|
اسميكَ كلباً فلا تهنِ
زيد الشهيد
الحوار المتمدن-العدد: 2439 - 2008 / 10 / 19 - 01:07
المحور:
الادب والفن
(1)
يا حُلمي المطعونُ ! يا وطني !!! تمشي أماميَ مكلوماً ، ومَجروحاً ، ومَسحوقاً : أيا شجني !! يا حقليَ الموبوءُ بالأحقادِ يا فننّي ! دعني أناجيكَ بالبصقاتِ والركلاتِ وشتائمِ الولدِ العقوق فلا تهُنِ !
(2)
أيُها الوطنُ الكلبُ زرعتكَ حفراً على قلبيَ البستان ، رسمتُكَ خالاً تزدهي فيهِ الخدود . وقلتُ هذا وطنٌ لا يكتفي بالسماءِ احتضاناً ، ولا يريدُ الأرضَ سريراً لأحلامِ ما أُريد ؛ بل يُريد .... . هذا وطنٌ رأيتُ أبي يبكي عند قدمَي شموخِهِ فعبدتُه وأبصرتُ أمّي تُحنيني من طينهِ " الحرّي" فقلتُ هو الله ؛ واكتشفتُ حبيبتي حينَ تتوجهُ إليهِ تنساني ، فتلاشيتُ أمامَه . ولوّحَ المعلّمُ – وكان عربياً - بعصاهُ القوميةِ ، صارخاً : وطنُك ليسَ العراق .. فقلْ : بلادُ العُربِ أوطاني / منَ الشامِ لبغداني عندما رددّتُ خلفَه الكلامَ الجميل بلحنٍ جميل اسودَّت الدنيا من عصاه وصرخ الرأس الصغير : آآآآآآآخ يا مُعلميَ القميء " تأكلَ براحي العسل / وبراحي تشتل ناب ؟ !! " .. ويومَ غادرَ العراقَ تراكضت خلفَهُ الحقائبُ وتراكمت في جيبهِ الصكوك بينما أنَّتْ أضلُعيَ المسروقةُ ، وصاح راسيَ الجريح : يا وطناً مغفلاً ! يا أبلهاً منهوب !!!
(3) أيها الوطنُ الكلبُ !! يا تابوتاً من فراغٍ مَن أودعَ فيكَ رياحَ المَسكنةِ وألقمكَ حجرَ الذُلِّ ورماكَ جَسداً تُعفِرُهُ الثقوبُ ، وتُدميهِ أعقابُ الشماتَةِ ؟ أنتَ الكنتَ المُمتلىء ضَحِكاَ ، يسرقونَ منه نسمةً لوجوهِهم المنحوتة من فحمٍ ! الكنتَ الراقصَ نهراً يروي يبابَ الخانعين ، وأنتَ هادرٌ بيفاعتِك ! الكنتَ الرافلَ كبرياءً تُقزّمَ الذين حولَك .. يتقزمونَ فلا يتطاولون . أنتَ الكنتَ النائمَ رغداً فلا أحدَ يدنو من عَرينِكَ الحَصين .. ونحنُ أقمارٌ باهرةٌ نخطو أيها الكنتَ تستحمَ بجسدِ امرأةٍ كونيةٍ تُسميكَ عِراقاً من عَقيق ، ونُسميكَ الله . كيفَ أجِزتَ لرُعاعٍ ، وشذاذِّ آفاقٍ ، وموبوءين ، وعراة ، وتائهين ، وموتورين ، ومنبوذين ، و " مناويك " أنْ يتسلقوا سورَك الحصين ؟! أن يُطلقوا عليكَ رشقاتِ بغضِهم وينحرونَ عنقَ رغباتِكَ بسواطير الغيِّ ، والجهلِ ، و" الخيارِ الذي لا يجب وضعهُ جنبَ الطماطة " ؟!!
(4) أيها الوطنُ الكلبُ !! يا جثةً من تُراب كيف تركتَهم : جرذاناً ، وجرابيعَ ، ومستنقعاتِ قملٍ يأكلونَ بنيكَ أشلاءً صارخةً ، وبيوتاً ممزّقة ، وشوارعَ تبكي ؟ ! كيفَ تركتَ مُستقبَلَ الشمسِ لـ( أجــا ) ؟ وفتحتَ أسوارَ جلجامش للأزبالِ المتحركة من بلدانٍ كانت تلثُمَ نَعليك ؟! كيفَ تركتَ بناتِكَ قَطيعاً من مومسات ، وأحفادَكَ نهباً للرثاء ، والدموع ؟ كيفَ صرتَ حيواناً تُدميه الركلاتُ و " الدفراتُ " ، وشزرُ النظراتِ " الجيرانية " ؟ كيفَ استحلتَ تَنتظر بعينِ العليلِ ، الذليلِ ، المنكفىء فُتاتَ المساعداتِ الدولية ؟ وتعفرُّ جلدَكَ مخالبُ مَن كنتَ تُسميهم أشقاءَ ، وأصدقاءَ ، وأخواناً في الدين ؟! يا مسكين ! صولةُ الجهادِ ترسمُ عُرسَ الدمِ على صدرِكَ المنهوك وبهجةُ السكاكينِ تتراقصُ على حمّى استغاثاتك ، وصرختِكَ الكسيرة . وتبقى العزيز الأشم ، يا وطني
(6) أيها الوطنُ الكلبُ لا تلُمني .. لا تشتكي منّي لا تُربي المُفخخاتِ في قلبي ، وتقولَ ساعدني . حين أرمي بكَ إلى مهاوي الازدراءِ ، وأغُدقُ عليكَ بالشتائم فلأني أحبُكَ يا وطني ؛ وأحبُّ ذكرياتي السائرةَ حَفراً على ساعديكَ كما وشمٍ حجري يحكي تعلِقَكِ بي ، ورضاءَك عني ، مثلما دلالي عليكَ ، وشوقي إليك ! يومَ أرفعُكَ لافتةً خضراء ، بصاريةِ العاشقين وأقول : يا وطني ، لا تهُن ! ستفرُّ جرذانَ البائسينَ الراكعين عندَ قدمي جارِحِيكَ وطاعنيكَ وساكبي دمعَ عينيكَ أسِفاً على أولادِك الراتعينَ بحليبِ الغُرباء ساعتها اضحك بملءٍ قلبكِ الحزين واركض بُعظمِ ساعديك ! فالمدى بحرٌ بمقلتيك ، والفضاءُ هويتُكَ المُرتجاة . وأنتَ .. أنتَ كلبُ الأوفياء .
(7) انهض أيها الوطنُ الكلبُ رجَّ الأرضَّ واقبِضْ على خجلِ السماء بقبضةِ جلجلتِكَ الأصيلة . ادفعْ ببنيكَ الأوغاد خارجَ تابوتِكَ ليترجموا معنى الإعصار فأخوةُ يوسفَ يتأسونَ كذِباً أمامَ حنقِك الجبلي المتراغي ويتوجعونَ خشيةً من " سونامي " غضبِك عاصفةٌ كفُّكَ إنْ ارتفعت سدّاً بوجه رُعبِهم . جامحةٌ روحُك إنْ بصقتَ بوجوهِ ذلِّهم وازدردتَّهم قيئاً . رجَّ الأرضَ ؛ يا وطني .. فالذئابُ لا يرُعبها إلا أنْ تكون كلباً إلا أنْ تراكَ جامعَ الشررِ في عيني " غيرتِك " النارية فلا ترتضي دهاءَهم السرابي ، أو مواساتِهم الرملية ، أو دموعَهم المائيةَ الفاقدةَ ملحَ الصدق . يا وطناً ! كلباً كُنْ لا يحمي إلا أهلَه لا يقبل إلا أهلَه . اعتلي تلَّةَ الجغرافيةِ الأبيّة وأطلقْ نباحَكَ الحنيني دعوةً لبنيكَ أنْ يعودوا من تضاريسِ الشَتات ؛ وافتحْ قائمتيك الأنيقتين احتضاناً لمقدمِهم البهي عندها تصبحُ كلباً وطناً ويصبحُ أولادُكَ جِراءً لا يُصلُّون إلا في محرابِ أبيهم الكلبِ الشجاع ولا يرفلون إلا على خميلةِ أمِّهم الكلبة ِ الحنونةِ ، الأبيَةِ ، المِعطاء .
(8) يا حزيناً يحفرُ القلبَ بذكراهُ الجليلة ويناديني بحسراتٍٍ ولوعاتٍ ، وأنّاتٍ نبيلة . يا طهوراً : لا تلمني إنْ أنا ضقتُ بآهاتي الطويلة فلقد أبصرتُ جزارَكَ ضبعا ولقد تَرجمتُ مَن يُبكيكَ ذِئبا يا رشيقاً .. يا بهياً .. يا عراق .
10 تموز 2007
#زيد_الشهيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في المجموعة الشعرية[ الشمس تأتي من دفء مخدعكِ] للشاعر
...
المزيد.....
-
جيمس كاميرون يشتري حقوق كتاب تشارلز بيليغريمو لتصوير فيلم عن
...
-
كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر
...
-
شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير
...
-
وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح
...
-
مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد
...
-
أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه
...
-
وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا
...
-
عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب
...
-
موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر
...
-
بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan
...
المزيد.....
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
-
تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة
/ كاظم حسن سعيد
-
خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي
...
/ أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
المزيد.....
|