تيسير الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2440 - 2008 / 10 / 20 - 06:58
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
صدر حديثاً عن دار بن كثير في دمشق كتاب(عشيرة آل قوام الدين الغسانية في العراق ) ,الذي جمع مادته ونسقها وأخرجها السيد راجي حسن علي الغساني إلهيتي مستعيناً بما لدى الشيخ إبراهيم مدني جميل سعد شيخ عموم الغساسنة في العراق من وثائق ومعلومات إضافة لما ذُكرَ في الكتب القديمة عن الغساسنة ودورهم في التاريخ , , وقد جاء في الكتاب سلسلة نسب قوام الدين الكبير الذي سميت العشيرة باسمه موثقة و ومتصلة الحلقات بجده جبلة بن الابهم آخر ملوك الغساسنة في الشام قبل الفتح الإسلامي المعروفة قصته مع الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما وضح الكتاب نسب الشيخ إبراهيم مدني جميل سعد وأقاربه من أبناء عمومته موثقاً بجدهم قوام
الدين الكبير الذي يصل نسبه إلى الملك الغساني جبلة بن اليهم.ويذكر الكتاب أن قوام الدين الكبير (897هـ- 1023هـ) (1419م- 1617م) غادر محل إقامته في عاصمة الدولة العثمانية الأستانة متوجهاً إلى بلاد أجداده العرب واستقر في مدينة هيت , المدينة الحضرية القديمة التي ان لم تكن أقدم مدينة حضرية لازالت موجودة حتى الوقت الحاضر فهي واحدة من أقدم المدن في التاريخ التي لازالت قائمة إلى الآن,المدينة التي مر بها أبو الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام في طريق هجرته من مدينة أور في جنوب العراق إلى بلاد الشام وفلسطين ومنها إلى مصر ثم إلى الديار المقدسة وقيامه ببناء الكعبة المشرفة .
المدينة التي طلي من فيرها أسس مدينة بابل (( ومن هيت لا من مدينة سواها حملو (هبل ) وسارت به وبالهوى الإبل....)) ,هيت المدينة الفاضلة للفيلسوف مدني صالح فيلسوف التنوير والمحبة والإباء الذي قال: (ولو كانت ولادة ثانية ونشأة اخرى بإرادة وحرية واختيار لما اخترت سوى الولادة في البيت الذي ولدت فيه ولما درست الابتدائية الا في مدرسة هيت)،المدينة التي أحبها حباً لامثيل له وفضلها على لندن وباريس وبغداد وكتب عنها الكثير في مقالاته وفي كتبه خاصة في كتابيه مقامات مدني صالح الأولى ومقامات مدني صالح الثانية وبالأخص في المقامة الفراتية :
((في البدء كان الحب
وكان الفرات ..
ومن المياه الأولى انبثقت هيت..
ومن شواطئها السخية
صدرت الموجودات ..
وجرى على أرضها نهر الجنة ..
ومن هيت لامن مدينة سواها ,
حملوا (هبل ) وسارت به وبالهوى الإبل..
أنها مدينة الحب ,لا قاتل و لا مقتول , إلا قتيل الهوى في أسفار العشاق الفقراء ..
ويحلفون ان رغيف الحسناء في بلدتهم يكفي الرجال عمرين
-عمراً سعيداً في الدنيا ..
-وآخر سعيداً في الجنة ..
لايجوع بعده ولايشتهي من الزاد طعاماً إلى يوم الدين ..
ويحلفون أنهم أول من دلل المرأة لم يسبقهم احد إلى اختراع تدليل المرأة في التاريخ , لم ترفع قط عاشقة في بلدتهم إلى السماء , إلا سبقها العاشق إلى السماء ليملأ لها من النجم زنبيلآ.. حتى صار كل النجم قلائد للعاشقات ..
لايفاخرون الناس إلا بالطمأنينة , والمسالمة والمحبة, والدماثة وحسن المعاملة , والمجاملة , والأناة,والدقة وقلة الكلام .
ولا يتوكلون إلا على الله وحده حسبهم ونعم الوكيل , لا القرش الأبيض في اليوم الأسود .
وقانون المدينة الأول هو (العدل) , الذي يعني الناس فيها سواسية لاغني ولافقير .. ))
وقد أظهرت احدى وثاق الكتاب ان قوام الدين الكبير بعد ان استقر في مدينة هيت وأقام فيها عاصر محتشم الخطيب الحسيني النسب وأبو الطيب الآلوسي الحسيني النسب أيضا , لكن الكتاب لم يتطرق إلى ذكر الأشخاص الآخرين الذين عاصرهم قوام الدين الكبير الذين كانوا من وجهاء المدينة آنذاك واعزي ذلك إلى نقص في المعلومات وشحتها وبعد الفترة الزمنية عن فترة أخراج الكتاب .كما أن تسمية الكتاب (عشيرة اّل قوام الدين الغسانية في العراق) تسمية غير
موفقة وغير دقيقة وتحتمل الخطأ أكثر مما تحتمل الصواب لاسباب تاريخية واجتماعية،واتمنى لو ان عنوان الكتاب
جاء (الغساسنة في العراق اّل قوام الدين)لان قوام الدين الكبير جاء من الاستانة واستقر في هيت المدينة الحضرية القديمة قبل ما يزيدعلى خمسمائة من السنين واصبح هو واولاده واحفاده وجميع من انحدروا من سلسلة نسبه جزءا
من النسيج الاجتماعي للمدينة وتاريخها حتى الوقت الحاضرهذا من ناحية ومن ناحية أخرى ان تسمية اّل قوام الدين
لا تختلف عن تسمية اّل نهيان واّل خليفة في دول الخليج العربي وغيرها من التسميات المشابهة في الدول العربية الأخرى.
وضم الكتاب بين دفتيه حادثة مهمة وهي انزال العلم البريطاني من فوق سراي الحكومة في هيت بعد الاحتلال البريطاني للعراق ورفع علم الدولة العثمانية بدلا عنه بتاريخ 6/4/1918 وكادت هذه الحادثة ان تودي الى تنفيذ حكم الأعدام بمن قاموا بها ونفذوها بعد القاء القبض عليهم لولا ان حاكم المدينة إلهيتي المعين من قبل البريطانين أقنعهم بأنه هو الذي أمر بإنزال العلم البريطاني ورفع علم الدولة العثمانية بدلا عنه ، لان القبائل قد أحاطت بالمدينة وتحشدت للهجوم عليها للقضاء على الحامية البريطانية فيها وسلب المدينة وتدميرها مستشهدا بمقتل احد ابناء المدينة برصاصة أصابته من الضفة الاخرى للنهر وهو يتوضأ على شأطى النهر قبل صلاة الصبح لاداء الصلاة في المسجد فاقتنع البريطانيون بذالك وأطلقوا سراح من القي القبض عليهم .
والكتاب يعتبرمهم لانة يتناول أول مرة بالذكر آل قوام الدين الكبير والغساسنة في مدينة هيت وبعض من اقاربهم وابناء عمومتهم في العراق إلا انه لم يتطرق الى ذكر جميع الغساسنة المقيمين في العراق الذي يرجع نسبهم الى قوام الدين الكبير وجده الاعلى جبلة بن الايهم وارى ذلك كان لسببين :
الاول :عدم معرفة أغلب الغساسنة المتفرقين في مدن العراق أن لهم اقارب أبناء عمومة في مدينة هيت وأماكن اخرى من العراق والسبب الثاني :أن الغساسنة المقيمين في مدينة هيت ليس لديهم من المعلومات والوثائق عن ابناء عمومتهم في العراق إلا ما ذكر في الكتاب, وفي اعتقادي أن الغساسنة من سلالة الملك الغساني جبلة بن الايهم ليسوا هم وحدهم في العراق ,بل ان قسماً كبيراً منهم يتواجدون في سوريا ولبنان وفلسطين والاردن ودول الخليج العربي وفي مصر والسعودية واليمن وفي الدول العربية في شمال إفريقيا ,فقد أستقر قسم كبيرُ منهم في الشمال الافريقي قادمين من الاندلس بعد سقوط الحكم العربي فيها ,كما أنني أعتقد أن قسماً كبيراً آخر من الغساسنة موجود في الدول الاخرى غير العربية مثل تركيا وايران والدول التي وصل إليها الفتح الإسلامي .
وفي الوقت الذي اتقدم فية بالشكر للسيد راجي حسن علي الغساني الهيتي على ما قام به من جهد في أخراج هذا الكتاب ووضعه بين يدي القارئ إلا أنني في الوقت نفسة أعتبر الكتاب بداية طيبه وبذرة صالحة لسفر كبير امل ان يضم بين دفتية عموم الغساسنة في العراق الذين لم يأتِ ذكراهم في الكتاب آمل أيضا ان ياتي على ذكر جميع الغساسة المنتشرين في الدول العرابية والدول الاخرى طالبا من الجميع أن يتواصلو مع أقاربهم عن طريق الشبكة الداخلية
( الانترنيت ) على العنوان algasine @yahoo.comويزودوهم بالمعلومات والوثائق التي توضح أنهم من بني غسان لاكمال ما بدئوا به وجعله سفراً كبيراً لجميع الغساسنة المنتشرين في العراق والوطن العربي والبلدان الاخرى وعسى ان يكون ما قدم شيئاً مفيداً وأسال الله ان يوفق الجميع لتحقيق ما يطمحوا اليه ومن الله التوفيق
#تيسير_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟