السينما العراقية : سبات أم ممات ؟!

حيدر وسم

الحوار المتمدن-العدد: 2441 - 2008 / 10 / 21 - 05:50
المحور: الادب والفن
    

بـعـد الـحـرب الـعـالـمـيـة الـثـانـيـة ظـهـرت فـي إيـطـالـيـا ( الـواقـعـيـة الـجـديـدة ) وكـان دافـع ظـهـورهــا سـبـبـيـن مـهـمـيـن الأول مــا آل إلـيـه الـوضــع الإقـتـصـادي بــصـنـاعـة الـسـيـنـمـا مـن تــدهـور بـعـد الـحـرب والـثـانـي مـحــاولـة الـتـعـبـيـر عـن إنـسـان مـا بـعـد الـحـرب وطـرح هـمـومـه ومـشــاكـلــه بــطـريـقـة صـادقـة وفـي مــوضــوعــات إتـسـمـت بــالـواقــعــيـة أفـلام غــايــة الـروعـة فـي الـطـرح والـبـنــاء الـدرامـي والـرؤيــة الـسـيـنـمــائـيـة .

وإذا مـا قــارنــا مـوضـوعـات الـواقـعـيـة الـجـديـدة والـوضـع الـحـالـي فـي الـعـراق ســنـجـد إنـهـا تـشـبـه تـمــام الـشـبـه الـحـالـة الـسـيـاسـيـة والإجـتـمـاعـيـة والإقـتـصـاديـة , والـسـؤال الـذي يـطـرح نـفـسـه لـمـاذا لـم نـشـهـد لـلآن فـيــلـمـاً يـتـنـاول الاضـطـهـاد الـبـعـثـي مـن مـقــابـر جـمــاعـيـة وعـمـلـيـات الأنـفــال وتــهــديــم الأضـرحــة الـمـقـدسـة وقــتــل الـعـلـمـاء وهـنـاك مـوضـوعــات لا حـصـر لـهـا , وتـرى بـعـض مـن الـسـيـنـمـائـيـيـن لا يـقـبـلـون هـذا الـطـرح بـأن الـعـراق لـيـس كــإيـطـالـيـا وهـذا مـرفـوض جـمـلة وتــفـصـيـلا ذلـك لأن مـوسـلـيـنـي وحـزبـه الـفـاشـي كــصـدام وحـزبـه الـبـعـثـي والإثـنـان دمـروا بـلـدهــم وشـعـبـهـم وزجــوهـمـا في حـروب هـم فـي غـنـى عـنـهـا ولا يـوجـد فـرق سـوى صـدام فـاق مـوسـلـيـنـي بـطـغـيـانـه وجـبـروتـه بـل فـاق جـمـيـع الـطـغـاة وهـنـاك بـعـض آخـر يـتـعـذرون بـعـدم وجـود فـيـلـم سـيـنـمـائـي خــام وهـذا مـرفـوض أيـضـا والـدلـيـل عـلـى الـرفـض هـو فـيـلـم ( رجـل الـمـطـر ) وهـو فـيـلـم مـن أخــراج ( سـتـيـفـن سـبـيـلـبـرغ )فـهـذا الـفـيــلـم صــور عـلـى شـريـط فـيـديـو وحـاز هـذا الـفـيـلـم عـلـى جـائـزة الأوسـكـار , أن الـجـائـزة مُـنـِحـَتْ مـن أجـل مـوضـوع الـفـيـلـم ولـغـتـه الـسـيـنـمـائـيـة لا مـخـرجـه الـمـلـقــب بــمـلـك أفـلام الـحـركـة ( الأكـشـن ) فـي هــولــيــود , الـمـهـم يـعـمـل الـسـيـنـمـائـي بـأي وسـيـلـة حـتـى يـصـل إلـى الـغــايـة الـمـنـشـودة .

إن الـواقـعـيـة الـجـديـدة نـجـحـت مـع عـدم الـلـجـوء إلـى مــكـونــات الـفـيـلـم الـمـفـتـعـل ( الـجـيـد الـصـنـع ) فـقـد إسـتـغـنـت عـن الـتـصـويـر والـديـكـور فـي الإسـتـوديـو وصـورت الأفـلام فـي الـمواقـع الـحـقـيـقـيـة وإعـتـمـدت عـلـى الـشـخـوص ذاتـهـم في الـتـمـثـيـل ولـم يـسـتـعـن بــالـمـمـثـل الـمـحـترف كـمـا ولـم تـسـتـخـدم أجـهـزة الإضـاءة الـمـتـنـوعـة أو عــاكـسـات الـضـوء بـل صـورت الأفـلام بــالـضـوء الـسـائـد فـلـو دقـقـنـا نـجـد تـوفـيـر كـبـيـر لـلإنـتـاج كـمـا وإنـهـا أفـلام ذات مـضـامـيـن عـمـيـقـة وإذا قــارنــا مـع الـوضـع فـي الـعـراق فــأن الـفـرصـة مـتـاحـة أمـام سـيـنـمائـيـو الـعـراق وبــتـكـالـيـف قـلـيـلـة فـمـا مـعـنـى هـذا الـسـبـات ؟ .

وسـأسـتـعـرض نـمـاذج فـيـلـمـيـة لـلـمـقـارنـة (الـسـيـاسـيـة والإجـتـمـاعـيـة والإقـتـصـاديـة ) مـع الـواقـعـيـة الإيـطـالـيـة الـجـديـدة رغـم الـتـفـاوت بــالـسـنـيـن فـهـي ظـهـرت فـي أربـعـيـنـيـات الـقـرن الـمـنـصـرم و الأفـلام هـي :

1- رومـا مـديـنـة مـفـتـوحـة – مـن إخـراج روسـلـيـنـي , يـتـنـاول مـوضـوع تــعــاون الـمـواطـنـيـن الإيـطـالـيـيـن بــمـخـتـلـف تـوجـهـاتـهـم ومـذاهـبـهـم عـلـى الإحـتـلال الـنـازي لــمـديـنـة رومـا , وفـي بـغـداد إحـتـلال كــمــا فـي رومـا ولـم تــســتــفــد الـسـيـنـمـا الـعـراقـيـة كـمـا إسـتـفـادت الـواقـعـيـة الإيـطـالـيـة الـجــديــدة .

2- مــاسـح الأحـذيـة – مـن إخـراج فـيـتـوري دي سـيـكـا يـتـنـاول مـوضـوع الـحـياة الـضـائـعـة لـلأطـفـال الـمـشـرديـن وضـيـاعـهـم فـي الـشـوارع عـقـب الـحـرب ومـا أشـبـه الـحـال فـي الـعـراق .

3- بــايــزا – مـن إخــراج روسـلـيـنـي والـذي يـتـنـاول مـجـمـوع قـصـص يـظـهـر روسـلـيـنـي فـي فـيـلمـه هـذا الـجـثـث الـحـقـيـقـيـة لـلـمـحـاربـيـن الـذيـن طـفـت عـلـى سـطـح الـنـهـر وهـي أشـبـه بــجـثـث الـعـراقـيـيـن فـي الـحـرب و ( بـعـدهـا ) .

فـعـلـى هذا الأسـاس أنـسـتـطـيـع أن نـعـمـل فـيـلـمـا يـوثـق جـرائـم الـنـظـام الـبـائـد , إن الـمشـاهـد الـعـراقـي لـم يـطـالـب الـسـيـنـمـائـيـيـن الـعـراقـيـيـن بـأن يـكـتـشـفـوا إسـلـوبـاً سـيـنـمـائـيـاً جـديـداً ويـقـنـنـوا لـه كـالـمـوجـة الـجـديـدة أو الـواقـعـيـة الإيـطـالـيـة ولا حـتـى الـدوغـمـا ولـكـن يـريـد أن يُـشـاهـد أفـلامـاً عـراقـيـة قـصـصـهـا مـشـتـقـة مـن واقـع الـعـراق الـمـريـر وتـتـنـاول مـوضـوعــات الإنـسـان الـعـراقـي بـعـد الـحـرب أفـلام غـيـر ضـخـمـة إنـتـاجيـاً الـمـهـم أن تـكـون حـركـة سـيـنـمـائـيـة فـي الـعـراق وهـذا يـقـع عـلـى عـاتـق الـسـيـنـمـائـيـيـن الـشـبـاب لا عـلـى ( الـسـيـنـمـائـيـيـن الـعـجــائـز ) وكـذلـك الـمـؤسـسـات والإتـحـادات الـمـعـنـيـة بــالـفـن الـسـابـع مـثـل إتـحـاد الـسـيـنـمـائـيـيـن الـعراقـيـيـن وغـيـره , وفـي الـنـهـايـة ســؤال يـطـرح نـفـسـه هـل إن الـسـيـنـمـا الـعـراقـيـة فـي سـبـات أم مـمــات ؟! الحكم للقارئ .

#حيدر_وسم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات