أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي جاسم - قراءة متأخرة لمسرحية المحطة رؤية مغايرة لأبن الجنوب














المزيد.....

قراءة متأخرة لمسرحية المحطة رؤية مغايرة لأبن الجنوب


علي جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2443 - 2008 / 10 / 23 - 06:21
المحور: الادب والفن
    


حرص النظام السابق وضمن سياسته الهوجاء على تكريس الاعمال الدرامية والمسرحية لخدمة اهدافه وتوجهاته المحمومة ، من خلال تسخير الاقلام المأجورة للنيل من بعض تركيبات المجتمع العراقي بطريقة مباشرة وغير مباشرة عبر استخدام النصوص الدرامية التي تعرض على شاشة التلفزيون وكذلك على خشبة المسرح ، حيث حولت تلك الاقلام العادات العشائرية الاصيلة وطبائع المجتمع في بعض المناطق الى اشبه بالسخرية ، فتجد شخصية عامل الخدمة الذي يعمل في دائرة ما او الخادمة التي تعمل في احد المنازل او الفلاح الذي يعمل في الحدائق غالباً ماتلصق بمواطني تلك المناطق سيما الجنوبية منها ، وأتخذ كتاب النصوص من رجال الجنوب هزواً في محاولة لطمس الدور الفكري والاجتماعي والسياسي لابناء تلك المنطقة في حين ان الدور الفكري والثقافي والسياسي لجنوب العراق يتعدى كل تلك المحاولات التي سعت بعض النصوص الى طمسها ، فمن الجنوب انطلقت شرارة اول ثورة في وجه الاحتلال البريطاني انذاك وتحت اقدام الثوار البسطاء انسحقت اكبر الرتب العسكرية ناهيك عن دورهم الثقافي والاجتماعي فمنهم جاء شاعر العرب محمد مهدي الجواهري ومن ماء ارضهم شرب الشاعر عبد المحسن الكاظمي وعلى سعف النخيل خط البصيري اجمل قصائده ، فالدور الثقافي والاجتماعي لم يكن مقتصراً بمدينة او موقعاً جغرافياً بذاته انما اشتركت كافة اجزاء العراق في تكوينة بصورته الحالية ، وهذا الامر لم يستطع النظام السابق فهم مفرداته او بلوغ غايته العرفانية .
ولو لاحظنا مختلف الاعمال المسرحية والتلفزيونية التي قدمت انذاك لوجدنا بان هناك سخرية واضحة ومقصودة من الشخصية الجنوبية تلك الشخصية العشائرية التي تجمع بين مورث اسلامي متنور وبين عادات وتقاليد اجتماعية لتاخذ دورها الانساني في الارياف والنواحي وتمد بمفاهيمها الاخلاقية الى عمق المدينة حيث الخليط الاجتماعي المتنوع ، فتلك الاعمال جعلت من تلك الشخصية بهلواناً مضحكاً بيد انها ولدت من رحم المعاناة في الواقع الجنوبي الذي اوصله النظام السابق الى حافة الهاوية باستثناء بعض الاعمال القليلة جداً التي اخذت فيها الشخصية الجنوبية دوراً اوسع ، ومنها مسرحية المحطة التي وظفها الى المسرح صباح عطوان حيث تجد ملامح شخصيته واضحة ومستقيمة فقد عكس المؤلف المزايا الخلاقة تلك في شخصية ابن الجنوب من خلال الممثل طالب الفراتي الذي كان اسمه "زاير" وهو فلاح من عشائر مدينة البطحاء في الناصرية جاء الى المحطة ليسافر عبر القطار الى محافظة اخرى لغرض العلاج وفي المحطة يلتقي بـ"عبد الجبار كاظم " وهو شخصاً مدنياً لايمتلك نظرة اجتماعية او انسانية بقدر نظرته الى الواقع من مفهوم علمي صرف اي انه يخضع كل شيء للجانب العلمي وليس هناك مجال للقضايا الانسانية .. وتدور ثيمة القصة حول الانسانية التي يتمتع بها الرجل المسن "زاير" عندما تأتي امرأة من احدى المناطق الريفية وهي تتألم من شدة المرض في ليلة ممطرة وعاصفة حيث قطعت كل وسائل النقل ، وفي ظل هذه الاجواء العصيبة ينهض هذا الرجل الجنوبي والذي يلقب "ابو سنسول" لانه مصاب بمرض شديد في العمود الفقري ولايستطيع حمل اي شيء لان في ذلك اثر على صحته قد يؤدي الى اصابته بشلل تام ، وبالرغم من تلك المعاناة ينهض ويضع تلك المرأة بين يديه رامياً الآمه وتحذيرات الطبيبة خلف ظهره ولم يفكر في تلك اللحظة المؤلمة بغير كرامته وعنفوانه ، فكيف سيدخل دواوين العشائر ويضع عينيه بعيونهم وهو الذي وقف مكتوف اليدين امام صراخات تلك المرأة المسكينة ، حملها وهو يدرك ان مصيره الهلاك لكنه لم ينحن امام توسلات الطبيبة والشاب البرجوازي الذي بدأت كلمات وحكم "زاير" تدق باب ضميره وأخذت الانسانية تتحرك بين ثناياه ليترك كل شيء جانباً في تلك الليلة الموحشة وينطلق وراء "زاير" .
هذه التراجيدية التي جعلها صباح عطوان في هذا النص المسرحي وضعت نقطة بيضاء وسط الظلام الحالك الذي اختطته العديد من الاقلام الاجيرة للنظام المباد والتي حاولت النيل من واقع الشخصية الجنوبية التي عكسها زاير عبر مسرحية المحطة ، وللاسف ان بعض الكتاب في الوقت الراهن مازالوا يسيرون بنفس النهج السابق من خلال اعمال كوميدية هابطة تُعرض عبر الفضائيات لاتحمل اية فكرة اومضمون باستثناء الضحك ، وكأن البلد حقق كل متطلبات العيش الرغيد ولم يبق له غير الضحك ، لذلك يتطلب الامر من كتاب النص المسرحي والدرامي ان يضعوا مسرحية المحطة بوصلة ترشدهم نحو المضمون الحي والواقعي الذي يعطي كل ذي حق حقه.



#علي_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكومة ومتطلبات البناء
- الشباب و بناء الدولة
- سنوات الضياع
- الخطأ الامريكي في العراق استراتيجي ام تكتيكي ؟
- رحلة الى القمر
- ماذا قدمت لنا جبهة التوافق؟
- رسالة احتجاج
- ودعت بيت النمل
- لماذا ننتخب مجالس المحافظات ؟!!
- من يعيد الطفولة الضائعة؟!!
- منتصف الطريق
- سعدي يوسف وأحقية النقد للمثقف العراقي
- القدح المكسور
- اين عام الاعمار والبناء؟!!!
- على هامش الاتفاقية العراقية _الامريكية
- الكتاب العرب واشكالية شيعة العراق في العالم
- المرأة العراقية في الحوار المتمدن
- صحوة الكهرباء
- قمة دمشق ..تخاذل عربي ولعب على المكشوف
- الاعلام العراقي ..من يقرر مصيره؟


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي جاسم - قراءة متأخرة لمسرحية المحطة رؤية مغايرة لأبن الجنوب