أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاصم بدرالدين - لا علاقة بين فكر النيهوم ومشروع الحريري














المزيد.....


لا علاقة بين فكر النيهوم ومشروع الحريري


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2444 - 2008 / 10 / 24 - 09:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يكفينا فخراً أن مسجد محمد الأمين، الذي أفتتح مؤخراً في وسط بيروت، يتسع لأكثر من خمسة ألاف مصلٍ في مساحة تفوق الــ10 ألاف متر مربع وأن حفل افتتاحه لمَّ شمل اللبنانيين جميعاً، كما أوحت الصحف المحلية، كذلك الأمر كان كرنفالاً لجمع الشتات العربي الإسلامي. وفي ظل إغفال مقصود لتكلفة المشروع المادية، وهي تقدر حكماً بملايين الدولارات، يضحي الإيمان الديني نمطاً من التبذير السافر بعد أن كان شكلاً من التزهد والابتعاد عن المادة. وإذا كنا نعترف بالقيمة الجمالية للمسجد المصمم على الطريقة التركية، فإننا نلفت إلى قلة أهميته المعنوية، فضلاً عن ضحالة دوره الديني "التبشيري" في ظل انتشار عشرات المساجد في المنطقة نفسها من بيروت. لكن الفكرة الشائعة، القائلة بدخول بانوا المساجد إلى الجنة، تجتذب رجال المال من اللبنانيين إلى سلك درب "الاستثمار الجاف" في بناء الأحجار والهياكل الدينية.

لا أحسب أن باني الجامع المذكور، أياً كان فهنا لا علاقة للاختلاف السياسي في تناول الموضوع. لا أحسبه يعمل، من خلال بنائه لهذا الجامع الضخم، على تبني فكر الليبي الراحل الصادق النيهوم، الداعي للعودة إلى "الجامع"، وخاصة في يوم الجمعة، كمكان إسلامي أصيل للبوح والتعبير بحرية مطلقة والحديث عن كل شيء بجرأة دون سطوة أحد على أحد، والتجادل حول شؤون الدولة بين مواطنيها، حيث لا سلطة في "بيت الله" إلا للـ الله وحده، وحيث رجل الدين شأنه شأن البقية من الناس، لا يعظ ولا يمجد السلطان. مستعيضاً بذلك عن الفكر الغربي، بمؤسساته وآلياته البرلمانية الديمقراطية، على أساس أن ما أنتج الحالة الغربية الراهنة من التطور والحداثة (ويسميه الزلزال: الثورتين الصناعية والفرنسية)، هي عوامل خاصة بها، والعالم العربي والإسلامي يفتقدها طالما أن رأس المال غائب واليد العاملة مشلولة والإدارة الفاعلة مفقودة. وبناءً عليه يبرر فشل التنمية في مستوياتها كافة عربياً، باستحالة النسخ عن النموذج الغربي فلا الزمان والمكان نفسهما ولا المقومات ذاتها.

حسبنا ما حسبنا، لئن مسيرة "تيار المستقبل" في السنوات الثلاث الأخيرة (وما سبقها في حياة الشهيد رفيق الحريري وإن مستتراً)، لا تشي برغبة علنية أو ضمنية للارتقاء بـ "المسجد" حيث الطقوس الدينية فقط، إلى مصاف "الجامع" حيث الحوار حول بناء الدولة وتحديثها. وإذ نقول هذا، نبتعد تماماً عن صيغ الافتراء المتداولة، فجدران المساجد المنتشرة في كافة بقاع الوطن تشهد على توجهات وخطابات رجال الدين المستنفرة للعصبيات والغرائز. فكما يشير النيهوم فإن "الجامع" الأخير كان في عهد عمر بن الخطاب، وفيما بعده، وخصوصاً في عهد الدولة الأموية تحول إلى "المسجد" حيث يتلهى المواطن التعب من حياته ومشاكله في أداء الطقوس وسماع خطابات الشيوخ مطأطأ الرأس قهراً، دون أن يناقش -كما في الجامع-أو ينبس ببنت شفة، وهذه الخطابات لا تسهم إلا في مديح السلطان وتعزيز مكانته برضى من الله. على هذا نفهم سبب تجمع رجال الدين السنة حول "الحريرية" والتفاف شيوخ الشيعة حول "الحزب إلهي".

هذه العلاقة بين رجل الدين بأدواته (المسجد، الفتاوى الدينية، الخطب) وبين رجل السلطة ليست جديدة أبداً، وليست مستغربة، ولم نخترع جديداً في الحديث عنها، بيد أن ما يلفت الأنظار أن الإسراف في بناء المساجد أضحى ظاهرة اجتماعية مدمرة، وهي لا تبشر بالخير البتة. فطالما أن "بيوت الله" هي مساجد وليست جوامع وما ينتجه هذا الأمر من تداعيات، إن كنا مع الفكر النيهومي أو ضده، فإننا نسير حقاً نحو المجهول الأخطر. ولا أفضلية لأحد في هذه الحالة، فكما يدفع ممولي المستقبل الأموال الطائلة لبناء هذه المنشآت الضخمة غير المنتجة اجتماعيا وثقافياً واقتصاديا، يدفع حزب الله ورجال أعماله ومريديه من الأغنياء.

الظاهرة تتخطى مثالية مقولتي: "أرض الديانات" و"رسالة لبنان السماوية" أو صورة "أجراس الكنيسة تقرع مع رفع الآذان من قبة المسجد"، إلى كون الدين عموماً، يشكل حالياً إطاراً مساعداً إلى إعادة التموضع المذهبي، وبث الفكر الإستتباعي الغيبي، الذي يعيدنا إلى الوراء مئات السنين، دون أن يقدم هذا النموذج الفكري أي حل يحسن واقعنا. ففي هذه الأموال التي دفعها آل الحريري، لبناء الحجر الصامت، كان بإمكانهم إقامة أي مشروع تنموي، اقتصادي إنتاجي أو خدماتي اجتماعي، يستفيد منه أهل الشمال (أو الجنوب أو أي منطقة أخرى)، في محاولة قد تفيد في معالجة الحالة الأصولية الناشئة والمنتفخة باستمرارية في أكثر المناطق اللبنانية بؤساً ووضاعة. فالأصولية الدينية وما تعنيه من تعصب وعنف ما هي إلا نتيجة طبيعية لانحطاط المستويين الاجتماعي والثقافي وغياب البديل المادي.




#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستجابة الكاذبة، لبنانياً، لاستغاثات مسيحيي العراق!
- قراءة في رواية راوي حاج -مصائر الغبار-
- الكوتا اللبنانية
- إستراتيجية الردع بين الطوائف
- رمزية واقعة -كفررمان-: مدخل إلى الإستعارة
- جغرافيا الطوائف وسياسات تغييب الاندماج
- القاتل الشريف وحدود التنسيق ودولتنا
- في تسييس السنة على الطريقة اللبنانية!
- المواجهة مع حزب الله
- إلى محمود درويش: سيأتي الموت ويأخذنا معك
- بعض مفارقات التعامل اللبناني مع الذاكرة
- في نهرها: فلسطين حقاً عربية!
- العبارة المصرية كنموذج للغرق العربي
- إشكالية العلاقة بين العلماني والطائفي في لبنان
- الإنتخابات في لبنان:أبعد من السلاح، وأكثر من هيئة رقابية
- فؤاد شهاب يعظكم
- الهيئة العربية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- لا لعقوبة الإعدام في قضية الزيادين
- حينما يتمادى القمع
- علمانية الخميني بين الولاية المطلقة والغيب المقدس!


المزيد.....




- -الشامي- يغني شارة مسلسل -تحت سابع أرض- في رمضان
- وزير داخلية فرنسا يحذر من -تسونامي الكوكايين-
- الجيش السوداني يهاجم القصر الجمهوري لحسم معركة السيطرة على ا ...
- ليبيا تقتاد مهاجرين إلى سجونها وتحذيرات من كارثة قرب مالطا
- كتاب عبري يكشف ممارسات الجيش الإسرائيلي خلال حرب غزة
- مصراتة الليبية تستعد لإطلاق سفينة إغاثية ثانية إلى قطاع غزة ...
- إسرائيل.. كاتس يجري مشاورات أمنية حول خيارات تهجير سكان قطاع ...
- وزير الكهرباء السوري يبحث مع وفد إماراتي مشاريع توليد الكهرب ...
- السفير الروسي لدى هلسنكي: السلطات الفنلندية تحث مواطنيها على ...
- مصر.. حبس راقصة متهمة بالتحريض على الفسق من خلال فيديوهاتها ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاصم بدرالدين - لا علاقة بين فكر النيهوم ومشروع الحريري