عساسي عبدالحميد
الحوار المتمدن-العدد: 2443 - 2008 / 10 / 23 - 06:29
المحور:
الادب والفن
كانت أجنحة الأثير تحمل معها عبق الصعتر والليمون عندما دعانا يسوع ذات صباح ربيعي قائلا هلموا بنا باتجاه الشمال لنملأ مشامنا بعبير أودية الجليل ولنعاين معا غروب شمس هذا المساء وهي تضع قبلتها على قمة جرزيم وعيبال تماما كما ستأفل شمس ابن الإنسان عندما يلفها الشفق الأزرق بين ثنايا السحاب، لقد اخترتكم أنتم من بيت إسرائيل لتكونوا خدام أبي السماوي كما اختارني هو لأخدم الكلمة، فكما للزراعة والنجارة والصياغة خدامها فكونوا أنتم خدام أبي السماوي ولتكن خدمتكم في البداية لإسرائيل قبل أن أرسلكم لسائر الأمم لتبشروا الخليقة كلها بمملكة أبي ، لا تهتموا بالغد وما ستأكلونه و ما تلبسون فهذا من تدبير أبي السماوي الذي يعلم حاجتكم، أنظروا لطيور السماء كيف لا تخزن الحبوب ورغم هذا تجد ما يسد رمقها بين الحقول و الأودية، تمعنوا في زنابق الحقل المكسوة بثياب الطبيعة الخلاب فحتى سليمان في مجده لم يرتدي نظيرها.
بعد أن تغرب شمس ابن الإنسان ستكونون أكثر قوة و ستزرعون أنتم كذلك بذور الكلمة في قلوب الكثيرين كما أفعل أنا معكم الآن وستستقونها بمائي الحي العذب، حينها سيغلب إيمانكم كل علة و عجز وكل روح شريرة بسلطاني الذي سأمنحكم إياه، ولمجدي أنا ومجدي أبي ستحملون سلامي الذي أتركه لكم ...
وصلنا قرب جدول صافي يتدفق فجلست قرب صخرة أتأمل زرقة السماء حينها أحسست برغبة جارفة للصلاة فطلبت من يسوع أن يلقنني صلاة تماما كما يفعل يوحنا مع تلاميذه، فقال لي فلتكن صلاتك نابعة من هيكل قلبك ولا تهمك الكلمات التي ستنطق بها، فكما لزهرة الحقول عطرها وجماله وللشمس نورها وحرارتها ولسواقي الجبال ترانيمها فللصلاة أيضا شدا و نور ولحن ....قد نعود معا في الربيع القادم لزيارة هذه الجداول ونشرب من مياه هذه العيون و لنملأ أنفاسنا من جديد بعبير الربيع وسط زنابق الحقول فإن لم يكن معكم ابن الإنسان فاستحضروا ذكراي وذكرى حرارة الكلمة، ولا تكن صلاتكم جافة كصلاة الفريســيـيــن الذين يطيلونها ظنا منهم أن الإله يستجيب لهم، نعم كانت صلاة يسوع ممتلئة بحرارة الروح التي كنا نحس بها، تلك الحرارة التي كانت تفر منها الأسقام والعلل وتجعل الأرواح الشريرة تهوي في حفر عميقة.
#عساسي_عبدالحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟