أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد إبراهيم محروس - فتاة الشيكولاتة














المزيد.....

فتاة الشيكولاتة


محمد إبراهيم محروس

الحوار المتمدن-العدد: 2445 - 2008 / 10 / 25 - 04:06
المحور: الادب والفن
    



لم تهتد قط إلى الطريقة الحقيقية لعلاج أخطائها، دوما كانت الأخطاء بالنسبة لها شيئا منتهيا، الأشياء التي تخطئها كثيرة جدا، ولكنها تعودت منذ فترة ألا تهتم بتلك الأشياء التي يعتبرها الآخرون أخطاءً، فهي مجرد حياة سوف تحياها كما تريد، لا سبيل إلى كشف الغموض حول نفسها المعقدة، تدرك منذ فترات بعيدة أنها هي، هي بكل نقائصها وأفكارها، هي بلون شعرها الذي اعتادت أن تغيره كل فترة، اليوم أحمر، غدا أصفر، بعد غد أسود، تتذكر اليوم الذي نصحتها فيه هبة صديقتها بتجربة اللون الأزرق، ولكنها انزعجت يومها وهي تتأمل ملامحها في المرآة، عينان سوداوان وحاجبان تم رسمهما بلون أزرق، وشفتان رسمتا بدقة، كل شيء فيها دوما يدعو للتجديد؛ وكأنها خرجت إلى الحياة اليوم، كم كانت نظرات مدير الفندق، والعاملين به تزعجها أحيانا، وربما تلقت من أحدهم كلمة تزيد من عصبيتها التي هي جزء حقيقي من تكوينها النفسي، ملامحها اليوم متغيرة عن كل يوم، ترتدي فستانا أزرق يضفي عليها إحساسا رائعا بالبراءة، تتأمل وجهها في المرايا المنتشرة بطول ردهة الفندق، تخرج من حقيبتها باكو من الشيكولاتة تقضم منه في تلذذ وهي تتذكر أن أصدقاءها أطلقوا عليها اسم فتاة الحلوى؛ لما تحمله دوما من حلوى، تهز كتفيها عندما تلمح نظرة استغراب من أحد العمال وهي تقطب جبينها أمام المرأة وتحدث نفسها، قالت لها هبة: ألا تتأخر اليوم كثيرا فهو عيد ميلادها، ويجب أن يحتفلا به سويا..
طبعت قبلة على جبين هبة، وانصرفت وهي تؤكد أنها لن تتأخر.. ولكنها تشعر الآن أن الوقت يمضي أسرع من كل يوم، وتشعر أنها مختلفة تماما عن أي يوم آخر، وكأنما اليوم تحتفل بعيد ميلادها حقّا، إحساس أنها ولدت اليوم يعطيها ثقة غريبة بالنفس، ثقة أنها مهما أخطأت فهناك دوما فرصة لإصلاح أخطاء الماضي.. تتنازعها رغبة في التقيؤ، تنظر لملامحها في المرآة مرة ثانية، وهي تتمتم لنفسها بصوت هامس: يا لي من أنثى..
يقف أمامها بعد دقائق تلمح ابتسامته الرائقة، تشعر بقلبها يخفق، ويرتجف تحت ضلوعها، وجهه مشرق، وعيناه واسعتان دقيقتان، ابتسامته عذبة كما رأتها صباح اليوم عندما اتفقا على اللقاء.. همس وهو يمد يده ليتأبط ذراعها، تضحك بصوت هامس، وهو يشير إلى لون شعرها الذي غيرته عن الصباح، همست وهي تتحرك معه بمنتهي التلقائية: مجنونة..
يضحك ويبتسم لها أكثر..
إنه لقاؤهما الثاني، ولكنها تشعر نحوه بألفة عجيبة وكأنها تعرفه منذ سنوات، تشعر أن هناك أشياء تخصها وحدها تربطها به، عيد الميلاد يلح عليها بشدة.. همست وهما يقطعان الطريق سويا أن اليوم عيد ميلادها..
ابتسم ابتسامة خاصة وكأنه يدرك إلى أين ترمي بسهامها..
توقفا، قال همسا: تفضلي..
دخلت وهي تبتسم في يسر..
راح كل شيء يمضي بينهما بمنتهى التفاهم والود..
انتهى من عمله الذي استغرق كثيرًا، والذي ظنت هي أنه لن يستغرق سوى نصف الساعة في جميع الأحوال
.. قال لها همسا: تعبتِ ؟
هزّت رأسها أن لا..
ابتسم وهو يقف: ولكنني تعبت..
بعد فترة هزّت رأسها وهو يتجه إلى الباب ويشير إلى الكوميدينو بجوار السرير..
مدت يدها وهي تقوم وتلف نفسها بالملاءة وتتناول النقود؛ لتضعها في حقيبتها.. وتأخذ طريقها إلى الحمام، وقد قررت أن تهدي نفسها علبة فاخرة من الشيكولاتة ،وهي تهمس: يجب أن لا أتأخر عن عيد الميلاد...



#محمد_إبراهيم_محروس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدود مملكته
- في انتظار المهدي ..
- حادثة
- دير العاشق ..
- أتوبيس (6)


المزيد.....




- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...
- 3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV ...
- -مين يصدق-.. أشرف عبدالباقي أمام عدسة ابنته زينة السينمائية ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد إبراهيم محروس - فتاة الشيكولاتة