حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 2443 - 2008 / 10 / 23 - 07:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كنت ومجموعة الأصحاب من رواد مقهى " السويسي " نتبادل الشكوى كعادتنا ، وهي ممارسة نسقية ربما معيبة، لكنهاعادة عامة في مجتمعنا ، فكلنا نتبادل الشكاوى من كل شيء، ومن لاشيء، حكاما ومحكومين، رؤساء ومرؤسين، أميين ومثقفين، رجالا ونساءا، كبارا و صغارا، حتى الأطفال لم يحيدوا هم أيضا عن هذه العادة ..
أفضت بنا ثرثرة المقهى هذه المرة إلى الشكوى من تجاوزات سائقي الطاكسيات الكبيرة والصغيرة التي تجوب المدينة، ومخالافاتهم لكل قواعد المرور بصورة تعرض حياة الزبائن للخطر البين، وتدعو إلى إستفزاز مستخدمي الطريق، سيارات و مشاة وراجلين .
علق العلمي : أحد رواد المقهي الجالس قبالتنا والمتتبع لإنتقاداتنا وشكوانا من سائقي الطاكي، ويستشف من نبرة صوته وحماسة تدخله أنه من أصحاب الحرفة أي أنه سائق طاكسي، وليس ملاكا، لأن أغلبية أصحاب "لاغريمات" غالبا ما يتحاملون على "الشيافر" كما أسماهم العلمي ، قائلا :أيها الإخوة لا تظلموا " الشيفور المسكين " إن هو خرق قواعد السير مرة /!!! فأمرالخروقات شائع في بلادنا وفي كل المجالات ؟"" فمن كان منكم بلا خطيئة فليرجم الشيفر"" ؟؟؟. واستدرك قائلا: وهذا لايعني أني أحبذ الخرقات وأبررها كما لا يمكن أبدا أن أجمّل فعلا قبيحا بطبعه، ولكن الله يكون في عون سائقي الطاكسي، فدوافع تجاوزاتهم كثيرة، واسبابها متعددة، وعلى رأسها تكاليف كراء الرخص والتي لا تمنح كما هو معلوم إلا لغير هذه الفئة من العاملين بهذه المهنة المحروم أصحابها من كل الحقوق، الذين يرزحون تحت ثقل كل أنواع الواجبات والتجاوزات -ضدهم-، لذلك تراهم يتهافتون على " البلايص " فكل واقف على الرصيف هو بالنسبة لهم " بلاصة أو ثلاثة دراهم " ، تجب ملاحقتها للظفر بها قب الطاكسيالت الأخرى وهي كثيرة جدا (تفوق الطلب)، حتى لو تطلب الأمر السرعة المفرطة وخرق كل القواعد والقوانيين .. فهم في ذلك كالمرشحين إبان الحملات الانتخابية، فكل مواطن بالنسبة لهم ناخب، وكل ناخب في نظرهم عبارة عن " صوت " يجب ملاحقته واستمالته بكل الوسائل حتى المخادعة والمراوغة والتخدير بالوعود الكاذبة، والإبتسامات العريضة، وعناق العاطلين و المحرومين وتقبيل " الشمكارى " الذين تغدو لهم مكانة ويستمع لهم قبل الانتخابات.
صحيح أن هناك من بين سائقي الطاكسيات من هو جدير بالاحترام لاحترامه جميع القوانين والقواعد ..لكنهم كالمرشحين الجديرين بالثقة الذين يحملون هموم الناس قولا وفعلا قبل مواعد الاستحقاقات وبعدها، فهم أقلية قليلة جدا ممن يحترمون أنفسهم وبلدهم وينتظرون أن تتاح لهم الفرصة لتحقيق رسالتهم في عالم مليء بالاختلالات والتجاوزات يواجهه الناس بالشكوى والتشكي كما هو حالنا في جلسات القهى ...
#حميد_طولست (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟