نبيل طاهر
الحوار المتمدن-العدد: 2443 - 2008 / 10 / 23 - 08:21
المحور:
كتابات ساخرة
المحاكمة التي قمنا بها في موضوعي السابق "إعادة محاكمة عائشة" لم تترك مجالاً للشك, عند العقلاء على الأقل, أن الحميراء قد فعلتها مع صفوان. ولكن محمدا كان شديد التعلق بها فاظطر إلى تبرئتها وإلى المطالبة بأربعة شهود لإثبات الزنى وإلى إستحداث حد القذف. ولكن, ماذا لو تغير سيناريو القصة واعترفت ام المؤمنين بخطيئتها؟ لا أشك ابداً أن القرآن كان سيأتي لها هذة المرة "بالمغفرة" كما أتى لها بالتبرئة في السيناريو الحالي. ولا أشك ابدا أن المؤمنين سيؤمنون بذلك السيناريو تماماً كما يؤمنون بالسيناريو الحالي. والعقلاء بدورهم سيرون القصة على حقيقتها كما يرون القصة الحالية. أيضاً, ماذا كان سيكون إنعكاس ذلك الإعتراف على النصوص الإسلامية وعلى أحكام الفقة. الأهم من هذا, ماهو شكل الكلام الذي سنسمعه من ابواق الجهل وطبول الدعوة؟
لنتصور معاً الشيخ القرضاوي على قناة الجزيرة وهو يتحدث عن السيناريو الجديد لحادثة الإفك:
بسم الله الرحمن الرحيم
اثار اعداء ديننا الحنيف في الأيام الأخيرة شبهات كثيرة حول حادثة الإفك محاولة منهم للنيل من رسول الله (صلعم) ومن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وبما أن قصة الإفك قد كان لها تبعات فقهية وإيمانية عظيمة على عقيدتنا السمحاء فقد قررنا تناولها في هذا الموضوع حتى نبين ظروف حدوثها وحكمة الله سبحانه وتعالى في إختبار المسلمين بهذا الحدث. ولعل الله يوفقنا فنخرس المنافقين المتربصين بالإسلام.
إن المتفق عليه عند أهل الفقه ان حديث الإفك وقع بعد غزوة بني المصطلق في السنة السادسة للهجرة. وكانت ام المؤمنين عائشة في صحبة رسول الله (صلعم) في تلك الغزوة. وتزوج الرسول في تلك الغزوة بأم المؤمنين جويرة بنت الحارث وأعتقها. وعند عودتهم إلى يثرب تخلفت عائشة مع الصحابي صفوان ابن المعطل فاختلى بها ليلة كاملة ولم يظهرا على القوم حتى الصباح فكان ما كان. ثم اثار المنافقون فتنة كبيرة عرفت بحديث الإفك كادت تعصف بالدعوة الفتية. ولك اخي المسلم أن تتخيل الإبتلاء الشديد الذي عانى منه رسول الله (صلعم).
ولكي نتابع كيف تطورت الفتنة وكيف اتت كلمة الله لتفصل بين الحق والباطل دعونا نتفحص رواية أم المؤمنين عائشة كما وردت في كتاب (الباطن والظاهر في تفسير النبيل الطاهر) للإمام الجليل نبيل طاهر:
دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي أبواي وعندي امرأة من الأنصار ، وأنا أبكي ، وهي تبكي معي ، فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا عائشة ، إنه قد كان ما قد بلغك من قول الناس فاتقي الله وإن كنت قد قارفت سوءا ، مما يقول الناس فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده قالت فوالله ما هو إلا أن قال لي ذلك فقلص دمعي ، حتى ما أحس منه شيئ. قالت: فقلت يارسول الله والله إنني لم احب رجل قبلك ولن احب رجل بعدك. والله إني ما فعلت الذي فعلت إزدراءً منك أو رغبةً في غيرك, ولكني ضللت لحداثة سني ولغيرتي من زواجك با الملاحة جويرة. فهلكتُ وبلغَ مني إبليس مابلغه من إمرأة لوط. وهآنا لا أطمع في عفوك ولكني استغفر الله كما فعلت إمرأة العزيز. ووالله إن أمرت برجمي كما يرجم اليهود الباغين من أهلهم فإن ذلك لن يؤذيني كما يؤذيني أني شمّتُ عدوك ووضعتُ من شأنك في القوم. فإن لم تشفع لي حداثة سني وضلالي فلعلي اطمع ان تستغفر الله لي. قالت: فما كان من أبي إلا أن أستلّ سيفه وأقبل نحوي كما يقبل الضبع على فريسته, فوثب رسول الله (صلعم) واقفاً بيني وبينه يمنعه عني وجعلت امي تشد إزاره من خلفه, حتى كدت ارى عورته. قالت: فقال له رسول الله اغمد سيفك يا ابى بكر, فلستَ بالذي يستبق الله في حُكمه, وعسى الله يفصل في ما أصابنا. قالت: فوالله ما إن وضع أبي سيفه في غمده حتى غشي رسول الله ما كان يغشاه فتغطى بردائه. قالت فوالله ما ظننتني إلا قد هلكتُ بمعصيتي لله ولرسوله. قالت فقام رسول الله (صلعم) يتصبب عرقاً وتلى علينا:
(( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين @ وإن إمرأة قاصرة ضلت عن سبيل الله بعد ان غاض قلبها ووسوس لها الشيطان فاغفروا واصفحوا إن الله غفورُ رحيم @ كتب الله عليهن أن لا يأتين الفاحشة بعد ذلك ابدا والتقوى اشفع لهن إن الله عليم حكيم.))
ثم قال يا عائشة: إن الله قد علمَ بوهن إيمانك وضعف قلبك فتاب عليكِ وأمرك ان لا تعودي لمعصيتك. قالت: فوثبتُ إلى صدر أمي وهي تقول: سبحان ربي وسعت رحمته كل شئ.
وعن أبي ذر رضي الله عنه أن الرسول (صلعم) قال في توضيح هذة الآية (من تزوجت دون سن عائشة وبغت دون سن عائشة فلها الأولى وأقيموا عليها الحد إذا اتت المعصية بعد ذلك)
أنظر أخي المسلم إلى حكمة الله! لقد كان أهل الجاهلية واليهود يقيمون حد الزنى بغض النظر عن الظروف التي حصلت فيها المعصية وعن سن الفتاة. ولكن الإسلام هو دين العدل والإعتدال. وقد أثبت العلم الحديث ان الفتيات اللاتي يتزوجن وهن صغيرات السن يملن إلى المعصية فأراد الله ان يخفف عليهن. ولنا أخي المسلم عبرتان عظيمتان في هذة الحادثة:
أولاً: اراد الله لعباده ان يتبينوا من ظروف وقوع الجريمة وأن يقيسوا العقاب طبقاً لتلك الظروف. وهذا امر فقهي سبق كل القوانين الوضعية الحديثة التي يتفاخر بها الغرب.
ثانياً: أراد الله أن يدفع الناس عن زواج الصغيرات دون أن يُحرمها مباشرة لأنها كانت عادة شديدة الإنتشار في الجاهلية. فبهذا الحكم بين الإسلام أن زواج الفتيات مصحوب بنتائج لاتحمد عقباها فامتنع الناس عن زواج الصغيرات. ولهذا لا نرى هذة العادة اليوم إلا في الحالات النادرة جداً.
وسبحان الله! لو ان أم المؤمنين رضي الله عنها انكرت معصيتها ماذا كان سيكون قول المنافقين؟ ربما اتهموا الرسول (صلعم) بتغطية الموقف بآيات قرآنية.
(يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)
سلامي ومودتي
#نبيل_طاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟