شاعرة من المتقدمات في الشعر من شعراء الاسلام ، وقعت في غرام الشاعر توبة بن الحُميّر ، فقالت فيه الشعر ، وقاله فيها ، وحين خطبها الى أبيها أبى أن يزوّجه إياها ، وزوجها بدلا عنه في بني الأدلع .
كان توبة إذا أتى ليلى خرجت له ببرقع ، فلما اشتهر أمرهما اشتكوه الى الأمير ، فاباحه دمه إن أتاهم ، فكمنوا له بالموقع الذي كان يلتقيان فيه ، فما كان منها هذه المرة إلا ان خرجت سافرة ، وجلست له على الطريق ، فأحسّ توبة الخطر ، وركب فرسه ونجا ، وفي ذلك قال :
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت
فقد رابني منها الغداة سفورها
عليّ دماء البُدن إن كان زوجها
يرى لي ذنبا غير أني أزورها
وإني إذا ما زرتها قلت يا اسلمي
فهل كان في قولي اسلمي ما يضيرها
قال الحجاج بن يوسف الثقفي لليلى : انشدينا ما قلت في توبة فقالت :
فتى كان أحيا من فتاة حييّة
وأشجع من ليث بخفان * خادر
فنعم الفتى إن كان توبة فاجرا
وفوق الفتى إن كان ليس بفاجر
فقال لها أحد الجالسين ، وهو أسماء بن خارجة : أيتها المرأة انك تصفين هذا الرجل بشيء ما تعرفه العرب عنه .
فقالت : أيها الرجل ! هل رأيت توبة قط ؟ قال : لا . فقالت : أما ، والله ، لو رأيته لو وددت أن كل فتاة شابة في بيتك حامل منه ، فكأنما فقىء في وجه أسماء بن خارجة حبّ الرمان ، أي احمر وجهه من الخجل !
دخل الخليفة عبد الملك على زوجته ، عاتكة بنت يزيد فرأى عندها أمرأة بدوية فاستغرب قائلا : من أنت ؟ فقالت : أنا الوالهة ، الحرى ليلى الاخيلية. قال : أنت التي تقولين :
أريقت جفان ابن الخليع فأصبحت
حياض الندى زالت بهن المراتب
ومعنى البيت هو أن الكرم قد مات بموت توبة . والخليع من اجداده .
قالت : أنا التي أقول ذلك . قال : فما أبقيت لنا ؟ قالت : الذي أبقاه الله لك . فقالت عاتكة مخاطبة زوجها الخليفة : لست لابي يزيد ، إن انت قضيت لها حاجة من حاجتها ، وذلك لتقديمها اعرابيا جلفا على أمير المؤمنين ، فوثبت ليلى قائمة ، منشدة أبيات منها :
أأجعل مثل توبة في نداه **
أبا الذبان فوه الدهر دامي
والمعروف أن الخليفة عبد الملك بن مروان كان منتن الفم ، كريه رائحته ، يتساقط الذبان عليه فيموت .
مرّت ليلى بقبر توبة بعد مقتله ، فقالت لا أبرح حتى أسلم عليه ، وحاول زوجها أن يمنعها من ذلك ، فأبت ، وقالت : السلام عليك يا توبة ! ما عرفت بك كذبة قط قبل اليوم . ألست أنت القائل :
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت
عليّ ودوني تربة وصفائحُ
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا
إليها صدىً من جانب القبر صائحُ
*خفان : مكان قرب الكوفة تكثر فيه الأسود
** نداه : كرمه