|
اين النخب الفكرية من الوضع الراهن في العراق
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2437 - 2008 / 10 / 17 - 09:12
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
العراق غني بمفكريه، هذا ما يردده الجميع عند تحليلهم للوضع الاجتماعي الثقافي الذي عاش و يعيش فيه، و هو بلد حضاري تاريخه يمتد لالاف السنين و يتمتمع بالمميزات الخاصة التي تمكنها من التطور و البنى الفوقية فيه ثري من كل جوانبها. لابد ان نعلن ان البلد الذي انتج الحضارات كان فيه من الخصائص و المكونات ما دفعه الى التصدي للمعوقات التي جابهته في تاريخه العتيد ، و هو معروف عنه بالثقافات المتعددة و يمتلك كم كبير من المفكرين و العلماء و المثقفين ، و لكنهم تشضوا في العهود الاخيرة لاسباب معلومة للجميع. لو اختزلنا فيما يخص النخب الفكرية فقط، لا يخفى على احد الكم الهائل منها و لاتزال ثمرات تفكيرهم و منجزات تطبيق افكارهم فضلها واضح و جلي على الشعب العراقي و امتدت الى خدمة الانسانية جمعاء. المفكر الذي يهتم و يختص بعملية التفكير بناءا على القراءة الصحيحة للافكارو الواقع و المعلومات مستنتجا الطرق و الاليات الخاصة بامور الحياة كافة و فيما يمكن ان تدفع بعجلة التقدم الى الامام ، و يركز على العمليات الفكرية اكثر من اهتمامه بالسلوك الناجم عن تلك الافكار و المعتقدات ، و تهمه النتيجة او المحصلة النهائية التي تغير ما هو موجود او مثبت بفعل مؤثرات التاريخ، فهو يبني الحضارات و يطور المجتمع و يقدمه نحو الامام حتما، و ببناءه لصرح العلوم و المعرفة تزدهر البلدان التي تخدم المفكرين و يخدمونها، هذا لو استثنينا الشواذ. يجب ان لا نخفي على احد ان فترة حكم الدكتاتورية اثرت بشكل سلبي على الوضع الثقافي الفكري و اخلي العراق تقريبا من المفكرين الحقيقيين المنتجين ، و اعتمدت الدكتاتورية على تسييس العلم و الثقافة و الفكر بكافة جوانبه،و لذلك تراجع المستوى الثقافي و الفكري فيه، و لم يبق الا فكر الحزب الاوحد و القائد الاوحد و انقرض الى حد كبير المفكرون، و لم يبق الا من روج للفكر البعثي المستورد. و حدثت انقلابات فكرية متعددة حتى في الفكر البعثي من الاشتراكية الى القومية و من ثم الدينية التي تبجح المتنفذون البعثيون بها من اجل المصالح الحزبية و الشخصية . و نستنتج من التغييرات تلك ان العراق اُفرغ من العقول المفكرة و لم يبق الا الاراضي القاحلة كما وعد الدكتاتور مع وجود مؤسساته القمعية فقط. اما بعد سقوط الدكتاتور، انمحى العراق من حيث وجود التراث الفكري و لم يبق اثر للدولة و ما فيها من الفكر و الثقافة ، و بدا عهد جديد و بعد تدخل كل من له مصلحة ذاتية فيه من كافة الجوانب، و لذلك لم يتم البناء وفق المعايير الفكرية التي تميز بها العراق تاريخيا، و به حدث خلل كبير في تكوينه و تركيبه و هو ما يعاني منه الان و طفح لى السطح ما لم يكن في البال من الافكار و المعتقدات التي مضى عليها الزمن و تجاوزها الشعوب و الشعب العراقي منهم تاريخيا، و بدات الامراض الفكرية و الثقافية و السياسية تنخر في كيانه في هذه المدة ( هناك جهود للشفاءهنا و هناك) ولكن تحديد و تشخيص الامراض المستعصية الفكرية و المعوقات يحتاج الى جهود الجميع و قبل اي كان المفكرين و العلماء المشتتين. الجانب الايجابي في العملية هو زيادة قوة و صلابة الفرد العراقي و صقل مناعته من تلك الامراض ، و بعد مدة قصيرة من احساس الخيرين بما وقع فيه العراق بدا جمع من العلماء و المفكرين يعيدون النظر في الكثير من الامور و نشاهد التغيرات في الاراء و المواقف الحاصلة من كافة النواحي، و هذه الفترة تحتاج الى النخب المفكرة المؤثرة على الشعب للعمل و التعاون لانتاج ما يعيد الوضع الى حالته الطبيعية ، و الواقع العراقي يصفي و يغربل الافكار و لم تظل منها الا الصحيحة الملائمة. للاسف لحد اليوم لم نر اية نتاجات تذكر للنخبة المفكرة في هذه المرحلة التي تسيطر عليها الافكار الشاذة منها الدينية او العنصرية او المذهبية ، و عليهم العمل على التاثير المباشر على الواقع و اخراجه من هذا الوحل و تغيره نحو الفكر الواقعي و العقائد الملائمة ، ومن خلال هذه الفترة القصيرة ازداد احساس الفرد العراقي بالاغتراب و عدم الانتماء او زرع روح المواطنة فيه للاسباب السياسية الثقافية الفكرية المستوردة الغريبة عن العراق، و هو الذي خلخل الوضع الاجتماعي الثقافي الفكري، و ضاعت الحقوق و الواجبات عن المواطن العراقي. للاسف نتاكد ان الوضع الراهن المليء بالعقد و الامراض الفكرية العقيدية و النخبة الفكرية بعيدة لم تقترب لتؤدي دورها المطلوب في هذه الاوقات الحساسة من تاريخ بلده و لاسباب اما ذاتية او موضوعية لا يلام عليها، و عليها ان تبذل كل ما يمكنها و لا تدخر جهدا في سبيل اعادة التوازن في الفكر و الثقافة العراقية و محاولة سد الطريق امام احتكارها من قبل الفئات الغريبة اصلا عن الافكار و الثقافات العامة، و اليوم اُعيدت الارضية لحدما لعمل المفكرين و ينتظرهم الجميع.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل انتهى عهد الراسمالية العالمية بعد الازمة المالية ام .....
...
-
هل انتهى عهد الراسمالية العالمية بعد الازمة المالية ام......
...
-
انغلاق الاحزاب الكوردستانية على نفسها
-
السلطة العراقية و مصير سلطان و الكيمياوي
-
المجتمع الكوردستاني بين العقلانية و العاطفة
-
الفتاوى الدينية و الازمات السياسية
-
جوهر نضال الطبقة الكادحة يكمن في الالتزام باليسارية الواقعية
-
الافكار الضيقة لا تساهم في علاج الازمات الخانقة في العراق
-
الاعلام الحر ومخاوف سلطة اقليم كوردستان العراق
-
اقليم كوردستان العراق و الثقافة التنموية
-
الشعب العراقي بين الدعوة و العودة
-
اقليم كوردستان العراق بحاجة الى فلسفة الحكم العلماني و الشفا
...
-
ماذا بعد اقرار قانون انتخابات مجالس المحافظات في العراق؟
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (7
...
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية( 6
...
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (5
...
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (4
...
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (3
...
-
كادحوكوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى القوى اليسار
...
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (1
...
المزيد.....
-
فيضانات عارمة في جنوب فرنسا تتسبب في أضرار جسيمة وانقطاع للك
...
-
- هو يحيى ليحيا وهم الراحلون-.. هذا ما نشرته الشيخة موزا تزا
...
-
بشار جرار يكتب عن تصفية إسرائيل للسنوار و-اليوم التالي- للحر
...
-
بوتين يدعو الرئيس الفلسطيني لحضور قمة -بريكس- في قازان
-
زيت الزيتون.. -سلاح طبيعي- ضد مرض خطير يصيب كبار السن
-
المغرب.. القضاء يدين -نصابي محيط المحاكم- بالسجن والغرامة
-
ترامب: ما كان على زيلينسكي -أن يدع الحرب تندلع-
-
من هو الخليفة المحتمل ليحيى السنوار؟
-
مع بدء مناورات -ايونيز 2024 -.. إيران تستقبل الأسطولين الروس
...
-
-يا سنوار، بايعناك-
المزيد.....
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
المزيد.....
|