أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد الحاج - الجبهة الديمقراطية: مَاءُ الشَاي عَلَى الإبْرِيِقْ!















المزيد.....

الجبهة الديمقراطية: مَاءُ الشَاي عَلَى الإبْرِيِقْ!


أحمد الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 2446 - 2008 / 10 / 26 - 09:58
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


يُمثل موقف الجبهة الديمقراطية الداعي، علانيةً، إلى خروج الحزب الشيوعي من البرلمان، علامةً فارقةً في تأريخ العلاقة الإستراتيجية التي تربط الشيوعيين والديمقراطيين؛ إذ تبدو الجبهة الديمقراطية – للمرة الأولى منذ العام 1958 - على خلافٍ جوهريٍ مع الخط السياسي الذي تتبناه قيادة الحزب الشيوعي السوداني. فطوال تأريخها الممتد لنصف قرن، لم يُنظرُ إلى الجبهة الديمقراطية – من قبل المراقبين على الأقل - إلا كواجهةٍ للحزب الشيوعي في المجال الطلابي. وربما يعود ذلك، أولاً، إلى تأييدها المفرط لمواقف وتكتيكات الحزب الشيوعي، وثانياً، إلى عجزها عن الإتيان بأي موقفٍ من شأنه التأكيد على طبيعتها المستقلة. بيد أن موقفها الأخير- الذي يستحق التقريظ – يُعد سابقةً يُمكن أن تبني عليها الجبهة الديمقراطية في سبيل تأكيد إستقلاليتها، من ناحية، ولفت إنتباه قيادة الحزب الشيوعي إلى أن المشاركة بالبرلمان – رغم قصر الفترة المتبقية من عمره – لم تكن ولم تعد مقبولة، من ناحيةٍ أخرى.

أيضاً، يكشف موقف الجبهة الديمقراطية حجم الهوة التي تفصل قيادة الحزب الشيوعي عن قواعدها. ذلك أن معارضة غالبية أعضاء الحزب، والجبهة الديمقراطية، للمشاركة في البرلمان، لم تفلح في إثناء قيادة الحزب الشيوعي عن المشاركة فيه. وإلى ذلك، تبدو قيادة الحزب الشيوعي مفتقرةً إلى الحساسية المطلوبة في التعامل مع قواعدها أوالتعبير عن تطلعاتها. يتجلى ذلك، أولاً، في عجز قيادة الحزب الشيوعي عن مشاورة قواعدها قبل التوقيع على إتفاق القاهرة؛ إذ جاء مناقضاً لمواقف الحزب التفاوضية المعلنة، فضلاً عن كونه مثَّل نقطة تحول كبرى في خط الحزب السياسي من المعارضة الشاملة إلى المشاركة الجزئية. ولعل تحولاً بذاك القدر كان يستدعي – على أقل تقدير – عقد موسعٍ يناقش حيثيات ذلك التحول، حتى تنخرط القواعد، لاحقاً، في إنجاز مهامها عن قناعة، بدلاً من حالة التململ التي تعيشها الآن، والناجمة، بالأساس، عن عدم مشاركتها في رسم ملامح الخط السياسي الذي تنتهجه قيادة الحزب حالياً. ويتجلى، ثانياً، في إستخفاف قيادة الحزب الشيوعي بالآراء المعارضة، كما في وصف عضو سكرتارية اللجنة المركزية، سليمان حامد، لموقف مركزية الجبهة الديمقراطية الأخير بأنه يُمثل "رأياً شخصياً من فرد و لايمثل رأي الجبهة الديمقراطية أو فرعية الحزب بالجامعة" ، وكأنما عضوي سكرتارية مركزية الجبهة الديمقراطية (مروان مصطفى، ومهند يوسف) كانا يتحدثان بإسميهما! أو في قوله إن قرار الخروج من البرلمان تتخذه اللجنة المركزية للحزب وفق تقييم الأداء وليس "بناءً على رغبة مسطحة أو عناصر متحمسة أو غيرها" . بيد أن أشهراً معدودةً تبقت على إنقضاء دورات البرلمان ولا تزال قيادة الحزب الشيوعي "تُبشِّرُ" بإجراء تقييم لمشاركة الحزب فيه!!!

من نحوٍ آخر، يصر عضو سكرتارية اللجنة المركزية على بقاء الحزب الشيوعي في البرلمان بموجب "حيثيات لا تزال قائمة" ، وكأنما طفابيع المؤتمر الوطني قد بدلوا نهجهم الإقصائي وسياساتهم التعسفية، وأبدوا شيئاً من الجدية في دفع إستحقاقات التحول الديمقراطي! ففي الوقت الذي يتحدث فيه عضو سكرتارية اللجنة المركزية عن "حيثيات لا تزال قائمة"، كانت الحركة الشعبية – الشريك الثاني في السلطة – قد لجأت إلى تجميد مشاركتها في الحكومة، وإستغاثت بالإدارة الأمريكية لحملها على الضغط على المؤتمر الوطني من أجل تنفيذ ما تبقى من بنود "إتفاق السلام الشامل"؛ على حين هجر "مناوي" القصر في محاولةٍ منه للضغط على المؤتمر الوطني من أجل إنتزاع حقوقه المستلبة. وبالفعل إستطاعت الحركة الشعبية – بفضل الضغط – إنتزاع تنازلات من المؤتمر الوطني، على حين تمكن مناوي – أيضاً بفضل الضغط – من إجبار المؤتمر الوطني على التوقيع على "مصفوفة" جديدة من أجل تنفيذ "إتفاق سلام دارفور". وتبرهن هاتان الحالتان على أن التكتيكات المهادنة في التعامل مع المؤتمر الوطني لم تعد مجدية، وأن الوقت قد حان لإتباع تكتيكات أكثر جدية وفاعلية. ولا يزال "إتفاق القاهرة" – الذي يمثل الحيثية الرئيسة للمشاركة في البرلمان – في إنتظار التنفيذ! وفي هذا السياق، ربما يكون من المفيد التذكير أن ثمة نواباً شيوعيين ما زالوا ينتظرون – منذ ثلاث سنوات – تعيينهم في البرلمانات الولائية... أينتظرون عودة "الميرغني" يا ترى؟!!

على أن الأكثر مدعاة للأسف - في التصريحات أعلاه – هو الدلالة التي تتضمنها عباراتٌ مثل "رغبة مسطحة" و"عناصر متحمسة". ذلك أن لسان حالها يقول: "هؤلاء مجرد طلاب متحمسون لا يعرفون كيف تدار أمور السياسة". صحيح أن الطلاب يتميزون بالحماس، لكن هذا الحماس عينه هو الذي ساهم في وضع الطلاب على طليعة القوى المصادمة لنظام الجبهة الإسلامية منذ العام 1989. وفوق ذلك، لعب وجود "العناصر المتحمسة" في صفوف الجبهة الديمقراطية دوراً محورياً في إندلاع هبة الطلاب في سبتمبر 1995؛ تلك الهبة التي كان لها الأثر البالغ – دون غيرها من أساليب المعارضة – في دفع نظام الجبهة الإسلامية إلى شفا الهاوية. بيد أن غلبة "العناصر الحكيمة" حالت – على الجانب الذاتي – دون إكمال مهام ذلك الوضع الثوري الإستثنائي. وتتبنى "العناصر الحكيمة" – على طول الخط – موقفاً متشككاً من قدرة الحركة الطلابية على لعب دورٍ طليعيٍ في إسقاط الأنظمة. ويتم التبرير لذلك بمختلف الدعاوى، كالقول إن الحركة الطلابية "قطاع غير منتج"، وتالياً، فإن تأثيرها يظل محدوداً. وتتم الإستعانة - في ذات السياق - بترسانة "الكليشيهات" الحزبية الجاهزة كـ"عقلية الطلبة" في التأسيس لموقف مسبق يُوظف للحد من تأثير العناصر المصادمة (militants) في الأوساط الطلابية. أياً كان الأمر، تبقى الحقيقة في أن الطلاب هم الفصيل الأكثر رغبة في تغيير الأوضاع الراهنة لا التكيف معها. وتبقى القيادة الحزبية – وكذلك القوى السياسية – عاجزة عن إتخاذ أي خطوات جريئة من شأنها التأكيد على معارضتها للنظام لا توسيع المشاركة في مؤسساته. وفي هذا السياق، تبدو كلمات عضو الجبهة الديمقراطية، عمر عبد الرحمن، قادرةً على تشخيص الحالة الراهنة للقوى السياسية، بما فيها الحزب الشيوعي، إذ يقول: "... هناك خياران أمام القوى السياسية إما أن تقر بفشلها ويأسها وتنضم للمؤتمر الوطني وتعمل من داخله لتحقيق هذا التحول الديمقراطي أو أن تتحلى القوى السياسية بالمسؤلية وتضع راياً واضحاً في كل الأحداث الواقعة بالبلاد والإتفاقيات وما تمخض عنها" . في الواقع، لا يبدو تشخيصاً كهذا ناتجاً عن "رغبة مسطحة" أو "عناصر متحمسة"، بقدر ما يبدو ناتجاً عن نظرة متعمقة وشجاعة إستثنائية. وإلى هذا، يتعين على مركزية الجبهة الديمقراطية التأكيد على إستقلاليتها بصياغة خطها السياسي المستقل، وتبرئة ذمتها أمام قواعدها من أن مشاركة حليفها الإستراتيجي، الحزب الشيوعي، في البرلمان، لا تُعبر عن موقفها بأي حالٍ من الأحوال. كما يتعين عليها، أيضاً، الضغط على قيادة الحزب الشيوعي من أجل إعادة النظر في الخط السياسي الذي تنتهجه حالياً. على الجانب الآخر، يتعين على قيادة الحزب الشيوعي أن تدرك أن ثمة هوة سحيقة تفصلها عن قواعدها، وأنه قد آن الأوان لمراجعة نهجها وتبني خط سياسي يُعبر، بالفعل، عن تطلعات القواعد، وإلا، يقول بريشت: " بالعين الأخرى أرعى وأراقب... ماء الشاي على الإبريق... كيف تعكر، أرغى، فار... عاد صفا، ثم تحدر خنق النار" !

سبتمبر 2008




#أحمد_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكرى التسعون لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى
- طريق الحزب الشيوعي السوداني للخروج من البرلمان الإنتقالي
- قراءة في مشروع نقد العقل العربي، الجابري نموذجاً8 (خاتمة)
- قراءة في مشروع نقد العقل العربي، الجابري نموذجاً7
- قراءة في مشروع نقد العقل العربي، الجابري نموذجاً6
- قراءة في مشروع نقد العقل العربي، الجابري نموذجاً5
- قراءة في مشروع نقد العقل العربي، الجابري نموذجاً4
- قراءة في مشروع نقد العقل العربي، الجابري نموذجاً3
- قراءة في مشروع نقد العقل العربي، الجابري نموذجاً2
- قراءة في مشروع نقد العقل العربي، الجابري نموذجاً


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد الحاج - الجبهة الديمقراطية: مَاءُ الشَاي عَلَى الإبْرِيِقْ!