أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي رشيد - منير السعداوي ... قلق يرمم المعرفة ويعري الساكن














المزيد.....

منير السعداوي ... قلق يرمم المعرفة ويعري الساكن


علي رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 751 - 2004 / 2 / 21 - 09:15
المحور: الادب والفن
    


العمل لدى الفنان التشكيلي العراقي منير السعداوي والمقيم في اسبانيا ،  إغواء للمجهول كي يتشكل ببصرية ينشد الفنان من خلالها رحلة إدراكية لماهية الفن . ماهية لا تتنازل عن هاجس البحث وجوهر الكمال والغوص عميقا في استثارة الأسئلة التي تكمن للمتلقي كي يتحرر من سكونية الرؤى واستدراجه الى أن يتحول طرفا في معادلة قراءة العمل الفني ومكنوناته البصرية :
 (  أعمالي لم تكن فقط حقائق واقعية مجاورة بل خطط لوقائع تحتاج الى الضبط الخلقي للاشيء , وتأمل باطني , وتبعدنا عن لامبالاة  القصور وليكون الفن عنصرا للتفكير والتمرد .. ومحاولة فرض الشاهد على اقحامه سراب الظلم المنتشر في العالم اليوم  على المستوى السياسي , الاجتماعي , الاقتصادي , الخلقي , العنصري , والبيئي ).
 الفن لدى منير لايستجيب إلى الشائع ولايستنسخ البائد ولا تستدرجه غواية السوق وذائقة المشترين الأميين الذين ينساقون وراء الزخرفة اللونية وبهرجة المكرور
 من أعمال تندرج في حداثة المئة عام الماضية ،
 بل هو فن يدخل المجاهيل كي يستحضر نبوءاتها ويغامر بالصعب إدراكا منه لديناميكية وديمومة هاجس البحث  .
فنان يثابر كي يستوفي العمل الفني  شرطه الإنساني و الأخلاقي والجمالي  دون أن يتنازل عن خطابه المعاصر، وبما يخدم فعله المعرفي في عالم معقد متشابك متسارع التحولات و الابتكارات ، عالم البهرجة والانحطاط ، عالم الإنترنيت وتكنلوجيا الخيال في الوقت نفسه عالم الرقاب المحزوزة والأجساد المنثورة وفوضى الموت والجوع والخراب .
 يعي منير مسؤوليته كفنان في استخدام لغة تشكيلية حداثوية تتمكن من الصمود والمجادلة والتأثير واستنفار الأسئلة في مجابهة هذا الشرخ اللاأخلاقي الذي ترسمه العولمة في عالمنا المنكوب بفوضى الانسحاق ومصادرة الآخر.
 تنسج أعماله صدى خفيا لعالم تتضبب دلالالته ورموزه وتتشابك تكويناته لتخلق فضاءا تخيليا ولكن بمرجعية أخلاقية تشارك الآخر انخطافه وشروده أمام كونية مشوهة .
 العمل الفني لدى منير السعداوي لا يدير ظهره لليومي والشائع ولا يستعلي على الإنسان وبؤسه بل يفرد لهذا الوجود ومتاهته مساحته الكبرى :
( أعمالي هي انعكاس لما يدور من أحداث يومية على مدار الساعة التي نعيشها .... أعمال تنطلق قبل كل شيء  من مفهوم فلسفي بمنحى تجريدي , لمساءلة الفراغ الإنساني .. المأساة .. المعاناة .. التهمش . الكفاح .. ذلك الذي لم يبق منه شيء يجعله قادرا على التحدي  ) .

ينحوالفنان منير منحى تجريديا بحتا في عمله الفني والذي يتشكل غالبا من أعمال طباعية ( كرافيك ) ولوحات مصنوعة بمواد مختلفة وألوان اكريليك أو زيت على القماش ، لكن التجريد لديه لايغفل المفردة الحياتية ولا طقوسية الدلالة وسعتها اللامتناهية ، فهو يختزل العمل من أجل إعادة صياغته في الذاكرة وهي تحاول الوقوف عند هذا الاختزال المتمثل في الإشارات والخطوط والبقع اللونية والفراغ بمدلوله الكوني حيث ينفتح على المخيلة باسطا تراكميته المعرفية ، مرسخا حوارا تتسع مراميه .
وبما أن الفنان مشغول باليومي ومنغمس في هاجس التأمل و البوح والمساءلة عن
 هذا الانسحاق المتراكم وتأثيره على الإنسان ، لذلك تراه شغوفا بالصورة ومنتبها لفعل الإدانة وتأثيرها الحاد والمباشر،
لذلك عمد الفنان ومنذ 1998 إلى استخدام الصورة ( الفوتغراف ) كجزء من مشروعه الفني ، حيث أدخل الفنان الصورة في اللوحة وخلق معادلة لايمكن التغاضي عن صعوبتها في إدماج الصورة ( الخارج ) بكل فصاحة المفردة ومباشرة البوح في ( الداخل ) متمثلا في الخطوط والإشارات والبقع التي يدونها الفنان في المساحة المتبقية من العمل ، مستندا إلى ماهية الفن وتأثيره في تشكيل تلك الرؤى بما يخدم التفاعل بين الصورة ( الخارج ) والإحساس (الداخل ) كي يمنح المتلقي قراءة أخرى للصورة بمنحها تركيبة حسية ربما ستغفلها العين إذا ما تأملتها بعيدا عن استنطاق الفنان لخفاياها ولمكنوناتها الحسية البصرية بعد أن أدخلها مختبر اللوحة وبيانها التجريدي والذي كثيرا ما تمتد خطوطه ودوائره اللونية إلى الصورة كي تكسر صمتها وتدخلها في ديناميكية صياغة المطلق والعام .
يبدو لي أن الفنان منير السعداوي يواظب  تجربته الأخيرة في استخدام الصورة الفوتغرافية في اللوحة أو في الأعمال الطباعية ( الكرافيك ) في محاولة منه  لتوسيع الخطاب الجمالي للصورة وسبر أسرارها المعرفية غير مكتف بما تبيحه الصورة من مفردات تستلب فصاحة العقل بسكونيتها ، ولذلك يقحم الفنان هذا السكون بفعل تجريدي يعيد بناء العناصر أو إدماج فعلها بفعل المتلقي حيث الانسياق إلى ماهية الفعل لدى الفنان في منح الصورة ايحاءا مجردا وكسر الرتابة الناطقة في الصورة ،
فالفنان يحاول إزاحة الهوة بين الذائقة السائدة وبين ذهنية الخطاب المعاصر للفن الذي يحرر المتلقي من سكونيته ويدخله في شرك الأسئلة محررا الثقافة البصرية من قيودها ... كاسرا الثابت ومبتكرا المتحول .
تبقى أعمال الفنان منير السعداوي أعمالا تبتكر ، وتخلق ، وتشير ، وتستدرج ، وتخفي ، وتبوح ... إنها عالم يفصح عن حكايا وقلق يرمم المعرفة ويعري الساكن ويؤلف حساسية جديدة في لغة التشكيل .
الفنان منير السعداوي من مواليد بغداد 1952 أكمل دراسته الفنية في مدريد حيث يقيم . أقام وشارك في العديد من المعارض ، في اسبانيا واليابان وتونس وبولونيا وفرنسا والنرويج وهولندا ، حاز على العديد من الجوائز منها الجائزة الثانية في مؤسسة الكرافيك والنحت  مدريد ، والثالثة في صالون الكرافيك مدريد ، وجائزة الشرف في saving banks of Madrid  ، كذلك الجائزة الثالثة في بينالي الكرافيك العالمي في تايوان ، اقتنيت أعماله في العديد من المتاحف منها متحف الكرافيك القاهرة ، ومتحف الجامعة طوكيو ، ومتحف الكرافيك في ماسترخت – هولندا وكذلك في مدريد .



#علي_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرائط مدبوغة بالذعر
- ناصر مؤنس.... توق يتخطى السائد
- حسن عبود الكائن عالم يؤرق المخيلة
- هامش الصورة
- زمن الوأد وجاهلية المرأة العورة
- تركي عبد الامير قراءة لقيم جمالية تتلمسها الرؤيا
- محمد مهر الدين دلالة الأغتراب وفاعليته
- محمد صبري أجندة لذهالة الوجوه
- حسني أبو المعالي ترنم يكسر حدة الأشكال
- جان دمو والصائغ حياة باسلة ... أم بسالة التزويق وتبييض السوا ...
- الحوار المتمدن ... قدسية المفردة ونصاعة البوح
- الى جان دمو في زمن الفجيعة
- أي زمن رديء هذا ...
- العهر الأخلاقي والثقافي 6
- العهر الأخلاقي والثقافي 5
- سلاما لسعدي يوسف وهو يستعير صوت العراق
- العراق الذي نريد
- العهر الأخلاقي والثقافي 4
- الليل بلاغة عمياء
- العهر الأخلاقي والثقافي 3


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي رشيد - منير السعداوي ... قلق يرمم المعرفة ويعري الساكن