، منقول عن جريدة قديمة. إن التشويه الذي تضمنته النسخة التي نشرتها جريدة "الشرق الأوسط"، على سبيل المثال، في 1982 مع مقدمةٍ، هي الأخرى تخضع لعدة تساؤلات، وبحجة أن ما نشرته كان "مقتطفات"، ما يزال هو المرجع الوحيد لقراء الانترنت عنها. إن وجودها على الانترنت مشوّهة قد يكون خطراً عليها لسهولة اقتباسها من هناك من قبل الدارسين، ومن القراء عامة.
هذه المحاولة معنية بتفاصيل هذا التشويه التي تعرضت له هذه القصيدة التي تكاد تكون ليس فقط من أهم ما أنتج الشاعر بل إحدى أهم قصائد الشعر العمودي في العربية لعلاقتها بقضية الالتزام الأدبي، رغم ان الشاعر لا يُشير الى هذه المسألة لكن القارئ يستطيع أن يلمسها، موزعة بعدالة فائقة، هنا وهناك في معظم مساحة هذا العمل. من المؤمل أن طرح تفاصيل التشويه سيمنح القارئ الذي يتوخى الدقة نوعا من الحصانة وذلك في سعيه لفهم الأمور الدقيقة في أعمال فنية مشابهة.
ب- أهمية هذه القصيدة في:
1- شرح ونقد المجتمع العراقي وعاداته، وما له علاقة وثيقة بما يجري في عراق اليوم، حيثُ يبدأ هذا النقد من:
لا تنسَ أنك من أشلاءِ مجتمع ٍ يَدينُ بالحقدِ والثاراتِ والذ َّحَلِ (البيت رقم 26 أدناه، وما يليه)
2- كشف شعراء البلاط التكريتي الذين ما زال البعض منهم يجول، فهي قد كـُتبت لما كانت أجواء الانقلاب الصدامي مخيمة على العراق في تموز 1979، وهما الشهر والعام الذي بلغ فيهما شاعرنا الثمانين من عمره؛ ورغم البداية التقليدية في الفخر ومواصلته في عموم هذا العمل، فقد تكون للقصيدة علاقة مباشرة بمواضيع لم تـُتناول بما يكفي من دراسة، وكمثال، يبدو أن شاعر العرب الأكبر يعني شاعراً معيناً بقوله:
أيستثيرُ دمي وغـْدٌ وصاحبـُهُ بما يُثيرُ رمال السهل والجبل ِ وهناك أبياتٌ أخرى مشابهة.
يتميز التشويه الذي تعرضت له القصيدة بما يلي:
أولاً - الحذوف:
تم حذف الأبيات التالية حذفاً كلياً: (الترقيم، في نص القصيدة الذي يلي، من قبل كاتب هذا المقال)
2، 6، 8، 11، 13، 15، 23، 29، 35، 36، 50
لا ينبغي النظر الى هذه الحذوف كمجردِ محاولةٍ لتقليص القصيدة من واحد وسبعين بيتاً الى ستين، كما قد يتوهم القارئ، إذ ليس هنالك ما يبرر هذه الحذوف اطلاقاً، لا من الناحية التقنية، لأية صحيفة من أي نوع، ولا من أيةِ اعتباراتٍ أخرى لأية وسيلة إعلامٍ مهما كان نوعُها ومكانها، لأننا إذا اقتنعنا بمثل هذه الاعتبارات فسنكون كمن يخشى التفصيلَ في الكتابة على الكيبورد اقتصاداً بـ"الحبر" على شاشة المونيتر! مضحك، أليس كذلك؟ ولكن المعرفة الدقيقة لطبيعة هذا الحذف الكبير ستحوّل ضحكتـَنا الى ألم، لأن هذه الأبيات، كما سيرى القارئ، لها أهميتـُها القصوى في الحفاظ على تكامل هذا العمل الفني الأدبي السياسي الفريد؛ كما أن أغلبَها يحتوي على مفاهيمٍ هي على الضد من الميول السياسية والفكرية التي تحملها وسيلة الاعلام المعنية، كما أن هذا الحذف هو محاولة خائبة، بالفعل، لامتصاص قدرة الشاعر الفنية، بالاضافة الى محاولة تخريب الهدف الأساسي والخالد من مضمون القصيدة ككل، وما حذف البيت الثاني إلا كمثال غير مفهوم لسلوكٍ يصعب تفسيرُه دون القول بأنه يُلغي تفاؤل الشاعر بالحياة وإحساسه بالشباب رغم بلوغه الثمانين.
يبدو لي إن هذه الحذوف تهدف الى تهشيم تكامل المعنى من خلال التسلل عَبْرَ مجموعة الصدوع التي تحلم هذه الحذوف المُشينة بإحداثها في هذا الصرح الجواهري. كما أستطيع التأكيد بأن هذه الحذوف لم تكنْ، ولن يصح اعتبارُها، عفويةً أو طارئة أو بدون غرض مكشوف للقارئ المطلع.
إن ما يُعزز هذا الرأي هو ثانياً وثالثاً أدناه (مع ملاحظات إضافية، أخرى):
ثانياً - إستعمال علامات الإقتباس الأربعة "…." Double quotation marks
ليشمل 47 كلمة أساسية في القصيدة. سبعٌ وأربعون مفردة وُضعت بين أقواس مزدوجة في قصيدة واحدة لم يضع الشاعر فيها قوساً واحداً.
فما هي وظيفة علامات الاقتباس؟ علامات الاقتباس جانب مهم من جوانب التنقيط punctuation في كتابة اللغات، ولها قواعد؛ ولقد ازدادت ضرورة التعرف على قواعد علامات الاقتباس ودقة استعمالها في العربية منذ النصف الأول من القرن العشرين، وربما قبل ذلك، وخاصة ابان نشاط حركة الترجمة وبشكل أخص ترجمة القصص والروايات، ولابد لنا أن نتصور إصرار المترجمين ومحاولاتهم في إقناع الطباعين بوضعها في بدايات ونهايات الحوارات (لا كما في طريقة القص العربية القديمة) واستعمالها لتضمين الحوارات بين شخوص القصص. فإلى جانب هذا الاستعمال الأول (حصر الحوار أو الكلام المباشر to enclose direct speech) فان لهذه العلامات وظائف أخرى أهمها: حصر كلمات أو عبارات معينة لغرض توضيحها، إحتواء مرادفات المفردات أو العبارات القادمة من لغات أجنبية (أي ترجمتها)، واستعمالات ثانوية أخرى. هذا ما يتعلق بلغات كثيرة وفي الصدارة اللغات الأوربية.
لكنَّ علامات الاقتباس في العربية تخرج عن هذه القواعد في كثير من الأحيان ليتم التركيز على وظيفة ضئيلة الأهمية في اللغات الأخرى فالكلمة المطوَّقة بعلامات الاقتباس في العربية يتم عزلـُها لغرض التشكيك بها تمهيداً لنبذها. بعبارة أخرى فإن كثيرا ما يحصل في العربية أن يضع الكاتب كلمة ما بين علامات الاقتباس ليقول للقراء "إحذروا هذه الكلمة!" أو "انظروا الى هذا الشخص كيف يستعمل هذه الكلمة!" وأعتقد أن هذا واحدٌ من أساليب تشويه النصوص، في أي موضوع.
ما هي هذه الكلمات السبع وأربعون في القصيدة؟
سأستعرض هنا ما يقرب من ثلثي هذا العدد (حسب تسلسل ورودها في القصيدة): سحّاراً- قزم- إمَّـعات- أمس- غدهِ- المذاهب- النِّحَل- وثناً- غوث- هبل- رماة الحي- وغـْدٌ وصاحبهُ (عبارة مهمة في قوله):
أيستثيرُ دمي وغـْدٌ وصاحبُه فيما يُثيرُ رمالَ السهل ِ والجبل ِ المُـفاداة (التي حُوِّلتْ الى "المهاداة" في النص المشوّه)- الكذوبين- مرذولة- ساكتين على مرذولة (وهذه هي من أهم عبارات القصيدة في قوله:)
ما أقربَ الشوطَ من مرذولةٍ سَفـَل ٍ وساكتيـنَ على مرذولةٍ سَـــفـَل ِ مفردات وعبارات أخرى: للتماثيل (وهي مشوّهة لأن الأصل هو "حتى التماثيلُ")- مُثـُل- خُرْسٌ- كروش- زعامات (مفردتان متجاورتان!)- الحَمَل- ستين عاماً- الجبان- لئاماً- وأخيراً وليس آخراً: (رياحُ الموت) في قوله:
يا صاحبي وحتوفُ الموتِ طوع يدي وكم أتـتهمْ رياحُ المــوتِ من قِبَلي
هذه المفردات والعبارات كلها بين علامات اقتباس! فأي تنفير لها هذا!
ثالثا - تعريض المعنى للعزل أو التنفير alienation: قد تبدو بعض الحذوف غير مهمة، بيد أن معظمها يمهّد لحذوف اخرى أساسية؛ لكن الأهم من هذا كله هو أن التشويه يتخطى حذف المفردات وحذف الأبيات الى المعنى، بعبارة أخرى فإن التنفير الذي تم إجراؤه على 47 مفردة سار جنبا الى الى جنب مع "الإعدام"، وهو بالطبع خطوة أبعد من التنفير، والذي تم تنفيذه في أحد عشر بيتاً في القصيدة. هذا التشويه يتجاوز تطويق المفردات السبع وأربعين بالطبع، ويتخطى مجرد كونه حذفاً لأحد عشر بيتاً ليتطاول على البناء الفكري والسياسي للقصيدة وبالتالي الاساءة الى شعر الجواهري الكبير ومن ثم تحريف التاريخ الحقيقي لشعب العراق خاصة خلال هذه الصفحات الحالكة منه، التي نعيشها هذه الأيام. ملاحظات أخرى:
1- لا يُفضّل استعمال علامة التعجب exclamation mark (or point) "!"، في أية لغة أكثر من مرة واحدة في نهاية عبارةٍ أو جملةٍ ما؛ أما نحن العرب فنتصرف مع هذه العلامات (في استعمال علامة الاستفهام مشاكل مماثلة) كالبدوي الذي حُرم من الدبس، فأكل منه حتى أصيب باسهال شديد! في أحد الأيام أحصيتُ عدد علامات التعجب التي وضعها أحد الكتـّاب بعد إحدى جمله فكانت سبعَ عشرة علامة، وهو لم يقصد أن يستعمل هذا العدد بالتأكيد، لأنني لا أعتقد أنه قد دار في خَلـَده أن يَعدّها، ولكنه ربما تصور أنه كلما ازداد عددُها كلما ازداد "تعجب" الناس مما يلفت النظر إليه، بدلا من جعل استعمال هذه العلامة مقتصرا على ما تقتضيه أصول استعمالها، والاعتماد التام على نفسه، وعلى مفاهيمه وطرق طرحها، وعلى لغته، في توصيل الفكرة لقرائه وإثارة التعجب فيهم. السؤال: لماذا وضعت علامات التعجب في هذه القصيدة؟ من الذي حشرها؟ ولماذا هذا العدد منها؟
2- تغيير أبياتٍ مكان أبياتٍ أخرى : مثال مهم على خطورة تقديم بيت وتأخير آخر. فالبيت 49 (أن الحياة معاناة وتضحية) قد تم تأخيره بيتاً واحداً بدلا من مكانه الطبيعي في مقطعٍ أساسي في القصيدة (وهو بدون مبالغة يكاد يكون أهم بيتٍ في القصيدة كلها) في محاولة لسلب القصيدة من زخمها الحقيقي في إيصال المعنى الى القمة، حيثُ يبدأ المقطع هكذا: (من مبلغُ القوم ...) وينتهي، أو يكاد، هكذا:
أن الحياة َمُعاناة ٌ وتضحية ٌ حبُّ السلامةِ فيها أرذلُ السُّبُل ِ
تبديل موقعَيْ البيتين التاليين ببعضهما: أ - والناكثين بعهد الحرف منتفضا (البيت رقم 48 أدناه) ب- والمبصرين فإن لاحت مجلـّحة ٌ(46 أدناه)
3- تبديل في مفردات أساسية. سأضع مفردات الشاعر أولا، ثم أوضح كيف تم تغييرها(مسبوقة بهذه العلامة >) ويرجى ملاحظة أنني استعرض الأبيات الأصلية لا المشوهة.
مفردات الشاعر التغيير ــــــــــــــــــــ ــــــــــــ أ- مرهف الحس >ناعم البال (الفرق واضح) في البيت:
ومُرهَف الحس نشوانٍ بما نضحتْ كأسُ الحيــاةِ وما أبقتْ من الوشل ِ
ب- تـُهديك >تحييك (في البيت)
جاءتكَ تـُهديك في أعيادِها قِذَع ٌ نكراء لقـّنـَها السـاداتُ للخـَوَل ِ ت- الأيام > الدنيا ث- تـَمْحَصُها >تـُمَحّصها ج- يُدْويك >يدريك (في البيت):
يشفي ضميرَك ما يُدْويكَ من حَزَنٍ ويسحقُ اليأسَ ما تجترُّ من أمل ِ أميلُ إلى فهم "يُدويك" كـ "يُداويك" والدليل هو الكلمة الأولى (يشفي)، ولا أميل الى تفسيرها كـ "يَدويك"، كما تـَدوي النار، نار الحزن، (أوكما يتبادر الى الذهن العلاج بالكي)، وذلك لأن المضارع يكون بفتح الياء، الحرف الأول؛ لكني بالتأكيد أعارض "يدريك"؛ قد يُبرر التبديل بالتشابه الكبير بين شكلـَيْ حرفـَيْ الواو والراء، لكن الراء هو الذي يحتاج إلى إضافة ما يشبه نصف دائرة صغيرة في أعلاه كي يتحول واواً، وليس العكس، اليس كذلك؟ صحيح أننا نتحدث عن الحذف، ولكن ليس عن حذف جزء بسيط من حرف، رغم أهميته؛ ثم ما علاقة "يدريك" بالشفاء؟ خاصة وأنه شفاء خاص يسميه الشاعر "شفاء الضمير"، وان الحزن حقاً دواءٌ للضمير كي يشفى. ولا يقول كلاماً راقياً كهذا إلا شاعرٌ راقٍ كالجواهري، ذي الضمير المعافى أبداً؛ إذن ليس ثمة من علاقة، من أيِّ مستوىً مقـْنِع، بـ"الدراية"! وهذه المشاكل اللغوية الصغيرة تجعلنا نعتقد أن القصيدة قد تكون منقولة عن نسخة بخط اليد!
ح- الذ َّحَل (الثأر، العداوة) >الدجل (كلمة "الدجل" يستعملها الشاعر في البيت 48 والجواهري الكبير لا يكرر مفرداتِ الرَّوِيِّ، القافية، في العمل الواحد.) خ- مُسْرَجة >مُسَرَّجة د- لا يَعْدُهُ خـَرَسٌ >لا بَعدَه خَرَسٌ ذ- أللتـَسَرّي (أهو للتسلية؟) >أللسريّ (في البيت):
لمن إذن خِلـَقٌ مزعومة ٌخُلِقتْ أللتسَرّي أم الأستار والكـُلل ِ ؟ لأن حشر كلمة "أللسريّ" بحذف التاء ثم تشديد الياء بدلاً من تشديد الراء، والتي لا تحمل ثمة معنى، هو إساءة الى قدرة الشاعر في اختياره للمفردات المتشابهة واستعمال هذا التشابه لخدمة المعنى، هذه القدرة التي تتضح في البيت 58 وتتضح أكثر في البيت 70 (قبل الأخير)، حيثُ: 1- أجِلْ: الأمر من "أجالَ"، أي أدار - أجالَ السيفَ، أجالَ النظر. 2- آجال: جمع أجَل: مصير. 3- أجَل: وقت. فيكون البيت:
أجـِلْ يراعَكَ في آجالهم مِزَقاً فليس عندكَ بعد اليوم ِمن أجَل ِ في الإشارة الى الزمن (بلوغه الثمانين)؛ ولا يستغل الشاعر هذه القدرة الرائعة بمبالغةٍ مخافة َتأثيرها على المعنى.
ر- في بليّـتِهِ >في بليّـتهم، (في البيت): والمُسْـلِمين أخاهـُم في بَليّـتهِ والهاربين من العدوى على عَجَل ِ (ولا أدري كيف كان سينسجم المعنى لو أبدلنا "بليّته" وجعلناها "بليّتهم"، كما في النص المشوّه، فإنه ذو البليّة هو من يُسْلـَم، أي يُترَك وحيداً (يُتـَخَلـّى عنه)، وليس العكس!)
ز- وإنْ يَلـَنْ >وإن ينلْ (مرة أخرى لا ينسجم المعنى) س- حتى التماثيل >وللتماثيل (في البيت):
حتى التماثيلُ تـُسْتـَوحى بها مُثُلٌ خيرٌ من النفر الخالين من مُثـُلِ
ش- يُغـْثي النفوس (من الغثيان) >يغشي النفوس! ص- عصرتـَهُ >عصرتـَهم (وهذا غير ممكن لأن الشاعر يتحدث عن المجتمع في قوله:)
عَصَرْتـَهُ فتحَمَّل وَضْرة َالثـَّفـَل ِ ودُسْتـَهُ فتوقـّعْ غضبة الخَوَل ِ (وَضَر: لطخة؛ الثفل: النفاية بعد عصر شئٍ مما يحتوي من سائل؛ الخَوَل: الخدم)
ولتعزيز القول أنه يتحدث عن المجتمع ككل، لا عن أفراد أو مجموعة معينة أو صغيرة من الناس لابد من العودة الى البيت رقم 26، أي:
لا تنسَ أنكَ من أشلاءِ مجتمع ٍ يَدِينُ بالحِقدِ والثاراتِ والذ َّحَل ِ
إن الذي قام بالحذف والتغيير إما أن يكون خبيراً أدرى بالموضوع وليس بقارئ عادي، وهذا هو الاحتمال الأقوى، وإما أنه كما يُقال "يهرِف بما لا يعرف" وفي هذه الحال ينبغي أن تصدر بحقه "فتوى" كفتاوى هذه الأيام، تحرمه من الكتابة وتجعله عبرة لمن لا يعتبر، فيكون مصيرُه (أو أجلـُهُ) كمصير ميكي ماوس!
هذه القصيدة نـُشِرت في جريدة "الشرق الأوسط" في 1982، وهي تعتبرجريدة متواطئة ضد عراقٍ مستقل ديمقراطي، ولأن الجواهري العظيم كان ضد الدكتاتورية التي كان النظام السعودي يُسندها ماديا ومعنويا أيام الحرب المشؤومة التي شنتها ضد ايران. http://www.jawahiri.com/dilo/dilo8ar.htm
أهم الأسئلة الكبيرة: أ- من هم (شِرذِمة الأذناب) التي كانت تنهش الجواهري؟ (37) ب- من هو الوغـْد ومن هو صاحبُهُ؟ (39) ت- من هي الخِلـَق التي يتساءل الشاعر هل أنها خُلقت للتسرّي أم التستر؟ (41) ث- من هم الذين لا يعرفون معنى التضحية؟ (44) ج- من تشبّه بقصير؟ (45) ح- من هي القذع النكراء؟ (10) خ- من هم الأقزام الذين هزّوا دوح الجواهري، وخابوا؟ (19) د- ما هي أعياد القذع النكراء؟ وماذا جاءت تـُهدي الشاعر؟ هل زاره أحدٌ في 8 شباط من سنةٍ ما، مثلا، فاستنكر هذا؟ وعشرات الأسئلة الأخرى.
نص القصيدة الأصلية (منقول ومحرَّك بكل الدقة الممكنة)
يا ابن الثمانين مهداة الى ادباء العراق وشعرائه
1 حَسْبُ الثمانينَ من فخر ٍومن جَذ َل ِ غِشــيانـُها بجَـنان ٍ يافع ٍ خَضِــــــلِ 2 طَلـْق ٍكما انبلجَ الإصْباحُ عن سَحَر ٍنـَدٍ وزهرُ الرُّبى عن عارضٍ هـَطِل ِ 3 ومُرْهَفِ الحِسِّ نشوان ٍ بما نضَحَتْ كأسُ الحياةِ وما أبقتْ من الوَشَل ِ 4 وحاضِن ٍ لبناتِ الدَّهْرِ مُضْطـَلِع ٍ بما تـُصَرِّفُ من بُرْء ٍ ومن عِلل ِ 5 يا للثمانينَ ما ملـَّتْ مَطاوِحَها لكنْ يُعاودُها خوفٌ من المَلل ِ 6 لمْ تأ ْلُ تنهبُ عبّـا ًمن مرارتِها وتستجمُّ على معســولةٍ علل ِ 7 نفسٌ تجيشُ بإعصارٍ وخافقة ٌ تحِنُّ للكأس ِوالأسمار والغزَل ِ 8 كأنَّ صَحْوَ الرؤى في كلِّ نازلةٍ يشدُّني بطيوفِ الشعر ِ بالثـَّمِل ِ 9 وأنت يا ابنَ الثمانينَ اسْترَحْتَ بها كما تظنـَّنـْتَ من لـَوْم ٍ ومن عَذ َل ِ 10 جاءتكَ تـُهديكَ في أعيادِها قِذ َع ٌ نكراءُ لقــَّـنـَها الساداتُ للخـَوَل ِ 11 وفـَّـتـْكَ نـَذ ْراً لها فيما وفـَيْتَ به من النـُّذورِ لـَدُنْ أيامِكَ الأ ُوَل ِ 12 يا ابنَ الثمانينَ صبراً أنتَ صاحبُهُ فيما تضيقُ بهِ أضلاع ُ مُحْتـَمِل ِ 13 لا تأسَ إنْ عضـَّت البلوى بناجـِـذةٍ ما إنْ بها من عَضاض ِ الحُرِّ من كـَلل ِ 14 فقد تمرَّسْتَ بالأيّام ِتمْحَصُها من مُسْتدْبَر ٍ منها ومقـتـَـبَل ِ 15 وقد تشكـَّكـْتَ حتى لستَ ذا ثقةٍ بالنـُّجـْح ِإلا ّ على هـَدْي ٍ من الفشل ِ 16 صبراً على فـَلـَذاتِ الحُرِّ دامية ً تـُهْدى على كفِّ حشاش ٍ إلى نـَغِل ِ 17 فلسْتَ باغي مَثوباتٍ وما خـُلـِقتْ كفُّ الكريم لتـَسْتـَعْدي على بَدَل ِ 18 يا ابنَ الثمانين كم عُولجـْتَ عن غـُصص ٍ بالمُغـْرياتِ ، فلمْ تـَشْرَقْ ولمْ تـَمِل ِ 19 كم هزَّ دَوْحَكَ من قـَزْم ٍ يُطاولـُهُ فلم يَنـَلـْهُ، ولمْ تـَقصُرْ، ولم يَطـُل ِ 20 وكم سَعَتْ إمَّعاتٌ أن يكونَ لها ما دارَ حولكَ من لـَغـْو ٍ ومن جدَل ِ 21 ثـبِّتْ جَنانـَكَ للبلوى فقد نـُصِبَتْ لك الكمائنُ من غَدْر ٍ ومن خـَتـَل ِ 22 وَدَع ْ ضميرَكَ يَحذرْ من براءتِهِ ففي البراءةِ مدعاة ٌ إلى الزلل ِ 23 لئنْ تخلـَّصْتَ من أنيابِ مهلكةٍ فكم تلوَّيـْتَ في أشراكِ مُحْـتـَبـِل ِ 24 فكنْ كعهدِكَ سحّارا ً بمعجزةٍ تـُحَوِّلُ الصابَ مسموما ً إلى عسل ِ 25 يُشفي ضميرَكَ ما يُدويك من حَزَن ٍ ويسحقُ اليأسَ ما تجترُّ من أمل ِ 26 لا تـنسَ أنك من أشلاءِ مجتمع ٍ يَدِينُ بالحِقـدِ والثاراتِ والذ َّحَل ِ 27 يستـَنـْفِرُ اليومَ عن أمس ٍ الى غدِهِ على المذاهبِ والأنسابِ والنـِّحَل ِ 28 حربٍ على كلِّ موهوبٍ ومَوْهـَبَةٍ لديهِ مُسْرَجةِ الأضواءِ والشـُّعَل ِ 29 لو استطاعَ لغطى الشمسَ عن حَنـَق ٍ وسامَ رَأ ْدَ الضـُّحى ذلا ًّ من الطـَّـفـَل ِ 30 لم تـُبْق ِ في الصُّلـْبِ من أعرافهِ وثـناً إلاّ وعرَّيْتَ من غـَوْثٍ ومن هـَبَل ِ 31 فكيفَ تطمعُ أن تـُعْـفيكَ ثاكلة ٌ كنتَ النذيرَ لها بالويل ِ والثـَّكـَل ِ 32 عَصَرْتـَهُ فتحمـّلْ وَضْرة َالثــَّفـَل ِ ودُسْتـَهُ فتوقـَّعْ غَضْبَة َالخـَوَل ِ 33 طـَبائع ٌعَنـْجَهـِيّـــاتٌ يُغلـِّفـُـــها من الحضارةِ مصبوغ ٌ من الحُلل ِ 34 ومَوْكِبٌ موحِشُ الأرجاءِ مُصْحِرُها يمشي الحُفاة ُ به في ظلِّ مُنـْتـَعِل ِ 35 كنتَ الغريبَ به لا أنتَ تألـَفـُهُ فتستريح، ولا عنه بمنعزِل ِ 36 وما تزالُ على رثِّ الحبال ِبهِ تلقى الحياة َ بحبل ٍ منه متصل ِ 37 نـُبـِّئـْتُ شِرْذِمَة ُ الأذنابِ تـَنهشُني بمشْهَدٍ من رُماة ِ الحيِّ من ثـَعَـل ِ 38 يا للحفيظةِ لم تظفـُرْ بذي شَمَم ٍ وللشهامةِ مُلقاة ً على طـَلـَل ِ 39 أيستثيرُ دمي وَغـْدٌ وصاحِبـُهُ بما يُثيرُ رمالَ السَّهـْل ِوالجبل ِ 40 ولا يندُّ فمٌ لا يَعْـدُهُ خرسٌ ولا تـُمَـدُّ يدٌ لا تـُشـْفَ من شـَلل ِ 41 لمن إذن خِلـَقٌ مزعومة ٌ خُلـِقتْ أللتسَرّي أم الأستار والكـُلل ِ 42 قد كانَ شوطـُ رُجولاتٍ مشَرِّفةٍ لو كانَ تحتَ سِبال ِالقوم ِمن رَجُل ِ 43 وكانَ للنـُبْل ِميدانٌ يُصالُ بهِ فلم يَجُلْ مُدَّع ٍ منهمْ ولم يَصُل ِ 44 من مُبْلِغُ القومَ لم تعرِفْ دماؤهُمُ طعمَ المُفاداةِ عندَ الحادثِ الجلل ِ 45 الخانعينَ بمنجاةٍ تـَسُــــــومُهُمُ جَدْع َالأنوفِ وذلَّ العاجِزِ الوَكِل ِ 46 والمُسْـلِمينَ أخاهمْ في بلـيَّـتـهِ والهاربينَ من العدوى على عَجَل ِ 47 والمبصِرينَ فإنْ عَنـَّتْ مُجَلـِّحة ٌ ففي العيونِ غـَشاواتٌ من السَّـبَل ِ 48 والناكثينَ بعهدِ الحَرْفِ منتفضا ً على الضغائن ِوالبُهتان ِ والدَّجَل ِ 49 أنَّ الحياة َمُعاناة ٌ وتضحيــة ٌ حُبُّ السلامةِ فيها أرذلُ السُّبُلِ 50 وتـَمَّ من لعنةِ الأجيال جازية ٌ تقتصُّ من قيلةٍ حَقّ ٍ ولمْ تـُقـَل ِ 51 ومُسْـتفـَزٌّ لخوّان ٍ بمن حفـَظوا عهدَ الرجولاتِ في حِلٍّ ومرتـَحَل ِ 52 وَيْـلَ الكذوبين من يوم ٍ يُسَــلُّ بهِ مُخـْضـَوضِرُ القول من مُسْتـَوبأ العمل ِ 53 ما أقربَ الشوط َ من مرذولةٍ سَفـَلٍ وساكتينَ على مرذولةٍ سَفـَـل ِ 54 أقولُ للخِـدْن ِما حالتْ مَوَدّتـُهُ فظنَّ أنَّ عهودَ الناس لمْ تـَحُـل ِ 55 سَلـْني أ ُجـِـبْكَ بما يَعْيا الجوابُ بهِ وإنْ يَلـَنْ منكَ إشفاقٌ فلا تـَسَل ِ 56 فقد تـقـَرَّحْـتُ حتى العظـْم ِ من شجن ٍ دامي الشـَّكاة ِبلوح الصدر مُعْتـَمِـل ِ 57 أ ُجـِبـْكَ عن نـُصُب ٍأعلام ِ مقلمةٍ غـُفـْل ٍ شـَتاتٍ إذا كشـَّفـْتـَهمْ هـَمَل ِ 58 حتى التماثيلُ تـُسْتوْحى بها مُثـُلٌ خيرٌ من النـَّفـَرِ الخالينَ من مُثـُل ِ 59 خـُرْس ٍوإنْ خَرَقوا الأسماع َفي هـَذَر ٍ يُغـْثي النفوسَ وفي مرصوفةِ الجُمَل ِ 60 وعن كروش ِزَعاماتٍ كأنَّ بها من فـَرْطِ ما اعْتـَلفـَتْ مَسّاً من الحَبَل ِ 61 عن ضاحكينَ بنصفِ السِّنِّ كاشرة ً وينطـُفُ النصفُ مَطـْويّاً على دَخـَل ِ 62 يسْتأسدونَ إذا مُدَّ العِنانُ لهُمْ فإنْ يُشَـدْ، تـَرَدَّوْا بـِزَّة َالحَمَل ِ 63 ستينَ عاماً أ ُساقِيهِمْ مُشـَعْشَعَة ً من خالص الودِّ والأشواق ِوالقـُبَل ِ 64 ما ساءَهـُمْ قـُرْحة ٌ تـُشْوى بها كـَبـِدي وما يَسُرُّهـُمُ كـُحْلٌ على المُقـَل ِ 65 حتى إذا مَسَّني ضُرٌّ وأسْلـَمَني غدرُ الجبان ِلجُرح ٍ غير مُندَمِل ِ 66 وكنتُ أن ألتقي وغـْدا ًيُجشِّمُني عارَ النـِّزال ِبلا حَوْل ٍ ولا قِبَل ِ 67 مرّوا لئاما ًعلى الظامي وغـُلـَّتِهِ وعندَهمْ كلُّ ما يَشفي من الغـُلل ِ 68 وغادروه بمُوماتٍ كأنـَّهُمُ ليسوا ذوي ناقةٍ منه ولا جَمَلِ 69 يا صاحبي وحتوفُ القومِ طوعَ يدي وكم أتـَتـْهُمْ رياحُ الموتِ من قِـبَلي 70 أجـِلْ يَراعِكَ في آجالِهِمْ مِزَقا ً فليسَ عندكَ بعد اليوم ِمن أجَل ِ 71 واضرِبْ بهمْ أسوأ الأمثالِ سائرة ً حتى تـُثـَلـِّمَ فيهمْ مَضْرَبَ المَثـَل ِ.
#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخُطى -2-
-
الخُطى - 1 -
-
بعضُ أراءٍ في تموز (بمناسبة مرور نصف قرن على تموز1958 في الع
...
-
- محاولة ٌٌبدائيّة ٌٌفي البحث عن كُلِّيِّ الحكمة -
-
نسيج
-
روما 3
-
8 - روما - 2 (من مرثاة - كريم -)
-
8 - روما 1
-
7 - فسيلة
-
الكهف 2
-
أنت معنى (مقاطعٌ من مرثاة بعنوان - كريم -)
-
مقاطع من مطولة بعنوان -كريم- (
-
مقاطع من مطوّلة بعنوان - كريم -
-
مداعبات مهموم - 4 - حيوان كاتب
-
ملاحظات في الكتابة عن الدين. 1 - المقالات المعادية وحرية الر
...
-
مداعبات مهموم - عوائل تمزقها الجنسية - الجزء الثالث
-
مداعبات مهموم - عوائل تمزقها الجنسية - الجزء الثاني
-
مداعبات مهموم - عوائل تمزقها الجنسية
-
أمتعة
-
الجِزَم
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|