سالار جيايي
الحوار المتمدن-العدد: 2438 - 2008 / 10 / 18 - 08:11
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لا يخفى على كل مطلع أن ما يجري في مدينة الموصل هو تصعيد للعنف الطائفي وإبراز للنزعة القومية الشوفينية السائدة كطبيعة تعرف المدينة بها وخصوصية عملت جهات متعددة على إنمائها وفي طليعة هذه الجهات البعث الفاشي لوجود أغلبية عربية مسلمة فيها بعد سياسة التعريب , الذي يحدث ألان ليس بالشيء الجديد سابقا كانت الدولة تمارس ذلك الإرهاب وألان يوجد من يماثلهم بنفس التوجه الإجرامي تعمل على أستمرار وتزايد الإرهاب والقتل اليومي واستهداف المكونات المختلفة عنهم أثنيا ودينيا وقوميا عبر شعارات عروبة الموصل التي ترفعها أحزاب وقوى سياسية من بقايا البعث الفاشي رغم اشتراكهم في العملية السياسية تساندها العصابات الإجرامية لمسلحة الإرهابية ويقابل هذا بالصمت المطبق من قبل الحكومة في بغداد, والنتيجة نزوح كل من ليس عربيا من مدينة الموصل خوفا على حياتهم من القتل والتفجير والاغتيال والخطف أو تفرض على من يبقى دفع الجزية التي كانت مقررة إبان الخلافة الإسلامية
ويجري هذا عبر نشر التهديدات بالبيانات التكفيرية ألمخونة وتنفذ في حالة عدم ألالتزام بذلك .
للتوقف على خلفية هذه الأحداث يتطلب تحليل الأوضاع ومعرفة الذهنية السائدة في المجتمع المتكون بعد نشوء الدولة العراقية وفق موديل القومية والدين والثقافة الواحدة والغير معترفة بالتعددية والتنوع الموجود للمكونات الحضارية الذين ضموا قسرا وإرغاما لدولة العراق الحديثة ذلك بما يتوافق مع المصالح البريطانية والتي وجدت من العرب أفضل من يخدمها في توجهها الاستعماري في جغرافية غنية وبما تمتلك من عمق حضاري عريق .
لقد التقت القبلية البدائية العربية التي تعتمد على السلب والنهب والإغارة على الغير مع المفهوم القومي الاستعماري التوسعي ثمرة الرأسمالية العالمية وأيضا تقارب النفعية الجليدية الرأسمالية مع المنطق التجاري للدين الإسلامي , كانت النتيجة تحالف وتحقق مصلحة الطرفين على حساب الحقوق الشرعية للمكونات الأخرى في المنطقة .
بعد أن ضعف وتلاشي دور العرب على مواصلة قيادة العالم الإسلامي تحت تأثير الجمود العقائدي والدوغمائية التي أوصلتهم للتشرذم والضعف الذي أفقدهم زمام المبادرة فستولى غيرهم على الدور الذي كانوا يضطلعون به فوجدوا ضالتهم في القوموية وقدموا فروض الولاء والطاعة للانكليز أسيادهم الجدد أمبراطورية الرجل ألأبيض بدلا من امبراطورية الرجل المريض العثمانية الذي انتهى دورهم وكانت المكافئة تأسيس الدول العربية الفاقدة للإرادة الحرة والغارقة في التبعية للرأسمالية التي خذلتهم في النهاية على المستوى القومي في ما يسمى بنكسة الستينات من القرن الذي مضى فعادوا إلى التمسك بأذيال الدين عبر مزجها بالقومية الرجعية بظهور التيارات الأصولية السلفية المتطرفة علهم بذالك يعيدون أحلامهم المريضة وفتوحاتهم الدموية التي هدمت الحضارة والإنجازات الإنسانية كطفيليين تغذوا عليها إلى يومنا هذا .
ما يحدث في العراق اليوم من رجعية وإرهاب وحشي واضح وجلي يجب وضع حد لها بدون ذلك حتما ستوصل الأمور الى طريق ألا رجعة وتؤدي الى تعمق التناقضات وإبقاء القضايا المصيرية بلا حلول جذرية فتصبح مستعصية وتجلب معها كوارث إنسانية مثال مدينة الموصل ذات التنوع والتعددية لوجود معظم مكونات العراق فيها من مسيحيين ( كلد وأشور وسريان ) والكورد الأزيديية والشبك والتركمان الذين بقوا محرومين من أدنى حقوقهم الشرعية في ظل الأنظمة السياسية المتعاقبة على الحكم والسلطة والتي واظبت على نهج السياسة القومية الشوفينية طوال القرن السابق وما استمرار الأقتتال مع عدم وجود الاستقرار السياسي في العراق حتى بعد سقوط النظام ألبعثي الفاشي هي نتيجة عدم تغيير الذهنية ألشوفينية المركزية والتي لا تتقبل مبدأ الشراكة الوطنية وجعل العراق ملكا لهم بنصبهم لأنفسهم أوصياء على غيرهم من الشعوب فيها .
ما يؤكد ذلك إلغاء المادة 50 من قانون مجلس المحافظات التي تضمن تمثيل كافة المكونات الحضارية في العراق ولعدم تقبلهم التغير الحاصل في العراق على مبدأ المساواة والعدالة والديمقراطية والفدرالية أظهرت ردة فعلهم الوحشية تجاه الأخوة المسيحيين الذين طالبوا بضمان حقوقهم القومية عن طريق ممارسة ديمقراطية حضارية.
أن الذي يجري في الموصل تطهير عرقي وديني على شكل حملات منظمة تستهدف في كل مرة أحدى المكونات الحضارية فالاغتيالات والتهديدات والتهجير ألقسري الذي تعرض له الكورد المسلمين والأزيدية والشبك و الشيعة واليوم جاء الدور على المسيحيين هي خطة مبرمجة تهدف إلى تغيير التركيبة الديمغرافية للمدينة تنفذها العقلية الشوفينية العربية من بقايا ألبعثيين ضمن إطار أحزاب وقوى سياسية بـأسماء ومسميات مختلفة تساندها جهات أقليمية معروفة ونراهم يحاولون خلط الوراق عبر وسائل الأعلام المسمومة لتأجيج الأوضاع لإخفاء جرائهم عن طريق توجيه التهم جزافا يمينا وشمالا محاولة منهم لتحقيق مأربهم الدنيئة بضرب بقية المكونات بعضها ببعض لكن هذا لم يعد ينطلي على أحد و كل لبيب ينظر لمجريات الأمور نظرة موضوعية محايدة تستند على المنطق العلمي عن طريق الرجوع للأسباب الجذرية البعيدة والقريبة لتاريخ المسألة وبالتالي تتضح ما صلت أليه من نتائج .
لقد ظهرت الحقائق بعد أن سقط القناع الذي كان يخفي وجوههم القبيحة وأصبحوا عراة وأذلاء على يد أسيادهم الأمريكان الذين كانوا في السابق يمدونهم بالسلطة والقوى وأسلحة الدمار الذي أستخدم من قبلهم على رؤوس الشعوب المغلوبة على أمرها والتي شاءت أقدارهم أن يكونوا جيراننا لهم وذنبهم بأنهم يطالبون بحقوقهم الشرعية وحياة الحرية والكرامة الإنسانية ,
بعد قضى الأمريكان حاجتهم منهم بما هيئوا لهم من أرضية خصبة للدخول إلى المنطقة واحتلالها وتدنيس كرامتهم بالأرض وممارسة الرذيلة مع سجنائهم كفضيحة سجن أبو غريب ورغم ذلك لا زالوا يتمسحون بالمحتل الأمريكي علهم يرضوا عنهم وبدلا من الدفاع عن الوطن واستعادة كرامتهم عن طريق ألاعتراف بحقوق بقية أطياف العراق وما يحقق ذلك من وحدة وطنية يكررون جرائمهم الوحشية من قتل وتشريد والتهجير بالقوة لأبناء وطنهم , لقد أن الأوان ليدركوا بأن الاستمرار بمنطقهم هذا لن يعيد لهم ما فقدوه من دكتاتورية واستبداد بل سيوصلهم إلى الحضيض , وفي حالة عدم رجوعهم إلى منطق الحق والإنسانية والإصرار على غيهم حينها لم يبقى أمام بقية مكونات العراق إلا سبيل واحد وهو عدم ألاستسلام وتقرير مصيرهم بالمضي قدما في النضال من اجل انتزاع حقوقهم بامتلاك الإرادة الحرة وبناء العراق الديمقراطي الجديد وتجسيد ثقافة تقبل واحترام ألأخر على مبدأ التعايش السلمي والشراكة في الوطن .
#سالار_جيايي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟