التاريخ ليس درسا نستفيد منه

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2435 - 2008 / 10 / 15 - 09:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

إن الذين كتبوا تاريخنا كلهم مأجورون وقابضي أثمان مثل المؤرخ (كرابيتس)الذي إشتراه الملك فؤاد من أجل كتابة كتاب (إسماعيل المفترى عليه)وإن تاريخنا هو تاريخ الخلفاء والملوك والحكام وليس هو تاريخ اللإقتصاد وعلم الإجتماع والفكر والفلسفة بل هو تاريخ أشخاص تطلع الشمس من قصورهم وتغيب في قصورهم وهذا هو التزوير وحتى هذهه اللحظة نعاني من منهجية ودراسة التاريخ العربي فإذا إجتهد مؤرخ بدراسة الأدب الجاهلي ليثبت أن الأدب الجاهلي وما به من مواصفات ليست مواصفات جهل وتخلف نجد السيوف ترفع والمشانق تنصب والسجون تفتح أبوابها لكل مؤرخ حصيف ومنهجي .

إن التاريخ الذي يزورأمام أعيننا اليوم هو نفسه التاريخ القديم الذي نقرأه اليوم على أنه صحيح ومقدس علما أنه ليس مقدسا لأنه تاريخ شعوب وبشر كذابون أو خطاؤون .

التاريخ مثله مثل الكائن الحي يستجيب للمؤثرات الخارجية والداخلية ويستجيب لرغبة الذين من حوله ويؤثر بهم كما يتأثر بهم ويعلو فوق سطح الماء كقطعة خشبية ويغوص في أعماق المياه ويستقر بقاع البحار وكأنه كتلة إسمنتية أو حديدية .
وإن تاريخ الماضي والذي نتصوره بأعيننا ومخيلاتنا ليس من الضروري أن يكون صحيحا تماما كأي قصة خرافية أو كأي قصة ممتلأة بالكذب والخزعبلات والتشوهات اللغوية والعلمية وإن التاريخ كله وليس نصفه زور وبهتات سجله منتصرون صوروا أنفسهم أبطالا بأيد أقلام تمتلك القدرة على التعبير فدفعوا لهم ثمن كتابتهم عنهم في المستقبل تماما كما دفعوا لهم ثمن سكوتهم عن الحاضر .

إن التاريخ القديم والكلاسيكي والذي قرأناه في المدارس والجامعات ليس هو التاريخ الذي نبحث عنه ففي التاريخ أكاذيب وأباطيل والتاريخ الذي نقرأه سجله وكتبه مأجورين وأقلام رخيصة جدا مثلهم مثل المؤرخين الحاليين الذين نمسك كتبهم الحاضرة ولا نلتفت إليها مدعين بصدق وأمانة أنها كلها كذب وزور وبهتان فليس من الصحيح ما قاله الرئيس الفلاني وليس صحيحا ما صرح به فلان أو الوزير الفلاني وهذا كله يشبه الماضي .
الماضي وطريقة كتابته تشبه طريقة كتابة بعض النصوص التاريخية الحديثة

وكل الذين يقرأون التاريخ لا يستفيدون من حكمته ولا يتعلمون من أخطاءه ويقال أن معاوية بن أبي سفيان كان يقرأ غليه كل يوم تاريخ الفرس والأكاسرة وكل الأخطاء التي إرتكبها الأكاسرة إرتكبها أيضا هو وكأن أذنيه واحدة من طين والثانية من عجين وكأن على عيونه غشاوة .

وكان معاوية بن أبي سفيان أمي لا يقرأ وقد قرأ عليه سماسرته , أما الخليفة هارون الرشيد فإنه قرأ بنفسه وبمساعد غيره تاريخ الأمويين ولم يعجبه إطلاقا أن يوصي عبد الملك بن مروان لأولاده الأربعة من بعده بالخلافة وإعتبر ذلك خطئا سياسيا فادحا وقع به الأمويين ومع ذلك إرتكب هارون الرشيد كل أخطاء الأمويين وأوصى لأبناءه من بعده بالخلافة وقتل المأمون الأمين على قصة الخلافة وإستنكارا لحقه في ميراث الخلافة العباسية .

إن التاريخ هنا لا يبدو درسا يستفيد منه الخلفاء والأكاسرة والأباطرة حتى في العصور الحديثة كل أخطاء الملوك القدامى وقع بها غالبية رؤساء الجمهوريات وكل المسؤولين عن رفاهية بعض الملوك وقعوا بنفس أخطاء الملوك علما أن دعوتهم للثورة والإنقلابات العسكرية كانت بسبب أعمال المجون والترف والفساد ومع ذلك وقعوا بمشاكل الفساد أكثر من أسلافهم من الملوك والرؤساء والحكام والخطأ ما زال يرتكب ولكن من خلال مسميات أخرى .
ورؤساء الصحف والمجلات وقعوا بنفس أخطاء رؤسائهم في التحرير والذين أنشأوا صحفا جديدة من أجل الحرية وقمع القمع ,نجدهم أنفسهم قد أقاموا شلليات جديدة أشد عنفا من التي ثاروا عليها .

والبرلمانيين الذين ترشحوا للإنتخابات من أجل إحقاق الحق نجدهم قد مارسوا دورا أضعف من البرلمانات التي سبقتهم .

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات