|
من ضرب العراق بايران الى ضرب العراق بالعراق..
بشير زعبيه
الحوار المتمدن-العدد: 2431 - 2008 / 10 / 11 - 00:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم تفشل أمريكا في العراق ولم تكسب.. هذه هي الحقيقة وكان التعبير الأقرب والأصدق الى ذلك هو ما جاء على لسان الرئيس الأمريكي جورج بوش نفسه حين أعلن في مقابلة مع صحيفة (واشنطن بوست) قبل أن يعلن عن استراتيجيته الجديدة "ان الولايات المتحدة لا تكسب الحرب في العراق ولا تخسرها " وفي اعتقادي أن هذا التصريح أو الاعتراف كما فهمه كثيرون يحسم الى حد كبير الجدل حول تقييم ما يجري في العراق الشقيق ملخصا في السؤال الحائر( هل نجحت أمريكا في العراق أم فشلت؟) فقد قيل ولازال يقال وكتب ولازال يكتب عما يحدث في العراق وتحديدا عما يحدث لأمريكا وعما تحدثه أمريكا في هذا البلد الشقيق ..و ما أعنيه هنا يتعلق بخطاب النخبة العربية وان تساوى هذا الخطاب في أحيان كثيرة مع خطاب الشارع العربي هل نجحت أمريكا فيما خططت له أم فشلت وفشل بالتالي مخططها .. ربما سيسارع الكثير الى الاجابة: طبعا فشلت .. ألا ترى الخسائر اليومية التي تلحق بقواتها هناك؟ ألا ترى تصاعد المقاومة؟ ولا شك أن أصحاب هذه الرؤية يردون من منطلق أن أمريكا جاءت إلى العراق بالفعل لتخلصه من حكم صدام حسين وإحلال نظام حكم ديمقراطي محله يقوم عل التعددية والانتخابات وتداول السلطة وتحويل العراق الى نموذج في المنطقة وهي الأهداف المعلنة في المخطط الأمريكي. ولكن آخرين سيردون على ذلك : ان أمريكا نجحت فيما خططت أما كنا نقول أن المخطط الأمريكي في العراق يستهدف قوته ووحدته لصالح اسرائيل وتركيبة شرق أوسط جديد يقوم علىما وصفته كونداليزا رايس بـ (الفوضى البناءة) ألم نكن نحذر من الأهداف غير المعلنة للمخطط الأمريكي .. قائلين أن الهدف هو تدمير العراق و تفتيته ؟؟ فانظر ماالذي يحدث الآن أليس هوتدميرا للعراق وتفتيته بحرب أهلية أو بغيرها ؟ اذن ألا يعد هذا نجاحا لأمريكا ؟.. وفي اعتقادي أن المنظور الأخير هو الذي يلخص ما عناه الرئيس بوش بـ( نحن لا نخسر الحرب) ولا أعتقد أن مقياس الخسارة لديه هو تحقيق ما يسميه بالديمقراطية في العراق من عدمها فلسنا من السذاجة أن نقتنع بأن أمريكا ترسل هذا الحجم من القوات الى العراق الذي يبعد عنها آلاف الأميال وتزج بأبنائها في حرب هناك تتكبد فيها خسائر بشرية هي الأكبر منذ حرب فييتنام رغم معارضة المجتمع الدولي وحتى الرأي العام الأمريكي لهذه الحرب كل ذلك من أجل تحقيق الديمقراطية للعراقيين وضمان مستقبل أفضل لبلدهم .. لقد علمتنا التجارب ان في مفاصل تا ريخية مضت أو في السياق الحاضر أن نطرح في هكذا أحداث ذلك السؤال المقولة ( فتش عن المستفيد ) وأعرف دون مجادلة أن المستفيد الأول هو اسرائيل وربما قوى اقليمية ثانية فيما بعد ولا حاجة للتذكير كثيرا بالهاجس العراقي بالنسبة للاسرائيليين منذ أن عبروا عنه بقصفهم المفاعل النووي العراقي عام 1988 الى توظيف القصف الصاروخي العراقي لتل أبيب خلال حرب الخليج الثانية في خدمة ذلك الهاجس ثم النفخ في القوة العراقية بادعاءات تملك العراق أسلحة الدمار الشامل واستغلال أحداث الحادي عشر من سبتمبر من خلال اللوبي الاسرائيلي في البنتاغو والخارجية والاعلام ومراكز الأبحاث في طبخ فكرة الهجوم على العراق وتدمير قوته تحت عنوان الحرب الاستباقية على الارهاب وعلى خلفية منع وقوع أسلحة الدمار العراقية في أيدي الارهابيين وحتى لا يكون العراق مأوى وملاذا للأرهابيين بعد ضرب أفغانستان وتقويض حكم طالبان وتفكيك تنظيم القاعدة .. هذه هي الفكرة الأساسية التي قام عليها المخطط الأمريكي لضرب العراق لتمكن من جهة الرئيس بوش من ايهام الأمريكيين بمدى القوة الأمريكية في الانتقام والقدرة على ضرب (الارهاب) ارضاء لكبرياء أمريكا ومن جهة أخرى خدمة أهداف الاسرائيليين التي تصب أيضا في خدمة المنظور الاستراتيجي الأمريكي للمنطقة والقائم على عنصرين رئيسين هما ( النفط واسرائيل) .. من هنا يمكن أن نقيس الحصاد الأمريكي في حملتها على العراق فأهداف كهذه لايمكن أن تتحقق بعراق حر ديمقراطي قوي معافى مسيطر على ثروته النفطية متماسكا في وحدته الوطنية والترابية بعيدا عن أي احتقان طائفي أو حدودي .. بقدر ما يمكن أن يخدمها عراق محتل مفكك ضعيف مهدور الثروة تطحنه حرب أهلية وتشغله المخاوف من تدخل الجيران ..وهو هدف تجلى في ضرب العراق بايران في حرب الخليج الأولى الى ضرب العراق بالعراق في مشهد اليوم.. ومن هنا لست مع كثير من الذين أعلنوا هزيمة أمريكا مبكرا في العراق وحكموا بفشل المخطط الأمريكي فيه .. أما أين تكمن الخسارة الأمريكية أو ما عبر عنه الرئيس الأمريكي بـ ( ان أمريكا لا تكسب في العراق) فهو لاشك في تلك الضربات اليومية الموجعة التي تتلقاها قوات الاحتلال الأمريكي على أيدي المقاومة العراقية.. ودون الدخول في التعاطي مع الأرقام التي تعلنها المصادرالأمريكية في تحديد حجم هذه الخسائر يمكن القول أن أمريكا قد تكون فوجئت بالسرعة التي تشكلت وانتظمت فيها المقاومة وبقدر هذه المقاومة على توجيه الضربات في الوقت والمكان الذي تختارهما باداء ملفت ما أدى الى ارباك ميداني نتيجة تراكم الخسائر وتأثيراته السلبية على الجنود والجنرالات الأمريكيين ومن ثم ارباك سياسي انتقل من تشكيك الرأي العام الأمريكي ومعه خصوم الجمهوريين في مبررات الحرب على العراق الى التساؤل عن جدوى هذه الحرب واستمرارها ومن ثم المطالبة بايقافها وعودة الأمريكيين الى بلادهم .. ومع ذلك أدرك أن الجدل سيظل قائما وسيظل معه السؤال مطروحا : هل الحصاد الأمريكي الآن في العراق فشل أم نجاح ؟
#بشير_زعبيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصديق الذي قتلته -النشرة-
-
قصة قصيرة :الأجندة
-
قصة قصيرة
المزيد.....
-
بعد أن فرضتها أمريكا على الصين وكندا والمكسيك.. ما هي الرسوم
...
-
بسبب بطة.. رجل يتعرض لموقف مرعب بينما كان يحاول اللحاق بكلبه
...
-
ظهور الشرع في -سدايا- للاطلاع على أهم الجهود ضمن -رؤية السعو
...
-
الرئيس الألماني يزور الشرق الأوسط لبحث الوضع في سوريا
-
قائد عربي جديد ينضم إلى قائمة مهنئي الشرع بتنصيبه رئيسا لسور
...
-
ستارمر يضغط لإحلال السلام في فلسطين بصيغة السلام في إيرلندا
...
-
أمريكا.. مظاهرات ضد خطط الترحيل الجماعي (فيديو)
-
إصابة عشرات الأشخاص على الأرض في حادث طائرة فيلادلفيا
-
قمة للاتحاد الأوروبي والناتو وبريطانيا حول الإنفاق الدفاعي ي
...
-
قلق صالات الـ-جيم-.. لماذا يخشى البعض الذهاب إلى النادي الري
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|