|
إرادة المختلف والمتحول في - لعلك-قصائد نثرية للشاعر الفلسطيني يوسف القدرة (3 إضافة )
أمل فؤاد عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 2449 - 2008 / 10 / 29 - 08:59
المحور:
الادب والفن
في معرض الحديث عن انتقال الروح مستوى يليق بها .. ينبض هذا الجرح المتفاني في التعالي على اللحظة .. هو في الحقيقة من واقع معايشة حقيقية لمفهوم الهبوط ومن ثم الصعود .. فالتحام الروح بذاتها لتكشف لا ينبري يتكشف لحظة عري مباغتة .. حتى يستقيم لها المكاشفة حقيقة .. فتبات اللغة هي الوسيلة رغم استخدام مفردات مطابقة للواقع على وضوحه .. إنما هي مداخلة الروح من خلال مواد محسوسيتها .. فالحواس تشارك في صنع الحقيقة .. بل هي التي تمارس حضورها للتجاوزها في ذات الوقت .. هنا في هذه الأبيات بالضرورة الحسية ينقلنا الشاعر إلى مغارس الروح ومنابت الإفراج عنها في ذات الوقت .. هو صورة وحركة موصولة النقاط .. لتستقيم في نهاية المطاف لغة لربما تيجئ غير مفهومة .. وإن سألنا الشاعر عن ملابسات الكلمات والتباسها نجده ينغرس ذاته في مباغتة شعورية عما يكتب .. ولكنه الصحو في ظل الصحو .. هي المكاشفة لحظة عري الذات عن مطلبها .. هي تطلب ومطلبها ساع ذاته لتحقيق المراد .. هنا يحضرنا سر صنعة الحوارية الذاتية .. بين الأنا والأنا .. مفارقة لهيكل تبعيتها .. لتغفو على سكونها من جديد .. يستنطق الشاعر محاور حركة الوعي .. بقلق المكتشف ذاكرة الحضور الآني .. فيتراءى له كصدى ليس لذاه صدى سوى لألوان اللوحة المترسخة في الروح .. هي ألوان الكشف تنطق نفسها .. عبر تيهها .. وما هذا التيه سوى مراوغة الإمساك بالحقيقة .. ومن ثم الإنفلات .. ليعاود مطارح طفولة تعبق بحميمية الكشف الأول .. ورد وليمون ورائح أبوان تبات تحضر المكاشفة .. في هذا السارب المحدق في الروح .. يأخذنا الشاعر إلى محاولة أيقاظ عبير الذكرى / البراءة الأولى .. ولكنه يخاف التكرار .. ولكن تكرار ماذا ؟ هو اليقظة في سر كينونتها ولكنها تستجدي النفع بها فقط دون العودة بالفعل .. تتماهى إحساسات الكشف الأول للبراءة الأولى مع مفردة العتمة التي تظلل سياق النص .. لينتقل بنا إلى حيز اللا معقول فيه .. فلسفة التواجد في أثنين .. الأنا / الذات الحاضرة وعيها .. والذات المستحضرة في وعيها .. هكذا يقول : يقضمني آخر .. يشربني تراب يصحو .. هنا في هذه الأبيات : " فيك حريق كلام ( خرافة أما كحلمي , يقضمني آخر , يشربني تراب يصحو , بعيداً أطرز تيه اشتياق , أنحت حمامة للحلم , أستضيف هواءً نظيفاً وشجرة .. ) تبقى تطل من صوتك كصورة تشتهي ظلاً , النهار أغنية تأخذ العقل إلى أكواخ الروح . "
ينتقل بنا الشاعر في هذه الأبيات مستوى وعي الذات في الذات .. يتحول معها ضمير المتكلم إلى ضمير الأنا الموقظ فيه حريق الكشف أو نوره .. فنسمع صدى الداخل فيه أو الخارج منه .. ليعود مرة أخرى إلى ضمير المتكلم بصيغة الغائب .. وكأننا دخلنا تيار وعي فجأة لنصبح أكثر التحاما بالشاعر من ذاته على ذاته .. وهو مكاشفة عريه على مهل .. أو استنارة العين بظلال حلم دخلنا عالمه فجأة .. فيعاود الشاعر بضمير الغائب يحاور مناطق ذاته .. فيشعر وكأنه يطل من نفسه صورة تتمحور حركته .. تشتاق إلى ظل .. هنا يطل علينا النهار .. مسارات تكشف كهوف أو أكواخ الروح .. لينتقل بنا إلى مشارف الحقيقة .. ولكنه يتوخى الحذر .. حيث يقول الشاعر :
" أما عن التحية الزرقاء , روي في أمرها أقاويل كثيرة , قيل : تتجنب من ليس لقلبه أفاق , تجافي من يضع حداُ لخيالاته , تعجن الشروق بزعتر الملتحفين بالطبع , فكرتها مرسومة على جوهر الصدى الذي يتردد في أوركسترا الضوء .. "
فالحقيقة العليا والمنتهى لا مكان لها في قلوب ليس لها آفاق .. هو يحدد كيفية التلقي بعدما كشف نزوعه وتحاور كشفه .. وما التحية الزرقاء .. سوى خلود الروح .. هو سر يتكشف لصاحبه .. حيث تغيب عن مراوغة العالم .. واتخذ سبيله في بحر الأعجوبة سربا .. ثم غاب .. وغاب يتعمق حضوره ليخبرنا بلفظة ( قيل ) أنه برئ من بخله .. وأنه يكتشف الحقائق الدائمة في صروح العقل والوجدان ببراءة منه .. وما الفكرة في النهاية سوى جوهر الصدى .. صدى التماهي مع الخلود وانفجاره كضوء يتبدى كعازفي أغنية للأبدية .. يقول الشاعر :
" تذكر أنك صنعت عروسة من عيدان وقماش , أسميتها : البحر ! مدت موجها حين طفح الليل قرب لحظتك التائهة بلا ألوان أو أضواء . كنت غاضباً من أحلام تأتي في الأحلام . "
" قيل أيضاً : تكتب عاشقها قصيدة كونية , تهديه وردة ومساحة , تمسح العرق عن شكل الطرق . دائماً لم يكن وقت لذلك . "
مازال صدى رحيق المناجاة يتبعنا عالما يقع ما بين حلم وحقيقة .. هو حلم لنا وحقيقة يتحسسها الناطق باسم الكشف داخلا فيها ومنها يخرج بشعاع البوح كلمات .. يواجه الأنا بمفردة تذكر .. فبعد الخروج وامتهان سيف العصيان على الوهم .. يواجه الذات بتذكر ما كان يصنع منها الوهم .. قياساً بنبع الحقيقة .. في لحظة التيه بلا ألوان أو أضواء .. كان يصنع مجرد عروسة .. فكانت الأحلام تجيئ في الأحلام انتهاكا .. هي تلك التي ( تباغت العشق بوردة ومساحة .. ) فتكتب قصيدتها .. كقصيدة كونية .. ومن ثم يبات الكشف هنا حالة من الانتهاء إلى حيث اللا حلم .. ويذكرنا هذا بكهف المرايا الذي يعكس من الوجوه غير حقيقتها .. فما بقي من تلك الوجوه بعد الخروج من كهف الظلمة .. سوى الاعتراف ضمنيا بتغييبها .. يقول الشاعر :
" رأتك ترتقي أدراج الإدمان عليك , تنقع إحساسك في دموعها الملائكية , بكت المبادئ ألماساً , ذبح فيل البحر بخرطومه خجل القمر , هكذا اعتقدت الزرقة قادرة على الانسجام مع روحك التي تبعث موسيقى في مناقير الغيوم , حين الشمس تتورط في ضياع نكهتها النحاسية , تلتحف ببراءة في غروبها ."
هاهي تلك العروس من قماش وعيدان .. ترى الارتقاء على الذات .. ليتحول بنا الشاعر إلى مفردات تحمل من الحسية بأكثر من جدواها في المعنى .. فتهبط بنا عالما من الخيالات والكشف الزائف للمجردات .. لتتحول معها حسيات الوجود .. كينونات تشارك في الفوضى .. أو صنع الفوضى الحسية .. على أن هذه المفردات لا تعبر بآكثر مما تعبر سوى عن فوضى الحواس وتداخل الصور واشتباك الرؤى .. بين ارضي وسماوي .. هذا الانتقال .. يشعرنا بتأرجح الروح أو الذات عبر فوضاها .. لتتعلم ثوابتها .. يقول الشاعر :
" كان البحر يعرف أنها وحدها الدفء الذي يتلاءم مع كيانك المخلوق من تيه وحب , يعترف الموج بديمومته , يطلق مشاهده للكل دون رأفة وبحنان كبير ( كيف لروحينا أن تلتقيان وكلتاهما مخبآتان في جسدين لا يلتقيان ؟ ) قلت : تنشدان صمتاً عارياً وسط ليل تتشابه فيه الحكايات , تنجبان نجمة تقطر أبيض . "
عند خلق القصيدة .. لابد من توخي الحذر من السقوط في آلية الجمود .. أو آلية احتراف التلقي بسلبية .. فيما يبدو هناك من الفراغات النفسية التي تصنع لنفسها انزياحات ذات ألوان مرمرية .. ذلك أن صمت الفراغ بين السطر الشعري والآخر يبعث على خلق مساحة من الكشف الذاتي للمتلقي .. هنا في هذه الأبيات النثرية .. ندخل عالم التماهي أو هو عالم التيه في فوضى الاعتباطية .. ولكن يأسرنا الكشف حتى منتهاه .. ورغم بساطة النهج هذا في الكتابة .. نكتفي ببوح موسيقاه الداخلية .. فقد امسك بنا الشاعر خيط ارتباط موصول بين البحر والعروسة والقصيدة وأيضا الشمس .. هذه العوالم موصول اشتباكها حيث الامتداد والعلو واختلاف المساحات افقيا وعاموديا .. حيث تتقاطع مجالات الرؤية وتخرجنا عن اعتباطية الرؤية .. ولكن نكتشف أن صانع هذه القصيدة هو ذاته صانع العروسة .. ليقف الكون محاطا فيهما وبهما .. ولكن من جهة أخرى نلتمس محوراً آخر للمعنى بين العمق والامتداد .. ومساحة التلاشي التي سبق وأن ضاعت فيها نكهة الشمس النحاسية .. وهي تلتحف ببراءة غروبها .. وبين اعتراف البحر بأن هذه الشمس هي وحدها الدفء .. وهو الدفء الذي يتلاءم مع كيان هذا المخلوق / الشاعر من تيه وحب .. لينقلنا الشاعر إلى منطقة أخرى يشتعل فيها الحرف بهدوء وبلا نيران .. ولكنه سؤال يحترف صناعته بفطرة بالغة .. فبين التيه والحب جدل البقاء والخلود أو هو الفناء والتلاشي .. ولكنه يفاجئنا بكلمة الديمومة .. هذه الكلمة التي تعني الكثير .. ففي عمق التيه يصنع الحب .. او يظاهرنا الحضور .. كأنه صوت الخلود فينا .. ولكن يحضر الشاعر سؤال الكشف بصورة مغايرة .. ومن ثم يتحول صوت ضمير المتكلم خاصا وملتحما وبعيدا .. متسائلا حيرته بين امتداد الروح الأبدي او اللا متناهي .. وبين امتداد الجسد المتناهي .. وقد أوجد حلا يتناسب مع لحظة كشفه وعشقه ومن ثم يقول : ( تنشدان صمتاً عارياً وسط ليل تتشابه فيه الحكايات , تنجبان نجمة تقطر أبيض ) يقول الشاعر :
"لماذا تحن أرواحنا إلى أخريات من بلاد قديمة ؟ سألت . في حضن الرواية يمنح سحر روحك روحها , يقشر تفاحة الطير دمعاً ومنطقاً وكبرياء . دائماً ذلك سوف تسمعه جمالاً وتولعاً ولذة . "
يحضرنا هنا استحضار المثال .. بسموه ووجاهة حضوره وأيضاً بحسه الخفي / المعلن .. فهناك في بؤرة الشعور دوما مساءلة لرونق بديع .. يسمى مثل أعلى أو هو مثال يطفح بحضورها خفية .. دون إعلان صريح ولكنه يحاصرنا حتى الانفلات .. فيصبح هناك أو يقع هناك منطق المقابلة والتوازي .. بين بين .. أو هو التصاق لروح هائمة بروح الإبداع .. تستجديه انقشاعة ما .. يتكشف معها سر التعلق والوله والحب .. ومن ثم سر التماهي والتماع الفكرة ناضجة دون اكتمال .. هو ابداع الدوران في ملهى الروح وامتثالها لمشابهة قديمة يكمن سرها في سر الخليقة الأولى .. لذا يصلنا عبر شوق ملتاذ بلذته الخاصة .. وجمال يفرض علينا طغيانا أثيرياً .. يقول الشاعر :
" ظننتَ الإنهاك لا حدود له . أيضاً الإنكار ألم وليال ضيقة كحلق . حتى آخر الحب كاف ليعيد حباً منسجماً مع ذاته . اليقظة تكشر في رحم عتمة . تضج على البياض الإسفنجي ممتصة حزنكَ , وبريق مشاعركَ , وتوهجك كذلك . ينحني لها فرحك طوعاً . "
ما بين اليقظة والعتمة .. جدار العزل والظلمة .. وأيضاُ رهبة الرؤى تمتحن فينا مصداقية ما .. وصدق سؤال يفترض إجابة حاضرة .. وما بين الحب حب .. يلتاع الخدور .. يستبيح فينا مشاكلة الديمومة .. وخلود يرتشف رحيق انزوائه برق المشاعر والتوهج الساكن فينا .. فما بين العلن والإنكار .. مساحة من الانطواء .. ينتابها ألم ما .. تضيق الروح انفلاتها .. فتبوح محاولة انسجامها مع حضور آخر .. تتفنن الحزن وامتصاصه .. نزقاًُ يفرط الفرح طوعا .. وما بين الفرح والحزن .. عالم من التآخي يتوازى فيه شكل الحياة وفاعلية الروح .. ذلك أن الروح التي شاكلت وجودها وحضورها .. تبتغي عالم التفرد فتتوهج التماع الفرح الذي ينحني طوع الحضور وانسجامه . يقول الشاعر :
" تخرج منبعثة منكَ تصورات وكلمات , اللغة على أية حال تحب الانطلاق , تتوق التحول والتنقل . جميلة انحناءة الخطوط . انتصابها يأخذك إلى حالة مسكينة ومبدعة من حالات الجسد . ذلك القفص الذي يبغي الاتساع والبكاء . لامسك الفيض ففضت فضة , لم يزعجك التشابه بين امرأة وورقة . "
يختلط علينا هنا .. صيغة الروح / الأنا للشاعر .. وبين المثال المستحضر من عبق التاريخ .. وبين القصيدة/ الحبيبة التي تقبع داخله .. . يتحسس اللغة الكامنة فيه .. تخرج على شكل تصورات وكلمات .. هي الروح .. هي الأنثى .. هي الحبيبة التي تتوازى وحرفية العشق عند الشاعر .. ولو لنا أن نستشف من وراء هذا النص بعداً .. فلنا أن نقول .. هو التصور الجمالي لحرفية التوافق مع الذات أو حضور ينغرس متجاوزاً واقعاً حالي .. فيطوق الشاعر روحه أو ذاته بجمال استحضار له مذاق خاص .. يتيه به في حالة من التنقل بين بلاد قديمة وبين حبيبة / أنثى تسكنه في عمق شاعريته .. فيشعرنا الشاعر وكأن هذه الأنثى هي التي تحاكي فينا النص وحضور العبارات والتصورات .. والقارئ هنا يتأرجح بنيات النص بين غياب / حضور .. ليصرح لنا الشاعر ان هذه الروح/ الشاعر تتأزم انحسارها وحصارها .. لتبغي مدى من الاتساع والبكاء .. ويمتثل الفيض ملامساً لها .. فتفيض فضة .. في هذه اللحظة .. يسائلها التشابه بين امرأة وورقة .. وكأن الشاعر ينثني علينا ليحادثنا سر التوازي بين الشاعر والورقة وبينه وبين أنثاه / روحه .. يقول الشاعر :
" قيل هذه ليلة صدى يتردد فيها ظلام الأرض ويتراقص الكون كشجرة مسها ريح " " مازلت تثقب الدوائر , صامتا ًتغسلك الصلاة . تذوبك حين تمسك فيما غائب يخطو محتملاً ممتناً للمصادفة والكمياء . سر هو ما يوصل الذوق . الحس فضيحة تشع كمكيدة ." "غربلت غبار الظل بشقاوتك . مسحت بقع الفراغات عن ضفيرتيك المسروقتين قديما . عباكَ صراخ البحر ليلاً بجثث وقصص ونجوم تسبح على سواد غاضب . كتبت في الرمل اسم حبيبتك . لم تكن وحيداً . خيل إليك أنك ستقول كلاماً حلواً عن الحياة . "
في هذه الأبيات لنا وقفة ذلك أنها تكسر إشعاعات التعالي .. بصوت الألم الرابض على قلب الشاعر .. هناك كان له الخيال محركاً لذاته متجاوزاً لإحباطه .. ليقربنا عالما من غبار الظل الذي يسكنه .. وليلته ماهي إلا صدى لتردد ظلام الأرض .. وفي الجهة الأخرى شجرة تهتز من ريح .. هو يحاول من خلال هذه الأبيات أن يسكننا بما يسكنه من صمت وصلاة تغتسله .. هنا هو يحاول أن يبعث فينا ذوقاً وحساً وكأنه في حالة من غربلة تسكنه .. لتعج بفضيحة كمكيدة تشع فينا كإنبثاقة أخرى .. فيما يحاول من جديد أن يوازينا وحضور ما يشعره من قسوة وغربة .. هنا في هذا الليل الممتد فيه .. وقد ملأه حتى التشبع صراخ البحر وسواد غاضب ليعيد نقش اسم حبيبته حتى لا يشعر بوحدته .. رغم آماله التي كانت ترتسم فيه كلاما آخر .. لابد وأنه تحسره الهوية في بؤرة خاصة .. فيما هو يحاول تجاوزها .. إلا أنها حاضرة الغياب وغائبة الحضور فيه .. يقول الشاعر : "أشعلتَ سيجارة . رسمت دوائر كثيرة على الرمل والهواء . عددت موج قلبك . قلبت صوراً معلقة على جدران ذاكرتك . خشيت الشهب أن تخطف روحك . قامرتكَ اللغة واضعة يدها في يدك . " طالما انتصبت نخلة أمام الأمواج . نشرتك المرآة متوجهاً للحزن . صار قبلتك . فيما لغتك مفقوءة وناعسة ." " تصعد ابتسامة من رحم السكوت . ثمة مواعيد في العالم الصغير تغني للانسجام . تحلق أشعة اصطبغت بالرقص والعناق . تلون الأسئلة وتهجر الموت . "
هنا وفي هذا الكشف يتحاور الشاعر كشفه تارة على الهواء وتارة أخرى على الرمال .. وما يعنينا من هذا سوى معنى التلاشي .. معنى الغياب .. ويتأرجح لحظته موج القلب وتردده حال التماوج والتغير .. ليحضرنا في غفلة منا ذاكرته التي ترتسم صورا .. هو يحاول الالتصاق بنا .. أو يحاول التحامنا به .. وهو يعاني خوفه وخشيته .. يحاول من خلال صيغة المخاطب أن يوزعنا ضميراً يتأجج داخله .. يتقاربنا المسافة بينه وبيننا .. فيستحضر انشطاره وكأنه حالة قراءة بصوت عال .. يسمعنا الحوار .. فنسمع معه ذات الحركة وذات الفكر .. يتقلبنا مقامرته مع اللغة .. ويتحسس وجداننا بكثير من الانسيابية .. ليفاجئنا بصوت آخر .. بعيد / قريب .. ولعله صوت الحياة الكامن فيه .. فرغم تلك الصيغة وهيمنتها على النص إلا أن صوت الحياة يعلو فيعلو ليجذبنا ناحية حقيقة ما .. وكأن جميع السوادات تتغيب في لحظة .. وتنقشع انكماشات الروح بأريج محاولا الانسجام .. وما تلك الأشعة التي تحلق - تلك التي شبهها بالطير الراقص المشتاق – إلا طائر الروح يهجر قبر اليأس ومن ثم تمكين القدرة .. ليتغيب الموت وتتلون أسئلة الكون بلون الحياة .. في النهاية نقول بأن النص الإبداعي الفلسطيني اليوم .. هو يتبدل إحساسه بكيفيات مختلفة .. ولربما التفسير الأخير لهذا ما هو إلا تبدلا في مستوى الرؤية والإدراك .. وكأنه لفرط إحساس الشاب الفلسطيني بنوع من العجز وحصار القدرات والإمكانات وتعجيزه أن يحاول .. تبدى له إمكان الكلمة أقوى وأكثر صراحة وحضورا وانسجاماُ مع ذاتيته .. ومن ثم .. لربما الواقع يصنع معجزات جديدة .. تحولات تتبدى في تسامي النفوس عن وضاعة استغلال مفاهيم التحرير .. ليتبدى لها مفهوما آخر للحرية .. وإنا كان وكما قال الشاعر ولنعتبره توجها لأرضنا الطيبة .. أن لامسها الفيض ففاضت فضة تبيان على أنامل أيدي تحاول .. الانتصار ...........
#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إرادة المختلف والمتحول في - لعلك - قصائد نثرية للشاعر الفلسط
...
-
بوح فلسطينية ..
-
نذور ..
-
غربة .. روح
-
رقص على الثلج ..
-
حجر .. قدسي
-
قراءة في آية ..
-
ميكانيكا وميوزيكا
-
متى يتم خلق فكرة فلسفية .. وكيف ؟ (4 )
-
متى يتم خلق فكرة فلسفية .. وكيف ؟ (3 )
-
متى يتم خلق فكرة فلسفية .. وكيف ؟ (2 )
-
متى يتم خلق فكرة فلسفية .. وكيف ؟ (1)
-
سايكو دراما
-
كريزما ..
-
كشف .. مغاير
-
معسكر .. أشبال
-
أحبك ..
-
شقائق .. النعمان
-
إرادة المختلف والمتحول في ( لعلك ) قصائد نثرية للشاعر الفلسط
...
-
إرادة المختلف والمتحول في ( لعلك ) قصائد نثرية للشاعر الفلسط
...
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|