أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نضال حمد - الانسحاب من غزة وامنيات شارون















المزيد.....

الانسحاب من غزة وامنيات شارون


نضال حمد

الحوار المتمدن-العدد: 751 - 2004 / 2 / 21 - 09:35
المحور: القضية الفلسطينية
    


كما هو ملاحظ فقد بدأ مشروع شارون للانسحاب من قطاع غزة يتفاعل فلسطينيا، حيث قالت المقاومة الفلسطينية عبر فصائلها المكافحة أن الانسحاب المزمع يأتي نتيجة للمقاومة العنيدة للشعب الفلسطيني بكل فئاته، وبفضل التضحيات الجسام، كما أكد قادة المعارضة الفلسطينية على ان نهج المقاومة هو الخيار الانسب واللغة الوحيدة الي يفقهها شارون، لأنها اللغة التي أجبرته على تغيير لغته والانحناء لعاصفة المقاومة في القطاع. تماما كما حصل مع الاحتلال في جنوب لبنان أبان حكم الجنرال بارك.

 

اذا نظرنا في مشروع شارون من وجهة محايدة فسنجده مشروعا خطيرا يهدف الى شق وحدة الصف الفلسطيني وخلق نوع من الحرب الداخلية بين الاطراف الفلسطينية المنوعة، هذا بالدرجة الأولى. فصحيح ان شارون في جزء من مشروعه خضع لاملاءات المقاومة وقوتها التي كبدته خسائر كبيرة واستنزفته في القطاع حيث توجد اقلية ضئيلة من قطعان المستوطنين موزعة على عدة مستعمرات صغيرة وأخرى أكبر حجما. خاصة ان تلك المستوطنات اصبحت امكنة للاشباح، ومناطق معزولة و شبه فارغة من سكانها، حيث لا يوجد في بعضها سوى جنود الاحتلال،فقد تحولت المستوطنات منذ انلاع الانتفاضة وتطورها الى العمل المسلح الى محميات وبمثابة قواعد عسكرية وامنية صهيونية تنطلق منها الاعتداءات على الفلسطينيين.

 

خطة شارون تأتي بفعل ضغط المقاومة ولكن بنفس الوقت لأن شارون يعتقد ان الانسحاب من غزة سوف يقابل بترحيب عالمي ينزع عنه وعن سياسته صفة التعنت والتزمت، كذلك بتنازلات فلسطينية جديدة في الضفة الغربية، وقد اظهرت التقارير ان العمل هناك جاري بصمت وعلى قدم وساق لمصادرة وتمهيد الأرض امام الفارين والمنسحبين من القطاع، لأجل اعادة توزيعهم وتجميعهم. ان لشارون خططا تقضي بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية كي تستوعب القطعان الاستيطانية المنسحبة من مستوطنات قطاع غزة. ولا يهمه ان كانت السلطة الفلسطينية ستوافق على مشروعه ام لا، لأنه سوف يقوم بتنفيذ مخططاته كما رسمها وكما خطط لها مسبقا ووفق رؤيته للحل الأحادي الجانب. ومن الضروري هنا ايضا التذكير بأن شارون يمارس سياسته بدون التفات الى الوراء او إصغاء لما يقال ويصدر من مواقف عن راعي عملية السلام وعن الاتحاد الأوروبي والمنظمة الدولية.

 

تحضرني هذه اللحظة اوصاف جاءت على لسان الراحل فيليب حبيب المبعوث الامريكي المكوكي السابق للشرق الاوسط  أبان حصار بيروت الشهير سنة 1982، وذلك في كتاب لجون بُويكن بعنوان " ملعون هو صانعُ السلام – فيليب حبيب في مواجهة أرييل شارون" صادر عن دار النهار 2002 طبعة ثانية ، حيث قال حبيب عن شارون : " رجل لا قيمة لما يعد به" و  شارون " أكبر كذاب على هذا الجانب من البحر المتوسط"، و في رأي حبيب أنه " لا يمكنك فعلا الاعتماد على أيّ شيء يقوله شارون. لديه برنامجه الخاص به الذي لا يتوافق بالضرورة مع برنامج الحكومة الاسرائيلية ، لكنه يبدو قادرا على السعي وراء تحقيقه من دون أي مشكلة". هذا الوصف الدقيق الذي قدمه فيليب حبيب للجنرال المتغطرس شارون جاء على لسان احد اهم مبعوثي السلام الأمريكيين في العالم عامة وفي الشرق الأوسط خاصة، والذي خبر شارون عن كثب وخاض معه مشاذات كلامية وحورات ساخنة قبل واثناء حصار بيروت الشهير سنة 1982.

 

ان هذا الاستنتاج الهام والمفيد يجب ان يكون حاضرا في كل وقت يتحدث أو يتفاوض فيه الفلسطينيون مع شارون واعضاء حكومته، ويجب على الفلسطينيين ان يعلموا ان شارون الحكومة والحكومة شارون وأن الجنرال يفعل ما يريد ويقول ما لا يريد فعله ويفعل كل شيء بشكل مخالف لما يعد به. هذه السياسة اتبعها شارون طوال حياته السياسية والعسكرية. فهو نشأ كاذبا ونما كاذبا وأصبح عجوزا ولازال كاذبا. لذا يجب ان يُفهم من مشروعه الداعي الى  الانسحاب من غزة، أنه قد يكون مقدمة لضم اراضي جيدة في الضفة واستيطانها، وكذلك قد يكون طعما سمينا للذين يصطادون في الماء العكر، خاصة ان هناك من يراهن على حرب داخلية فلسطينية بين السلطة وحماس أو بين السلطة والمعارضة، إذ انه لا يخفى على احد ان الأجهزة الأمنية في السلطة تعمل وفق المشيئة الشللية والمناطقية. فهي بالأصل لم تؤسس على اساس مهني سليم بل قامت على اساس فئوي وشللي كما كان حال الأجهزة الأمنية الفلسطينية في لبنان سابقا وفي المخيمات الفلسطينية في لبنان حاليا. مثلا لازال العقيد محمد دحلان وبالرغم من استقالته وعدم قيادته للأمن الوقائي يتمتع بشخصية القائد الفعلي للجهاز الذي كان يقوده ويموله من أموال الشعب الفلسطيني والدول المانحة وكذلك من اموال دافعي الضرائب الفلسطينيين. وقد تم تأسيس الجهاز ليكون العصا الغليظة التي ترفع بوجه المعارضة الفلسطينية ويوم وقعت الواقعة لم يرّ الشعب الفلسطيني جهاز الأمن الوقائي في قلب المعركة، بل بقي جهازا رامبوياً (من رامبو) يمارس دوره كما في أيام السلم.

 

لقد أثبتت المرحلة السابقة ان البنية الشللية والمناطقية للأجهزة الامنية الفلسطينية تعتبر من المخاطر الحقيقية والواقعية التي تواجه التجربة الفلسطينية الطامحة لأن تكون ديمقراطية. فطبيعة الولاء في الجهاز للزعيم العشائري والقبلي تدعو للقلق وللحذر. مثلا الأمن الوقائي في غزة من التابعين للعقيد محمد دحلان حتى بالرغم من أن دحلان اصبح منذ زمن عاطلا عن العمل وبلا وظيفة منذ استقالة حكومة ابو مازن. كما  ان الجهاز نفسه يتبع لإمرة جبريل الرجوب في الضفة الغربية كذلك بالرغم من أنه لم يعد مسئوله الفعلي منذ واقعة بيتونيا الشهيرة. ويعتبر الرجوب الآن في موقع قوي إذ انه مستشار الرئيس عرفات لشؤون الأمن القومي وتمت ترقيته لرتبة عميد  بقرار من رئيس السلطة الفلسطينية! وعمليا لازال القسم الاكبر من جهاز الأمن الوقائي في الضفة يتبعه. قد يسأل سائل لماذا ؟ والجواب قد يكون : لأن ذاك الجهاز أسس بناء على المحسوبية والشللية والعشائرية والمناطقية والفئوية تماما كما غيره من قوائم السلطة الأمنية التي تكسرت أو انهارت بفعل العدوان الاسرائيلي وبفضل الفساد والفوضوى. تلك الاجهزة لم تبرهن انها كانت بنيت للدفاع عن الشعب إلا في القليل من المواجهات والمواقع( ابو جندل وملحمة مخيم جنين) وقد اظهرت انها ليست اجهزة للدفاع عن فلسطين وشعبها بل اجهزة لما هو غير ذلك، للدفاع عن ممثلي العشائر والقبائل والمناطق والفئات داخل الجهة الواحدة و المؤسسة الحاكمة.

 

لقاء الرئيس عرفات بمحمد دحلان يأتي بعد تصريح خطير اطلقه العميد الرجوب حيث قال بشكل عنتري لراديو جيش اسرائيل : انه سيحارب حماس في غزة. قد يكون الرجوب اراد  ضرب عصفورين بحجر واحد في تصريحه الناري. أولا هو لا يملك اية قوة في غزة وفق تقسيمات حركة فتح والأجهزة الأمنية هناك، إلا إذا كان يتسلح بقوة أجزاء من حركة فتح في غزة أو بقوة ونفوذ الرئيس عرفات نفسه. فالوقائي في غزة تابع لمحمد دحلان وبقية فتح تتبع لمسئولين آخرين لا يرغبون برؤية الرجوب بينهم في غزة. أما حركة حماس فبالتأكيد ليست عابر سبيل في القطاع فهي تتمتع بقوة كبيرة جدا بالذات في غزة. لذا لا يمكن ان يقام شيء في غزة بدون الالتفات لموقف حركة حماس وتأثيره على الأرض، وقد أثبتت الحركة خلال السنوات الاخيرة صعودها القوي ووجودها المتين. إذن قد يكون الرجوب أراد بيع موقف للاسرائيليين بتهديده حماس بالحرب وبنفس الوقت اراد ان يقاتلها في القطاع بجماعة العقيد دحلان، وهنا يكون كمن ضرب عصفورين بحجر واحد، حيث يمكنه بذاك فتح معركة تنتهي بإنهاك الخصمين  والتخلص من عدوين لدودين، حماس التي تتهمه بالعمالة لاسرائيل ودحلان الذي يتنافس معه على زعامة الأجهزة الأمنية الفلسطينية الرسمية. وبين طموحات الرجوب وتصريحاته ومخططاته وتطلعات دحلان و ما سيوكل له من مهمات جديدة تتناسب والمرحلة القادمة، يبقى شعب فلسطين الخاسر الأكبر.



#نضال_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شحم الخنزير لن يحميكم
- عواصف ثلجية وعواصف سياسية
- برلماني آخر زمن ..
- مجزرة جديدة !ما الجديد في ذلك؟
- اتفاقية تبادل الاسرى، ماذا بعد ؟!
- القدومي والكويت و ابو مكر ..
- العالم من حولنا يلف ويدور
- ابو عريضة
- غزة وفتح تحت المجهر
- بشارة وبركة ليسا عميلان
- أنور ياسين يُسَلِم على الحرية
- النظر لعملية تبادل الأسرى بعينين مفتوحتين
- ضمائر حرّة و حيّة
- هنيئا للاسرى ، هنيئا للمقاومة وصبرا يا سمير الكبير
- مؤتمر حركة فتح ، هل سيعقد باسرع من البرق ؟
- ريم الرياشي
- تضامنًا مع الصحفي ذيب حوراني (مراسل -المنار-) الذي اعتقلته ق ...
- نهايات و بدايات
- هل هذه بداية النهاية بين اسرائيل والدروز الفلسطينيين ؟
- فنان سوري بقلب عربي فلسطيني


المزيد.....




- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نضال حمد - الانسحاب من غزة وامنيات شارون